بيت الله


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بيت الله
بيت الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى ابتلاء الرجل على حسب دينه
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:38 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الكافر لا يصيبه البلاء
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:37 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى عدم تغريم من قطعت يده مال السرقة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:36 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى قتل أطفال قريظة لمجرد بلوغهم دون أن يعتدوا على المسلمين
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:35 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى علم النبى(ص) بالغيب وهو تعدد سرقات اللص رغم قطعه يديه
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:34 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى السرقة فى الخفاء
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:33 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الخائن والمنتهب والمختلس ليس عليهم قطع
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:31 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى حكم سرقة الثمر
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:30 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى وجود أجر مخصوص لليلة القدر
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:29 am من طرف Admin

» قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1اليوم في 5:13 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى قيمة المسروق الذى تقطع فيه اليد
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:27 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى قيمة المجن المسروف بالبهيمة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:26 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى مدة المطر
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:25 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فيما دافع عن السارقة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:24 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى مكان الثوب المسروق
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:23 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى حبس المتهمين
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:22 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى عقاب المالك الرامى زورا لعبده أو أمته يكون أخرويا
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:21 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى عائشة كانت المتهمة في حديث الافك
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:20 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى رفع القلم عن الأطفال
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:19 am من طرف Admin

» قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1أمس في 5:11 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى التغريب عقاب في الإسلام
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:11 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى حكم الزانى بالبهيمة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:10 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى قتل البهيمة المزنى بها
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:10 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الرجم عقاب الزناة من الرجال ببعضهم
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:09 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى جود الرجم وهو القتل بالحجارة في التوراة كعقاب على الزنى
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:08 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الجلد فوق العشرة هو عقاب لجريمة من الجرائم
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى الجماع هو إيلاج القضيب في المهبل فقط
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى فعل الرجل بالمرأة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:05 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنافض فى مكان جريمة التحرش
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 7:04 am من طرف Admin

» نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الجمعة أبريل 26, 2024 6:44 am من طرف Admin

» ما الفرق بين إبليس وشيطان ؟
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 8:06 pm من طرف Admin

» الغرق فى القرآن
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 7:07 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى من قابل المتحرش بالجارية
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:46 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى المتحرش بالجارية
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:44 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى صلاة المرأة في المسجد في الظلام
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:41 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تنا.قض أخر فى محبل الجارية
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:40 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى ا.عا.قة محبل الجارية
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:39 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى العفو عن أصحاب الهيئات عند جرائمهم
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:37 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى وجوب الستر على مرتكب الجريمة
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:36 am من طرف Admin

» من أخطاء أحاديث كتاب سنن النسائى الكبرى تناقض فى اسم المشير على ماعز بالاعتراف
حكاية موعد حدده القدر Icon_minitime1الخميس أبريل 25, 2024 5:35 am من طرف Admin

أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     

اليومية اليومية

دخول

لقد نسيت كلمة السر

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


Bookmark & Share
Bookmark & Share
Bookmark & Share

حكاية موعد حدده القدر

اذهب الى الأسفل

حكاية موعد حدده القدر Empty حكاية موعد حدده القدر

مُساهمة من طرف Admin الأحد سبتمبر 03, 2017 7:51 am

حكاية موعد حدده القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
هذه الحكاية المزجية التى امتزج فيها الخيال بالواقع هى أول حكاية كتبتها فى حياتى متأثرا فيها بحكايات يوسف جوهر وثروت أباظة فى الألفاظ
موعد حدده القدر
فى العشرين من عمره تراه كابن العاشرة،الزغب الأصفر يعلو فوديه ،يخب فى أسماله كمثل طفل صغير ارتدى سروال أبيه فالبنطلون حول خصره واسع فضفاض ولولا الحزام لانزلق ووقع كذلك السربال الذى يظهر من تحته أخر أبيض اللون،يلبس فى قدميه حذاء بنى اللون بالى ،هيكل عظمى يغطيه الجلد وتسرى فيه المنفس تحابيه إذا قلت أنه حى وتظلمه إذا قلت إنه ميت ،لم ينجح مهرة الأطباء فى علاج وهنه ونحافته إذ يعللوها بأن جسد الفتى يقطنه داء عضال وقد احتار الأطباء الذين دأب على التردد عليهم فى تشخيص الداء فالآراء متفقة على منطقة المرض ومختلفة فى تحديد نوعه شاء الله أن يسميه والده حمامه فظلم فى اسمه إذ ليس فيه منها إلا الإسم وخفة الوزن لكن إذا قارنا بينهما من حيث الحركة فهى مقارنة فى غير صالح فتانا الذى يخب فى أسماله وتكاد عظامه تنفرط داخلها من شدة الوهن لأن الحمامة تستطيع الطيران لأى مسافة طالت أم قصر مداها بينما فتانا لا تستطيع قدماه أن تحملاه لمسافة قصيرة إلا بعد لأى وتعب ودون أن يجلس ليستريح .
أصيب فى حياته القصيرة بمصائب عديدة منها فقده لوالديه فى عام واحد فقد مات الأب أولا ثم مكثت الأم بعده سبعة أشهر ثم لحقت به بعد أن ظل الحزن دفين القلب ،هكذا يختبر الله عباده ببلائهم فبعد موت الأم ورث عنها تركة مثقلة ينوء بحملها من هم فى مثل سنه فقد ورث عنها ثلاثة من الإخوة يوسف الذى يبلغ من العمر سبعة عشر عاما وزكى البالغ ثلاثة عشر عاما وصفية التى تبلغ من العمر خمسة عشر عاما فقرر أن ينذر لهم نفسه حتى يقفوا على أرجلهم فى مواجهة الحياة ولكن كيف يعولهم ويربيهم وهو غير قادر على عول نفسه؟ كيف يعولهم فى حياة تكالب الناس فيها على الغالى والرخيص وتسرب اليأس للنفوس وسرت المطامع فى صدورهم كما تسرى المياه فى مجرى ليس به عوائق ولأن الدهر ذو صروف فقد زادت نوائب فتانا نائبة أخرى إذ تخلى الأقارب عنه فلمن يشكو لغير الله الواحد القهار أيشكو لعباده الذين وقرت آذانهم ورانت الغشاوة على عيونهم وضربوا على قلوبهم بالأقفال ؟
أعياه التفكير فى أمر إخوته فقد أصبح وأمسى ليومين لا يذوق طعم النوم ولا يرى شكل الراحة يفكر كيف يصبح الصعب يسيرا والبعيد قريبا لذا أصبحت خناجر الحزن تنخر فى جسده النحيل كما ينخر الداء لقد أصبح يتبرم من هذه الحياة فعقله يستك من التفكير فهو يريد أن يعمل يريد أن ينقذ أسرة على وشك الضياع يريد أن يدرأ عنهم الخطر يريد أن يحمى إخوته من الإنحراف الذى يؤدى لطريقه المعروف لكن المرض يقف حائلا دون تحقيق ذلك ففتانا لا طاقة له بعمل الحرفيين الذى يحتاج لقوة عضلية ليست له ولكنه قطع على نفسه عهدا أن يعمل عند سنوح أول فرصة تلوح له ولاحت الفرصة له بعد يومين حيث قرأ فى إحدى الصحف إعلان مطلوب فيه عامل على الهاتف لأحد مكاتب البرق والهاتف فقرر أن يخوض التجربة فاستجمع ما بقى من قواه وتوكل على الله وقدم أوراقه فقبل بعد اجتياز الاختبارات ولم يبق إلا الفحوص الطبية التى حدد لها بعد أسبوع وبعد انتهاء الأسبوع انطلق إلى اللجنة الطبية وهناك أجريت له الفحوص التى أظهرت حقيقة مرضه فبدأ أمله يذهب أدراج الرياح لكنه وقف يشرح للأطباء حاله والدموع تنهمر من عينيه والدم يكاد ينبجس من وجهه الشاحب وجسمه يتصبب عرقا لكن الأطباء أجابوا كارهين متعاطفين معه :
إن الحالة خطيرة لا تحتمل السكوت عليها
وقام أحد الأطباء وانتحى بالفتى جانبا وأفهمه وأقنعه بخطورة مرضه وقام بإعطائه بطاقة مدون بها اسمه وعنوان عيادته كى يتردد عليه فأجابه على مضض فانصرف وهو يضرب الأرض بقدميه ولسان حاله يقول:
أيتها الأرض ابلعينى فقد ضقت بك
لما وجد فتانا نفسه مرفوض فى هذه الوظيفة اضطر لحل لم يرض عنه قط وهو عمل إخوته لا سيما أخته صفية لذا وافق على الحل وهو كاره ولأن النقود تكاد أن تنفد وماله بد من ذلك ولكنه تردد فى الموضوع الخاص بصفية كثيرا لأنه يعرف أنها ستتعرض لمضايقات ومعاكسات ممن يعملون معها لكنه وافق على عملها فعمل إخوته مع مقاول بناء أوصاه حمامه بهم خيرا .
كما حرمهم الله من والديهم من عليهم بمن اتخذهم كأولاد له وأضفى على حياتهم نوع من السرور لقد من عليهم بذلك الجار الطيب وزوجته ولأن الله هو الذى حرمهم فهو الذى أعطاهم وهكذا عاش الناس دواليك على مر العصور والدهور ومن الإنصاف أن نذكر طرفا من حياة الرجل الطيب وزوجته :
هذا الرجل طويل القامة يرتدى جلبابا بلديا وطاقية فوق رأسه وقد كان سليط اللسان أجش الصوت اسمه عبد القادر الشهير ببدر كان قبل أن يتوب ويمن الله عليه تاجر مخدرات قضى فى السجن أحد عشر عاما أما زوجته نعيمة ذات الطول الفارع والتى تظهر عليها ملامح العز فهى امرأة طيبة القلب طاهرة اللسان نظيفة اليد عاشت الحياة مع بدر بحلوها ومرها ولطالما نصحته بالبعد عن طريق الحرام الوعر لكنه لم يصغ لها فحذرته من عواقب هذه التجارة الوخيمة ودعت الله أن يمن عليه بالتوبة لكنه لم يعرها اهتماما فذهبت الدعوات أدراج الرياح وازداد فى غيه وعمل بشعار اربح بأقل جهد ممكن فكانت نتيجة عدم اكتراثه أحد عشر عاما قضاها فى السجن فكان ذلك بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير كانت ضربة قاصمة له ولنعيمة فى نفس الوقت وهكذا وجدت نعيمة نفسها تخوض غمار الحياة وتلاطم أمواجها وتصارع وحوشها من أجل أولادها فعملت فى أعمال كثيرة حتى استقر بها المقام فى تجارة البيض فكانت تدور ليلا لجمعه من معامل التفريخ والمزارع والبيوت لتبيعه نهارا ففتح الله عليها فذاقت حلاوة الدنيا بعد أن ذاقت مرارتها فربت أولادها وعلمتهم فى المدارس لكنها لم تنس فى حلبة الحياة زوجها ووفته حقه فكانت تزوره فى السجن وتلبى طلباته مع أن من حقها طلب الطلاق وكانت ما تزال شابة راغبة فى متاع الحياة ولكنها تركت المتاع من أجل أولادها ومرت الأيام وخرج عبد القادر من السجن ليجد الحياة قد تغيرت أحوالها فمكث أياما فى البيت ليسترد أنفاسه ويستعيد قواه ويفكر فيما يعمل بعد خروجه من السجن فقرر أن يعمل عملا شريفا حتى لا يرتد للماضى فشارك زوجته تجارتها بعد أن تاب توبة نصوحا وأقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يرجع مرة ثانية للحرام ففتح الله عليه أبواب الرزق فكثر المال وجرى فى يده ولكن شيطانه كان يعادوه فكان يهزمه كل مرة وأغرته كثرة المال على الزواج من أخرى غير أم أولاده فقد تعرف على ليلى ذات القد الرشيق والوجه الجميل فوجد بغيته فتنة وجمال وهى تعمل بائعة سمك وتتخذ من المهنة ستار لبيع المخدرات لتتخفى عن أعين رجال الشرطة وكثرت اللقاءات وتعددت بعد الخطبة حتى قبض عليها رجال الشرطة واعترفت وقالت :
عبد القادر شريكى وذلك حتى تخفف الحكم لكن ضميرها لامها وأنبها على سوء فعلتها فى رجل برىء كان يريد زواجها فعادت واعترفت أنه ليس شريكها وعاد عبد القادر لنعيمة مطأطأ الرأس مخذول يرجو الصفح من نعيمة ولأنها كريمة النفس صفحت عنه وغفرت له سوء فعلته التى اقترفها فى حقها وبدأت معه صفحة جديدة محيت منها آثار الماضى .
وبحكم الجيرة والعشرة وحق الجار على الجار كان على عبد القادر أن يعاون هذه الأسرة التى فقدت عائلها ثم عائلتها بما أفاء الله عليه من نعمه وفكر فى الذهاب لحمامه كى ينقذ الأسرة من الضياع وبالفعل ذهب إليه وبدأ الحديث معه قائلا :
يا بنى من شاهد بلاوى الناس هانت عليه بلواه وأنتم أحسن من ناس كتير غيركم وأنت لست بحاجة لكى أحكي لك لأنك حفظتها من كتر ما وقعت على أذنيك لكن الحمل سيخف بعد سنة يعنى على يوسف ما يتخرج .
فرد حمامه والإنفعال ظاهر على وجهه :عارف يا عمى الصبر طيب وفرج ربك قريب لكن ربنا قال اسعى يا عبد وأنا أسعى معك فكيف أسعى والصحة معدومة ؟
فقال عبد القادر وهو يحك ذقنه بيديه :يا بنى كل عقدة ولها ألف حلال وأنا عندى حل يرضيك
فرد حمامه بلهفة ما هو ؟
فقال عبد القادر وهو يتفحص وجه حمامه تحسبا للنتائج :اخوتك لا يعملوا عدا زكى
رد حمامه قائلا ولكن
فقال عبد القادر يسعفه بالحل :لا تقاطعنى أنا لم أكمل الحل صفية تقعد فى البيت معززة مكرمة ويوسف يكمل السنة دى فى المعهد وزكى يعمل فى تربية وتجارة الدواجن وسأتكفل بكل ما تحتاجون له وأنا اخترت زكى بالذات لأنه تعبان فى المدرسة ولا يعرف الألف من كوز الدره
ثم أخرج عبد القادر خمسين جنيها من جيب جلبابه ومد يده بهم لحمامه قائلا خذ هذا المبلغ راتب شهر مقدم من عمل زكى
فرد حمامه منزعجا لا لا يا عمى لن آخذ شىء مقدم
فقال عبد القادر اسمع خدهم على أنهم دين مش مرتب
فأخذهم حمامه على مضمض وانصرف عبد القادر لحال سبيله فنادى حمامه على إخوته وأخبرهم بما حدث بينه وبين عمهم عبد القادر فرحبوا بذلك
وتمر الأيام على حمامه كأنها دهور يتذكر فيها كيف كانت الأيام فى حياة والديه تمر مرور الكرام كأنها عابر سبيل وكان يشاركه فى التذكر يوسف وكانا يتذكران كيف هدمت الصورة الجميلة التى تكونت عن المستقبل ولكن المرض ازدادت وطأته على حمامه وتحامل على نفسه حتى يظهر أمام إخوته فى صحة وعافية ولكن يوسف حذره من عاقبة ذلك ولكن التحذير كان أوانه قد فات لأن حمامه وقع طريح الفراش والعم عبد القادر يأتى بالطبيب تلو الطبيب لكن الأدوية لا تسكن الألم ولا حتى تجعل حمامه يحس بالراحة والعم عبد القادر لا يغمض له جفن قبل تلبية طلباتهم ولا يألو جهدا فى إحضار الأطباء والأدوية لحمامه والجميع عيونهم ترصد المريض الراقد على السرير يتأوه وقلوبهم تتقطع حزنا عليه .
كان إمعان حمامه فى الحزن والتفكير ذريعة للمرض كى يحقق مآربه لذا سرى فى جسده مسرى النار فى الهشيم فلم يجد صعوبة تكدر صفوه ولا وجد رادع يزجره فامتقع جسده وتسربل بلون باهت الزرقة وبدت عليه أمارات الموت والطبيب القابع بجواره يتابع الموقف وهو مهموم وطبه عاجز عن إيجاد الدواء لمريضه .
داخل الجميع إحساس بأن نهاية الفتى تقترب وأن أجله يدنو وحمامه مضطجع على السرير لا يحرك ساكنا ولا ينبس ببنت شفه والجميع انساب الدمع على وجوههم ولا يعلم إلا الله ما فى قلوبهم لكن نفسه كانت قد صعدت لبارئها ولم يبق إلا الجسد ليوارى فى التراب .
انهمر الدمع من أعين الكل هتانا وولولت النسوة المجتمعة حول باب الدار وندبن حظ هذه الأسرة ولطمن خدودهن وعلا صراخهن المقيت وأصبح عويل النساء مع صراخ الفتاة وانتحاب الرجال مع دموع الأخوين مشهد يبكى صاحب القلب القاسى .
ذهب عبد القادر للمدينة واشترى الكفن ورجع به فكفنوا حمامه وشيعوه لمثواه الأخير فى جنازة مهيبة كانت قلوب من يعرفونه فيها تعتصرا ألما وتكتوى بنار الحزن من أجل هذه الأسرة .
وآب الأخوان يوسف وزكى للبيت بعد أن شيعوا الأخ الكبير فدلف يوسف لحجرة الجلوس وأكب بوجهه على الكرسى وأجهش بالبكاء لكنه أمسك بعد قليل عن البكاء فما أخيه عائد له ولا فائدة منه وقبع شارد الذهن شاحب الوجه عقله تائه فتحين شيطانه الوقت المناسب ونسج أول خيوطه حول يوسف وما إن أتم حياكة الثوب حتى داخل يوسف إحساس بأن أبويه ارتكبا جريرة كبرى كانت نتيجتها اهلاك لهما ولابنهما من بعدهما ومن يدرى فقد تكون لمن بقى من أولادهما ولكن يوسف أفاق إلى نفسه وثاب إلى رشده فمزق الثوب الذى حاكه شيطانه وعرف أن هذا قضاء الله.
الحياة فيها النوائب فهكذا ما بين يوم وليلة تجد أن الموت قد خطف عزيز منك ،هكذا يجد بعض الأطفال أنفسهم رجالا ما بين يوما وليلة سبحانك يا رب لك فى كل شىء حكمة ،إنا لله وإنا إليه راجعون ،لا حول ولا قوة إلا بالله كلمات ما فتئت تفتر عن أفواه الناس قط فى أى زمان به مؤمنين به ،عند الموت تعبس الوجوه وتكفهر وترين الغشاوة عليها وتعتصر القلوب ألما بجوى الحزن وحرقته وتختنق العبرات التى سرعان ما تنهمر من الأعين هتانا فيتبدى على محيانا الأسى والحزن .
ولأن المعدن الثمين لا يفقد طلاوته وبريقه كان عبد القادر يزداد فى حبه للأسرة وعطفه عليهم حتى أنه كان ينسى بيته فى آماد كثيرة من أجلهم والحق أن المرء يقول عندما يراه معهم أنه لا مرية أبيهم لأنه لا يكلفهم قليلا ولا كثيرا .
كان موت حمامه كما كان موت أبويه انتقال للمسئولية بالنسبة ليوسف وزكى انتقال من دنيا البراءة لدنيا المصالح التى لا تعرف غير الشدة التى تلطم أمواجها من لا يسايرها ومضت الأيام تلو الأيام وكلل جهد يوسف بالنجاح فى نيل شهادة المعلمين فكان هذا أول فرح كبير يدخل هذا البيت الحزين منذ زمن طويل وبهذا النجاح أسدل الستار على الحياة المدرسية ليوسف كطالب ثم رفع لبداية الحياة المدرسية كمعلم وفى الوقت نفسه أصبح زكى يعرف أسرار المهنة ويقدر أن يعمل لحساب نفسه وانشعل بالموضوع حتى يترك العمل مع عمه عبد القادر وأسر لأخيه بما يجول فى صدره فما كان منه إلا أن نهره ونهاه عن ذلك
وما هى إلا مدة قصيرة وأصبح يوسف فارغا لا عمل له إلا مساعدة العم عبد القادر فى عمله مساعدة حسبها لا تغنى ولا تسمن من جوع فمرت الأيام بطيئة بطء السلحفاة كان خلالها كمن يرسف فى الأغلال أو كم يعيش حبيس أربع جدران لا تغيير ولا تبديل فى الحياة اليومية ،نظام واحد لا يتغير ،الحياة أصبحت مملة القلق مرض العصر يكاد أن يعيش يوسف أسيره إنه لم يعد يرهب شىء سوى المستقبل لكنه لا يعرف مصدر هذه الرهبة أهو فراغ نفسى أم معاناة من ضغط نفسى لكن حب التغيير صفة فى الإنسان .
غير يوسف نظام حياته الجامد فأكب على القراءة والإطلاع فى الكتب والصحف والمجلات القديمة يفتش عما خفى عنه لكنه أفرط فى القراءة والأكل فهل تغير شىء ؟لا لم يتغير فمن نظام لنظام أخر لا يفيد كثيرا تمضى حياتنا .
كان يوسف يتمنى فى قرارة نفسه أن تمضى الأيام بسرعة البرق ليحل موعد استهلال العام الدراسى ليجد التغيير الذى سيلازمه كالخبز فى الأكل ومضت الأيام حتى كاد نجم الإجازة أن يأفل فأخذ يوسف يرتب نفسه على أنه لن يعين فى قريته لازدحام مدارسها بالمدرسين وصدق ما توقعه فقد عين فى بلدة بعيدة عن بلدته فأقام عبد القادر ليلة لأهل الله –كما يقال- نحر فيها لله ذبيحة كبيرة احتفالا بهذه المناسبة قبل الشراب وارتفعت الزغاريد ترج جدران الدار لكن يوسف كان بعيدا عن كل هذا فى داخل الحجرة ينظر إلى الحائط ويطيل النظر كأن فى الحائط شاشة عرض يستعرض فيها شريط حياته ،إنهم فى وادى وهو فى وادى أخر ،إنه من الآن أصبح يتحمل تبعات مسئوليته عن أخيه وأخته ،لقد حان الوقت لكى يلقى عن كاهل هذا الرجل الكريم العم عبد القادر مسئولية ما كان لها أن يحملها إلا فى غياب دولة العدل لكنه يبيت على أمر أخر يريد أن يدخل الكلية وقد واتته الفرصة وضاعت وقد واتته مرة أخرى فهل يدعها تمر من بين فروج أصابعه أم ماذا ؟إن التفكير السليم يقول إن هذا تضييع للوقت فيما لا فائدة منه ،أربع سنوات أخرى فى التعليم كما أنه خسارة فى الأموال ثم ما ذنب هذا الرجل فى أن يتحمله أربع سنوات أخرى عدل عن الفكرة وترك أمره لله يفعل كيف يشاء.
لم ينتظر يوسف وذهب للإدارة التعليمية التى عين فيها وأخذ جواب استلام العمل فى القرية وذهب للقرية واستلم عمله فى المدرسة وتعرف على بعض أهل القرية فاستأجر حجرة فى منزل بجنيهين فى الشهر بعد أن فكر فى أن راتبه سيضيع فى المواصلات وبعد ذلك عاد لقريته حيث كان فى انتظاره حادثا سعيدا فأخته أخبرت عمها عبد القادر بأن هناك شاب يريد خطبتها فحدد العم عبد القادر يوم الخميس موعدا لمقابلة الخطيب القادم وأما عن الخطيب فاسمه مصطفى بن على يعمل سائق سيارة أجرة من عائلة طيبة تمتلك بيتا فى المدينة وحاصل على شهادة دبلوم الصنايع وحكاية تعرفه عليها تعود لأيام أخيها حمامه يرحمه الله عندما كانت تعمل مع مقاول البناء وحدث أن تأخرت عن ركوب أخر حافلة للقرية فوقفت تندب حظها فلمحها مصطفى فتقدم يسألها عن وجهتها فأجابته فدعاها للركوب فركبت فعمل لها اختبار نجحت فيه ومن يومها وهو معجب بأخلاقها وقد تلمس الطريق حتى قابلها وأخبرها برغبته فى الزواج منها .
أخبر يوسف العم عبد القادر وإخوته أنه سيسكن فى البلدة التى يعمل بها وسيأتى إليهم يومى الخميس والجمعة ومن ثم أخذ يحضر ما يحتاج له فى سفره ويتزود بما يعينه على الحياة فقصد فى الخلات ووسقها جميعا فى حقيبة كبيرة ابتلعتها ثم حملها ومضى يريد القرية التى عين فيها .
بعد أن رتب حجرته ونظمها ذهب للمدرسة فالتقى بزملاءه وزميلاته ولم يتمخض اللقاء عن شىء ذى بال ولكن مع ابتداء الدراسة بدأ يعرف الجميع عن كثب فهذا ناظر المدرسة رجل حلب الدهر أشطره له من الدراية والخبرة فى العمل ما يجعله قدوة يقتدى بها فى مجال التعليم وهؤلاء الزملاء عزت وسمير وجاد وعبد الله وسعد أناس منهم الصارم الحازم ومنهم الصعب الباتك ومنهم الضاحك الباسم ومنهم الظريف اللطيف ومنهم البين بين وهاتيك المعلمات نعمات وزهرة وعلية ونادية منهن الساذجة ومنهن التى تضمر غير ما تعلن ومنهن المتمردة .
عمل يوسف مع الجميع مع اختلاف طباعهم لكنه كان يتحاشى زميلاته بصورة واضحة كما لو أنه مراقب مما لفت نظر زملائه إليه وجعلهم يلفتون نظره لذلك لكنه لم يعرهم اهتماما وكان يتعامل معهن فى حدود العمل فقط لكنه لم يجد فيهم من يشفى ما فى صدره ويشبع فضوله فهم على كثرتهم لم يرين فيهم من يتفق معه فى الميول والآراء ولكنه كان مع موعد مع القدر بعد شهر من استهلال الدراسة حيث وجد ضالته المنشودة حين انتدب أحمد بن عبد الحليم مدرسا للتربية الرياضية وهو شاب فى مثل سنه تسرى فى نفسه روح التغيير فكانا كأنهما توأمان فى التفكير فكان واحد منهما يعرف ما يدور فى خاطر الأخر ويبوح له بمكنون صدره فلم يكن أى منهما ليخفى عن الأخر شىء إلا نادرا وإن أخفى فالآخر يلحظ ما على الثانى من قلق وتوتر ولذا كانا أعز من إخوة النسب والدم ومرت الأيام وهما يلتقيان عدا يومى الخميس والجمعة حتى أتى يوم قال أحمد ليوسف:
ألم تلاحظ شىء غريب فى نفسك اليومين اللى فاتوا ؟
فرد بحزن لا
فقال أحمد مؤكدا لا بل هناك شىء يكدر عليك صفوك فبالله عليك لتقل لى كى أساعدك فى الحل
فرد يوسف وهو ينظر إليه بألم آه يا سيدى فيه خطاب وصل من البلد فيه أخبار سيئة
فقال أحمد آه أكيد من زكى لأنه شيطان كما قلت لى
فرد تمام و الجواب يقول إنه تعرف على جماعة من جماعات السوء وإنه أدمن الحشيش فقال أحمد بألم خبر مزعج صحيح يقض عليك مضجعك لكن ماذا أقول؟لله فى خلقه شئون فرد حكمته يا أخى وأمره هو الفعال لما يريد فقال أحمد بجدية لكن حل المشكلة يحتاج لوقت طويل وإجازة يومين لا تنفع فرد على العموم إجازة نصف العام اقتربت وأنا أرسلت لهم جواب أطلب منهم إمهالى وأن يعلموا أنى موافق على أن يعملوا فيه ما بدا لهم حتى يرتجع .
بعد الحديث انصرفا للمسجد ليصليا وبعد أن صليا مضى كل منهما إلى حال سبيله وأصيب يوسف بالقلق من جراء هذا الخطاب فكان ينام مسهدا حتى أنه عندما يدخل الفصل كان لا يعى ما يقول وما يعمل فعقله ذهب حيث الأخ المارق وجسده ولسانه فى الفصل فكان النعاس يغلبه من شدة التعب فلم يسلم من جراء ذلك من لسان الناظر الذى كان يقول له :
عند مجيئك للمدرسةكمدرس يجب أن ترمى وراء ظهرك إحمال الدنيا وهمومها .
كان يوسف يحدث نفسه وهو غائب عما حوله قائلا لماذا يا رب نقلتنى من دنيا الطفولة البريئة إلى دنيا تلاطمنى أمواجها وتحاول قذفى إلى داخلها حتى أغرق ؟اللهم لا اعتراض
نصحه أحمد بأنت يأخذ إجازة عارضة يومين ليرتاح فيهما لكنه رفض ولعن القوانين التى لا تراعى الظروف فهذه مشكلة يحتاج حلها إلى سفر مسافة ثلاثين كيلو متر وأسبوع إجازة ولكنها ستظل معلقة مع أنها قد تؤدى إلى أضرار كبيرة لأن القوانين الحالية عمياء ولا يهمها راحة منفذيها واخلاصهم فى عملهم .
جاءت إجازة نصف العام فحزم يوسف أمتعته ورحل إلى بلدته حتى إذا وصل لبيت عمه عبد القادر دخل عليهم مسلما بعد أن رمى حقيبته على الأرض فاستقبلوه استقبالا طيبا فقد فرح عبد القادر لمجيئه لأنه كان يضج من زكى فبدره قائلا بعد أن جلسا سويا على الكنبة :
يا بنى أنا كليت ومليت من أخيك تعبت وحار معى عقلى أنا والأهل والأصحاب نصحناه ونبهناه فلم يهتم بل والأمر من ذلك من ذلك أنه ركب مركب الشطط ولم نجد منه إلا العناد والتمادى فيما هو فيه وهنا تدخلت نعيمة فى الحديث قائلة يا عبد القادر الرجل جاء حالا ولم يسترح فلا تتعبه
قال يوسف لا ليس هناك تعب أكمل يا عمى فرد عبد القادر وكلماته كأنها السم :
أنت يا بنى لما تشوفه لن تصدق أن هذا زكى فى قليل ولا كثير فقد سمج وجهه وكلح وهزل جسمه فقال يوسف بامتعاض أعرف مقدار تعبكم فى سبيل اقناعه ورفضه لذلك وأنا أريد ان أدفع عنه الخطر قبل استفحاله وصعوبة علاجه ولن أتركه دون أن يترك الوساخة اللى بيشربها فرد عبد القادر لكن يا بنى الولد رأسه جامدة كيف سترجعه عن غيه؟فقال إن لم ينفع الذوق فبالعافية لكن أين صفية فأنا لم أراها منذ وصلت فقال عبد القادر مع خطيبها فى البندر بيتفسحوا فقال يوسف دون تفكير راحوا لوحدهم أم ثم سكت لأنه علم بغلطته فرد عبد القادر بامتعاض طبعا يا بنى معهم أميرة أختك فقال يوسف آسف يا عمى لا أقصد لكن المدة اللى فاتت كفاية عشان يتعرفوا على بعض.
تغاضى عبد القادر عن الخطأ وقال يا بنى الرجل لم يقصر فى شىء وإن كنت تريد أن يعقد عليها ويدخل بها فهو موافق وهو بنفسه كلمنى فى الموضوع لكنى أجلت الموضوع لما ننتهى من مشكلة زكى
أجاب يوسف بغير فكر وروية خير البر عاجله فرد عبد القادر مستغربا يا بنى اللى قبلنا قالوا فى التأنى السلامة وفى العجلة الندامة ثم قل لى هل معك فلوس للفرح فقال يوسف أأصدقك القول قال عبد القادر طبعا فابتسم يوسف وهو يقول مائة جنيه لكن مع ذلك سأتفق مع صفية وزكى على إننا نبيع القيراطين الأرض وأنت سيد العارفين فى حكاية بيع الأرض وعارف إنهم سيباعوا بأزيد من خمية آلاف فرد عبد القادر وهو يطرق إلى الأرض اترك هذا الموضوع لما ننتهى من مشكلة زكى
ترك يوسف بيت عبد القادر متجهما إلى بيتهم يريد أخيه زكى فرأى الباب مفتوحا فولج فرأى زكى جالس على كرسى وأمامه الشيشة فلما رآه زكى اندفع نحوه فاتحا ذراعيه فتعانقا عناقا طويلا ابتدر خلاله زكى الحديث فقال كيف أحوالك يا يوسف ؟فرد يوسف مستنكرا تسألنى عن حالى ولا تدرى ما حالك ما الكلام الذى سمعته ؟عندئذ حل وكى ذراعيه اللتين يطوق بهما يوسف ماذا سمعت ؟فرد يوسف سمعت ما لا يسر سمعت أنك تصاحبت مع جماعة سوء فذهبت معهم إلى البيوت التى توصد أبوابها فلا يعرف ما يحدث بداخلها من المنكرات سوى الله فقاطعه زكى قائلا لا أسمح لك أن تقول هذا فى حق أصحابى فرد يوسف وهو يحدق فيه هذا غلط سأتغاضى عنه فبأى حق تدافع عن جماعة السوء من ذوى السهرات الزرقاء والليالى الحمراء استمع لى لا أريد منك شىء أنا أريد مصلحتك فقط بكل صراحة ودون أن أخفى عنك شىء عمك عبد القادر ضج منك والناس كرهتك وأنت وراك مسئولية هى الإنفاق على نفسك وهذه المسئولية محتاجة لفلوس والفلوس تأتى بالعمل والعمل محتاج لصحة والصحة مفتاح باب المسئولية فإذا ضاعت الصحة بسبب شرب الوساخة فماذا ستعمل طبعا شحات هل تذكر أحمد الذى كنت تريد أن تشعل منه سيجارة ذهبت إليه فماذا حدث؟ حدث أن مد يده يطلب الإحسان فلم تملك إلا أن تضحك عليك هل ترضى لنفسك هذا الموقف فقال زكى لا فأكمل يوسف كلامه قائلا وإذا كنت تزنى ببنات الناس فهل تسمح لهم أن يزنوا بأختك ؟قال زكى اللى يعمل كده أنا أقتله فضحك يوسف وأكمل كلامه قائلا طيب يا أخى إذا كنت لا ترضى بهذا فكيف تسمح لنفسك أن تزنى ببنات وأخوات الغير ؟ثم قال والدمع يتقاطر على خديه لن أفرط فيك لا أريد أن تضيع كما ضاع حمامه منا أنت عونى فى الحياة افتح قلبك ولا تغلقه واسمع إذا حصل لك شىء لا قدر الله فسأحاسب أنا به لأنى المسئول عنك أمام الله وسأكون نادما طول عمرى أشرب مرارة الألم على أنى تركتك فى غيك بغير تقويم
قام زكى فعانقه قائلا سامحنى لن أعود لما كنت عليه من المنكر
رد يوسف وهو يربت على ظهر أخيه هكذا يكون الرجال فمرحبا بزكى الجديد ثم أطلقه من بيد ذراعيه وأمسك بكتفيه قائلا عهد الله على ذلك فرد زكى عهد الله على ذلك
تركه زكى وانطلق من فوره لعمه عبد القادر ليستسمحه فجلس يوسف يفكر فى أمر صفية بعد أن اجتث شبات الشر فى نفس زكى وجعل فيها بقية من الخير تربأه عن الشر لكن كان يساوره شك فى زكى لأنه متقلب الأحوال كالجو كل ساعة فى حال أو أنه قد يكون قد أخذه على قد عقله كما يقال إنه يخبر طباع أخيه .
كان يوسف يريد أن تتوارى هذه الجماعة عن زكى بأى شكل لكن كيف وهو لا يحكم إلا نفسه هل يدبر مكيدة يوقع فيها بينهم أو حيلة يبعد زكى عنهم لكنه طرد الحيلتين من نفسه لأنه قد يحدث ما لا تحمد عقباه بسبب أى من الحيلتين لكن راودته فكرة أخرى وهى أن يعمل زكى خارج البلدة حتى يتثنى له البعد عن هذه الفئة الضالة ولكن فى نفس الوقت تطل عليه فكرة زواج أخته وبيع القراريط
فى صبيحة اليوم التالى اتفق مع عمه عبد القادر على أن يجلب لزكى عمل خارج البلدة يهد قواه ويشغله طوال النهار عن جماعة السوء فوافقه على ذلك.
كان زكى مقلدا لأناس شاهدهم فاستهوته هذه الرذيلة فصار كالبصير الأعمى الذى يعرف الحق ويحيص عنه فحجر على عقله وجارى شهوته وجارى الجماعة فى أعمالها فصار الحرام عنده حلالا وذلك من أجل أن يثبت لنفسه أنه رجل
فى المساء التئم شمل العائلة على مائدة العشاء فأكلوا وشربوا الشاى فابتدر زكى الحديث قائلا منذ متى لم يجتمع الشمل إيه الحكاية ؟رد يوسف الحكاية نصين نص لك ونص لأختك فقال زكى عرفنا إنها نصين فما الأول فرد يوسف زواج أختك لابد أنت يتم بسرعة والواقع يقول ليس أمامنا سوى ما يكفى سد جوعنا ومدارة العورة فقال زكى يا أخى عندك عمك عبد القادر فرد يوسف ثائرا على زكى بذمتك ودينك ألست خجلان مما تقول هل عمك عبد القادر من بقية أهلك حتى تطالبه بذلك أتعرف أنا لو مكانك كنت قتلت نفسى قبل أن أنطق بهذا الكلام والرجل يشكر لهذا الحد ويحق له أن نسدد ما علينا له وما أرانا نوفى له بعض حقه فقد كان نعم الأب والصديق ثم إن الحل واضح كالشمس نبيع قراريط الأرض وأنتم عارفين إن ثمنها لا يقل عن خمسة آلاف جنيه وقبل أن ترد بلسانك الطويل فكر إننا سنزوج أختك ونصلح حالنا وقبل رأيى ورأيك رأى أختك فقالت صفية والفرحة ترقص فى عينيها والله أنا مش مستعجلة وأنا مع الرأى اللى فيه صالحنا كلنا رد يوسف ما رأيك يا زكى قال زكى نبيع رد يوسف إذا نبيعها والشارى موجود فى أى وقت نطلبه سنجده قال زكى وما النص التانى ؟رد يوسف عمك عبد القادر لقى لك شغلى فى مكان بره البلد أجرها أحسن مما يعطيه لك بثلاثين جنيه فقال زكى وهو يبتسم قصدك واضح لكن كيف بالله عليك إن عمك هو اللى جاب الشغلانة وهو محتاج لواحد كمان يشتغل معاه ؟أتشك فى ؟فقال يوسف بصراحة كلامك صح قال زكى سأثبت لك صدق عهدى معك رد يوسف تعجبنى فقالت صفية وهى تبتسم كل المشاكل خلصت رد زكى وهو يتنهد لك حق تفرحى ستتزوجى
قال يوسف وهو ينهاه زكى انتهينا فرد زكى بامتعاض يعنى ما أضحكش مع أختى فقال يوسف هذا ليس ضحك بل شعور تعبر به عن ضيقك .
فى اليوم التالى كتبوا عقد بيع الأرض وتسلموا ثمنها فأعطاه يوسف لعمه عبد القادر ليحفظه ويتصرف فيه كما يجب وانتهت المشاكل بانتهاء إجازة نصف العام فشد يوسف رحاله لحيث يعمل وبدأ النصف الثانى من العام الدراسى فعمل الكل بجد ونشاط ولكن لم يمض أسبوع حتى دعا العمدة المدرسين لفرح ابنه فلبوا دعوته وذهبوا ليهنئوه فألفوا سرادق مقام فيه مسرح يجلس فى وسطه العروسان وأمامهم المدعوين فى نصف دائرة وأمام العروسان راقصة ترقص رقص المنكر لها مواهب فى هز الأرداف والبطون يتلوى خصرها كالثعبان فى حركات لولبية وتهتز أردافها يمنة ويسرة على صوت الموسيقى واتخذوا مواقعهم بعد أن هنئوا العمدة ثم شربوا الشراب ولكنهم اتخذوا جانبا من المدعوين شاهدوا من خلاله دخان الحشيش يتصاعد ورائحته تعبق المكان وزجاجات البيرة والخمر تسكب فى الأجواف والراقصة انسجمت فأتت برقصات أشد منكرا والشباب والمساطيل يهللون الله الله فمال أحمد على يوسف قائلا:
أترى المسخرة أيذكر اسم الله فى هذا المنكر ؟عجبى على الناس لا يفقهون ما يقولون ألم يحن الوقت كى يحل الهدى محل الباطل ألن يجعل الله لهؤلاء مخرجا من الضلال؟فرد يوسف هذه ضلالات دخيلة أخذها الخاصة من الأجانب ونقلها عنهم العامة فحولوا العرس من خير يرضاه الله إلى شر يمقته الله ولكنهم معذورون لجهلهم وكان الواجب هو إصلاح هذا الخطأ أول مرة وقع فيها ولكن لم يتم الإصلاح وترك الأمر حتى استشرى وصعب علاجه فقال أحمد لقد ترسخت البدع فى نفوسهم رسوخا حقيقيا وأصبحت تراثا ينبغى الحفاظ عليه فرد يوسف وهو يحك ذقنه بيده لابد من زعزعة البدع واجتثاثها لكن كيف وكبار القوم الذين يجب ألا يفعلوها حفاظا على إسلامهم يفعلونها وإذا حرموها على الأتباع قالوا حرموا علينا ما قد أحلوه لأنفسهم فقال أحمد بقرف كلامنا هذا نباح كلاب لأننا نقول ولا نغير المنكر فهل نسكت أم نغير ؟رد يوسف الواجب علينا أن نصلح من أنفسنا أولا ثم نحاول إصلاح الحكام والمحكومين معا قال أحمد الحل موجود وهو تطبيق كلام الله نفسى أعرف لماذا لا يطبق ؟هل كما يقول البعض إن الحكام سيكونون طبقا لكلام الله قتلة ولصوص وزناة ؟رد يوسف استرح يا أحمد ووفر الكلام فنحن فى زمن لا يأبه أهله إلا لمن يفعل
بعد ذلك انصرفوا فبات يوسف ليلته مسهدا من جراء هذا العرس لقد ذكره بشىء يجب أن ينساه شىء طالما تمنى أن ينمحى من ذاكرته لقد ذكره بالحبيبة التى لا يدرى عنها شىء إن طيفها يطل عليه بين الفينة والفينة مذكرا إياه بالعجز ومرت الأيام وذى ذات يوم جاء زميله عزت إليه وكلمه بقسوة قائلا قل لى ماذا تفعل إذا أحببت واحدة ووقف فى طريقك عائق ؟فرد يوسف بهدوء هدى نفسك وقل لى بصراحة ماذا تريد أفصح تجد الجواب فقال عزت هل تحبها فرد يوسف من هى ؟فقال عزت بغضب زهرة فرد يوسف ضاحكا هذا ما كنت أتخيل أن تتكلم فيه ومع كلامك القاسى أقول لك أحبها كأختى وليس كامرأة أغرب فى الزواج منها وعلى العموم أنا أعذرك لأن حب الشىء يعمى ويصم فقال عزت مسرورا آسف يا يوسف فكما تعرف الحب يسبب الجنون لذا فأنا مدين لك بدين كبير لأنك أنقذت نفسى من الإنهيار فرد يوسف مبتسما ثق أننى لو كنت أحبها فعلا وصارحتنى بحبك لها لعدلت عن حبها فقال عزت صافى يا لبن فقال يوسف حليب يا قشطة
أخذ يوسف يفكر بعد هذا النقاش يفكر فى الظن وما ينتج عنه من إضمار للحقد وتفريق بين الرفاق وكيف يلقى بظلاله القاتمة على الخير واليقين وكيف أن الإنسان جهول أمامه طريق سهل للوصول لغايته لكنه يختار الطريق الصعب كيف وكيف00
بدأ القلق علة العلل فى هذا العصر على يوسف فتقاسمت نفسه الأقوال وتلاحته الأهواء لأن حكاية عزت وزهرة ذكرته بالحبيبة وعجزه فبدأ يدخن لأول مرة فى حياته مع معرفته أن التدخين محرم وبرر هذا لنفسه بأن التدخين أفضل من أن يفعل ما تسول إليه نفسه به من تخلى عن القيم ومجاراة الفاسدين فى رذائلهم وبدا على أحمد العجب عندما رأى صاحبه يدخن فقال له بنغمة تعبر عن رفضه لذلك لأول مرة أراك تدخن منذ عرفتك واعجباه على من قال ولم يعمل ألم تكن تقول أن التدخين إهلاك للصحة وتبذير للمال وإيذاء للنفس والغير بما يسببه من علل وأمراض وتراخى عن العمل رد يوسف وهو يغالط نفسه آه لو تعلم أنك لا تعرف نفسك فقال أحمد وهو يغمض عينيه غير مصدق مهما يكن السبب فأنت مدرس خلفه مسئولية يحكم فيها عقله وليس هواه فأنت قدوة للتلاميذ يترتب عليها نقمة أو نعمة فرد يوسف كلامك صح لكنك أغفلت يوسف الآخر ونسيت أن المشقة توجب التيسير أنا لا أعرف بماذا أنا مشغول لا أعرف إلا أننى أصبحت شخص مصاب بالأوهام فقال أحمد ضاحكا يعنى عايز تقول إنك لا تعرف رأسك من قدمك فرد يوسف اسمع هى أقوال عدة أولها التفكير فى الله وستقول لى قول الحكيم كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك ولكن الوسوسة مستمرة وثانيها الموت وثالثها الحبيبة ورابعها الشك الملعون فى الموضوع إياه فقال أحمد سيبنا من التفكير فى ذات الله والموت والشك قلت لى ذلك من قبل وقلت إنك أزحته جانبا وأما الحب فهذا هو الجديد الذى لم تحدثنى فيه فرد يوسف من أصول الصداقة الإعتراف بالأسرار وقد قلت تلميحا عنه من قبل ولكنى سأقول لك أنى أحب إنسانه وأعتقد أنها أنا وأنا هى وهى فى خيالى قد تكون غيرها فى الواقع فقال أحمد سؤال غبى منى هل تكلمت معها فى الموضوع ؟فرد يوسف لا قال أحمد متعجبا الخوف على ذلك هو سبب قلق رد يوسف موضحا السبب الحقيقى الخجل هو سبب عجزة عن مخاطبتها فابتسم أحمد وهو يقول آه يا بطل وقعت فى شر أعمالك فالخجل طامة كبرى لابد من شطر ربقها بحيث لا ينشعب ،رد يوسف لكن ما الطريق إلى ذلك؟إننى ضائق بهذا الوضع قال أحمد قل لى يا صديقى من أى بلد هذه الحبيبة ؟رد يوسف بآسى من بلدتى وهى فى نظرى تبادلنى نفس الشعور فالوجه مرآة تنعكس فيها القلوب فقال أحمد متبرما فى نظرك هذا خطأ لابد أن تقابلها عند أول فرصة لتعبر بر الأمان ولا تسألنى الطريق فأهل مكة أدرى بشعابها فرد يوسف حتما لابد من أغير جلدى لأصل إلى ما أريد .
خرج يوسف من قمقم القلق بفضل صديقه فقد شجعه بعد أن تردد طويلا فى هذا الموضوع لكنه طفق يفكر فى اللقاء كيف وأين ومتى وماذا يحدث فيه ومع ذلك أصبح لديه شعور أنه كمن يقبض على الماء بكفه فيخرج من بين فروج أصابعه فمضت الأيام وفى يوم ابتدره أحمد قائلا هل التقيت بليلى ؟رد يوسف بلا مبالاة قيس أعجز من ذلك فقال أحمد بتحسرا ألم تفكر فى أن يسبقك أحد إليها فيذهب أملك مع الريح ؟رد يوسف بصراحة يا أحمد أنا عاجز
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 95745
تاريخ التسجيل : 11/07/2009
العمر : 55
الموقع : مكة

https://betalla.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حكاية موعد حدده القدر Empty رد: حكاية موعد حدده القدر

مُساهمة من طرف Admin الأحد سبتمبر 03, 2017 7:52 am

عاجز عن الكلام مع أى فتاة فى هذا الموضوع وحتى كلامى العادى مع أى فتاة يشكل لى إحساس بأن هناك حاجز غريب بينى وبينها مع أنى لا أتعدى حدود الشرع فى الكلام يا سيدى العبد فى التفكير والرب فى التدبير ولو تزوجت فليس ذلك نهاية العالم مع أنى سأظل أحبها لو حصل ذلك وانقطع الكلام عندما أتى القهوجى ليسأل عما يطلبان فطلبا كوبين من الشاى ثم قال أحمد والله يا يوسف أنت رجل غريب يصح أن تطلق على نفسك لفظ العاجز ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر هكذا إلى الأبد فرد يوسف يا أحمد الصورة واضحة أمامى والمطلوب منى معروف ولكن هذا نصف الطريق وأما النصف الأخر وهو الفعل فهو الذى يحتاج إلى عزم فقال أحمد وهو يبتسم اسمع باعتبارى صديقك وحبيبك سأقول لك حل فيه مصلحتك وعليك أن تقول اصنعه وسأصنعه دون أى تأخير فرد يوسف قل يا عمى الحل يمكن يكون هو الدواء الناجع لهذا المرض فقال أحمد وهو يضحك فى نفسه اذهب معك إلى البلد على أن تشير لى على الحبيبة وبعد ذلك أكلمها أنا فى الموضوع بعد أن برر لها موقفك بتبريرات واهية أو كاذبة فضحك يوسف وقال والله حل جميل ولكنى أريد أن أهزم عجزى فأرجو ألا تحرمنى من ذلك فقال أحمد أخاف أن يظل عجزك يقهرك ويضيع عليك بقية حياتك هدر وبعد ذلك انصرف كل منهما إلى حال سبيله والأمل بصيص من النور يتعلق به يوسف ولكن الإنتظار طال والصبر لا ينفد والحب لا يتركه فى حال سبيله .
كان يوسف يستعجل الأيام والليالى يمنى نفسه ببلوغ الأكل فكان يفتش عن شىء يبعد به عن الحبيبة حتى تمر الأيام وتمضى وقد سبب له ذلك متاعب لم يتصورها ولم يتوقعها
خرج يتجول فى القرية حتى خرج إلى أراضيها الزراعية يستنشق الهواء النقى ويجتر ذكريات المراهقة عندما كان يخرج من قريته صباحا أو عصرا أو ليلا إلى الحقول يشم عبير الزهور والنسيم العليل ويأكل من خيرها ونكص إلى البيت فنام ليلة طيبة لم ينم مثلها منذ مدة وفى اليوم التالى أحس برغبة واشتياق إلى القراءة حتى يبتعد عن ذلك الموضوع ويتجنب المنغصات فكان التشاءم يغلبه من آن لآخر غير أن ذلك التشاءم يتقلب إلى تفاءل مع العودة إلى القراءة .
ذهب فى الصباح ودخل مكتب الناظر فوجد زميلته نادية تقول بفرحة غامرة واندفاع مرتسم على ملامحها سمعتم أخر الأخبار رشحوا جير الدين فيرارو نائبة لمونديل فى انتخابات الحزب الديمقراطى بأمريكا مع سيدة أخرى فردة زهرة وهى تشاركها الفرحة هذا انتصار كبير للمرأة وخطوة للانطلاق نحو المساواة فساء يوسف ما يسمع فقال هذا تدهور وليس تقدم ونجاح يليه فشل ذريع فتبدل وجهيهما من المرح إلى العبوس فقالت نادية بضيق بصراحة نريد أن نتساوى فى كل شىء نريد أن نشم عبير الحرية من ذات الباب الذى تشمون منه فرد وهو يضحك فى نفسه ليس هناك مساواة تامة لأن حريتنا لسنا نحن صانعيها وإنما الله هو محدد هذه الحرية فقد قال لنا حريتكم هى تنفيذ أحكامى وعبوديتكم هى طاعتكم لما توسوس به أنفسكم وهذه التى تتحدثين عنها وغيرها من بنات وطنها لا يتمتعون بنصف ما تتمتعون به من حقوق ومن ذلك أن المرأة هنا لا تفقد لقب عائلتها كما تفقدها المرأة هناك وأن المرأة ذمتها المالية ذمتها غير ذمة زوجها ولكنها تفقدها هناك فهل توافقين على هذا الفقد الدال على تكبيل المرأة بالقيود ؟فأشارت برأسها أنها غير موافقة فأكمل يوسف كلامه قائلا أين هذه القيود من سماحة ديننا الذى لم نصنعه وإنما وضعه خالقنا الخبير بما يصلحنا لنا فردت زهرة وهى نافرة لماذا تأخذ علينا هذا المأخذ الشديد؟فأجاب يوسف وهو يحك ذقنه بيديه والله يا أختى الحقيقة أن واضعى تلك القوانين فى بلاد الكفر ليسوا بمجانين بل مخادعين فقد زعموا أنهم حرروا المرأة فى ناحية الوظيفة والجسد وفى الحقيقة أنهم أعطوا للنساء هذه الحقوق كى يستطيعوا التمتع بهن جنسيا دون أن يدفعوا فيهن أى مال ودون أى رباط مقدس وفى النواحى الأخرى كالناحية المالية كبلوها بما يجعل مالها ملك لهم وليس لها وأرجو ألا تنخدعى بما تروجه وسائل الإعلام من مظاهر الخراب وليس الحضارة حتى لا تغلطى فى حق نفسك .
جال بخاطر يوسف وهو يتكلم كيف أننا نعين أعداءنا على أنفسنا دون أن نكلفهم قليلا أو كثيرا بما نصنعه من هدم لأنفسنا عن طريق تقليدهم ؟
مرت الأيام بطيئة وصاحبنا يريد العودة إلى قريته كى يحقق بعض ما يريد فكان فى خلوته مع نفسه يتخيل صورة المستقبل لكن كيف له تحقيق هذه الصورة الجميلة وهو لا يقدر على أن يتحرك من مكانه الذى هو فيه إلا قليلا بسبب القوانين الظالمة التى تكبل الإنسان وتجعله أسير الوظيفة ؟صحيح أنه والناظر والزملاء يتحايلون على هذه القوانين من باب أن يقضى كل منهم مصلحته دون أن يتكاسل عن عمله ولكنهم مهددون بأشخاص يعبدون القوانين الصماء مع أنهم أول من يخالفها لتعارضها مع ما فطر الله عليه الإنسان .
كان يوسف يجد أن الأمل هو الشعاع الذى يجب أن يسير على هداه ولكن هذا الشعاع أحيانا يختفى فتتقاسمه الأفكار ففكرة ترغب فى الصورة الجميلة وفكرة تبعده عن الصورة الجميلة التى رسمها ولكن حبه كان قد تمكن من قلبه فأصبح شغله الشاغل والدليل على ذلك مكابتده للوجد وذرفه للدمع ،لقد جول على ألا ينكص مهما طال الزمان عن الحب والصورة الجميلة وعاهد نفسه أن يكون صادق العزيمة رابط الجأش حتى أخر يوم فى حياته ولذا أصبح شديد الثقة بالله وأيقن أن الله سيحقق له ما يريد ويمينه بما تقر به عينه وما تطيب به نفسه .
انصرم العام الدراسى فآب يوسف لقريته لكن حدث فى طريق عودته ما لم يكن فى حسبانه وكأن القدر يدخر له مفاجأة لم يحلم بها فها هى الحبيبة بشحمها ولحمها تقف على محطة الحافلات فى المدينة فما أن رآها حتى ذهبت شجاعته وراح ما كان يتجمل به من القوة التى خارت وذهبت هباء مع الريح وعاودته طامته الكبرى وخفق قلبه خفقانا شديدا وامتقع لونه وضاع الكلام الذى كان قد أعده لمثل هذا اللقاء كما ضاعت القوة فى وسط هذا الخضم فكان كالذى ألقى بنفسه فى اليم وهو لا يعرف السباحة ،وقف يجيل النظرات فيمن حوله والدم يكاد ينبجس من وجهه كل هذا الارتباك وهى لم تره لكنه بدأ يستعيد قواه وتفكيره شىء فشىء فاعترته الشجاعة وما إن بدأ فى التحرك نحوها حتى تذكر أنه قد نسى شىء فوقف ينظر ويصعد النظر إلى أصابع يديها حتى يتبين ما إذا كان هناك خاتم فى أى من أصابعها فلم ير شىء فسار نحوها بخطى وئيدة وفى اللحظة الحاسمة أصابه هاجس أوقفه عما يريد فبأى مناسبة يمكن أن يتحدث معها إنه على كثرة ما التقى بها لم يزد على السلام وإن كان مشوبا بشىء هكذا كان الهاجس لكنه اتجه نحوها فما إن رأته حتى توردت وجنيها فقابلته بابتسامتها المعهودة الدائمة الارتسام على وجهها فسلم عليها وهو يقول بفرح شديد كيف حالك ردت الحمد لله كيف حالك وأين تعمل فقال مبتسما الحمد لله الحال على ما يرام وأعمل فى مدرسة فى بلدة أخرى فماذا عنك فقالت بامتعاض الحال من بعضه ولكنى أعمل إدارية يعنى موظفة فى مكتب فقال وهو يخترع أى كلام لاستمرار الحديث آه من الأيام لقد تفرق الزملاء فى الدروب كل واحد قد سار فى طريق غير الأخر هل تصدقى أن زميلنا محمود وزميلتنا هويدا فى الهندسة ؟قالت بتعجب معقولة؟لكن على كل حال ربنا يسهلهم فقال كأنه حاقد عليهم كانا لا يفقهان شىء لكن الحظ واتهم ولم يواتنا نقول إيه غير الدنيا حظوظ فقالت لا تحزن الفرص قائمة والحظ سيأتيك آجلا أم عاجلا.
قطع مجىء الحافلة الحديث ولحسن حظهما لقيا مقعد خالى أجلسها فيه ووقف هو بجانب المقعد فى هذا الزمان الذى أصبح الناس فيه يتشبثون بأى شىء ويعرضون أنفسهم للموت من أجل الذهاب إلى العمل أو الإياب إلى البيت وما لبثت الحافلة أن ازدحمت بالراكبين فأصبح الناس فيها محشورين كأنهم فى علبة سردين ،خناقات ومشاجرات وسباب وقرع على باب الحافلة كى يدخل الناس أكثر لداخلها وضوضاء وضجيج وأصوات عالية تخترق الآذان والشيوخ الكبار الذى أكل منهم الدهر وشرب والنساء واقفون والشباب جالس لا يكترث ولا يهتم بما يلاقى هؤلاء الذين حق علينا أن نضع عن كواهلهم الأحمال .
لم تذهب الرهبة من يوسف وهو واقف فى مواجهة كرسيها فهو واقف يتفحص وجوه الناس ليقرأ ما ارتسم عليها بسبب هذه الوقفة ،وقف ولم يبض ببنت شفة فكظم الكلام فى نفسه حتى إذا وصلت الحافلة إلى المحطة النهائية فى قريتهم وقفت ونزل من فيها من البشر فقال يوسف لوفاء أظن أننا سنتقابل مرة أخرى فردت بصوت يخالطه الفرح إن شاء الله فقال لها سلاما ثم قال فى نفسه يا حبيبتى فردت السلام وهى تقول فى نفسها سلاما يا حبيبى
بعد هذه الكلمة تنفس يوسف الصعداء فأخرج ما حبسه من أنفاس لقد كان اللقاء أثقل من أن يدركه الموت ولكن ما أبسط الحديث وأجمله وحمل يوسف حقيبته على كتفه ومضى إلى البيت وعقله قد ذهب إلى الأيام الخوالى حيث عانى ما عانى من الوجد والحنين فدخل البيت أن قرع الباب مسلما ومعانقا من فيه وألقى بالحقيبة على الأرض فقال العم عبد القادر فى سرور لزوجته نعيمة ألا تقومى تحضرى الأكل ليوسف فردت والدمع يتقاطر على خديها فى تتابع الأكل جاهز فأجاب يوسف ليس لدى شهوة للطعام بعد إذنكم سأخلع الحذاء وأتمدد على الكنبة لأنى لم أنم امبارح نوم كويس فأجابا فى صوت واحد تفضل يا بنى بيتك ومطرحك
نعس صاحبنا ثلاث ساعات فصحا مرتاح البال قرير الفؤاد وسره أنه وجد ما لذ وطاب موضوع على المائدة بجواره فلم يتورع عن مد يده فأكل بنهم كأنه لم يأكل منذ أسبوع وليس فى الصباح وحينئذ دخلت نعيمة تحمل كوب من الشاى فوضعته أمامه فقال لها وهو يواصل تناول الطعام تسلم إيدك يا أمه فردت والابتسام باد عليها كل ربنا يحميك لشبابك فقال بعد أن ارتشف من الشاى رشفتين الحمد لله فجلست وربتت على ظهره فأكمل قائلا آه لو تعلمين ما أكنه لك ولعمى عبد القادر من الحب فردت وهى تمسح دموعها بسبب تذكرها لأبويه عارفة يا بنى فرد أنا راضى بما قسمه الله لنا .
بعدها انصرف إلى بيتهم حيث وضع الحقيبة ثم خرج يجوس فى طرقات القرية ويتذكر معالم كل شارع مشى فيه وكل أرض لعب فيه وكل مكان زرع فيه بيده فقد شهدت تلك الشوارع وتلك الأراضى ملاعب طفولته وصباه شهدت الذكريات سعيدها وأليمها حلوها ومرها .
مضى أسبوع استكان فيه للراحة من العمل لكن عقله كان يعمل على كشف حقيقة نفسه فهو يبحث ويستوضح ويتبين معالمها كقائد حربى يرسم الخطة للمعركة المقبلة ،لقد مر بأيام كانت من أصعب وأقسى أيام حياته كانت أيام تخطيط للمستقبل كانت صراع بين الخير والشر فى نفسه صراع رهيب كان عقله يستك منه صراع كانت نتيجته القلق والإحساس بالضياع كان عليه فى هذا الصراع أن يختار بين ما فطره الله عليه من الخير وبين ما يمجه ويكرهه
الآن عليه أن يرسم خطته حتى ينال هدفه لذا رتب نفسه على أن يزوج أخته صفية بمنتهى السرعة حتى يفسح المجال لنفسه فاغتنم فرصة وجود مصطفى فى زيارة لهم فى البيت فدعاه لحديث خاص أو كما كان يصفها بجلسة عمل مغلقة فأدخله حجرة الجلوس وأقفل الباب عليهما ثم بدره قائلا أظن إن المدة اللى فاتت كانت كافيه لتعرف صفية وتعرفك فرد مصطفى والابتسامة تعلو وجهه أفصح يا صاحبى عن غرضك فأجاب يوسف بصراحة أنا خايف عليكم من الوقوع فى شراك الشيطان أو بمعنى أخر إن اللقاءات بينكم حتى فى حضور الغير مدعاه لإثارة الشهوة فرد مصطفى مندهشا أنا لم أتأخر عن شىء وأنا رهن إشارتكم فى أى وقت وأظن إن عمك عبد القادر قال لك إنى كلمته فى موضوع الدخول فرد يوسف وهو يغمض عينيه صحيح لكن أريد أن أتفق معك على كل شىء الآن فرد مصطفى يسعدنى ذلك يا صاحبى فقال يوسف هل يرضيك000 فرد مصطفى مستغربا هذه مطالب بسيطة والشقة موجودة والجهاز موجود ومش ناقصها إلا صفية تنورها فقال يوسف وهو يضحك خير البر عاجله نحدد يوم الدخلة فأماء مصطفى إليه موافقا فقال الخميس أول الشهر القادم يعجبك أم نغيره ؟فرد مصطفى ميعاد جميل .
لم يتوانى يوسف فى الكلام مع عمه عبد القادر فى موضوع صفية فأخبره بما كان من حديثه مع مصطفى فوافق عمه عبد القادر وبعد أن تكلم معه أسرع لتوه للبلدة التى يعمل بها زكى وأحضره معه ليكون بجواره فى هذا الموقف الصعب
فى المساء اجتمع شمل العائلة على مائدة العشاء وبعد الأكل وشرب الشاى استهل يوسف الحديث موجها إياه إلى صفية بالطبع عرفتى إن فرحك الشهر القادم إن شاء الله وحاليا معنا عشرة آلاف جنيه لك فيهم حسب أحكام الورث الخمس فكيف ستتصرفى فيهم ؟فردت صفية وهى تحاول أن تخفى فرحتها أنا لم أطلب فلوس فقال يوسف وأنا لم أقل إنك طلبت فلوس أنا قلت ماذا ستعملى بهم ؟فأجابت الرأى رأيكم فرد يوسف ليس هناك شىء اسمه الرأى رأيكم فهذه فلوسك تتصرفى فيهم كيف شئت لأن هذا حقك ولك حرية الاختيار فأجابت يبقوا أمانة مع عمى عبد القادر فأنا لا أعرف ما فى علم الغيب فرد عبد القادر وأنا موافق سأعمل بيهم فى التجارة ورزقى ورزقك على الله فمال يوسف على زكى وهمس فى أذنه قائلا الفلوس الباقية يجب أن نعطيها لعمك عبد القادر لنوفى ديننا له وما أحسبها توفى جزء ولو يسير من هذا الدين الثقيل فأجاب زكى أنا موافق فقال يوسف اسمع يا عمى أنا وزكى اتفقنا على أن تأخذ بعض حقك فرد عبد القادر وقد اكفهر وجهه حق إيه يا بنى اللى ستعطيه ليه؟فرد يوسف وهو يبتسم جزء يسير من الدين اللى علينا لك المال المتبقى ملك يمينك وما أظن إننا لو ملئنا لك الأرض ذهبا ما كفيناك حقك فرد عبد القادر قائلا يكفينى اعترافكم بالجميل فقال زكى بحماس عارفين ولكن هذا بعض حقك
صمت عبد القادر لحظات يفكر فى مخرج من هذا المأزق الذى وقع فيه فاخترع حكاية واهية ثم قال اسمعوا يا أولاد اللى حادشر سنة اللى قضيتهم فى السجن وقف أبوكم نفس الوقفة اللى وقفتها أنا معاكم مع عمتكم نعيمة وأولادى ساعدهم بكل ما فى طاقته أخذ بيديها حتى وقفت على رجلها وربت الأولاد وخرجت أنا من السجن فسكت يوسف برهة وقف فيها عند كلمة طاقته ومدلولها ثم قال اسمع يا عمى من غير لف ودوران المال ملكك أنت فأبى كان أجره يكاد يكفى طلبات أسرته الكبيرة العدد فلا تحاول التملص منا خذها لترتاح نفوسنا وأكمل زكى قائلا صدقنا خذها افعل فيها ما تريد
انهمرت الدموع من عينى عبد القادر وهو يقول كيف أقبل يا أولاد وأنتم لم تتزوجوا بعد ؟هذا مالكم أحله الله لكم ومالى أن أمنعكم منه ووقع رنين الكلمات فى آذان الأخوين فسرى فى جسديهما شعور جديد لم يشعرا به منذ فترة طويلة ،كان الرد كأنه ضرب من الخيال فقال يوسف وهو يشعر أنه ولد من جديد قررنا يا عمى وانتهينا ولن نرجع فى القرار فرد عبد القادر وهو يجفف دموعه بالمنديل يا أولاد لكن فقاطعه زكى قائلا يا عمى قررنا إننا نعتمد على أنفسنا حتى نتخلص من هذا القيد فخذ ولن تندم بعد ذلك فقال عبد القادر وهو يحاول أن يثنيهما عن عزمهما لكن أنا لم أصرف عليكم المبلغ ده كله كل ما صرفته لن يتجاوز الألفين جنيه فرد يوسف قائلا وقفتك معانا لا يساويها شىء فى الوجود فكفى ما عانيته من قلق من أجلنا فرد ووجهه قد ازداد احمرار إذا نتفق على حل وسط سآخذ ألفين جنيه بس فداعبه زكى قائلا والأرباح فرد عبد القادر هذا أخر الحلول فقال يوسف مقاطعا لا تكمل يا عمى سنرضى بما قلت
لم يبق إلا أيام معدودة على الموعد النهائى لفرح صفية ،أيام وتزول عقبة بعدها يستطيع الظمآن أن يرتوى من نهر الحب ومضت الأيام متتالية فعقد العقد وزفت صفية إلى مصطفى ولكن يوسف رأى أن الهدف لن يصيب إلا إذا اطمئن على أخته ومستقبلها لذلك لم يهدأ له بال حتى استقرت حياتها الزوجية وضربت نعيمة مثلا فى الأمومة فقد تكفل بمطالب العرس وأحاطت صفية بسياج من النصائح والارشادات وأعطيت لها خبرتها وعبد القادر أوصى مصطفى بها خيرا وزكى أخرج ما فى جعبته من حب أخته ولم يضن عليها بشىء ،كلهم أفاضوا عليها بما عندهم من حنان وعطف وبر وود فأحاطوها بجو من السعادة التى فاحت فى جنبات بيت الزوجية
بعد انتهاء موضوع صفية ظن يوسف أنه يجب عليه أن يسعى إلى تحقيق هدفه الآخر فبدأ فى التفكير ولكنه قطعه لأنه تذكر شىء لم يكن يحسب له أو يتوقعه فبعد شهر يستكمل عامه 00 وعليه أن يؤدى الخدمة العسكرية وفى خلال سيطرة الموضوع على نفسه كان طيف الحبيبة يأتى بين حين وأخر وعندما يأتى الطيف يسأل يوسف نفسه ما المانع من تلبية أمر العسكرية والزواج معا ؟ويجيب الزواج سيبتر القلق ويزيل الحيرة إذا تم قبل التجنيد
قرر يوسف أخيرا أن يجمع بين الأمرين لذا عزم على مقابلة وفاء بأى شكل من الأشكال لقد زال الحجر الذى كان عثرة فى طريقه وبالفعل نفذ ما عزم عليه فخرج إلى المحطة كى يراها يلتقى بها لكنه ما فتأ أن عاد بخفى حنين وتكرر ذلك عدة أيام حتى رآها وهو يجيل بصره فى الواقفات فأمسك نفسه وملك زمامها وقرر الذهاب خلفها إلى المدينة حيث مقر عملها وحيث تتفرق صويحباتها حتى يكلمها وركب معهن الحافلة للمدينة وما إن تفرقت صويحباتها بعد وصول الحافلة للمدينة حتى اقترب منها وناداها باسمها فالتفتت خلفها فلقيته بابتسامتها المعهودة وسألته ماذا تريد يا يوسف فرد والدم يكاد يتجمد فى عروقه خوفا من ردها لو تسمحين أريد عشرة دقائق من وقتك فأجابته والفرحة ترقص فى عينيها بكل سرور تفضل وما إن أتمت كلمة تفضل حتى قال ليس معقولا فى هذا الوقت فوقت العمل يكاد يبدأ فردت إذا بعد الخروج من العمل إن شاء الله فرد قائلا الموضوع خاص ولا يصح أن نتكلم فيه فى الشارع على الواقف سأنتظرك على هذا الباب الساعة الثانية إن شاء الله فردت وهى تبتسم تفضل من غير مطرود
لقد عرف أنها عرفت ما الموضوع فأدار ظهره ومشى يتجول فى طرقات المدينة يسرح بخياله لكنه غير مرتاح لهذه الطريقة اللصوصية التى طالما كان يذمها وينكرها على الآخرين لكن هذا هو الطريق الوحيد لإنقاذه من وساوس الشيطان والارتفاع به عن السفاسف وحمايته من عمل الرذيلة والوقوع فى مهاويها
كان يشعر أن أحدا يطرق على رأسه طرقا شديدا فكان يحس بالثوانى ساعات وبالساعات أيام كان يشعر أن الزمن متوقف لا يتقدم يحس أنه كالقاتل ينتظر من ينجيه من حكم الاعدام الصادر عليه .
أراد أن يتخلص من وطأة القلق فاشترى صحف الصباح وجلس فى المنتزه يقلب صفحاتها فقرأ ما قرأ ولم يفهم شىء أو يعرف ماذا قرأ فالفكر مشتت فعينيه على السطور تقرئها وعقله مشغول بالحبيبة ،لم يطق الجلوس ومشى فى الشوارع كالتائه لا يعرف أين بيته ولا أهله وإذ هو على تلك الحال اقتربت الساعة من الثانية إلا ربعا فاندفع يشق طريقه فى وسط الزحام إلى مكان عملها ووقف ينتظرها على أحر من الجمر
لما دقت الساعة الثانية حان وقت الانصراف فخرجت مقبلة نحوه بخطى سريعة وبدرته قائلة هذه أنا قد جئت فما تريد فرد وهو ينظر إلى الأرض لا ينفع الكلام فى الشارع رد قائلة إلى أين تريد أن تذهب قال أى مكان هادى يعجبك فقالت أنا لا أريد أن أكلفك شىء تعال نجلس فى المنتزه ونتحدث فقال يوسف بلهجة حادة الوقت وقت غدا يعنى نروح مطعم أمأت موافقة فسارا حتى دخلا مطعما فجلسا وطلب يوسف الطعام من الخادم لفردين ثم وجه حديثه لها قائلا تعرفين الموضوع أليس كذلك ؟فردت بلا شك أعرف فقال ولذا لم تتردى فى الموافقة على لقائنا لأنك تعرفين أن هذا الحب متأصل فى النفس منذ عرفنا معنى الحب والدليل تلك النظرات والحركات التى كانت تصدر منا عندما نرى بعضنا وكاد هذا الحب يموت بسبب الخجل فردت وقد توردت وجناتها صحيح لكن الجزء الأكبر من المسئولية يقع على عاتقك لأنك رجل ولأنى فتاة يعصمها حياؤها أن تنبس لشاب غريب بكلمة الحب ولا تريد أن تصبح حديث كل لسان ولا تريد أن تكون موضع شبهة فقطع الخادم الحديث بوضعه الطعام أمامهما فحمدا الله بعد تناولهما إياه فجاء النادل وحمل الصحاف فطلب يوسف منه كوبين من الليمون ثم وجه حديثه إليها قائلا دعينى أقل لك أحبك فقط ولا أزيد فردت وهى تحدق فى وجهه قائلة الحب هو الذى سيصنع حياتنا فى المستقبل فقال وهو يضحك فى أعماق نفسه آه لو تعرفين ما كابدت من الشوق لقد أحببتك قلبا وقالبا من منظورى الخاص بك وهو ليس منظور جسدى لأنه عندى أخر شىء فى الحب وأتى النادل بأكواب الليمون ووضعه على المنضدة وانصرف فشرب كل منهما كوبه وقاما الاثنان بعد أن دفع يوسف ثمن الطعام والشراب فسارا على الرصيف بعد أن خرجا من المطعم فقال لها يوسف اسمعى يا وفاء متى يكون اللقاء الذى نتفق فيه على ميعاد الخطوبة ؟فردت بمرح غدا إن شاء الله فى نفس المكان ولكن أنا اللى هأدفع الحساب فقال يوسف وهو يضحك موافق وانطلقا يريدان المحطة وركبا عربة من عربات الأجرة أوصلتهما إلى البلد وبعد ذلك انصرف كل منهما على بيت عائلته
وصل يوسف إلى البيت مجهدا فنام واللقاء يشغل تفكيره فلما قام من النوم فى الصباح لم يفعل كما كان يفعل فى الأيام السالفة فلم يخرج إلى المحطة ولكنه انتظر فى البيت حتى دقت الساعة الواحدة ثم خرج من البيت قاصدا المحطة فركب حافلة أوصلته إلى المدينة فى ربع ساعة فحث يوسف الخطا نحو المؤسسة التى تعمل فيها على عجل ووقف ينتظرها فلما خرجت انطلقا سويا إلى حيث المطعم وجلسا فى نفس مكان الأمس وكان لقاء البارحة قد زاد من عرى حبهما وشباته فبادرها يوسف قائلا لقاء البارحة أحيا فى نفسى أملا عظيما أحفظه فيها وقد قيض الله لى من الأمور ما يجعلنى أعجل به فردت والابتسامة تعلو وجهها تقصد الزواج ؟فرد بكل صراحة نعم لأنى خائف عليك من نفسى فقد يغوينى شيطانى فأعرضك وأعرض نفسى لموقف أليم والمثل بيقول الوقاية خير من العلاج فالزواج حصن يقينا من هذا الموقف وقاية دائمة فقالت بنبرة قوية صدقت فالزواج يربأ بنا عن الدنايا والرزايا ويوصد علينا باب لا ينغلق وما جشمت نفسى هذا التعب إلا من أجل حبى لك وثقتى فيك فقال أرجو أن تتوسمى فى هذه الصراحة الخير لأنى لم أقصد بهذا الكلام إلا المحافظة على كرامتك وسمعتك وليس لأى غرض أخر فردت بنبرة اختلط فيها الفرح بالحماسة أنا سعيدة بك لأن كل ما تصورته فيك ليس أضغاث أحلام ولكن حقيقة واقعة لكن هناك شىء لاحظته عليك فقال ما هو ؟فى هذه اللحظة جاء النادل حاملا الطعام فوضعه وانصرفه فقالت وفاء من خلال حديثى معك أشعر أن هناك نوع من الرهبة داخلك فقال هذا صحيح لأنى يا وفاء لست متصور أننى أجلس معك وأحدثك فقالت متى تريد أن تنجز الموضوع مع أهلى فرد بصوت قوى لقد حسمت بردك هذا الموضوع وعموما الموعد نخليه بعد الأكل فتناولا الطعام وشربا الليمون ثم قالت ليوسف ما رأيك أن نتروى حتى يسبر كل منا أعماق نفسه ويجمع شتات عقله كى ترين صورة كل جانب منا للجانب الأخر بوضوح شديد فرد قائلا لكن يا وفاء أنت تعرفين أن حبنا لا مرية فيه والنتيجة معروفة مسبقا فقالت ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال والتريث والتروى على كل حال أحسن لأن فى العجلة الندامة وفى التأنى السلامة فقال لكن أرجو أن نقصر الوقت لأن طوله سيسبب لنا القلق فى آماد كثيرة فردت والابتسامة ما زالت عالقة بشفتيها أسبوع واحد كافى لذلك فقال على ذلك سيكون اللقاء القادم بعد أسبوع من اليوم إن شاء الله فى نفس المكان ثم قاما فدفع الحساب وانطلق معها للمحطة وركبا الحافلة ولما وصلت للقرية ودع كل منهما الأخر وأودع فى النظرة الأخيرة ما تكنه جوانحه كلها .
كان الأسبوع كافيا لكشف الخبايا والسرائر فى الأنفس واختبار للمعدن الأصيل ففى الأسبوع يظهر الخفى والمستور وبناء على الصدق يمتد السماط ويتجمع الأحباب وتنار الأنوار وبناء على الكذب يكون يكون السماط كما هو ملوم والأحباب كما هم فى تفرق والأنوار ظلام ،جول يوسف على أن لا ينكص على عقبيه وأن يثبت لها مدى اخلاصه فى حبها وأما هى فكان نفس الشىء ولما جاء اللقاء الموعود كان القلبان يخفقان بشدة والعقول تذهب كل مذهب حقا إن هذا اللقاء كان عندهما أعظم من مقابلة الموت وانطلق كل منهما إلى المكان المحدد والتقيا فقال يوسف بسرعة وهو يبعد عينيه عن النظر فى عينيها بلا مقدمات ولا سلامات ما رأيك ؟وبنفس السرعة ردت وفاء موافقة بلا شروط فقال مرحبا بك زوجة لى فقالت أهلا وسهلا بك زوجا لى فقال الخميس القادم سآتى لبيتكم كى أكلم أباك لكن هناك شىء يجب أن أعلمه قبل الذهاب لبيتكم فقالت وهى تضحك مرحب بك ما هو هذا الشىء الذى يجب أن تعرفه فرد قائلا أليس لك أخت توأم ردت بلى قال ما الفرق بينكما؟فقالت لا شىء سوى الاسم وهى مخطوبة وفى يدها خاتم الخطوبة فقال يوسف وهو فى غاية السعادة حسنا جدا لقد أخذنا الحديث ونسينا أن نطلب طعام الغداء والليمون
بعد اللقاء أسرع يوسف لعمه عبد القادر وكلمه فى الموضوع فرحب بذلك ترحيبا شديدا وقرر الذهاب معه لأهل وفاء ومعهم زكى
مكث يوسف الأيام الباقية على يوم الخميس فى عمل مستمر ورتب نفسه وذهب مع عمه وزكى لبيت الحبيبة وهناك تمت الخطبة فارتفعت الزغاريد وارتسمت الفرحة على محيا الجميع وكان جنبات البيت قد تجاوبت مع أصداء الفرحة فبدت كأنها مبتسمة لقد وصل الحبل وقرا الحب فى القلبين وسرا فى النفسين فنال يوسف ما طلب وتحقق ما ابتغاه ولم يعد أمامه شىء يمنعه عن المضى على عزمه وبعد إتمام الخطبة ذهب يوسف إلى المدرسة فأخلى طرفه وجلس الأيام الباقية على موعد الذهاب لمنطقة التجنيد فى البيت يرسم حياته فى السنوات المقبلة إن كانت له حياة فى أم الكتاب
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 95745
تاريخ التسجيل : 11/07/2009
العمر : 55
الموقع : مكة

https://betalla.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى