بحـث
المواضيع الأخيرة
أكتوبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 31 |
دخول
سورة النساء 5
بيت الله :: الفئة الأولى :: تفسير القرآن
صفحة 1 من اصل 1
سورة النساء 5
"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"يفسر قوله"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" قوله تعالى بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق"فأنزلنا تعنى أوحينا وقوله "لتحكم بين الناس بما أراك الله"يفسره قوله بسورة المائدة"فاحكم بينهم بالقسط"فما أراه الله هو القسط وقوله "ولا تكن للخائنين خصيما "يفسره قوله بسورة القصص"فلا تكونن ظهيرا للكافرين"فالخصيم هو الظهير والخائنين هم الكافرين والمعنى إنا أوحينا لك الوحى بالعدل لتفصل بين الخلق بما علمك الله ولا تصبح للمخادعين نصيرا ،يبين الله لرسوله(ص)أنه أنزل له الكتاب بالحق والمراد أنه أوحى له الوحى بالعدل وهو حكم الله والسبب أن يحكم بين الناس بما أراه الله والمراد أن يفصل فى قضايا الخلاف بين الخلق بالذى عرفه الله من حكمه وينهاه أن يكون خصيم للخائنين أى أن يصبح ناصر للمخادعين للمؤمنين ومن ثم يجب عليه أن يتحرى العدل حتى لا يظلم أحدا والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده.
"واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما "المعنى واستعفى الله إن الله كان عفوا نافعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستغفره والمراد أن يطلب منه العفو عن ذنبه وهو مناصرة الخائنين ويبين له أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنب للمستغفر نافع له برحمته .
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"يفسر قوله "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" قوله تعالى بسورة البقرة"والله لا يحب كل كفار أثيم "وقوله بسورة الحج"إن الله لا يحب كل خوان كفور"فالخوان الأثيم هو الكفور والمعنى ولا تدافع عن الذين يخدعون أنفسهم إن الله لا يرحم كل كفور مجرم،ينهى الله نبيه(ص)عن الجدال عن الذين يختانون أنفسهم والمراد عن الدفاع عن الذين يخدعون أنفسهم حيث يحسبون سيئاتهم حسنات والمراد هنا خاصة سيئة ظلم الغير وهى هنا اتهامهم بالباطل برىء بجريمة لم يرتكبها ويبين له أنه لا يحب كل خوان أثيم والمراد لا يرحم كل كافر مكذب حيث يدخله النار.
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يونس " والله عليم بما يفعلون"فيعملون تعنى يفعلون ومحيطا تعنى عليما والمعنى يستترون من البشر ولا يستترون من الله وهو عالم بهم إذ ينوون الذى لا يبيح من الحديث وكان الله بالذى يفعلون خبيرا،يبين الله لنبيه(ص)أن الخائنين يستخفون من الناس والمراد يخافون من المسلمين فيقولون فى السر ما لا يرضى الله من القول وهو الذى يرفضه الله من الحديث وهم لا يستخفون من الله والمراد وهم لا يخافون من عذاب الله الذى هو معهم إذ يبيتون قولهم والمراد الذى هو عالم بهم حين ينوون فعل ما قالوه فى حديثهم ،ويبين له أنه محيط بما يعملون والمراد خبير بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليهم .
"ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"المعنى ها أنتم حاججتم عن الخائنين فى الحياة الأولى فمن يحاجج عنهم يوم البعث أى من يصبح لهم نصيرا ؟يبين الله للمؤمنين أنهم جادلوا عن الخونة فى الحياة الدنيا والمراد أنهم دافعوا عن الخونة بشدة فى الحياة الأولى نتيجة خداع الخونة لهم ويسألهم من يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا والمراد من يدافع عن الخونة يوم البعث أى من يصبح ناصرا لهم؟ والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أنهم على باطل بدفاعهم عن الخونة الذين لن يجدوا فى يوم البعث مدافعا عنهم أى نصيرا لهم أى شافعا لهم ومن ثم عليهم أن يستغفروا الله لذنبهم فى الدفاع عن الخونة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "يفسر قوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه" قوله تعالى بسورة النساء"من يكسب إثما"فيعمل تعنى يكسب وسوء أى ظلم تعنى إثم وقوله "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"فيستغفر تعنى يتوب ووجدان الله غفور هو توبة الله عليهم والمعنى ومن يفعل ذنبا أى يخسر نفسه ثم يستعفى الله يلق الله عفوا نافعا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل سوءا أى يظلم نفسه والمراد يفعل ذنبا ثم يستغفر الله أى ثم يتوب إلى الله يجد الله غفورا رحيما والمراد يلق الله توابا نافعا له والخطاب وما بعده للناس وما بعده .
"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما"يفسر قوله "ومن يكسب إثما" قوله تعالى بسورة البقرة"من يكسب خطيئة"فإثما تعنى خطيئة والمعنى ومن يعمل سيئة فإنما يتحمل عقابه بنفسه وكان الله خبيرا قاضيا،يبين الله للمؤمنين أن من يكسب إثما والمراد من يعمل خطيئة أى سيئة يكسبها على نفسها والمراد يذوق عقابها بنفسه ويبين لهم أنه عليم حكيم أى خبير بكل شىء قاضى يقضى بالحق.
"ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"يفسر قوله"ومن يكسب خطيئة أو إثما" قوله تعالى بنفس السورة"ومن يعمل سوءا "فالخطيئة أى الإثم هو السوء ويكسب تعنى يعمل والمعنى ومن يعمل سيئة أى ذنبا ثم ينسبه لطاهر فقد اكتسب جرما أى ذنبا عظيما ،يبين الله للنبى(ص)أن من يكسب خطيئة أى إثم والمراد من يصنع جريمة أى ذنب ثم يرم به بريئا والمراد ثم ينسب جريمته إلى إنسان أخر لم يصنعه فقد احتمل بهتانا أى إثما مبينا والمراد فقد صنع جريمة أخرى أى ذنب كبير وهذا ما فعله الخونة حيث ارتكبوا جريمة ثم نسبوها إلى من لم يعملها .
"ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"يفسر قوله"لهمت طائفة منهم أن يضلوك" قوله تعالى بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنوك عن الذى أوحينا إليك"فهمت تعنى كادوا ويضلوك تعنى يفتنوك عن الوحى وقوله"وما يضلون إلا أنفسهم "يفسره قوله بسورة البقرة"وما يخدعون إلا أنفسهم "فيضلون تعنى يخدعون وقوله "وما يضرونك من شىء"يفسره قوله بسورة المائدة"والله يعصمك من الناس"فلا يضرونك تعنى أن الله يعصمه من ضرر الناس وقوله "وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم"يفسره قوله بسورة الشورى"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا"فالكتاب أى الحكمة أى العلم هو القرآن وتفسيره والمعنى ولولا رأفة الله بك أى نفعه لك لكادت جماعة منهم أن يبعدوك عن دينك وما يبعدون إلا أنفسهم عن الإسلام وما يؤذونك بأذى وأوحى الله لك الحكم أى الوحى أى عرفك الذى لم تكن تعرف وكانت نعمة الله عليك كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أن لولا فضل الله عليه وهو رحمته به أى رأفته به أى نفعه له بإعلامه بمكيدة الخونة لحدث التالى :همت طائفة منهم أن يضلوه عن الحق والمراد كادت جماعة من الخونة أن يبعدوه عن دين الله ،ويبين له أنهم ما يضلون إلا أنفسهم والمراد ما يخدعون إلا أنفسهم وبألفاظ أخرى ما يهلكون إلا أنفسهم ببعدهم عن الحق ،ويبين له أنهم ما يضرونه بشىء والمراد ما يؤذونه بعض الأذى وهذا يعنى أن الله حماه من أذاهم الجسدى،ويبين له أن أنزل عليه الكتاب أى الحكمة وهو العلم الذى لم يكن يعلمه والمراد أن الله أوحى له القرآن وهو حكم الله أى المعرفة التى لم يكن يعرفها من قبل ،ويبين له أن فضله كان عليه عظيما والمراد أن عطاء الله له كان كثيرا مصداق لقوله تعالى بسورة الكوثر"إنا أعطيناك الكوثر" والخطاب للنبى(ص).
"لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"يفسر قوله"ابتغاء مرضات الله" قوله تعالى بسورة الإسراء"ابتغاء رحمة من ربك"فمرضات تعنى رحمة الله وقوله"نؤتيه أجرا عظيما"يفسره قوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى لا نفع فى عديد من حديثهم إلا من طالب بعطاء أو إحسان أى عدل بين الخلق ومن يصنع ذلك طلبا لرحمة الله فسوف نعطيه ثوابا حسنا،يبين الله للمؤمنين أن لا خير فى كثير من نجوى الناس والمراد أن لا فائدة فى العديد من حديث الخلق السرى إلا الأمور التالية:
من أمر بصدقة أى من طالب غيره بدفع نفقة لمن يحتاجها ،أو أمر بمعروف أى من طالب غيره بعمل خير أى أمر بإصلاح بين الناس أى من طالب بالتوفيق وهو العدل بين الخلق ،ويبين له أن من يفعل ذلك والمراد من يأمر بالصدقة أو المعروف أى الإصلاح وهو الأمر بالعدل ابتغاء مرضات الله أى طلبا لرحمة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما أى فسوف نعطيه رحمة كبرى هى الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النساء"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا"فيشاقق تعنى يعصى وقوله "ونصله جهنم"يفسره قوله "بسورة الحج"ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"فنصله تعنى نذيقه وجهنم تعنى عذاب الحريق وقوله "وساءت مصيرا"يفسره قوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما"فمصيرا تعنى مستقرا أى مقاما والمعنى ومن يعادى النبى(ص)من بعد ما عرف الحق أى يطيع دين غير دين المسلمين ندينه الذى دان وندخله النار وقبحت مقاما،يبين الله للمؤمنين أن من يشاقق الرسول أى من يعصى حكم الله المنزل على النبى(ص)من بعد ما تبين له الهدى أى من بعد ما بلغه حكم الله وفسر هذا بأنه يتبع غير سبيل المؤمنين والمراد ويطيع غير دين المسلمين ومن ثم يوله الله ما تولى أى يجعله الله على دينه الذى اختاره ويصله جهنم أى يدخله النار وقد ساءت مصيرا والمراد وقد قبحت مقاما والخطاب للناس وما بعده.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فيشرك تعنى يبتغى غير الإسلام دينا ويغفر تعنى يقبل وقوله"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"فضل تعنى افترى وضلالا تعنى إثما وبعيدا تعنى عظيما والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما سوى الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد بعد بعدا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد أنه لا يقبل أن يكفر بحكمه الناس ويغفر ما دون ذلك أى ويقبل الذى غير الكفر أى يقبل الإسلام ممن يشاء أى ممن يسلم وهذا يعنى أنه يقبل الإسلام لأنه هو غير الكفر،وأن من يشرك بالله أى من يكفر بحكم الله فقد ضل ضلالا بعيدا والمراد فقد بعد بعدا كبيرا والمراد فقد عذب عذابا كبيرا.
"إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "المعنى إن يطيعون من سوى الله إلا أهواء أى إن يتبعون إلا هوى متبعا غضب الله عليه وقال لأجعلن لى من عبيدك جمعا كثيرا أى لأبعدنهم ولأغرينهم أى لأطالبنهم فليقطعن أذان البهائم ولأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ومن يجعل الهوى ناصرا له من سوى الله فقد ضاع ضياعا عظيما،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يدعون أى يطيعون من دون الله الإناث والمراد يتبعون من سوى حكم الله الشهوات وسماها الله إناثا لأن المعبودات المزعومة للناس منها الذكور والإناث ولكن المعبودات الحقيقية هى شهوات أى أهواء النفوس مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"وفسر الله هذا بأنهم يدعون شيطانا مريدا والمراد يطيعون هوى مطاعا قد لعنه الله أى غضب عليه أى حرم عليه الجنة وقد قال الشيطان:لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا والمراد لأضلن من عبيدك عددا وافرا وفسر قوله بأن قال:لأضلنهم أى لأبعدنهم عن الحق وفسره بقوله ولأمنينهم أى لأخدعنهم خداعا يبعدهم عن الحق ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام والمراد ولأطالبنهم فليقطعن أذان الحيوانات أى البهائم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله والمراد فلأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ،وهذا يعنى أن أى تغيير لهيئات الأنعام وهيئات خلق الله محرم ما لم ينص الله على تغييره لأنه أمر شيطانى ،ويبين لهم أن من يتخذ الشيطان وليا أى من يجعل هوى النفس ناصرا له قد خسر خسرانا مبينا أى قد هلك هلاكا عظيما والمراد قد دخل نارا كبرى والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده
"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى يزين لهم أى يخدعهم أى ما يقول لهم الهوى إلا باطلا،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو هوى النفس يعد أى يمنى أى يزين للعباد الباطل وفسر هذا بأنه يقول لهم الغرور وهو الخداع أى الكذب أى الباطل.
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا"يفسر قوله"مأواهم جهنم" قوله تعالى بسورة آل عمران"مأواهم النار"فجهنم هى النار وقوله"ولا يجدون عنها محيصا "يفسره قوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"فمحيصا تعنى مصرفا أى منقذا وقوله "سندخلهم جنات"يفسره قوله بسورة الفتح "ليدخل من يشاء فى رحمته "فجنات تعنى رحمة الله وقوله "خالدين فيها أبدا"يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدين تعنى ماكثين وقوله"ومن أصدق من الله قيلا"يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما"فأصدق تعنى أحسن وقيلا تعنى حكما والمعنى أولئك مقامهم النار ولا يلقون عنها مبعدا والذين صدقوا بحكم الله وصنعوا الحسنات سنسكنهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها دوما قول الله صدقا ومن أحسن من الله حكما،يبين الله لنا أن الكفار مأواهم جهنم والمراد مكانهم فى الآخرة هو النار وهم لا يجدون عنها محيصا أى لا يلقون عن النار مبعدا أى منقذا وأما الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وصنعوا الحسنات التى طالبهم بها حكم الله فسيدخلهم الله جنات أى سيسكنهم فى حدائق تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات السوائل اللذيذة وهم خالدين فيها أبدا والمراد مقيمين فى الجنة دائما لا يخرجون منها وهذا هو وعد الله أى قول الله الصادق لهم فى الوحى وليس هناك من هو أصدق من الله قيلا والمراد وليس هناك من هو أحسن من الله حكما والخطاب للنبى(ص).
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"يفسر قوله "ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب" قوله تعالى بسورة البقرة"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "فالأمانى هى دخول الجنة وقوله"من يعمل سوء يجز به" يفسره قوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"فيعمل تعنى يجىء بالسوء وهو السيئة وقوله"ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا "يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع"فوليا أى نصيرا أى شفيعا والمعنى ليس بأقوالكم ولا أقوال أصحاب الوحى السابق تدخلون الجنة من يصنع ذنبا يعاقب به ولا يلق له من سوى الله ناصرا أى منقذا،يخاطب الله المؤمنين مبينا لهم أن دخول الجنة ليس بأمانيهم أى ليس بأقوالهم ولا بأمانى أهل الكتاب أى ولا بأقوال أصحاب الوحى السابق وهذا يعنى أن لا أحد يدخل الجنة لمجرد أنه قال أنه سيدخلها ،ويبين لهم أن من يعمل سوء يجز به والمراد أن من يرتكب كفرا يعذب به ولا يجد له وليا ولا نصيرا والمراد ولا يلق له من غير الله منجيا أى منقذا ينقذه من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله غنيا حميدا"المعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض ولقد أمرنا الذين أعطوا الوحى سابقا وأنتم أن اعبدوا الله وإن تشركوا فإن لله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله واسعا شكورا،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه ما فى السموات والأرض والمراد أنه له الحكم فى مخلوقات الكون ويبين لهم أنه وصاهم أى أمرهم هم والذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى قبل عهد محمد(ص) أن اتقوا الله أى اعبدوا أى أطيعوا حكم الله وإن تكفروا أى وإن تعصوا حكم الله فإن لله ما فى السموات والأرض والمراد فإن الله يملك مخلوقات الكون والمراد أنه غنى عن عبادتهم لأنه لا يستفيد بها ويبين لهم أنه غنى أى واسع الملك حميد أى شاكر لمن يعبده برحمته له.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فلله تعنى أنها ملكه وقوله"وكفى بالله وكيلا"يفسره قوله بسورة النساء"وكفى بالله وليا"فوكيلا تعنى وليا والمعنى وله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكفى بالله وليا،يبين الله للناس أنه يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض من المخلوقات وهو الوكيل أى الولى أى الناصر الحافظ لمن يطيعه والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بأخرين وكان الله على ذلك قديرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء"وقوله بسورة فاطر"ويأت بخلق جديد"فيأت تعنى يستخلف وآخرين تعنى خلق جديد والمعنى إن يرد يتوفاكم أيها الخلق ويخلق غيركم وكان الله لذلك فاعلا،يبين الله للناس وهم الخلق أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يهلكهم ويأت بآخرين أى ويخلق ناس غيركم يكونوا خلفاء لكم فى الأرض وكان الله على ذلك قديرا والمراد وكان الله للإهلاك والخلق فاعلا .
"من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"من كان يرد حرث الدنيا نؤته منها"فثواب تعنى حرث وقوله بسورة النحل"لنبئونهم فى الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر"فثواب الدنيا هو الحسنة وثواب الأخرة هو الأجر وقوله"وكان الله سميعا بصيرا"يفسره قوله بسورة الحجرات"إن الله عليم خبير"فالسميع البصير هو العليم الخبير والمعنى من كان يحب متاع الأولى نعطه منها فلدى الله نصر الأولى والقيامة وكان الله عليما خبيرا ،يبين الله للناس أنه من يريد ثواب الدنيا والمراد إنه من يحب متاع الحياة الأولى يعطه منه عليه أن يعلم أن الله عنده والمراد لديه بأمره ثواب الدنيا والأخرة وهو نصر الدنيا وهى حكمها بحكم الله ونصر القيامة وهو الجنة ويبين لهم أنه سميع بصير أى عليم خبير بكل شىء وسيحاسب عليه.
"يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين وإن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" يفسر قوله"فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا" قوله تعالى بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فالهوى هو خطوات الشيطان وقوله"فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بما يعملون محيطا"فخبيرا تعنى محيطا والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله كونوا شاهدين بالعدل حاكمين لله ولو على ذواتكم أو الأبوين والأقارب وإن يكن مستكفيا أو محتاجا فالله أحق بهما فلا تطيعوا الظلم كى لا تنحرفوا وإن ترفضوا أى تكذبوا فإن الله كان بما تفعلون عليما،يطالب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله أن يكونوا قوامين بالقسط والمراد أن يكونوا حاكمين بالعدل شهداء لله أى مقرين معترفين لله حتى لو كان الإقرار على أنفسهم أو على الوالدين وهم الأبوين أو على الأقربين وهم الأقارب وهذا يعنى أن القاضى أو الشاهد يجب عليه أن يحكم أو يشهد على نفسه أو على والديه أو على أقاربه بالحق فليس فى الإسلام ما يسمى التنحى عن الحكم أو الشهادة فى أى قضية حتى ولو كان المتهم هو القاضى نفسه أو الشاهد أو والديه أو أقاربه ،ويبين لهم أن المتهم لو كان غنيا أى مستكفى غير محتاج أو فقيرا أى محتاجا فالله أولى بهما والمراد فالله أحق بشهادة العدل فيهما وهذا يعنى أن الغنى والفقر لا يؤثران على الحكم أو الشهادة ،ويطلب الله منهم ألا يتبعوا الهوى والمراد ألا يطيعوا حكم الكفر فى أنفسهم حتى يعدلوا أى كى يقسطوا فى الشهادة والحكم،ويبين لهم أنهم إن يلووا أى يعرضوا أى يعصوا العدل أى يرفضوا الحق ويأتوا الباطل فإن الله خبير بما يعملون والمراد فإن الله عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"يا أيها الذين أمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر قوله"امنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله" قوله تعالى بسورة محمد(ص)"وأمنوا بما نزل على محمد"فرسوله هو محمد(ص) وقوله "ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء" ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "فضل ضلالا بعيدا تعنى خسر خسرانا مبينا والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله صدقوا بحكم الله ونبيه(ص)أى الوحى الذى أوحى إلى نبيه(ص) والوحى الذى أوحى من قبل ومن يكذب بالله وملائكته ووحيه ومبعوثيه ويوم القيامة فقد خسر خسرانا عظيما،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله أن يؤمنوا بالله ورسوله أى أن يصدقوا بحكم الله وفسره بأنه الكتاب المنزل على رسوله(ص)والمراد الوحى الموحى به لمحمد(ص)والكتاب الذى أنزل من قبل والمراد والوحى الذى أوحى من قبل وجود محمد(ص)،ويبين لهم أن من يكفر أى يكذب بالله والمراد أن يكذب بوحدانية الله وملائكته وكتبه وهى وحيه المنزل على رسله ورسله(ص)هم الأنبياء(ص)واليوم الأخر وهو يوم البعث فقد ضل ضلالا بعيدا أى خسر خسرانا عظيما حيث يدخله الله النار.
"إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا" يفسر قوله"لم يكن الله ليغفر لهم " قوله تعالى بسورة آل عمران"لن تقبل توبتهم "فعدم غفران الله لهم هو عدم قبول توبتهم وقوله"لم يكن الله ليغفر لهم أو يهديهم سبيلا "يفسره قوله بسورة النساء"لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم "فالسبيل هو طريق جهنم و المعنى إن الذين صدقوا ثم كذبوا ثم صدقوا ثم كذبوا ثم داوموا كذبا لم يكن الله ليعفوا عنهم أى لا يرشدهم طريق الجنة ،يبين الله أن الذين أمنوا أى صدقوا الوحى ثم كفروا أى كذبوا به ثم أمنوا أى صدقوا ثم كفروا أى كذبوا مرة أخرى ثم ازدادوا كفرا والمراد ثم استمروا فى تكذيبهم لم يكن الله ليغفر لهم أى لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم وفسره بأنه لن يهديهم السبيل والمراد لن يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا"يفسر قوله"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما" قوله تعالى بسورة الليل"فأنذرتكم نارا تلظى"فبشر تعنى أنذر والعذاب الأليم هو النار وقوله "فإن العزة لله جميعا "يفسره قوله بسورة البقرة"إن القوة لله جميعا"فالعزة هى القوة والمعنى وأخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عقابا شديدا الذين يجعلون المكذبين بحكم الله أنصار من سوى المصدقين بحكم الله أيريدون منهم القوة؟فإن القوة لله كلها ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يبشر المنافقين والمراد أن يخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عذابا أليما والمراد لهم عقابا مهينا والمنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد الذين يجعلون المكذبين لوحى الله أنصار لهم من سوى المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله والسبب أنهم يبتغون عندهم العزة والمراد أنهم يريدون منهم القوة التى تسلطهم على الخلق ويبين الله لهم أن ليس عند الكفار قوة لأن العزة وهى القوة كلها لله يعطيها لمن يريد من عباده .
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره"فسماع الكفر بآيات الله هو الخوض فى الآيات وعدم القعود معهم يعنى الإعراض عنهم والمعنى وقد أوحى لكم فى الوحى أن إذا علمتم أحكام الله يكذب بها أى يسخر منها فلا تجلسوا معهم حتى يتحدثوا فى أمر غيره إنكم إذا إخوانهم إن الله حاشر المذبذبين بين الإسلام والكفر والمكذبين بحكم الله فى النار كلهم،يبين الله للمؤمنين أنه نزل عليهم فى الكتاب والمراد قد أوحى لهم فى الوحى الحكم التالى :أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها والمراد أن إذا عرفتم أحكام الله يكذب به وفسر هذا بأنها يستهزىء بها أى يسخر منها فلا تقعدوا معهم والمراد فلا تجلسوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره والمراد حتى يتحدثوا فى موضوع أخر غير تكذيب أحكام الله وهذا يعنى حرمة القعود مع الكفار إذا كذبوا حكم من أحكام الله ويبين لهم أنهم إن قعدوا معهم أثناء التكذيب فهم مثلهم أى شبههم والمراد إخوان لهم فى الكفر ويبين لهم أنه جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا والمراد مدخل المذبذبين والمكذبين فى النار كلهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينهم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"يفسر قوله"فإن كان لكم فتح من الله" قوله تعالى بسورة النساء"ولئن أصابكم فضل من الله"فالفتح هو الفضل والمعنى الذين ينتظرون بكم فإن كان لكم نصر من الله قالوا ألم نصبح ناصريكم وإن كان للمكذبين غنيمة قالوا ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المصدقين فالله يفصل بينكم يوم البعث ولن يعطى الله للمكذبين على المصدقين فضلا،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين هم الذين يتربصون بهم والمراد الذين يترقبون ما يحدث لهم فإن كان لهم فتح أى نصر من عند الله فإنهم يقولون لهم:ألم نكن معكم ؟والمراد ألم نكن ناصرين لكم؟والغرض من القول هو أن يعطيهم المسلمين بعض الغنائم لمناصرتهم إياهم كما زعموا وإذا كان للكافرين وهم المكذبين بحكم الله نصيب أى حظ من الغنائم قالوا لهم ألم نستحوذ عليكم وفسروه بقولهم نمنعكم من المؤمنين والمراد ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المؤمنين؟ والغرض من القول هو أن يأخذوا بعض الغنائم من الكفار بزعم أنهم أنصارهم الذين ساعدوهم على النصر وهذا يعنى أنهم يلعبون على الجانبين فالهدف هو جمع المتاع من أى جانب دون عمل حقيقى ويبين الله لنا أنه يحكم بينهم يوم القيامة والمراد يفصل بين الناس فى يوم البعث وهو لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا والمراد لن يعطى المكذبين فضلا على المصدقين أى لن يجعلهم فوقهم يوم القيامة .
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النساء"فلا يؤمنون إلا قليلا"فيذكرون تعنى يؤمنون والمعنى إن المذبذبين ين الإسلام والكفر يخونون الله وهو ماكر بهم وإذا سعوا إلى الطاعة سعوا خاملين يداهنون المسلمين ولا يطيعون الله إلا قليلا،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين وهم المذبذبين بين الكفر والإسلام يخادعون الله والمراد يظنون أنهم يمكرون أى يلحقون الأذى بدين الله ولكن الحادث هو أن الله خادعهم أى ملحق بهم الأذى هم وحدهم ،ويبين له أنهم إذا قاموا للصلاة والمراد إذا سعوا إلى طاعة حكم الله قاموا كسالى والمراد سعوا خاملين أى مكذبين للحكم والسبب فى طاعتهم أنهم يراءون الناس أى يرضون المسلمين فقط وهم لا يذكرون الله إلا قليلا والمراد لا يطيعون حكم الله إلا مرات قليلة العدد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة المجادلة"ما هم منكم ولا منهم"فهؤلاء تعنى منكم وتعنى منهم وقوله "ومن يضلل فلن تجد له سبيلا"يفسره قوله بسورة الرعد"ومن يضلل الله فما له من هاد"فالسبيل هو الهادى والمعنى متحركين بين ذلك لا إلى المسلمين ينتمون ولا إلى الكفار ينتمون ومن يبعد الله عن دينه فلن تلق له منقذا من العذاب،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين مذبذبين أى مترددين بين المسلمين والكفار فهم لا ينتمون إلى هؤلاء المسلمين ولا ينتمون إلى هؤلاء الكافرين وهذا يعنى أن المنافقين جماعة تعمل بمفردها لصالحها حسب رأيها ،ويبين له أن من يضلل الله فلن يجد له سبيلا والمراد من يبعد الله عن الحق لن يلق له المسلم منجيا من عذاب الله.
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا"يفسر قوله"لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين" قوله بسورة الممتحنة"لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء"فالكافرين هم العدو والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تجعلوا المكذبين لحكم الله أنصار لكم من سوى المصدقين الأخرين أتحبون أن توجبوا لله عليكم عقابا شديدا؟ يطلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ألا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد ألا يجعلوا المكذبين لله أنصار لهم من سوى المصدقين الآخرين يستعينون بهم ويسألهم الله:أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا والمراد هل تحبون أن تفرضوا لله عليكم عذابا أليما؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن تولى الكفار من دون المسلمين الآخرين عمل يوجب لهم من الله إدخالهم النار والخطاب للمؤمنين.
"إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا"المعنى إن المذبذبين بين الكفر والإسلام فى المكان الأسوأ من جهنم ولن تلق لهم منقذا منها،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمراد فى المقام الأشد عذابا فى جهنم وهو أكبر درجات النار وليس لهم هناك نصيرا أى منجيا من العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما"المعنى المنافقين فى النار إلا الذين أنابوا لدين الله أى أحسنوا إسلامهم أى احتموا بطاعة حكم الله أى أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فأولئك من المصدقين وسوف يدخل الله المصدقين بحكمه جنة كبرى ،يبين الله لنبيه(ص) أن المنافقين فى النار إلا الذين تابوا أى عادوا لطاعة حكم الله وفسرهم بأنهم الذين أصلحوا أى أحسنوا العمل طاعة لحكم الله وفسرهم بأنهم الذين اعتصموا بالله والمراد الذين احتموا بطاعة حكم الله من عذابه وفسرهم بأنهم أخلصوا أنفسهم لله والمراد أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فهم مع المؤمنين والمراد يدخلون الجنة مع المسلمين ،ويبين له أنه سوف يؤت المؤمنين أجرا عظيما والمراد سوف يسكن المصدقين بحكمه جنة كبرى.
"ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم وكان الله شاكرا عليما"المعنى ما يصنع الله بعقابكم إن أطعتم حكمه وصدقتم به وكان الله حميدا خبيرا،يسأل الله الناس:ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم والمراد ماذا يستفيد الله من عقابكم إن اتبعتم حكمه وصدقتم به؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لا يعذب من شكره أى أطاع حكمه وأمن أى صدق بحكمه وإنما يثيبه بالجنة وهو شاكر أى حامد أى مثيب أى راحم للمطيع المصدق بحكمه عليم أى خبير بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب للناس.
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا"فالقول لابد أن يكون عادلا أى حسب ما قاله الله والعدل هنا قول السوء للظالم وقوله "وكان الله سميعا عليما "يفسره قوله بسورة لقمان"إن الله عليم خبير"فالسميع تعنى الخبير والمعنى لا يبيح الله الإعلان بالقبيح من الكلام إلا من نقص حقه وكان الله خبيرا عارفا بكل شىء،يبين الله للمؤمنين أن الجهر بالسوء من القول والمراد أن إظهار القبيح من الكلام وهو الذم غير محبوب من الله أى محرم إلا فى حالة من ظلم أى من جار الأخر على حقه ومن ثم لا عقاب على الذام المظلوم مهما قال من شتائم يعاقب عليها بحكم الشتم أى الذم ويبين لهم أنه سميع عليم أى محيط خبير بكل أمر ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا"المعنى إن تظهروا صالحا أو تكتموه أى تبعدوا عن باطل فإن الله كان رحيما فاعلا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يبدوا خيرا أو يخفوه والمراد إن يعلنوا صالحا من العمل أو يكتموه عن الغير وفسر هذا بأنهم يعفون عن سوء أى يبعدون عن كفر ومن ثم يعملون الحق فالله عفو أى رحيم أى نافع لهم وهو قدير أى فاعل لما يريد من الرحمة هنا .
"إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المجادلة "أعد الله لهم عذابا شديدا"فمهينا تعنى شديدا والمعنى إن الذين يكذبون بكتاب الله ومبعوثيه ويحبون أن يميزوا بين الله ومبعوثيه ويقولون نصدق ببعض ونكذب ببعض ويحبون أن يجعلوا بين ذلك دينا أولئك هم المكذبون بحكمى صدقا وجهزنا للمكذبين عقابا أليما،يبين الله لنا أن الذين يكفرون بالله ورسله والمراد الذين يكذبون بكتاب الله مصداق لقوله تعالى بسورة غافر"الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا"وأنبياء الله(ص) ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله والمراد ويحبون أن يميزوا بين الله ورسله(ص)ويقولون نؤمن ببعض أى أن نصدق بوجود الله ونكفر ببعض أى ونكذب برسله وهذا يعنى أنهم يريدون الإعتراف بوجود الله ولكنهم لا يريدون الإعتراف بالرسل لأنهم أتوا بحكم الله الذى يكذبونه وهذا يسمح لهم بعمل ما يروق لهم بدعوى أنهم مصدقون بالله ولكنه تكذيب بالله لأن من يصدق بالله يصدق برسله(ص)وهم بقولهم هذا يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا والمراد يحبون أن يشرعوا بين الإيمان بوجود الله وتكذيب كتبه المنزلة على رسله(ص)دينا يسيرون عليه ويبين لنا أن هؤلاء هم الكافرون حقا أى المكذبون صدقا بالجميع أو بالبعض ويبين لنا أنه أعتد للكافرين عذابا مهينا والمراد أنه جهز للمكذبين بالكل وبالبعض عقابا شديدا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين أمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"وأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم "فيؤتيهم تعنى يوفيهم والمعنى والذين صدقوا بحكم الله وأنبيائه ولم يميزوا بين أحد منهم سوف يعطيهم ثوابهم وكان الله عفوا نافعا،يبين الله لنا أن الذين أمنوا بالله ورسله والمراد الذين صدقوا بوجود الله وحكمه المنزل على مبعوثيه ولم يفرقوا بين أحد منهم والمراد ولم يميزوا بين الله ورسله(ص)فى التصديق فصدقوا بالكل أولئك سوف يؤتيهم أجورهم والمراد سوف يدخلهم الجنات وكان الله غفور رحيما أى نافعا مفيدا لهم بالجنات.
"يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وأتينا موسى سلطانا مبينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"ولقد أتينا موسى الكتاب"فالسلطان هو الكتاب والمعنى يطالبك أصحاب الوحى السابق أن تسقط عليهم قرطاسا من السحاب فقد طالبوا موسى بأعظم من هذا فقالوا أشهدنا الله عيانا فأهلكتهم الرجفة بكفرهم ثم عبدوا العجل من بعد ما أتتهم البراهين وغفرنا لهم ذلك وأوحينا لموسى ح
"واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما "المعنى واستعفى الله إن الله كان عفوا نافعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستغفره والمراد أن يطلب منه العفو عن ذنبه وهو مناصرة الخائنين ويبين له أنه غفور رحيم أى عفو عن الذنب للمستغفر نافع له برحمته .
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"يفسر قوله "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" قوله تعالى بسورة البقرة"والله لا يحب كل كفار أثيم "وقوله بسورة الحج"إن الله لا يحب كل خوان كفور"فالخوان الأثيم هو الكفور والمعنى ولا تدافع عن الذين يخدعون أنفسهم إن الله لا يرحم كل كفور مجرم،ينهى الله نبيه(ص)عن الجدال عن الذين يختانون أنفسهم والمراد عن الدفاع عن الذين يخدعون أنفسهم حيث يحسبون سيئاتهم حسنات والمراد هنا خاصة سيئة ظلم الغير وهى هنا اتهامهم بالباطل برىء بجريمة لم يرتكبها ويبين له أنه لا يحب كل خوان أثيم والمراد لا يرحم كل كافر مكذب حيث يدخله النار.
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة يونس " والله عليم بما يفعلون"فيعملون تعنى يفعلون ومحيطا تعنى عليما والمعنى يستترون من البشر ولا يستترون من الله وهو عالم بهم إذ ينوون الذى لا يبيح من الحديث وكان الله بالذى يفعلون خبيرا،يبين الله لنبيه(ص)أن الخائنين يستخفون من الناس والمراد يخافون من المسلمين فيقولون فى السر ما لا يرضى الله من القول وهو الذى يرفضه الله من الحديث وهم لا يستخفون من الله والمراد وهم لا يخافون من عذاب الله الذى هو معهم إذ يبيتون قولهم والمراد الذى هو عالم بهم حين ينوون فعل ما قالوه فى حديثهم ،ويبين له أنه محيط بما يعملون والمراد خبير بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليهم .
"ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"المعنى ها أنتم حاججتم عن الخائنين فى الحياة الأولى فمن يحاجج عنهم يوم البعث أى من يصبح لهم نصيرا ؟يبين الله للمؤمنين أنهم جادلوا عن الخونة فى الحياة الدنيا والمراد أنهم دافعوا عن الخونة بشدة فى الحياة الأولى نتيجة خداع الخونة لهم ويسألهم من يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا والمراد من يدافع عن الخونة يوم البعث أى من يصبح ناصرا لهم؟ والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أنهم على باطل بدفاعهم عن الخونة الذين لن يجدوا فى يوم البعث مدافعا عنهم أى نصيرا لهم أى شافعا لهم ومن ثم عليهم أن يستغفروا الله لذنبهم فى الدفاع عن الخونة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "يفسر قوله "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه" قوله تعالى بسورة النساء"من يكسب إثما"فيعمل تعنى يكسب وسوء أى ظلم تعنى إثم وقوله "ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم"فيستغفر تعنى يتوب ووجدان الله غفور هو توبة الله عليهم والمعنى ومن يفعل ذنبا أى يخسر نفسه ثم يستعفى الله يلق الله عفوا نافعا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل سوءا أى يظلم نفسه والمراد يفعل ذنبا ثم يستغفر الله أى ثم يتوب إلى الله يجد الله غفورا رحيما والمراد يلق الله توابا نافعا له والخطاب وما بعده للناس وما بعده .
"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما"يفسر قوله "ومن يكسب إثما" قوله تعالى بسورة البقرة"من يكسب خطيئة"فإثما تعنى خطيئة والمعنى ومن يعمل سيئة فإنما يتحمل عقابه بنفسه وكان الله خبيرا قاضيا،يبين الله للمؤمنين أن من يكسب إثما والمراد من يعمل خطيئة أى سيئة يكسبها على نفسها والمراد يذوق عقابها بنفسه ويبين لهم أنه عليم حكيم أى خبير بكل شىء قاضى يقضى بالحق.
"ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"يفسر قوله"ومن يكسب خطيئة أو إثما" قوله تعالى بنفس السورة"ومن يعمل سوءا "فالخطيئة أى الإثم هو السوء ويكسب تعنى يعمل والمعنى ومن يعمل سيئة أى ذنبا ثم ينسبه لطاهر فقد اكتسب جرما أى ذنبا عظيما ،يبين الله للنبى(ص)أن من يكسب خطيئة أى إثم والمراد من يصنع جريمة أى ذنب ثم يرم به بريئا والمراد ثم ينسب جريمته إلى إنسان أخر لم يصنعه فقد احتمل بهتانا أى إثما مبينا والمراد فقد صنع جريمة أخرى أى ذنب كبير وهذا ما فعله الخونة حيث ارتكبوا جريمة ثم نسبوها إلى من لم يعملها .
"ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"يفسر قوله"لهمت طائفة منهم أن يضلوك" قوله تعالى بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنوك عن الذى أوحينا إليك"فهمت تعنى كادوا ويضلوك تعنى يفتنوك عن الوحى وقوله"وما يضلون إلا أنفسهم "يفسره قوله بسورة البقرة"وما يخدعون إلا أنفسهم "فيضلون تعنى يخدعون وقوله "وما يضرونك من شىء"يفسره قوله بسورة المائدة"والله يعصمك من الناس"فلا يضرونك تعنى أن الله يعصمه من ضرر الناس وقوله "وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم"يفسره قوله بسورة الشورى"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا"فالكتاب أى الحكمة أى العلم هو القرآن وتفسيره والمعنى ولولا رأفة الله بك أى نفعه لك لكادت جماعة منهم أن يبعدوك عن دينك وما يبعدون إلا أنفسهم عن الإسلام وما يؤذونك بأذى وأوحى الله لك الحكم أى الوحى أى عرفك الذى لم تكن تعرف وكانت نعمة الله عليك كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أن لولا فضل الله عليه وهو رحمته به أى رأفته به أى نفعه له بإعلامه بمكيدة الخونة لحدث التالى :همت طائفة منهم أن يضلوه عن الحق والمراد كادت جماعة من الخونة أن يبعدوه عن دين الله ،ويبين له أنهم ما يضلون إلا أنفسهم والمراد ما يخدعون إلا أنفسهم وبألفاظ أخرى ما يهلكون إلا أنفسهم ببعدهم عن الحق ،ويبين له أنهم ما يضرونه بشىء والمراد ما يؤذونه بعض الأذى وهذا يعنى أن الله حماه من أذاهم الجسدى،ويبين له أن أنزل عليه الكتاب أى الحكمة وهو العلم الذى لم يكن يعلمه والمراد أن الله أوحى له القرآن وهو حكم الله أى المعرفة التى لم يكن يعرفها من قبل ،ويبين له أن فضله كان عليه عظيما والمراد أن عطاء الله له كان كثيرا مصداق لقوله تعالى بسورة الكوثر"إنا أعطيناك الكوثر" والخطاب للنبى(ص).
"لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"يفسر قوله"ابتغاء مرضات الله" قوله تعالى بسورة الإسراء"ابتغاء رحمة من ربك"فمرضات تعنى رحمة الله وقوله"نؤتيه أجرا عظيما"يفسره قوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى لا نفع فى عديد من حديثهم إلا من طالب بعطاء أو إحسان أى عدل بين الخلق ومن يصنع ذلك طلبا لرحمة الله فسوف نعطيه ثوابا حسنا،يبين الله للمؤمنين أن لا خير فى كثير من نجوى الناس والمراد أن لا فائدة فى العديد من حديث الخلق السرى إلا الأمور التالية:
من أمر بصدقة أى من طالب غيره بدفع نفقة لمن يحتاجها ،أو أمر بمعروف أى من طالب غيره بعمل خير أى أمر بإصلاح بين الناس أى من طالب بالتوفيق وهو العدل بين الخلق ،ويبين له أن من يفعل ذلك والمراد من يأمر بالصدقة أو المعروف أى الإصلاح وهو الأمر بالعدل ابتغاء مرضات الله أى طلبا لرحمة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما أى فسوف نعطيه رحمة كبرى هى الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النساء"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا"فيشاقق تعنى يعصى وقوله "ونصله جهنم"يفسره قوله "بسورة الحج"ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"فنصله تعنى نذيقه وجهنم تعنى عذاب الحريق وقوله "وساءت مصيرا"يفسره قوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما"فمصيرا تعنى مستقرا أى مقاما والمعنى ومن يعادى النبى(ص)من بعد ما عرف الحق أى يطيع دين غير دين المسلمين ندينه الذى دان وندخله النار وقبحت مقاما،يبين الله للمؤمنين أن من يشاقق الرسول أى من يعصى حكم الله المنزل على النبى(ص)من بعد ما تبين له الهدى أى من بعد ما بلغه حكم الله وفسر هذا بأنه يتبع غير سبيل المؤمنين والمراد ويطيع غير دين المسلمين ومن ثم يوله الله ما تولى أى يجعله الله على دينه الذى اختاره ويصله جهنم أى يدخله النار وقد ساءت مصيرا والمراد وقد قبحت مقاما والخطاب للناس وما بعده.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فيشرك تعنى يبتغى غير الإسلام دينا ويغفر تعنى يقبل وقوله"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"فضل تعنى افترى وضلالا تعنى إثما وبعيدا تعنى عظيما والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما سوى الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد بعد بعدا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد أنه لا يقبل أن يكفر بحكمه الناس ويغفر ما دون ذلك أى ويقبل الذى غير الكفر أى يقبل الإسلام ممن يشاء أى ممن يسلم وهذا يعنى أنه يقبل الإسلام لأنه هو غير الكفر،وأن من يشرك بالله أى من يكفر بحكم الله فقد ضل ضلالا بعيدا والمراد فقد بعد بعدا كبيرا والمراد فقد عذب عذابا كبيرا.
"إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "المعنى إن يطيعون من سوى الله إلا أهواء أى إن يتبعون إلا هوى متبعا غضب الله عليه وقال لأجعلن لى من عبيدك جمعا كثيرا أى لأبعدنهم ولأغرينهم أى لأطالبنهم فليقطعن أذان البهائم ولأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ومن يجعل الهوى ناصرا له من سوى الله فقد ضاع ضياعا عظيما،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يدعون أى يطيعون من دون الله الإناث والمراد يتبعون من سوى حكم الله الشهوات وسماها الله إناثا لأن المعبودات المزعومة للناس منها الذكور والإناث ولكن المعبودات الحقيقية هى شهوات أى أهواء النفوس مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"وفسر الله هذا بأنهم يدعون شيطانا مريدا والمراد يطيعون هوى مطاعا قد لعنه الله أى غضب عليه أى حرم عليه الجنة وقد قال الشيطان:لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا والمراد لأضلن من عبيدك عددا وافرا وفسر قوله بأن قال:لأضلنهم أى لأبعدنهم عن الحق وفسره بقوله ولأمنينهم أى لأخدعنهم خداعا يبعدهم عن الحق ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام والمراد ولأطالبنهم فليقطعن أذان الحيوانات أى البهائم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله والمراد فلأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ،وهذا يعنى أن أى تغيير لهيئات الأنعام وهيئات خلق الله محرم ما لم ينص الله على تغييره لأنه أمر شيطانى ،ويبين لهم أن من يتخذ الشيطان وليا أى من يجعل هوى النفس ناصرا له قد خسر خسرانا مبينا أى قد هلك هلاكا عظيما والمراد قد دخل نارا كبرى والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده
"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى يزين لهم أى يخدعهم أى ما يقول لهم الهوى إلا باطلا،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو هوى النفس يعد أى يمنى أى يزين للعباد الباطل وفسر هذا بأنه يقول لهم الغرور وهو الخداع أى الكذب أى الباطل.
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا"يفسر قوله"مأواهم جهنم" قوله تعالى بسورة آل عمران"مأواهم النار"فجهنم هى النار وقوله"ولا يجدون عنها محيصا "يفسره قوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"فمحيصا تعنى مصرفا أى منقذا وقوله "سندخلهم جنات"يفسره قوله بسورة الفتح "ليدخل من يشاء فى رحمته "فجنات تعنى رحمة الله وقوله "خالدين فيها أبدا"يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدين تعنى ماكثين وقوله"ومن أصدق من الله قيلا"يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما"فأصدق تعنى أحسن وقيلا تعنى حكما والمعنى أولئك مقامهم النار ولا يلقون عنها مبعدا والذين صدقوا بحكم الله وصنعوا الحسنات سنسكنهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها دوما قول الله صدقا ومن أحسن من الله حكما،يبين الله لنا أن الكفار مأواهم جهنم والمراد مكانهم فى الآخرة هو النار وهم لا يجدون عنها محيصا أى لا يلقون عن النار مبعدا أى منقذا وأما الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وصنعوا الحسنات التى طالبهم بها حكم الله فسيدخلهم الله جنات أى سيسكنهم فى حدائق تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات السوائل اللذيذة وهم خالدين فيها أبدا والمراد مقيمين فى الجنة دائما لا يخرجون منها وهذا هو وعد الله أى قول الله الصادق لهم فى الوحى وليس هناك من هو أصدق من الله قيلا والمراد وليس هناك من هو أحسن من الله حكما والخطاب للنبى(ص).
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"يفسر قوله "ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب" قوله تعالى بسورة البقرة"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "فالأمانى هى دخول الجنة وقوله"من يعمل سوء يجز به" يفسره قوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"فيعمل تعنى يجىء بالسوء وهو السيئة وقوله"ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا "يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع"فوليا أى نصيرا أى شفيعا والمعنى ليس بأقوالكم ولا أقوال أصحاب الوحى السابق تدخلون الجنة من يصنع ذنبا يعاقب به ولا يلق له من سوى الله ناصرا أى منقذا،يخاطب الله المؤمنين مبينا لهم أن دخول الجنة ليس بأمانيهم أى ليس بأقوالهم ولا بأمانى أهل الكتاب أى ولا بأقوال أصحاب الوحى السابق وهذا يعنى أن لا أحد يدخل الجنة لمجرد أنه قال أنه سيدخلها ،ويبين لهم أن من يعمل سوء يجز به والمراد أن من يرتكب كفرا يعذب به ولا يجد له وليا ولا نصيرا والمراد ولا يلق له من غير الله منجيا أى منقذا ينقذه من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله غنيا حميدا"المعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض ولقد أمرنا الذين أعطوا الوحى سابقا وأنتم أن اعبدوا الله وإن تشركوا فإن لله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله واسعا شكورا،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه ما فى السموات والأرض والمراد أنه له الحكم فى مخلوقات الكون ويبين لهم أنه وصاهم أى أمرهم هم والذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى قبل عهد محمد(ص) أن اتقوا الله أى اعبدوا أى أطيعوا حكم الله وإن تكفروا أى وإن تعصوا حكم الله فإن لله ما فى السموات والأرض والمراد فإن الله يملك مخلوقات الكون والمراد أنه غنى عن عبادتهم لأنه لا يستفيد بها ويبين لهم أنه غنى أى واسع الملك حميد أى شاكر لمن يعبده برحمته له.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فلله تعنى أنها ملكه وقوله"وكفى بالله وكيلا"يفسره قوله بسورة النساء"وكفى بالله وليا"فوكيلا تعنى وليا والمعنى وله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكفى بالله وليا،يبين الله للناس أنه يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض من المخلوقات وهو الوكيل أى الولى أى الناصر الحافظ لمن يطيعه والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بأخرين وكان الله على ذلك قديرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء"وقوله بسورة فاطر"ويأت بخلق جديد"فيأت تعنى يستخلف وآخرين تعنى خلق جديد والمعنى إن يرد يتوفاكم أيها الخلق ويخلق غيركم وكان الله لذلك فاعلا،يبين الله للناس وهم الخلق أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يهلكهم ويأت بآخرين أى ويخلق ناس غيركم يكونوا خلفاء لكم فى الأرض وكان الله على ذلك قديرا والمراد وكان الله للإهلاك والخلق فاعلا .
"من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"من كان يرد حرث الدنيا نؤته منها"فثواب تعنى حرث وقوله بسورة النحل"لنبئونهم فى الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر"فثواب الدنيا هو الحسنة وثواب الأخرة هو الأجر وقوله"وكان الله سميعا بصيرا"يفسره قوله بسورة الحجرات"إن الله عليم خبير"فالسميع البصير هو العليم الخبير والمعنى من كان يحب متاع الأولى نعطه منها فلدى الله نصر الأولى والقيامة وكان الله عليما خبيرا ،يبين الله للناس أنه من يريد ثواب الدنيا والمراد إنه من يحب متاع الحياة الأولى يعطه منه عليه أن يعلم أن الله عنده والمراد لديه بأمره ثواب الدنيا والأخرة وهو نصر الدنيا وهى حكمها بحكم الله ونصر القيامة وهو الجنة ويبين لهم أنه سميع بصير أى عليم خبير بكل شىء وسيحاسب عليه.
"يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين وإن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" يفسر قوله"فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا" قوله تعالى بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فالهوى هو خطوات الشيطان وقوله"فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بما يعملون محيطا"فخبيرا تعنى محيطا والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله كونوا شاهدين بالعدل حاكمين لله ولو على ذواتكم أو الأبوين والأقارب وإن يكن مستكفيا أو محتاجا فالله أحق بهما فلا تطيعوا الظلم كى لا تنحرفوا وإن ترفضوا أى تكذبوا فإن الله كان بما تفعلون عليما،يطالب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله أن يكونوا قوامين بالقسط والمراد أن يكونوا حاكمين بالعدل شهداء لله أى مقرين معترفين لله حتى لو كان الإقرار على أنفسهم أو على الوالدين وهم الأبوين أو على الأقربين وهم الأقارب وهذا يعنى أن القاضى أو الشاهد يجب عليه أن يحكم أو يشهد على نفسه أو على والديه أو على أقاربه بالحق فليس فى الإسلام ما يسمى التنحى عن الحكم أو الشهادة فى أى قضية حتى ولو كان المتهم هو القاضى نفسه أو الشاهد أو والديه أو أقاربه ،ويبين لهم أن المتهم لو كان غنيا أى مستكفى غير محتاج أو فقيرا أى محتاجا فالله أولى بهما والمراد فالله أحق بشهادة العدل فيهما وهذا يعنى أن الغنى والفقر لا يؤثران على الحكم أو الشهادة ،ويطلب الله منهم ألا يتبعوا الهوى والمراد ألا يطيعوا حكم الكفر فى أنفسهم حتى يعدلوا أى كى يقسطوا فى الشهادة والحكم،ويبين لهم أنهم إن يلووا أى يعرضوا أى يعصوا العدل أى يرفضوا الحق ويأتوا الباطل فإن الله خبير بما يعملون والمراد فإن الله عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"يا أيها الذين أمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر قوله"امنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله" قوله تعالى بسورة محمد(ص)"وأمنوا بما نزل على محمد"فرسوله هو محمد(ص) وقوله "ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء" ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "فضل ضلالا بعيدا تعنى خسر خسرانا مبينا والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله صدقوا بحكم الله ونبيه(ص)أى الوحى الذى أوحى إلى نبيه(ص) والوحى الذى أوحى من قبل ومن يكذب بالله وملائكته ووحيه ومبعوثيه ويوم القيامة فقد خسر خسرانا عظيما،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله أن يؤمنوا بالله ورسوله أى أن يصدقوا بحكم الله وفسره بأنه الكتاب المنزل على رسوله(ص)والمراد الوحى الموحى به لمحمد(ص)والكتاب الذى أنزل من قبل والمراد والوحى الذى أوحى من قبل وجود محمد(ص)،ويبين لهم أن من يكفر أى يكذب بالله والمراد أن يكذب بوحدانية الله وملائكته وكتبه وهى وحيه المنزل على رسله ورسله(ص)هم الأنبياء(ص)واليوم الأخر وهو يوم البعث فقد ضل ضلالا بعيدا أى خسر خسرانا عظيما حيث يدخله الله النار.
"إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا" يفسر قوله"لم يكن الله ليغفر لهم " قوله تعالى بسورة آل عمران"لن تقبل توبتهم "فعدم غفران الله لهم هو عدم قبول توبتهم وقوله"لم يكن الله ليغفر لهم أو يهديهم سبيلا "يفسره قوله بسورة النساء"لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم "فالسبيل هو طريق جهنم و المعنى إن الذين صدقوا ثم كذبوا ثم صدقوا ثم كذبوا ثم داوموا كذبا لم يكن الله ليعفوا عنهم أى لا يرشدهم طريق الجنة ،يبين الله أن الذين أمنوا أى صدقوا الوحى ثم كفروا أى كذبوا به ثم أمنوا أى صدقوا ثم كفروا أى كذبوا مرة أخرى ثم ازدادوا كفرا والمراد ثم استمروا فى تكذيبهم لم يكن الله ليغفر لهم أى لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم وفسره بأنه لن يهديهم السبيل والمراد لن يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا"يفسر قوله"بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما" قوله تعالى بسورة الليل"فأنذرتكم نارا تلظى"فبشر تعنى أنذر والعذاب الأليم هو النار وقوله "فإن العزة لله جميعا "يفسره قوله بسورة البقرة"إن القوة لله جميعا"فالعزة هى القوة والمعنى وأخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عقابا شديدا الذين يجعلون المكذبين بحكم الله أنصار من سوى المصدقين بحكم الله أيريدون منهم القوة؟فإن القوة لله كلها ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يبشر المنافقين والمراد أن يخبر المذبذبين بين الإسلام والكفر بأن لهم عذابا أليما والمراد لهم عقابا مهينا والمنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد الذين يجعلون المكذبين لوحى الله أنصار لهم من سوى المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله والسبب أنهم يبتغون عندهم العزة والمراد أنهم يريدون منهم القوة التى تسلطهم على الخلق ويبين الله لهم أن ليس عند الكفار قوة لأن العزة وهى القوة كلها لله يعطيها لمن يريد من عباده .
"وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره"فسماع الكفر بآيات الله هو الخوض فى الآيات وعدم القعود معهم يعنى الإعراض عنهم والمعنى وقد أوحى لكم فى الوحى أن إذا علمتم أحكام الله يكذب بها أى يسخر منها فلا تجلسوا معهم حتى يتحدثوا فى أمر غيره إنكم إذا إخوانهم إن الله حاشر المذبذبين بين الإسلام والكفر والمكذبين بحكم الله فى النار كلهم،يبين الله للمؤمنين أنه نزل عليهم فى الكتاب والمراد قد أوحى لهم فى الوحى الحكم التالى :أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها والمراد أن إذا عرفتم أحكام الله يكذب به وفسر هذا بأنها يستهزىء بها أى يسخر منها فلا تقعدوا معهم والمراد فلا تجلسوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره والمراد حتى يتحدثوا فى موضوع أخر غير تكذيب أحكام الله وهذا يعنى حرمة القعود مع الكفار إذا كذبوا حكم من أحكام الله ويبين لهم أنهم إن قعدوا معهم أثناء التكذيب فهم مثلهم أى شبههم والمراد إخوان لهم فى الكفر ويبين لهم أنه جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا والمراد مدخل المذبذبين والمكذبين فى النار كلهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينهم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"يفسر قوله"فإن كان لكم فتح من الله" قوله تعالى بسورة النساء"ولئن أصابكم فضل من الله"فالفتح هو الفضل والمعنى الذين ينتظرون بكم فإن كان لكم نصر من الله قالوا ألم نصبح ناصريكم وإن كان للمكذبين غنيمة قالوا ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المصدقين فالله يفصل بينكم يوم البعث ولن يعطى الله للمكذبين على المصدقين فضلا،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين هم الذين يتربصون بهم والمراد الذين يترقبون ما يحدث لهم فإن كان لهم فتح أى نصر من عند الله فإنهم يقولون لهم:ألم نكن معكم ؟والمراد ألم نكن ناصرين لكم؟والغرض من القول هو أن يعطيهم المسلمين بعض الغنائم لمناصرتهم إياهم كما زعموا وإذا كان للكافرين وهم المكذبين بحكم الله نصيب أى حظ من الغنائم قالوا لهم ألم نستحوذ عليكم وفسروه بقولهم نمنعكم من المؤمنين والمراد ألم نحميكم أى نبعد عنكم أذى المؤمنين؟ والغرض من القول هو أن يأخذوا بعض الغنائم من الكفار بزعم أنهم أنصارهم الذين ساعدوهم على النصر وهذا يعنى أنهم يلعبون على الجانبين فالهدف هو جمع المتاع من أى جانب دون عمل حقيقى ويبين الله لنا أنه يحكم بينهم يوم القيامة والمراد يفصل بين الناس فى يوم البعث وهو لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا والمراد لن يعطى المكذبين فضلا على المصدقين أى لن يجعلهم فوقهم يوم القيامة .
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة النساء"فلا يؤمنون إلا قليلا"فيذكرون تعنى يؤمنون والمعنى إن المذبذبين ين الإسلام والكفر يخونون الله وهو ماكر بهم وإذا سعوا إلى الطاعة سعوا خاملين يداهنون المسلمين ولا يطيعون الله إلا قليلا،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين وهم المذبذبين بين الكفر والإسلام يخادعون الله والمراد يظنون أنهم يمكرون أى يلحقون الأذى بدين الله ولكن الحادث هو أن الله خادعهم أى ملحق بهم الأذى هم وحدهم ،ويبين له أنهم إذا قاموا للصلاة والمراد إذا سعوا إلى طاعة حكم الله قاموا كسالى والمراد سعوا خاملين أى مكذبين للحكم والسبب فى طاعتهم أنهم يراءون الناس أى يرضون المسلمين فقط وهم لا يذكرون الله إلا قليلا والمراد لا يطيعون حكم الله إلا مرات قليلة العدد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة المجادلة"ما هم منكم ولا منهم"فهؤلاء تعنى منكم وتعنى منهم وقوله "ومن يضلل فلن تجد له سبيلا"يفسره قوله بسورة الرعد"ومن يضلل الله فما له من هاد"فالسبيل هو الهادى والمعنى متحركين بين ذلك لا إلى المسلمين ينتمون ولا إلى الكفار ينتمون ومن يبعد الله عن دينه فلن تلق له منقذا من العذاب،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين مذبذبين أى مترددين بين المسلمين والكفار فهم لا ينتمون إلى هؤلاء المسلمين ولا ينتمون إلى هؤلاء الكافرين وهذا يعنى أن المنافقين جماعة تعمل بمفردها لصالحها حسب رأيها ،ويبين له أن من يضلل الله فلن يجد له سبيلا والمراد من يبعد الله عن الحق لن يلق له المسلم منجيا من عذاب الله.
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا"يفسر قوله"لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين" قوله بسورة الممتحنة"لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء"فالكافرين هم العدو والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تجعلوا المكذبين لحكم الله أنصار لكم من سوى المصدقين الأخرين أتحبون أن توجبوا لله عليكم عقابا شديدا؟ يطلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ألا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين والمراد ألا يجعلوا المكذبين لله أنصار لهم من سوى المصدقين الآخرين يستعينون بهم ويسألهم الله:أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا والمراد هل تحبون أن تفرضوا لله عليكم عذابا أليما؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن تولى الكفار من دون المسلمين الآخرين عمل يوجب لهم من الله إدخالهم النار والخطاب للمؤمنين.
"إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا"المعنى إن المذبذبين بين الكفر والإسلام فى المكان الأسوأ من جهنم ولن تلق لهم منقذا منها،يبين الله لنبيه(ص)أن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمراد فى المقام الأشد عذابا فى جهنم وهو أكبر درجات النار وليس لهم هناك نصيرا أى منجيا من العذاب والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما"المعنى المنافقين فى النار إلا الذين أنابوا لدين الله أى أحسنوا إسلامهم أى احتموا بطاعة حكم الله أى أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فأولئك من المصدقين وسوف يدخل الله المصدقين بحكمه جنة كبرى ،يبين الله لنبيه(ص) أن المنافقين فى النار إلا الذين تابوا أى عادوا لطاعة حكم الله وفسرهم بأنهم الذين أصلحوا أى أحسنوا العمل طاعة لحكم الله وفسرهم بأنهم الذين اعتصموا بالله والمراد الذين احتموا بطاعة حكم الله من عذابه وفسرهم بأنهم أخلصوا أنفسهم لله والمراد أسلموا أنفسهم لطاعة حكم الله فهم مع المؤمنين والمراد يدخلون الجنة مع المسلمين ،ويبين له أنه سوف يؤت المؤمنين أجرا عظيما والمراد سوف يسكن المصدقين بحكمه جنة كبرى.
"ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم وكان الله شاكرا عليما"المعنى ما يصنع الله بعقابكم إن أطعتم حكمه وصدقتم به وكان الله حميدا خبيرا،يسأل الله الناس:ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم والمراد ماذا يستفيد الله من عقابكم إن اتبعتم حكمه وصدقتم به؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله لا يعذب من شكره أى أطاع حكمه وأمن أى صدق بحكمه وإنما يثيبه بالجنة وهو شاكر أى حامد أى مثيب أى راحم للمطيع المصدق بحكمه عليم أى خبير بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب للناس.
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا"فالقول لابد أن يكون عادلا أى حسب ما قاله الله والعدل هنا قول السوء للظالم وقوله "وكان الله سميعا عليما "يفسره قوله بسورة لقمان"إن الله عليم خبير"فالسميع تعنى الخبير والمعنى لا يبيح الله الإعلان بالقبيح من الكلام إلا من نقص حقه وكان الله خبيرا عارفا بكل شىء،يبين الله للمؤمنين أن الجهر بالسوء من القول والمراد أن إظهار القبيح من الكلام وهو الذم غير محبوب من الله أى محرم إلا فى حالة من ظلم أى من جار الأخر على حقه ومن ثم لا عقاب على الذام المظلوم مهما قال من شتائم يعاقب عليها بحكم الشتم أى الذم ويبين لهم أنه سميع عليم أى محيط خبير بكل أمر ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا"المعنى إن تظهروا صالحا أو تكتموه أى تبعدوا عن باطل فإن الله كان رحيما فاعلا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يبدوا خيرا أو يخفوه والمراد إن يعلنوا صالحا من العمل أو يكتموه عن الغير وفسر هذا بأنهم يعفون عن سوء أى يبعدون عن كفر ومن ثم يعملون الحق فالله عفو أى رحيم أى نافع لهم وهو قدير أى فاعل لما يريد من الرحمة هنا .
"إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة المجادلة "أعد الله لهم عذابا شديدا"فمهينا تعنى شديدا والمعنى إن الذين يكذبون بكتاب الله ومبعوثيه ويحبون أن يميزوا بين الله ومبعوثيه ويقولون نصدق ببعض ونكذب ببعض ويحبون أن يجعلوا بين ذلك دينا أولئك هم المكذبون بحكمى صدقا وجهزنا للمكذبين عقابا أليما،يبين الله لنا أن الذين يكفرون بالله ورسله والمراد الذين يكذبون بكتاب الله مصداق لقوله تعالى بسورة غافر"الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا"وأنبياء الله(ص) ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله والمراد ويحبون أن يميزوا بين الله ورسله(ص)ويقولون نؤمن ببعض أى أن نصدق بوجود الله ونكفر ببعض أى ونكذب برسله وهذا يعنى أنهم يريدون الإعتراف بوجود الله ولكنهم لا يريدون الإعتراف بالرسل لأنهم أتوا بحكم الله الذى يكذبونه وهذا يسمح لهم بعمل ما يروق لهم بدعوى أنهم مصدقون بالله ولكنه تكذيب بالله لأن من يصدق بالله يصدق برسله(ص)وهم بقولهم هذا يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا والمراد يحبون أن يشرعوا بين الإيمان بوجود الله وتكذيب كتبه المنزلة على رسله(ص)دينا يسيرون عليه ويبين لنا أن هؤلاء هم الكافرون حقا أى المكذبون صدقا بالجميع أو بالبعض ويبين لنا أنه أعتد للكافرين عذابا مهينا والمراد أنه جهز للمكذبين بالكل وبالبعض عقابا شديدا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين أمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"وأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم "فيؤتيهم تعنى يوفيهم والمعنى والذين صدقوا بحكم الله وأنبيائه ولم يميزوا بين أحد منهم سوف يعطيهم ثوابهم وكان الله عفوا نافعا،يبين الله لنا أن الذين أمنوا بالله ورسله والمراد الذين صدقوا بوجود الله وحكمه المنزل على مبعوثيه ولم يفرقوا بين أحد منهم والمراد ولم يميزوا بين الله ورسله(ص)فى التصديق فصدقوا بالكل أولئك سوف يؤتيهم أجورهم والمراد سوف يدخلهم الجنات وكان الله غفور رحيما أى نافعا مفيدا لهم بالجنات.
"يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وأتينا موسى سلطانا مبينا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"ولقد أتينا موسى الكتاب"فالسلطان هو الكتاب والمعنى يطالبك أصحاب الوحى السابق أن تسقط عليهم قرطاسا من السحاب فقد طالبوا موسى بأعظم من هذا فقالوا أشهدنا الله عيانا فأهلكتهم الرجفة بكفرهم ثم عبدوا العجل من بعد ما أتتهم البراهين وغفرنا لهم ذلك وأوحينا لموسى ح
مواضيع مماثلة
» سورة النساء 4
» سورة النساء 2
» سورة النساء 3
» تفسير سورة النساء
» من أخطاء كتاب سنن النسائى الكبرى أخر أية أنزلت سورة النساء
» سورة النساء 2
» سورة النساء 3
» تفسير سورة النساء
» من أخطاء كتاب سنن النسائى الكبرى أخر أية أنزلت سورة النساء
بيت الله :: الفئة الأولى :: تفسير القرآن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 6:37 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود السجود فى آية بها ركوع وليس سجود
اليوم في 6:35 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود شفاعة السورة لصاحبها
اليوم في 6:31 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اباحة قراءة سورة واحدة للرجل فقط و
اليوم في 6:30 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود وجود ثلاث مراتب للقائمين حسب عدد ما قرئوا
اليوم في 6:29 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود قيام الليل يكفى فيه آيتين من اخر سورة البقرة
اليوم في 6:28 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود أ الجهر بالقراءة فى الصلوات وسماع المصلين للإمام يقرأ
اليوم في 6:27 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى أقل حد من الأيام لقراءة القرآن
اليوم في 6:26 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود أقل حد لقراءة القرآن ثلاثة أو سبعة أيام
اليوم في 6:25 am من طرف Admin
» قراءة فى مقال مطالبة الزهراء لأبي بكر بفدك
اليوم في 6:12 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود وجود ليالى قدر
أمس في 6:57 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى العشر التى بها ليلة القدر فى رمضان
أمس في 6:55 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اعتكاف المسلمين شهرا كاملا
أمس في 6:51 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى تعيين ليلة القدر
أمس في 6:50 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود طلوع الشمس ليس لها شعاع
أمس في 6:49 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى قيام الليل فى رمضان
أمس في 6:49 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود نسبة نقص لله هو الملل
أمس في 6:48 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الوتر بأعداد زوجية
أمس في 6:47 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى ترتيب ركعات الليل
أمس في 6:46 am من طرف Admin
» قراءة فى مقال النهى عن لبس السواد
أمس في 6:34 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود بيات ابن عباس فى حجرة زوجية الرسول(ص)
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:06 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الصلاة من الوقوف
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:05 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى كيفية الصلاة بعد الركعة التاسعة
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:04 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود النبى(ص) تنام عينه ولا ينام قلبه
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:02 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض اخر فى عدد ركعات صلاة الليل
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:01 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود السجود قدر خمسين آية
الخميس أكتوبر 03, 2024 6:00 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى عدد ركعات الليل
الخميس أكتوبر 03, 2024 5:59 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اباحة الجهر والاسرار فى الصلاة
الخميس أكتوبر 03, 2024 5:58 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اسماع المصلى غيره قراءته
الخميس أكتوبر 03, 2024 5:57 am من طرف Admin
» قراءة فى كتاب القوامة
الخميس أكتوبر 03, 2024 5:46 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود أفضل الأعمال أجرا هو طول القيام
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:55 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود نزول الله للسماء
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:54 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود كتابة العمل دون عمله
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:52 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود نضح الرجل وجه المرأة بالماء لكى تصلى قيام الليل
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:51 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الأمر بعدم ترك قيام الليل
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:50 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود عقد الشيطان على رأس الإنسان
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:49 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود غفران الخطأ
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:48 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود كون صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:47 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى صلاة النبى(ص) الضحى
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:46 am من طرف Admin
» قراءة فى خطبة محبة الله عز وجل
الأربعاء أكتوبر 02, 2024 5:35 am من طرف Admin