بيت الله


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بيت الله
بيت الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى قيمة المسروق الذى تقطع فيه اليد
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:27 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى قيمة المجن المسروف بالبهيمة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:26 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى مدة المطر
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:25 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فيما دافع عن السارقة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:24 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى مكان الثوب المسروق
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:23 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى حبس المتهمين
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:22 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى عقاب المالك الرامى زورا لعبده أو أمته يكون أخرويا
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:21 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى عائشة كانت المتهمة في حديث الافك
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:20 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى رفع القلم عن الأطفال
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:19 am من طرف Admin

» قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1اليوم في 5:11 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى التغريب عقاب في الإسلام
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:11 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى حكم الزانى بالبهيمة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:10 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى قتل البهيمة المزنى بها
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:10 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الرجم عقاب الزناة من الرجال ببعضهم
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:09 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى جود الرجم وهو القتل بالحجارة في التوراة كعقاب على الزنى
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:08 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الجلد فوق العشرة هو عقاب لجريمة من الجرائم
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الجماع هو إيلاج القضيب في المهبل فقط
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى فعل الرجل بالمرأة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:05 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى مكان جريمة التحرش
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 7:04 am من طرف Admin

» نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1أمس في 6:44 am من طرف Admin

» ما الفرق بين إبليس وشيطان ؟
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 8:06 pm من طرف Admin

» الغرق فى القرآن
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى من قابل المتحرش بالجارية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:46 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى المتحرش بالجارية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:44 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى صلاة المرأة في المسجد في الظلام
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:41 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنا.قض أخر فى محبل الجارية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:40 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى ا.عا.قة محبل الجارية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:39 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى العفو عن أصحاب الهيئات عند جرائمهم
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:37 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى وجوب الستر على مرتكب الجريمة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:36 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى اسم المشير على ماعز بالاعتراف
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:35 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى سكوت النبى(ص) على وصف المرأة بعد اقامة الحد بأنها خبيثة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:33 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى مالك الجارية الزانية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:28 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى محاكمة المالك لجاريته الزانية
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:27 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى عقاب مجامع جارية زوجته
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:25 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فيمن سأل عن جماع جارية الزوجة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:25 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى عقاب من تزوج زوجة أبيه
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:24 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى التوراة بها الرجم كحكم للزنى
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:23 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى العقوبة التى قالوها اليهود عن الزناة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:22 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقضفى عمل عبد الله بن سلام مع قارىء التوراة
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:20 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى موضع الرسول(ص) عندما جاءت المرأة الزانية للاعتراف
حكاية سر وحدتها  Icon_minitime1الأربعاء أبريل 24, 2024 6:19 am من طرف Admin

أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     

اليومية اليومية

دخول

لقد نسيت كلمة السر

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


Bookmark & Share
Bookmark & Share
Bookmark & Share

حكاية سر وحدتها

اذهب الى الأسفل

حكاية سر وحدتها  Empty حكاية سر وحدتها

مُساهمة من طرف Admin الأحد سبتمبر 03, 2017 7:54 am

حكاية سر وحدتها
بسم الله الرحمن الرحيم هذه الحكاية المزجية بعضها خيال وبعضها حقائق مزجتها ببعضها وهى ثانى حكاية طويلة ألفتها عام 1404 هـ وقد كتبتها تحت تأثير قولة تقول لابد من إحياء بعض الكلمات العربية التى لا تستخدم إلا نادرا ومعظمها كان فى كتاب لغوى يسمى غراس الأساس صدر على حلقات فى مجلة الأزهر خلال العقد الأول من القرن الرابع عشر الهجرى وقد نفذت القولة فى تلك الحكاية .
&&&&&&
العم حسنين رجل طال به العمر حتى بلغ الستين عاما عاش خلالها عصر الاحتلال وعاش عهد الثورة وما تلاها تزوج خلال تلك السنين أربع زيجات ماتت الواحدة تلو الأخرى عدا الأخيرة التى عاشت معه سبعة عشر عاما أنجبت فيهم ثلاث من البنات وولدين ثم انتقلت إلى الرفيق الأعلى ومن يومها والعم حسنين يعيش فى فراغ بعد أن تزوج بنيه عدا محمد- الذى أصيب بمرض نفسى بعد حادثة مرعبة – وتفرقوا فى البلاد وأدرك العم حسنين أنه لن يستطع صبرا على أن يعيش مع ابنه محمد دون أن يرعاهما أحد لذا فكر وأمعن التفكير فى خيارين لا ثالث بينهما اما الأول فهو تصفية أمواله وأملاكه فى البلدة ليعيش مع إحدى بناته أو ابنه الأصغر لكنه أعرض عن هذه الفكرة بعد تفكيره فيما قد ينجم إذا عاش مع أحد بنيه وأما الخيار الثانى فكان زواجه من إحدى الأرامل اللائى يعرفهن وهو ما اختاره إذ سرعان ما تبلورت الفكرة فى نفسه واختار إحداهن وهى أمينة زوجة حسين عبده يرحمه الله ومن ثم بعث يستشير أولاده فى الأمر فوافقوا كلهم وفى فترة قصيرة كان قد أعد العدة ورتب نفسه فذهب إلى بيت أمينة فقرع الباب ففتحت له الباب ورحبت به ترحيبا شديدا ودعته للدخول فدخل وجلس على الكنبة ملقيا السلام وقد حرص أن يكون على مبعدة منها فابتدرته قائلة خير يا شيخ حسنين فرد وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة خير إن شاء الله خير وعند ذلك دخلت فتاة يافعة تجاوزت العشرين بسبع أو ثمان سنوات تحمل صينية الشاى فوضعتها وانصرفت على عجل وقد توردت وجنتيها عندما رأته
أخذت الفتاة من حسنين لبه وعزفت على أوتار قلبه فلم يعى إلا وهو يقول لأمها :أنا طالب يد وفاء فردت أمينة وقطبت جبينها لكن يا شيخ حسنين البنت سنها صغير والفرق بينكم كبير فى السن فأجابها قائلا يا حاجة السن ليست مقياس والحمد لله المال موفور والعافية موجودة وستكون عندى فى أمان وكل حقوقها ستأخذها فردت ووجهها ما يزال على حالته لكن يا شيخ حسنين كل أم تخاف على ابنتها وتحب تضمن لها مستقبلها ولا مؤاخذة أنا خائفة على ابنتى من الفتنة والشيوخ الكبار كما تعرف زاهدين فى الدنيا ومشكلة محمد مشكلة كبيرة لأنه ممكن يعتدى عليها فأجاب قائلا إن كان على محمد فالمشكلة بسيطة يعيش فى جنب من البيت فردت عليه إن كان هذا صحيح فأنا موافقة لكن البنت لها رأيها فأجاب وقد تهلل وجهه إذن خذى رأيها فقامت إليها ودخلت عليها وقالت لها إن الشيخ حسنين أتى ليتزوجها فوافقت الفتاة من توها فتعجبت الأم من ذلك فكيف تفضل رجل أيام عمره فى الدنيا محدود على شباب يتمنون التراب الذى تمشى عليه وينتظرون إشارة من إصبعها الصغير كيف تفضل رجل أوهنته الأيام على شباب ما زالوا فى عنفوان قوتهم أسئلة كثيرة دارت فى عقل الأم التى شدهت من رأى ابنتها
بعدها قامت إلى حسنين ونقلت إليه رأى ابنتها بأمانة فما إن سمعه حتى اهتز كيانه واضطربت مشاعره فلم يشعر إلا ويده ممدودة إلى الأم وهو يقول فلنقرأ الفاتحة ونتفق على كل شىء الآن فاتفقا على كل شىء وحددا موعد البناء بها
ولكن نشأت مشكلة بين حسنين والحاجة أمينة هى هل يكون الزواج سرى بمعنى ألا يكون هناك مظاهر الفرح لأن حسنين كبر على هذه المظهريات لكن الحاجة أمينة أصرت على أن تجرى المظاهر بكاملها فلم يسع حسنين إلا الموافقة
كانت وفاء الإبنة المدللة مع أنها ليست الصغرى فلم يكن أبيها يجعلها تخرج من البيت إلا عند الضرورة وعلى العكس كانت الصغرى إخلاص التى كانت تذهب إلى الحقل وتعمل فى فلاحة الأرض مع أبيها لذا تعلمت شىء من العمل أما وفاء فكانت على نيتها ساذجة فكلما جاء خاطب يخطبها بكت وآنت فكانت بريئة طاهرة لا تعرف شىء كأنها مولودة لتوها من بطن أمها لذا فهى اختارت حسنين ليعوضها عن حنان أبيها الذى اختاره الله إلى جواره .
وفى شهر كان كل شىء قد تم وبنى بها حسنين ومارس معها حقوقه الزوجية لكنها لم تفطن لهذه الحقوق إلا بعد تفكير فهى لم تتزوجه إلا ليعوضها عن حنان أبيها بالحب الذى يغمرها به لا لكى يباشرها ،لقد كانت تربيتها قاصرة حيث جعلها أبيها بحبه لها وعدم إخراجها من البيت إلا قليلا منطوية على نفسها غير متفهمة إلا لمفهومين أو ثلاث هم الأب والأم والأقارب والإخوة لهذا هيأت نفسها على أن كل إنسان إما أبيها أو أمها أو أختها أو أخيها أو عمها أو خالها إلى آخر الأقارب ولقد فطن حسنين إلى هذه الحقيقة فحاول جاهدا أن يغير مفاهيمها القاصرة عن طريق الأمثلة المقربة مثل أختها وصويحباتها وفى أثناء ذلك حملت من حسنين فبدأ نظرة أولاده تتغير عندما علموا بحملها فقد كانت أنفسهم مشغولة بعيدة عما يشغل أبيهم الذى كاد أن يفنيه الدهر فلقد كانوا ينظرون من ناحية المادة فتنكبوا السبيل وتفرقوا ولقد كان هذا الحمل قنبلة فتيلها ساعة المخاض لكن إرادة الله سبحانه وتعالى أرادها ألا تنفجر فمات المولود بعد دقيقات من ولادته .
كان حسنين يتقى شر أولاده بما يبعثه إليهم من أموال كى ترتاح نفوسهم التى أقفرت من الحب ونضب معينها من البر والإحسان والعطف وكى تهدأ خواطرهم التى تذهب بهم كل مذهب شيطانى فلقد أبانت الأموال عن حسنين أولاده وعزبتهم عنه فأرته مبلغ جشعهم وتعطشهم على المال وسوء نيتهم تجاهه لقد أدرك أنه كان فى سبات عميق عنهم فلقد تنهنه عنهم أياما طوالا وأعطاهم ولم ينتظر الشكر وآثرهم على نفسه التى حرمها كثيرا من أجلهم .
أفبعد هذا يظهرون ما بطن ويضمرون الحقد عليه وعلى زوجته إنه يعرف داء أولاده ودوائهم ولو أراد أن يجعلهم يقبلون عليه فيقبلون يده ويستعطفونه لفعل لكنه لا يحب أن يراهم فى تلك الصورة المخزية فإن نفاقهم ومداهنتهم له أفضل من ذاك الموقف فهو يأنف أن يصنع ذلك ويتوسم أن يزول تصدع العلاقات بينه وبين أولاده .
اضطربت واضطرمت المشاعر فى صدر حسنين فجلس يواسى زوجته ويستحثها على الصبر ويذكرها بأن العمر ممتد وينصف أولاده عندها حتى لا تمجهم لكنها وعت الحقيقة ولم تضمر لهم إلا كل حب وكان من فرط حبها لهم تسأل حسنين عن أحوالهم يوميا فكان ذلك يثلج صدر حسنين ويزيد ازدراء لأولاده فتلك التى يضمرون لها الشر ويتمنون لها الموت تطمئن على أحوالهم وتسأله عن أحوالهم وتطلب منه أن يغفر لهم سقطاتهم ويعفو عما بدر منهم .
وإذا بالزمن يمر مرور الكرام لكن فجأة ألمت بالبنت الوسطى مصيبة فقد حكم على زوجها بسبع سنوات سجن نتيجة اختلاسه من أموال الشركة التى يعمل بها فعمل حسنين جاهدا على توفير ما يلزم ابنته وأولادها فى بلد زوجها لكنه رأى أن تكون ابنته وأولادها تحت رعايته فاشترى لها بيتا خاصا بها ونقل أولادها لمدارس البلدة وخصص لها كل أول شهر راتب تتقاضاه منه وكانت وفاء أثناء ذلك تذهب دون علمه إلى ابنته زهرة وتعطيها نصف مصروفها مساعدة منها لها فنمت خلال ذلك علاقة حب وطيدة بين وفاء وزهيرة الابنة الوسطى زال معها ما كانت تضمره زهيرة لها واحتل مكانه تبادل المشاعر ود بود وعطف بعطف .
عندما مات المولود عادت العلاقات كما كانت بين الأب وأبنائه وعاد الجو إلى صفائه الذى كدره ذاك المولود لكن الجو ما لبث أن عاد كما كان غيوم وعواصف ورياح عندما حملت وفاء ثانية حيث ساءت العلاقة مع الأبناء عدا زهيرة ومحمد فحز ذلك فى نفس حسنين فبدأ يعيد التفكير فى هذا الزواج فذهبت به الأقوال كل مذهب ولعب الشيطان على لبه فأهاج صدره وأوغره على أبنائه لكنه ما لبث أن استغفر الله واستعاذ به من الشيطان الرجيم وبعد عنت شديد وضعت وفاء بنتا ففرح حسنين فرحا شديدا فلعل مجيئها بنتا يقيم ما انقطع من علاقة بأختيها وأخيها
حفف حسنين البنت بسياج من الحب الذى قرا فى قلبه فانصرف عن مشاغل الحياة ملاعبا ابنته حاملا لها لكن الله لم يشأ أن تعيش البنت أكثر من شهرين فتوفيت وكأن الموت قد خلع من وفاء أوتار قلبها وكواها بنار من نوع خاص ليس لها دخان ولا لهب لكنه أقوى من النار المتأججة فأمست ليلتين قبل أن تقوم من ذهولها لكن حسنين لم يفعل مثل ما فعلت لأنه رجل ملأ الإيمان قلبه عارف لقدرة الله ومشيئته التى لا ترد لكنه حاول أن يضمد جراح زوجته النفسية حتى لا تظل فى ذهولها الكريه فتلمس الطريق الصحيح للعلاج وهو قراءة القرآن معها وقد أعادت لها رشدها وثبت قلبها على الإيمان بمشيئة الله .
هتك موت البنت كما هتك موت الولد مدى شطط الأبناء الذى خدعهم بريق المال وأحنقهم على والدهم الذى لم يرتكب ذنبا فى حقهم بزواجه لذا عاف حسنين أن تكون علاقته بأبنائه كالبيت الخاوى على عروشه بالرغم مما كان يتلجلج فى صدره ويدور فى قلبه فتلمس السبيل الذى يجعل أبنائه غير سادرين فى غيهم ويرجعهم إلى حظيرته التى هربوا منها فلم يجد إلا ما كان قد فكر فيه فى الماضى وهو أن يقطع عنهم الأموال فلقد فاض الكيل وطفح ولابد من منقذ ينقذ الموقف –وما أدب إلا أدب القرش – كى يهدأ البال ويسكن الروع وقرر حسنين الأمر ونفذ فقطع عنهم المال شهرا فنكصوا على أعقابهم يتلمسون الطريق على قلبه كى ينالوا رضاه لكنه استرضاء نفاق فقلد جاءوا مكرهين أنفسهم على هذا الفعل حتى ترجع الأمور إلى سيرتها الأولى
لقد نشبت المداهنة أظافرها وأنيابها فى كل مكان فى الحياة –مما أعلى أناس وجعلهم يجلسون فى الصف الأول من الشعب وأحط من قدر الناس الذين يجب أن يجلسوا فى الصف الأول وليس الخير – حيث قلبت الآية بسبب النفوس الآمارة بالسوء التى طوع لها شيطانها الأسباب كى تقوم بإفساد الخلق وإن كانت سنة الله فى أرضه هى دفع الناس لبعضهم البعض كى تستمر الحياة فإن الفساد من محييات الأرض لأن كثير من الناس لا يقتنع بكلام الدين وإنما بالتجربة الذى لا يكذب بها فؤاده بها أبدا .
كان حسنين يعرف أن الحب لا يباع ولا يشترى وكذلك المقت لأن إذا المقت قر فى القلب لم يخرج بمال أو توسل وإنما بالإيمان بالله وأن المال لا يستل سخيمة ولكن يولد ضغينة ويغل القلوب فى نطاق سودادى لذا لم يخيب أمل أولاده فيه فأعطاهم المال بعد أن قرعهم بكلام أمضهم ولم يلوى إلى أن أمهم هى زوجته التى عاش معها سنى كثيرة ولم يستح لكى يخرج ما كظمه من الغيظ خلال سنتين يعلم الله وحده أنه كان فى بعض الليالى لا يرقأ له دمع ولا يسوغ له طعام ولا شراب وعلى الجانب الأخر وجلت قلوب الأبناء من أن يصفر يده عنهم ويتنصل من دفع الأموال لهم انشغال باطل فقلد ألفوا حاجة أبيهم إليهم لكنه انشغال عقيم لا يلد إلا مثله ومضت الأيام وتعاقبت والعلاقة ما زالت متصدعة وتصدعت أكثر وأكثر عندما حملت وفاء للمرة الثالثة ولاقت فيه عنت شديد ذاقت فيه الأمرين مر الكره ومر الألم ومرت الأيام والأوجاع تتزايد على وفاء وحسنين يحاول أن يخفف عنها وطأة الألم ويسرى عنها الهم لكن أنى له ذلك والله لم يشأ؟فلقد جلب لها مهرة الأطباء فلم ينفع الدواء فى علاج الداء إذا ما ذنبه يحس أن كل نظرة من عينيها سهما يخترق جسده وحربة تنشب بين أضلاعه إن نظراتها تصيبه بعقدة الذنب تصيبه بالدوار واكآبة والغثيان .
كانت أمها فى ذلك الحين تزور أختها إخلاص فى القاهرة عند زوجها ولما رجعت وعلمت بمرض ابنتها عاودتها فروت ابنتها لها كم من الأطباء جاءوا لمداوتها ولم يفلحوا فوجلت الأم وعرضت عليها أن تعمل لها حجاب أو تعويذة عند الشيخ كامل المشعوذ الدجال أو تعمل لها زار محرم فى البيت فرفضت واقترب موعد الوضع واعترى وفاء خور شديد فتبدل لونها فأصابها الهزال الشديد فلم تقو معه على الحركة فأفل جمالها وخبا جسمها فبدت كهيكل عظمى يغطيه الجلد وتسرى فيه النفس
ألفى حسنين أن الزهرة اليانعة بدأت تذبل وتذهب رائحتها معها فبادر بالإتيان بعدد من الأطباء فى وقت واحد ونقلها لعيادات ومستشفيات الكثير منهم لكن الله قد غل الدواء عن معالجة الداء وجعل من كل مدخل للعلاج مدخل جديد للمرض فلم يبق بعد ذلك إلا الأمل فى أن يشفيها الله ويبرأ سقمها وجاءت لحظات الوضع رهيبة كانت أمها وحسنين قلوبهم كأنهم يحملونها على أكفهم كانت نفسها تصرخ لما هذا؟
لم يطق حسنين الانتظار بل سارع بالخروج يهيم على وجهه وهو يشعر أن الجو قد تحول إلى شعلة نار متقدة تذوى فيها أعضائه أحس أن الأرض قد أطلقت ما فى باطنها من حرارة وأن الشمس نزلت على الأرض أحس أن جسمه أثقل من الفيل لكن عندما سمع آذان الصلاة أصبح لديه شعور أن النار المتقدة تخبو شيئا فشىء وأن أعضائه بدأت تعود إليه وعقله بدأ يعود إليه أحس أن النسائم التى تهب عليه من كل جانب تمحو ما فى نفسه من مخاوف وظنون كأنها بلسم يداوى علل النفس ويد حانية تربت على ظهره وعطرا يمل صدره وكأنها شبع بعد طول جوع وارتواء بعد طول ظمأ ونورا بعد ظلام دامس وتوبة بعد معاصى عديدة وراحة بعد كلل وسرور بعد حزن أشياء كثيرة شعر بها وهو يسمع الآذان يدوى فى الآفاق لينبه المسلمين للسعى إلى ذكر الله شعر أنه ولد من جديد فحث الخطى نحو الجامع ليصلى فصلى وبعدها أحس أن نورا يغمره ويزيل ما فى نفسه من أوهام وما فى جسمه من أوجاع .
بعد أن فرغ حسنين من صلاته ضرع إلى الله وقلبه يكاد ينفطر على زوجته التى تلد وتتلاحاه الخواطر فبخع نحيبه وعلا حتى أقبل المصلون إليه يسألونه عن سبب البكاء فخرج على عجل ونياط قلبه تتهدج وأطرافه ترجف وهو يتمتم بالدعاء يا رب لم أنى فى طاعتك ولم أكن كنود لنعمائك ولم أتمنى التوقل إلى مناصب دنيوية حرمت على نفسى ما حرمت وحللت لها ما حللت يا رب يا سامع نفثات القلوب المكلومة والزفرات اللاهبة خفف عنها فأنت تعرف وغيرك لا يعرف ما يجول بصدرى الكليم
استمر يتمتم بالدعاء حتى وصل للبيت وسمع الزغاريد ترج جنبات البيت فتآشب الفرح بالحزن وولجد إلى الداخل وأقبل على زوجته يبث فيها الفرح وهى تبشره بذكر فيرد المهم أنك بخير .
ودارت الأيام وارتكس أولاده إلى الحرد وتقضبت حبال الوصل وأسفرت النفوس عن وجهها الحقيقى ولم تن فى المطالبة بالمزيد وكند الوالد وقلى لزوجته وتمنى الموت لأخيهم الصغير كما شموا إلى حين أبيهم وحسنين يستك من مطالبهم ويتبرم من سخافتهم لكنه يطى عليهم ويتلاحاه الهوى والبعد وخافقه يتلظى ويطمع أن تتنزى دوافع الرحمة الكامنة فى أنفسهم الآمارة بالسوء وأخيرا فكر وأمعن فى التفكير ووقف على فكرة يمجها ولكنها ستوقف توقل غى أبنائه الغافلين ولكنها على كل حال آينق من أن تستعر نار الحقد فى قلوبهم ولم يتبازخ حسنين فى أن يبعث إلى أولاده الخطابات كى يحضروا لمناقشة مشكلة الحقد الأسود الذى ملأ قلوبهم وأعمى أبصارهم وحدد فى الخطابات يوم يجيئون فيه وفى المدة قبل مجيئهم عاش حسنين أياما سعيدة حزينة معا فكان كمن بين حوت ودرفيل أحدهم يريد ابتلاعه والآخر يريد إنقاذه لذا عاش خلال هذه المدة فى حوار داخلى مع نفسه يخطط ويدير الفكرة فى عقله مرات ومرات حتى يغلب على قلبه أنها الصائبة لا غيرها لكنه لم ينصرف عن شئون البيت والعمل كليا فجاء للولد بما يلزمه وكان فى نفسه أن كل اللازم ليس الملابس واللعب والأشياء الظاهرة بل الحب والحنان كل الحب والحنان .
كان يجلس مع زوجته يبثها شجوه وشجنه والبوادر تسيل من عينيه مدرارا كان يرتمى فى أحضانها كطفل صغير يشب على صدرها كى يسمع نبضات القلب التى هى كالدواء وهى تستمع إليه وتحنو وتجيل يديها على ظهره وهو يقول لها :
اعذرينى لم يعد فى قاموسى اللغوى كلام إلا كلام الشكوى والحزن لقد مات كلام الحب بعد كل هذا الحقد الأسود من أعز الناس على قلبى لكنه مؤقت وحتما سيعود كى نحيى جميعا فى الحب وللحب اعذرينى فدب الآثام أقوى من الحب فهو كثرة اصبرى فهذا طريقنا كتب علينا أن نسيره فتجيبه وهى تجيل يديها فى شعر رأسه الأبيض :
بعد هذه العشرة التى عشتها معك فى الحب والهناء تقول هذا الكلام أنا معك ولو ظللت تشتكى إلى أخر يوم فى عمرى أنا معك ولو بلغت الدنيا مبلغا بنا
فلم يسع حسنين أن يجيب ولكن دموعه كانت جوابه
وجاء اليوم المحدد وأقبل الأبناء بأزواجهم وأولادهم فاستقبلهم حسنين وزوجته استقبالا عظيما ولم يشأ أن يفاتحهم فى الموضوع إلا بعد أن يستريحوا هم وعائلاتهم وبدأ يلمح تلميحا بسيطا فى أحاديثه معهم ومر يومان فأصابهم القلق وأحس هو بقلقهم فجمعهم فقال لهم قبل أن نتحدث فى الموضوع يجب أن نصلى سويا فوافقوا متبرمين وصلى بهم وبعد الصلاة وقبل أن يبدأ يتحدث معهم طلب من وفاء أن تذهب لحجرتها كى ترعى وليدها ثم قال :
هناك مثل يقول إن النار إن لم تجد من تأكله أكلت نفسها وأنا لست مستعدا لأن أكون تلك النار التى تأكل نفسها ثم إنى لا أضى أن أطبق عليكم سياسة جوع كلبك يتبعك لأنكم لستم أعدائى وإنما أبنائى وأنتم اتبعتم معى أقسى جباية لحبى لكم وهى طلب المال من غير أن تعطوا شيئا حتى الكلمة الحلة والبسمة منعتوها عنى ومع ذلك أعطيتكم ولم أبخل ولم أضن عليكم بشىء مهما أجهدنى طلبه وغلا على ثمنه وتستغلون نقطة الضعف هذه ضدى ومع ذلك أعطيكم ولكنى قررت قرارا سيغير مصير حياتكم إما إلى سعادة أو جحيم فقاطعوه جميعا فى صوت واحد وهم متغيرى الوجوه ما هو ؟ابتلع ريقه وأخذ نفسه واستجمع قواه ثم قال صلوا على النبى عليه الصلاة والسلام فردوا عليه ألف صلاة وسلام فأكمل حديثه قائلا إن لم ينصلح حالكم معى وتتبدل نظم حياتكم قررت أن أكتب الميراث كله لوفاء وابنها ومع إن هذا جحود لكم لكنى لا أنكر أن لكم حق لكنكم أنت ستدفعوننى لذلك وبذلك أكون قد خسرتكم
صوبت الأنظار نحوه فى حدة وقسوة فغض عنهم طرفه الكليل قائلا ستقولون أن بى مس من جنون لكن لا والله ما بى من ذلك من شىء لكنى فى كامل قوتى العقلية فرد ابنه سعيد يا أبى ما تقصد بصلاح حالنا وتبديل نظم حياتنا فرد وهو يحك ذقنه بيديه قبل أن أجيب على سؤالك أجب عن هذا السؤال ما قصدى من وراء دعوتكم للصلاة ؟فرد لا أعرف فأجاب حسنين قائلا دعوتكم للصلاة كى أختبر مدى صلتكم بالله فظهر على وجوهكم التأفف والاستكاك والضجر كأن الصلاة هذه ليست من دينكم الذى تؤمنون به وكأنه لا يوجد إله حتى وأنتم تصلون خلفى رأيتكم من بين رجلى وراقبتكم فرأيت ما تبكى عليه العيون من الدمع والدم ووجدت نفوسكم قد شاخت وجدت عالمكم الشهوات ولا أقصد بانصلاح حالكم الصلاة وإنما كل شىء خاصة صلة الرحم أما تبدل نظم حياتكم فقصدت به ذلك الإسراف بغير وعى والطلب عند اللازم وغير اللازم قصدت فلذات أكبادكم أولادكم فى لباسهم وتخلف نفوسهم وفساد طويتها كأنى علمتكم ولم تعلموا شيئا وعدتم أغبياء فماذا أقول بعد هذا؟
قاطعه زوج ابنته الكبرى قائلا يا عمى حدد ما تريد ونحن ننفذه
فرد قائلا أريد الحب أريدكم أن تعرفوا أن الكنز الذى تغرفون منه سينضب فى يوم ما ولكن ماذا ستفعلون ساعتها بالقطع لن تشحذوا ولن تكدوا لأنكم لم تتعودا على الكد لأنكم مازلتم أطفال تعودتم أن تأتى لكم الأشياء وسيدفعكم هذا للنصب والاحتيال فرد سعيد وهو عابس الوجه لما تتصور يا أبى إننا أطفال إنا لنا حق عليك ولك حق علينا لكنك عودتنا على الأخذ دوما بلا عطاء
فرد حسنين لكن الإنسان عنده شىء اسمه الشعور وإذا فقده أصبح كأنه غير موجود أفبعد هذا الكلام لا تفهمون؟ لكن من الممكن أن تقولوا لى سنفعل بالألسنة لا القلوب وأنا ليس لى إلا الظاهر وأما الباطن فالله يعلمه كالظاهر لذا فسأربطكم بعهد الله وهذا هو المصحف وأخرج المصحف من جيبه لتقسموا على أن من يحيد منكم عن الجادة يسقط ميراثه
بدأ الجميع يتحاورون بالعيون ثم أجمعوا وكأنهم نفس واحدة على أن يجعل لهم فرص عدة كما فى المدرسة عندما يطلب التلميذ أن يعطيه المعلم فرصة للمذاكرة ثم يتكرر نفس الوعد
تكلم زوج ابنته الكبرى باسمهم جميعا فقال يا عمى أعطنا فرص بعد العهد يعنى إذا أخطأ أحدنا تسامحه هذه المرة وتعطيه فرصة أخرى فقال له حسنين اقسموا وقدم لهم المصحف فأقسموا على الوفاء بالعهد وعدم النكوص عنه وبعد هذا مضى كل منهم مصاحبا عائلته للبلد التى يعيش فيها بعد أن سكن قلب حسنين واطمأن للعهد
بعد ذلك انداجت أسارير حسنين وكشر فى وجه وفاء قائلا :
الحمد لله لقد نفسى ووقيتك بهذا القسم من حقد الأولاد .
بعد انقضاء هذه الزيارة كان الأبناء يطون إلى وكرهم الرءوم كل فترة حتى لا تسهو عن واجب عليها واجب تشتاق النفس وتتواق إلى القيام به حتى تمنع غضب الرب وترضى نفسها المجبولة على الخير وكان حسنين وزوجته وفاء وابنهم يحيون حياة كلها حب لا ينقطع عنه حرارة ودفء وحنان يملأ الصدر وشوق دائم وقر فى القلب وأحاطته شوامخ لا تقتلع تحميه من غدر الأيام ونوائب المستقبل وبينما هم فى الحب والسعادة يهيمون حتى مرض حسنين مرضا خفيفا عاوده عدة مرات حتى وقع فريسة سائغة للمرض فشل ذراعه الأيمن ورجله فجلست وفاء بجانبه وقلبها منفطر على زوج مهيض الجسد وطفل صغير جلست والبوادر لا تنى عن الانهمار حتى بلل ملابسها وشكل على وجهها شبكة من تقاطع الدموع مع بعضها وبينما هى غارقة فى البكاء استك حسنين من الأنين وطلب منها أن تتنهنه عن البكاء قائلا ما قدر الله كان وما لم يقدر لم يكن هذه مشيئته جل وعلا فلا تبكى بل قومى فلا يبكى إلا البليه
ردت وهى تمسح دموعها بقبضة يدها ما ذنب الولد وما ذنبى وما ذنبك فى أن يفعل الله بنا هذا ؟فرد وهو يربت على ظهرها ما زلت لا تفهمين أن الله يريد أن يختبر إيماننا وله فى ذلك طرق وحكم لا يعلمها إلا هو جلت قدرته فاصبرى فلكل صبر نهاية
لم تزد وفاء على أن قامت فحملت الولد وقبلته وأعطته لأبيه كى يقبله ويضمه إلى صدره الذى أنهكه الشلل
بعد ذلك شمرت وفاء عن ساعديها كى تعمل على راحة حسنين وتعتنى بابنها الصغير وما إن علم الأبناء بذلك حتى حطت رحالهم عند أبيهم يعادونه ويبثون فيه نفس المقاومة ويدعون الله أن يبرئه من المرض وأن يطيل عمره وبعد أن كانوا يحطون رحالهم كل شهر أصبحت تحط كل أسبوع حتى تمتلأ العين منه وتستعيد القلوب راحتها وقيضت وفاء نفسها على الوضع الجديد وجشمت نفسها ما لا طاقة لها به حتى أصبحت كالبلسم فلقد تغلبت على نفسها وحزمتها عندما أصبح حسنين غير قادر على مباضعتها وهى من هى خلقة جمالا وشبابا يموج جسدها بالحيوية والنشاط لقد فكرت كثيرا واستكت نفسها من الإنشغال فلقد ظلت عدة أيام تتحرق شوقا للمباشرة وزين لها الشيطان خلالها أن تخون زوجهاولكنها كانت تنجذب إلى زوجها بدافع دفاق لا تعرف مصدره بيد أن الأيام الخوالى تترائى أمامها وقلبها يكاد يثب من موضعه وتكاد نياطه أن تتقطع ووجهها يعلوه الاصفرار وتصيبه الرعشة ونفسها فى عرك كشقى الرحى لكن شيطانها استمر فى الضرب على الوتر الحساس فى النفس ويتسلل لها ينفخ فيها من سمومه حتى يتقد الجسد وتتصور النفس عمل أشياء هى فى الحقيقة دنس يستحق إزهاق النفس وسحق الجسد وبعد جلسات مع النفس التى جبلت على عمل الخير أحست أن إنشغالها ذهب بعيدا جدا إنشغال كان سيغير مجرى حياتها تغييرا جذريا انشغال كان سيسبب خيانة لله وللزوج وللابن انشغال كان سيسجنها فى سجن بلا أسوار يلفح الوجه ويحرق الجسد يجعل الأرض تتنكر للإنسان تضيق وتقبض على الأضلاع بقسوة وتضغط على الجسم بعنف وشدة وقد نتج عن الإنشغال قلة الاتصال بناس وعدم وجود جارات غير واحدة تشارك زوجها العمل فى البقالة مما جعلها فى حوار مستمر مع نفسها سبب لها القلق ومما زاد القلق مرض حسنين الذى يكاد يكون الصلة الوحيدة لها مع الناس
كان حسنين يعرف مدى معانتها من جراء ذلك وكانت عينيه تنطق بما عجز عنه لسانه ولكن حسنين رفض أن يكون جليس الفراش فقاوم ولم يقتنع أبدا بأن يحرم من حرية الحركة وهو على قيد الحياة ،لما يعيش إن لم يعامل الناس يشاهدهم يتحدث معهم يصلى معهم وكانت الصلاة تؤرق حسنين وتجعله يسهد حتى ينام وهو جالس فهو لا يريد أن يضيف عبء جديد على وفاء ويريد أن يرضى نفسه بالصلاة فى المسجد وفجأة انهارت مقاومته لكن رضا نفسه غلبه على رضا وفاء لذا فكان على وفاء أن تسانده إلى المسجد وهو ما لا طاقة لها به ولكنها فعلت وأحس حسنين بثقل العب الواقع على وفاء فقصر ذهابه على يوم الجمعة وكان يصلى بقية الصلوات فى البيت ولم يكد حسنين يسلخ عامه الثانى حتى بخع عليه المرض فأصبح هناك فى البيت طبيب يكشف عليه أسبوعيا حتى مل العلاج والأطباء وأصبح يتجرع مرارة المضض فى صمت ووفاء حائرة متهدجة القلب لا يرقأ لها دمع تكاد دمائها تنبجس من عروقها ونفسها أصبحت تحمل عب أكبر من الأرض أصبحت ترتجف مع كل بكاء لصغيرها ترتعب فى نفسها عند سماع آهات زوجها أصبحت كأنها من طالبى الموت
بدأ حسنين يضيق صدرا بالحياة ويتمنى فى كل لحظة الموت لأن الحياة أصبحت رتيبة نوم كثير وحديث قليل ودواء بميعاد ضل الطريق وابن صغير وزوجة أنهكها التفرغ للزوج والابن والابن المجنون وجلوس طويل لا قراءة فى الكتب طويلة ولا حديث مع الخلان 000ولا 000ولا 000إلخ .
ولج حسنين إلى انشغال جديد فلقد بدأ يفكر فى أن يطلق وفاء من أجل أن يسعدها لكن من يخدمه وابنه فلذة كبده أيتركه لغريب يتجهمه ومحمد من يرعاه ولم يستطع أن يخفى الأمر عنها فبادرها قائلا :
اسمعى يا بنت الناس أنا أعرف إنك متضررة من هذا الوضع فقاطعته قائلة ومن قال إنى متضررة فقال أنا عندى إحساس ومدرك لأحاسيسك فردت وهى تقبله فى جبهته وهل قلت لك أنى تضايقت من الحياة معك فرد محتدا من حقك أن تطلبى منى الطلاق لأنى لم أعد قادر على أن أنظر فى عينيك لأنهما تنطقان بما عجز عنه اللسان إنك صغيرة أريدك أن تستمتعى بحياتك فلا تضيعى وقتك هباء فردت وقد علا صوتها كأنه صراخ مجنون مجنون وابننا أين يذهب أنت تهذى أطلبتها منك منذ شللت أظهر على التأفف وأنا أرقد بجانبك أأثرتك مرة إنى من يومها وأنا حريصة على مشاعرك نعم خضعت لك بالقول ولكن ليس من باب الشهوة بل من باب عدم الملل والخوف عليك فرد وقد عبس وجهه لأول مرة ترفعى صوتك على وتسبينى فردت قائلة مضطرة كى أدافع عن حقى وقد قلت لى أنه ما ضاع حق ورائه مطالب به وقلت أيضا أن التخمين قد يخطىء وقد يصيب وإحساسك قد خمن خطأ فرد والدموع تملأ عينيه سامحينى فردت بل سامحنى أنت واحتضنته كطفل صغير طال غيابه عن أمه فى عالم حياته منصبة على المال والجسم يعبأ الملهوف منه ويذوق عاشق الأجساد كم كبير عالم فقير العاطفة يسير كالترس وبين أهله صلة رحم عالم امتلأ بالجرائم التى تنزف فيها دماء المئات كل إنسان عبد نفسه إله وحاد عن نور البينات كل قال لم يعد هناك وقت لعبادة رب السموات كل نزع إلى المال والجسد ولا يريد سوى المزيد عالم باع فيه الجبناء الأقوات عالم علم ولم يتعلم وعاد جهال .
فى هذا الخضم المترع بالآلام والآمال جاء الابن قبل الأصغر سعيد يحمل إلى أبيه مطلب لم يشأ أن يدخل فيه مباشرة بل آثر المناورة لكنه طريق أرهقه فقال لأبيه أريد مئتى جنيه فرد حسنين لماذا ؟فقال وهو ينفخ ألمت بى ضائقة مالية فرد حسنين موجها إليه طرفه الكليل ألم يكفى المال الذى أبعثه لك ثم ما هى الضائقة الملمة بك؟فقال أجدد الشقة ولم تستكمل حجرتان بعد فرد حسنين المثل يقول على قد لحافك مد رجليك ثم إننى لو أعطيتك ما تطلبه سأضطر إلى أن أعطى لإخوتك البنات والولد الصغير حقهم حتى لا أكون ظالما فرد سعيد مقطبا وجهه عندى حل وسط تعطينى الفلوس مقدما للشهور الثمانية القادمة فرد حسنين وهو يبتسم وهل تضمن لى أن أعيش إلى الشهور الثمانية فرد سعيد لا ربنا يعطيك طول العمر لكن فقاطعه حسنين قائلا لكن ماذا يا سعيد المال بدأ يقل نتيجة المرض وإيراد الأرض ثابت من ثلاث سنين ثم تذكر أخيك الصغير الذى لم يتربى بعد وتربيت أنت ووجدت رعاية الأب وهو حاليا ليس له سوى أب عاجز فرد سعيد أفهم من كلامك أنك لن تعطينى فرد حسنين وهل رفضت لك طلبا ؟إننى أقول إن أضمن طريق أن تكتب لى إيصال بالفلوس فهل توافق فرد سعيد وهو يقبل يد أبيه موافق فنادى حسنين على وفاء قائلا يا وفاء هاتى ورقة وقلم وجاءت وفاء بالورقة والقلم وكتب سعيد الإيصال وأعطاه لأبيه كى يحتفظ به لحين يسدده سعيد وبعد أن أخذ سعيد الفلوس انصرف مودعا أبيه وزوجته .
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 95735
تاريخ التسجيل : 11/07/2009
العمر : 55
الموقع : مكة

https://betalla.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حكاية سر وحدتها  Empty رد: حكاية سر وحدتها

مُساهمة من طرف Admin الأحد سبتمبر 03, 2017 7:55 am

بعد خروج سعيد زاره مصطفى بن عبد المنعم الذى كال له كم كبير من القبلات والأحضان ثم بادره قائلا شغلتنا الأيام ومتاع الدنيا عنك يا شيخ حسنين فقال حسنين وهو يبتسم غيبة طويلة فعلا لكن حدثنى عن أحوال صحبتنا فرد مصطفى وهو يعدل العمامة الأحوال كما هى لم تتغير منذ إصابتك شفاك الله منها وعافاك وأحوال العالم كما هى أقوال دون أفعال فرد حسنين وما هى أخر أخبار الفكر فكما تعرف لم أعد قادر على القراءة الطويلة فرد مصطفى وهو يضحك أخر أخبار الفكر أنه لا يوجد روح وإنما توجد نفس ويوجد قلب لكل إنسان فاستوضح حسنين قائلا كيف ذلك ؟فرد مصطفى لم أكمل واكتشاف أيضا أن النفس والقلب شىء واحد وأنهما غير متجسدان فقال حسنين مستغربا والأدلة ؟فرد مصطفى نعم كان الوحى فالدليل على أن الإنسان نفس آية من سورة يوسف "وما أبرىء نفسى إن النفس لآمارة بالسوء"ودليل أن النفس والقلب الآيتان "ربكم أعلم بما فى نفوسكم "و"والله يعلم ما فى قلوبكم "والدليل على أنهما غير متجسدان أى مرئيان الآية القائلة "الله يتوفى الأنفس حين منامها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى "وعلى عدم وجود روح مجىء الروح بمعانى عدة ليس منها سر الحياة فقال حسنين وهو يحك ذقنه بيده كلام معقول زدنى أخبار فقال مصطفى مبتسما هل طلبت لى كوبا من الليمون وقبل أن يرد حسنين كانت وفاء قد أحضرت كوب الليمون فقال حسنين هذا هو الليمون زدنى فقال مصطفى وهو يقرب الكوب من فمه أمهلنى حتى أشربه فقال حسنين إذا اشرب وأنا أنتظر فقال مصطفى وهو يضع الكوب على المنضدة الحمد لله وإليك الخبر الثانى يثور سؤال فى الدوائر العلمية يقول هل تتحكم الآلة مستقبلا فى الإنسان فرد حسنين وهو يضحك بصوت عالى أتعرف أن هذا السؤال ذكرنى بالسؤال القائل هل يتحكم المخلوق فى الخالق؟كما يذكرنى بقولهم إن العقل ما هو إلا نتاج مادى صرف صنعه الجسد ثم خضع له وهو قول جانبه الصواب حيث أن أى شىء مصنوع لابد أن يكون فى أوله تفكير ثم بعد ذلك تنفيذ فقال مصطفى مبتسما كما يتنبئون بأن الغذاء الإنسانى سيكون على صورة كبسولات فرد حسنين كذب المنجمين ولو صدقوا وحتى إن صدق التنبأ فإن معنى ذلك افقاد الإنسان إحساسه نحو الطعام كما أنه تعطيل لأجهزة الجسم الإنسانى وقل إنهم سيلغون الرغبة الجنسية لدى الجنسين بواسطة بنوك الأجنة وقل ما هو أكثر فرد مصطفى ساخرا بل سيكون الإنسان أقل من الحمار سيأكل ويشرب ويباشر .
وتتالت الأيام وقد أصاب الملل من وفاء جانبا من حياتها أصبحت مقيدة بالزوج الجليس والطفل الذى أصبح يخرج فى الصباح إلى بيت جدته فلا يؤوب إلا نائما محمولا على كتفها مساء وحسنين أصاب منه اليأس مقتلا فأصبح يطلب من الله الموت كل يوم حتى يستريح ويريح من حوله فقد سبب لهم من القلق الكثير حيث تلاحتهم الآمال والآلام وكثيرا ما أصبحوا فى هم مقيم وكرب مستديم بسببه وفجأة أثناء هذا الخضم المترع باليأس نضب المال فى المصرف فلقد أعطى حسنين فأسخى بغير حساب ولم يدرى هل المال ذا بال فلم يكن يحسب أن ينضب المعين فصال وجال فى الأموال فلما أصبح لم يجد المال أوقف رواتب العيال وشرع فى بيع الأرض حتى لا يعانى من شر الأحوال واعترضت وفاء على هذا المسلك ورأت أنه بعد عامين لن يتبقى من الأرض شيئا وسيغيض بحر الفلوس فرد عليها قائلا هل ما تزالين عند حبك فردت وهى ترنو بذاكرتها للماضى وهل حبى لك يحتاج لجواب فرد وهو ينظر إلى وجهها أعرف كم سهرت من الليالى التى خلط فيها الدمع بالهم أعرف كم شرد عقلك وخفق قلبك فردت والدمع على وجهها وهل تطلب المزيد فرد وهو يربت على ظهرها أريدك فقط أن تعرفى أن على دين لك مهما فعلت لن يوفى اصبرى يا وفاء على ابتلاء الله لك بى فإن لك أجرا عنده وما عنده خير وأبقى فهل تقدرين ؟فردت وهى تمسح دموعها أقدر ذلك وأعرف أن لك دينا على فقد علمتنى الحياة بعد أن كنت سأخرج منها كما دخلتها فربت على ظهرها قائلا ليتنى ما فتحت نفسك على ما لا كنت تحبين أو تتصورين فردت قائلة بل ليت لديك فضلا من قوة تستطيع أن تعلمنى به فإن العلم ينير القلوب ويهدى النفوس ثم قامت فقبلته فى شفتيه فأحس بالرغبة قد ملكت عليه نفسه فطوقها بيده السليمة وقبلها قبلة حارة فحلت يده عنها بلطف وقالت لقد نسيت ذلك فلم تعيدنى له فقال آسف فردة قائلة وهى منفعلة من حقك أن تعمل فى ما بدا لك لكنك بهذه المحاولة ستعيد أشجانا وآلاما كان قد خبت نارها وانطفئت لنا فلما تحاول وأنت تعلم أنك غير قادر على الإكمال وقد يدفعنى عدم إكمالك إلى خيانتك وقد علمتنى أنها جزء لا يتجزأ من النفس وأن الإنسان إن لم يشبعها عن طريق شرعى فإن أى قوة غير قادرة إلا الله على منعه من إشباعها بطريق حرام فرد وهو يسدل جفنيه خجلا لا أعرف ما أقول لك إنى لا أعرف كيف أنظر لك الآن فردت قائلة بل انظر واملأ عينيك لأنك لم تفعل حراما أعرف أنك تريد أن تسعدنى وتنسينى بعض الهموم بأى طريق لكنك لم تقدر نتائج هذا الطريق جيدا فرد وهو يبتسم إذا قبلت الاعتذار فردت وهى تبتسم بل أنا التى يجب أن أعتذر لك وها أنا ذا أقبل رأسك وقبلتها ثم خرجت لتحضر الولد الغائب من عند جدته .
بعد هذا الحدث بدأ حسنين يتذكر أيامه الخالية حال زوجته الرابعة يرحمها الله حين كان يجدها فى مخدعها قد تعطرت وتكشفت وأظهرت مفاتن جسمها التى كان لا يظهر منها عند الخروج إلى الشارع سوى وجهها وتذكر أول عهده بوفاء حيث كان لا تقع عينه على شىء غير جميل سواء أكان فى البيت أم الخلق أم الجسد وهى كذلك الآن لكنها أهملت جسدها بعض الشىء من يوم أن شل أنه يتذكر أنها الزوجة الوحيدة التى لم تتزين حتى فى يوم زفافها لأن جمالها الطبيعى باهر يأخذ بالنفس من أول نظرة وفجأة تحول فكره للموت سأل نفسه هل أخاف الموت ووجد نفسه يجيب بلا تردد نعم وسأل لما أخاف فأجاب هو شىء كريه للإنسان سأل ولما هو كريه هل لأنه ألم عظيم هل لأنه خوف من العقاب بعده هل الخوف على متاع الدنيا سأل نفسه وإذا كان محتما فلما الكره وكل نفس ذائقة الموت وهو نعمة من نعم الله على الإنسان حتى لا يمل الحياة إن الموت ليس إلا ترك النفس للجسد كما تتركه عند النوم لكن عند الموت تتوقف أجهزة الجسم عن العمل وكره الموت هو اعتراض على قضاء الله والاعتراض هذا ليس من صفات المسلم ،المرض كذلك لا يشيع الوهن بالقلوب ولا يذكر المريض بالكفن بل عبرة وعظة للإنسان يثاب على الألم فيها بل هو خير كثير لا يعلمه إلا الله
تعجب حسنين من نفسه قائلا عجبا لك أيها الرجل تفكر فى المتع وقد شبعت منها حتى الغرق ثم تفكر فى كراهية الموت وقد عشت حتى فنت أجيال من قبلك ومن بعدك وقد عشت حتى مللت الحياة ولكن هذا الطفل الذى أتى بعد العجز هل يعيش من غير أب بل عدم وجودك كوجودك الآن يتساويان فلا أنت تستطيع أن تربيه أو تأمره أو تفعل معه شيئا لكن لو أن الله يعطينى فضلا من قوة حتى أبلغه مرحلة الأمان لكن لو هذه كما يتندر البعض معلقة بين السماء والأرض فلا هى طائلة الأرض أو السماء ورحم الله القائل :
ليت وهل تنفع ليت ليت شباب بوع فاشتريت
اشتدت وطأة المرض على حسنين فقد حك ذات ليلة جلد رجليه فإذا هو جرح صغير ظل يكبر ويتسع بمرور الأيام وقد ظنت وفاء أنه خدش لا يحتاج سوى لبعض المطهرات حتى يعاود حالته الأولى فلما اتسع ذهبت إلى أحد حلاقي الصحة الذى ظل يعالجه شهرا ولم يفد العلاج شيئا بل أضر بالجرح وجعله يتسع ويتعمق حتى ظهر عظم رجل حسنين ووجدت وفاء الأمر خرج عن العادى فاستدعت الطبيب الذى لامها على استقدامها الحلاق فهو ليس بعالم هل هذا جرح عادى أم ماذا وصرح لها بحقيقة الأمر وهو مرض السكر ثم كتب لها الأدوية وانصرف
أحس حسنين أن الأمر جلل فحدث وفاء قائلا ماذا قال الحكيم فردت وهى تبتسم جرح عادى أخطأ الحلاق علاجه فاسترسل حسنين فى التفكير قائلا لدى شعور أنه ليس كذلك فردت وهى تتصنع التبسم أى مريض لديه شعور بالخوف من المرض فنظر حسنين لعينيها قائلا عينيك تقولان شيئا أخر فردت قائلة وهل العيون تتحدث هى الأخرى فقال وهو يمد يده على ظهرها نعم وتتحدث أفصح من اللسان إنها مرآة القلب وليست عينك وحدها التى تقول بل جسدك كله يعبر عن حركات غير متوافقة رأسك تهتز ويديك ترتعشان وباقى جسمك يترنح فاصدقينى القول فقد عهدتك صادقة فردت والدموع قد انسابت علىوجهها ماذا أقول لك ؟رد وهو يتصنع الهدوء افصحى يا وفاء فإنى راض بحكم الله فقالت وهى تدس وجهها فى كفيها مرض جديد على مرض قديم رد قائلا الحمد لله ما هو المرض فردت وهى تهز كتفيه السكر السكر فقال وهو يبتسم قولى حسبى الله ونعم الوكيل فردت بنواح كيف ستتحمل هذا الألم فقال وهو يربت على ظهرها الصبر مفتاح الفرج فردت بحزن وصوات واه أين هو الفرج ؟فرد وهو يتذرع بالصبر ألم تسمعى هذا القول :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استوثقت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وأنا أريد الفرج راحة أبدية فردت بفزع أتعنى الموت فقال نعم
فقالت وهى تصرخ وابنك لمن تتركه أإلى قريب يتجهمه أم لبعيد يهينه فرد وهو لا يعبأ بكلامها لقد كنت أكره الموت وأنا صغير وأحيانا وأنا فى هذا المرض فأنا أحبه وأطلبه لكنى لا أجده إنه يهرب منى ويسخر منى أما ابننا فحسبك وحسبه الله فهو نعم المولى ونعم النصير فقالت أنت تهذى غير مقدر لما تقول فرد وهو يهز وأسه بل أنا فى أحسن حالاتى فردت إنى لا أتصور الحياة بدونك أنت حياتى أنا كالمركب التى بلا قائد فهى جماد لا يتحرك وأنت قائدى تحركنى وترشدنى وتتحكم فى حركتى إن الحياة بدونك ستكون سوداء والطعام سيكون حنظلا والشراب سيكون صديدا سأكون فى عذاب بدونك أتسمع فرتل قوله تعالى "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "وعند هذا ارتاحت أنفسهما .
تزايدت الآلام على حسنين فكل قطعة من جسده تئن كأنها تعزف قطعة موسيقية تفوق الموسيقى السيموفونية وحسنين لا يملك حيالها إلا الصمت فاليأس قطعة من الجمر كلما تذكرها فاضت عينيه بالدموع وهو يقول :
الأيدى لا تستحى فى المد إلى مثلها لكنك أنت خالق الأيدى ومثلها فكيف أستحى منك إنى طامع فى رحمتك لا بل فى ذرة منها لا بل أصغر ما خلقت فإن لم أطمع فى رحمتك ففيما أطمع أفى دنيا يتكالب ناسها على المتاع أم فى رضا غيرك يا رب أنت بما يتلجلج فى صدرى عالم وبما فى جسمى يارب لا أسألك رد القضاء وإنما أسالك الرضا به يا رب خفف عنى وعن كل مرضى العالمين أجمعين آمين
وأقبل الأولاد والأصدقاء يعاودون الرجل العاجز وكلما تزايدت الزيارات شعرت وفاء بقلبها ينقبض ثم يزيد وجيبه فكثرة الزيارات تذكرها بليلة موت أبيها حيث زاره ليلتها ما يقرب من عشرين شخصا ظل البعض منهم يقول إن مرت عليه الليلة سيعيش وإن لم تمر سيموت إنه هذه الزيارات تشيع فى نفسها الوهن وتذكرها بالحين ونهاية الأجل وقعد حسنين والكل يروون الملح والطرف والنكت وهو يضحك بسعة صدر ووفاء ترقبه إنها النهاية صحوة الموت وبعد انصراف الكل قال لها حسنين إن الأجل قرب ودنا صعود النفس لخالقها فقالت وفاء بألم ألا توصى للصغير بشىء فرد وهو يحمدل لا إنى أتركه لعناية الله ردت وهى متحيرة لقد نال أولادك حظهم من التربية والتعليم والزواج والمساعدة فى حياتك ولكن هذا الصغير من يقوم له بهذا اكتب له البيت فقد اشتريت لكل منهم بيت ثم إنه سيفقد حنان الأب وقد ترع أولادك منه فمن يعوضه إنه حنانك والعيش فى أحضانك لا يساويه شىء انصفه بدل من أن يكبر فلا يذكرك بخير فرد باسما كنت أفكر فى هذا فإن أصبحت أوصى له فردت الموت قد يكون أسرع منى ومنك فقاطعها فى يأس الله أعلم إنى أعترف لك بالفضل على عندما تحملتى كل هذا النصب وأدين لك بدين لا أستطيع أن أوفيه فقد تجشمت مشقة حملى أربع سنوات على أكف الراحة فقالت بتحسر سأترك لك الأمر حتى الصباح إن شاء الله ثم تركته وأخذت الولد لحجرة أخرى فأنامته وظلت طوال الليل تنتقل من حجرة الولد لحجرة حسنين تطمئن عليه وبعد طلوع الفجر كان حسنين يردد لا إله إلا الله مسلما نفسه لبارئها
لم تنهار وفاء ولم تبكى عندما مات الرجل كانت نفسها متألمة وظلت تردد آى القرآن ثم ذهبت لبيت زهيرة فأخبرتها ثم ذهبت لبيت أمها وأخذتها معها لبيت الحانوتى ومنه إلى بيت حسنين واتصلت بالهاتف بأبناء حسنين الآخرين فجاءوا على جناح السرعة وكان الأبيض قد تحول لأسود فى نفس وفاء كل شىء اسود وقد أشاع هذا الإحساس الاكتئاب فى نفسها وفى الظهيرة شيع حسنين إلى مثواه فأظلمت الدنيا فى عينى وفاء وبكت بكاء مرا لكنه قصير ثم جلست تحدث نفسها يرحمك الله يا حسنين كنت نعم الزوج ونعم الصديق كنت رجلا نادرا كنت تشد انتباهى فى الصمت فى الكلام فى محاصرتك عينيى فى دمعتى تبحث عن السر رحمك الله فقد كنت كالشجرة المورقة ترمى بثمارها الطيبة لا تكترث بما ينالك من تعب ومن عدم فهمى رحمك الله فقد ترك موتك فى قلبى جروح جديرة بألا تندمل وهل أنسى قولك لى كلما آب الألم تذكرتك كلما برحنى تذكرتك لا أعرف لذكرك عند الألم سبب إلا إنك راحتى
دعك الآن يا وفاء من هذا الكلام دعك من الحزن الذى يختال العمر وينزف الجسد دعك من القلق امنحيه اجازة مفتوحة وتخلصى من سلاسه وأغلاله دعك من كل هذا وأقبلى على رعاية الولد فالانتظار لا يجدى والزمن زمن التحدى وما تجديه الآن لا تجديه غدا يجب أن تخلعى ثوب الحداد تكسرى القيود فالدماء لا تجرى إلا فى الأحياء فالوقت ليس وقت تذكر الحبيب الذى ضحى فى الهوى ومضى على الدرب وليس وقت سؤال كيف المحبة تهون وكيف تنسى الحبيب العيون .
تركت وفاء البدع كالخميس الصغير والكبير والأربعين مما جعل بعض الناس يلوكون سيرتها بالسوء لقد اكتفت بالدعاء للرجل بالرحمة وفاجاءها أولاد حسنين باجتماعهم معها للبحث فى الميراث فبادرتهم قائلة ألا تستحون إن الرجل لم يأكله الدود بعد وتتنازعون على الميراث فهز سعيد رأسه وقال الحى أبقى من الميت فقاطعته بابتسامة ساخرة هل تعرف ماذا ترك أبوك ؟فرد بصوت عالى لقد ترك أرضا ومالا فى المصرف والبيت فنظرت له وقالت لا لقد ترك البيت فقط وقبل أن تقاطعنى والأرض أقول لك بيعت وصرفت معظم فلوسها على علاج أبوك والأموال التى فى المصرف هى مال أخيك الصغير الذى كان يأخذ مثلكم ومفكرة أبوك تقول أنك أخذت فى السنين التى عشتها مع أبوك عشرين ألف وكل أخت عشرة آلاف وعليك مئتى جنيه وفيه إيصال أمانة معى فردت زهيرة لا أحد ينكر ما قلت وإنى عليه لشهيدة وأتبرع بنصيبى فى الميراث لأخى الصغير ردا على جميلك مع أبى ومعى فقاطعها سعيد كل واحد حر فى نصيبه فقالت زهيرة بنبرة حزينة تذكر يا سعيد إن أباك قد منحنا الكثير من المال والحنان والحنان لا يساويه أى مال فقالت زينب الابنة الصغرى عيب يا سعيد لما نسيب أخوك يضيع وكلنا موجودين على وجه الحياة تذكر إن عندك عيال وكما تدين تدان فرد سعيد بصوت عالى أنا لم أظلمها أنا أطلب حقى فردت وفاء بنبرة هادئة سوف نقسم ما بقى من مال فى المصرف وكل واحد منكم يصرف على محمد أخوكم شهر أو يأخذه عنده شهر وعند هذا ظهر التأفف على وجوههم فأخيهم المجنون لم يكن فى حسبانهم فقال سعيد ندخله المصحة فقالت وفاء لا أبوكم وصانى عليه فقالت زهيرة أنا موافقة نسيبه معك وقالت زينب وأنا موافقة
بدأ الولد الصغير يدخل طور المراهقة أصبح صعب القياد عنيد يرفض النصائح يتصرف بما تمليه عليه نفسه لقد أصبح يرغب فى أن يكون رجل البيت لكنه دوما طفل يأتى آخر الليل يرتمى فى أحضان أمه يدس وجهه فى صدرها إنه يخاف من شىء لا يدرى ما هو أنه مزيج من الرجولة والطفولة رجل فى رغبته فى استقلال قراره والاعتماد على نفسه طفل فى ميله إلى أمه
وفاء مشغولة البال بهذا الطفل أنه معظم حياتها إنه لا يعى غير لعب الكرة والطعام والشراب وأن يكون رجل لا يعرف كيف يصرف عليه وكيف تدبر له النقود حتى يعيش حياة سعيدة لا يحتاج فيها لأحد إنها تناقشه فيما يرغب أن يكون طبيب أو مهندس لكنه يجيب أنا سأعمل أديب أو رياضى أو مدرس أنا لا أحب العلوم ولا الرياضيات إنها تصيبنى بالغثيان فتجيبه آه لكم تحسن عدم الاختيار لكم تخطىء فى الحكم لكن كيف تكون طبيبا أو مهندسا إذا كانت طموحاتنا تتضاد فيقول لها آه يا أمى لكم تخدعى ببريق المهنة خيالك جمح بك إلى بعيد أنت تبحثين عن سعادتى فى وادى وتجدينى أبحث عن سعادتى فى وادى فتستعطفه راجية هل لك يا بنى أن تسمع نصيحتى فيجيبها نهاية الأمر إننا نحلم وسنظل نحلم ونحن نعلم أنها أشياء غير محققة فتقول وفاء من واجبى أن أخوض معك معترك الحياة قبل أن نضيع فى زحامها يجب أن يكون لك شأن يجيبها قائلا مع العجب والإعجاب بسماعك لا أدرى ماذا أقول لم وماذا يمكن إن سمعتك ثانية تقول له يجب أن يكون ذلك الشان حقيقة لا حلم وإن كان حلم فكيف يحد الطموح الحقائق هل تتشابك الأحلام والحقائق وتكون لنا نسيج لا يدعو إلى التساؤل هل كان يجب أن نكون هكذا يجيبها أنا أحبك ولا أستطيع البعد عنك لكن هذا الطموح مغامرة خارقة للعرف إننا لابد أن نحلم حتى نعوض النقص عندنا ما الحياة إلا حلم قد يكون سعيدا ويقظة قذرة نهرب منها للحلم ونستعيض به عن مرارة الحياة نحن هاربون من الحقائق لأنها تطاردنا بالإحساس بأننا تافهين لا قيمة لنا
كلفها الولد جهدا غير قليل وفرض عليها كثيرا من القيود الثقال من حرص وحذر مما جعل الولد يشعر فى الوقت نفسه بالاطمئنان والونس فى غير حذر إليها ويفتح قلبه لها وكما فتح قلبه فتحت قلبها له فبدأ يبث لها شجوه وشجنه يعترف إنه يحب لكنه لا يذكر من يحب يقول إنه لن ينالها وهذا قدره تحدث وفاء نفسها قائلة لهفى عليك يا ولدى آمالك كبيرة إنى أخاف عليك منها إنك صغير السن كبير القلب تحب وتعشق وأنت فى الحادية عشر وتتحدث كأنك تقرأ المستقبل هل يتكرر معك ما حدث مع العشاق القدامى ولدى لا أحب أن أكدر عليك أحلامك وأنت يا حسنين مت كأنك ضيف ألم بنا ثم مضى لقد صبت المصائب علينا حتى استعبرنا باكين وتقطعت نياط قلوبنا واسترجعنا ما فات من جميل الذكريات وأسلمنا أنفسنا لله الذى خلقنا وارتعنا لفداحة مصابنا فيك وهذا ابنك كالغصن يحتاج إلى تقليم إنه يحب ويعشق أحلامه وآماله أكبر منه بكثير ولكن وآه من لكن يحتاجك يا حسنين يريد حنانك وحزمك أنه يفتقده بغيابك أنه صغير لكن الصبر دواء ولم يبق لى رجاء إلا أن أراه كما يريد هو لا كما أريد أنا إن أطياف الموت تداعبنى كل ليلة والموت غير مردود ولكن أخاف على صغيرى من غوائل الزمن ونوائب الدهر إنه لن يقف فى وجه ريح صغيرة سيقع إنه لن يتحمل شىء أريد أن أعيش له فهل يمهلنى القدر ؟أتمنى ذلك .


Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 95735
تاريخ التسجيل : 11/07/2009
العمر : 55
الموقع : مكة

https://betalla.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى