بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
دخول
نقد كتاب فى الشعر الجاهلى
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب فى الشعر الجاهلى
نقد كتاب فى الشعر الجاهلى
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
كتاب فى الشعر الجاهلى هو أحد كتب طه حسين التى أثارت ضجة عند صدورها وقد قيل الكثير فى ذلك الكتاب ومن أهم تلك الأقوال أن الكتاب ما هو إلا ترجمة لبحث صدر من قبل للكافر مرجليوث الذى يسمونه هو وأضرابه المستشرقون وما هم إلا طاعنون فى دين الله
ككل كتب طه حسين التى تتناول الإسلام الرجل يدس السم فى العسل فهو يعتبر نفسه مدافع عن الإسلام ولكنه فى الحقيقة طاعن فيه حاقد عليه
البداية الخاطئة هى تسمية البحث فى الشعر الجاهلى معتقدا أن صفة الجاهلى تطلق على فترة ما قبل بعثة النبى(ص) فمن الأخطاء الشائعة إطلاق الأدب الجاهلى على أدب ما قبل البعثة المحمدية والخطأ يكمن فى أن الجاهلية ليس لها زمن محدد فهى موجودة قبل بعث محمد(ص)وفى عصره وبعده وهى تعنى الأدب المخالف للإسلام ومخالفة الإسلام لا تنعدم فى أى وقت وفى إرادة الناس لها قال تعالى بسورة المائدة "أفحكم الجاهلية يبغون "أى هل شريعة الباطل يريدون طاعتها ؟والجاهلية لفظيا تعنى عدم العلم بدليل أن الله طلب من نبيه (ص)أن يقول للكفار بسورة الزمر "قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"وبدليل أن الله سمى المسلمين الذين يعلمون والكفار الذين لا يعلمون فقال بسورة الزمر"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون
مقياس معرفة صحة الشعر وبطلانه :
إن الوسيلة لمعرفة صحة نسبة الشعر لصاحبه هى محالة فى الوقت الحاضر، وما يهمنا من الشعر هو موافقته للإسلام أو مخالفته وقد بنى موقف القدماء على ذلك المقياس بدليل قول ابن سلام "وليس لأحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شىء منه أن يقبل من صحيفة ولا يروى عن صحفى "وأما المقاييس الحالية فبعضها يتفق معه وبعضها يختلف فى الأسس وهى عندهم :
ملاءمة اللفظ والمعنى لحياة ما قبل البعثة وكلمة الحياة عندهم غير واضحة فإذا كان المراد بها طرق المعيشة ومخلوقات الأرض التى يتم التعامل معها فإن هذه الطرق عادت للظهور نتيجة انهيار الدولة الإسلامية بدليل وجود الخمارات والدعارة والزنى وغيرها من الموبقات وإذا كان المراد بها أن لشعر ما قبل البعثة معانى لا تظهر إلا فيه فهذا خطأ لأن الشعر كان فيه المعانى نفسها عبر العصور خاصة أن البداوة لا تتغير فى طرق معيشتها باختلاف العصور إلا فى القليل من الأشياء .
ألا يوجد فى الشعر ألفاظ إسلامية وهو قول صادر عن جهل فالإسلام ليس دين محمد (ص)وحده وإنما هو دين كل الرسل لقوله بسورة آل عمران "إن الدين عند الله الإسلام "إذا فالألفاظ الإسلامية توجد فى كل العصور وإن شابها تحريف فى بعضها بدليل وجود الأحناف والنصارى واليهود ولديهم ألفاظ إسلامية صحيحة كما لديهم ألفاظ محرفة ولذا قال تعالى عنهم بسورة البقرة "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ".
إذا الإسلام ليس شيئا جديدا على عصر ما قبل البعثة وإنما شىء موجود حتى وإن حرف .
وجود خصائص فنية مشتركة بين طائفة من الشعراء ولا يوجد مثل هذا إلا أن يكون إلتزام بالحق أو بالباطل وأما الخصائص من جزالة وسهولة وغموض فهذه ليست خصائص لأن شعر أى شاعر توجد فيه كل الخصائص بدرجات متفاوتة
حياة الناس بين القرآن وشعر ما قبل النبى (ص)
قيل فى الشك القولة التالية :
"إن القرآن يبين لنا حياة اقتصادية متخلفة عند الناس فى حين أن الشعر يغفل هذا كما أن القرآن يبين لنا حياة الناس فى المدن والحضر بينما الشعر يمس ذلك مسا رقيقا "بداية القرآن كتاب إصلاح وتقويم وأما الشعر فهو إما هادف للإفساد أو للإصلاح ومن أجل هذا نجد أن الشاعر المظلوم من النواحى الإقتصادية والإجتماعية هو الذى يعبر عن ذلك ومن الشعر المعبر عن الحياة الإقتصادية قول طرفة فى أكل مال اليتامى :
ما تنظرون بحق وردة فيكم صغر البنون ورهط وردة غيب
قد يبعث الأمر العظيم صغيره حــتى تظل له الدماء تصبب
والظلم فرق بين حيى وائل بكر تســاقيها المنايا تغلب
أدوا الحقوق تفر لكم أعراضكم إن الكريم إذا يـحرب يغضب
وقوله فى نفس الأمر :
وأيأسنى من كل خير طلبته كأنا وضعناه على رمس ملحد
على غير شىء قلته غير أننى نشدت فلم أغفل حمولة معبد
وقوله فى إسراف المال فى الحرام :
وما زال تشرابى الخمور ولذتى وبيعى وانفاقى طريفى ومتلدى
وقوله فى ذم البخيل والمسرف :
أرى قبر نحام بخيل بماله كقبر غوى فى البطالة مفسد
وقوله فيما يفعل المال بالإنسان وهو جعله سيدا على الأخرين يزار من أجل ماله وهى وجهة نظر خاطئة :
فلو شاء ربى كنت قيس بن خالد ولو شاء ربى كنت عمرو بن مرثد
فأصبحت ذا مال كثير وعادنى بـــــنون كرام سادة لمسود
وقول لبيد فى إطعام الناس وهو جانب اقتصادى حسن :
وجزور أيسار دعوت لحتفها بمغــالق متشابه أعلامها
ادعوا بها لعاقر أو مطفل بذلت لجـيران الجميع لحامها
فالضيف والجار الجنيب كأنما هبطا تبالة مـخصبا أهضامها
وهناك أبيات كثيرة عن الإقتصاد وأما الحياة الإجتماعية ففيها الكثير أيضا مثل قول الحارث بن حلزة عن ظلم قومه اليشكريين:
إن إخواننا الأراقم يغلو ن علينا فى قولهم إحفاء
وقول طرفة فى ظلم الأقارب :
وظلم ذوى القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند
وقول عروة بن الورد عن نصيحة زوجته :
أرى أم حسان الغداة تلومنى تخوفنى الأعداء والنفس أخوف
لعل الذى خوفتنا من أمامنا يصادفه فى أهـــله المتخلف
وقول السليك بن السلكة فى الإساءة للرقيق :
أشاب الرأس أنى كل يوم أرى لى خالة وسط الرجال
يشق على أن يلقين ضيما ويعجـز عن تخلصهن مالى
وقول الأعشى فى لقاء الحبيبة بعيدا عن أهلها للمتعة الحرام :
ولو أن دون لقائها جبلا مزلقه هضابه
لنظرت أنى مرنقا ه وخير مسلكه عقابه
أتيتها إن المحب مـكلف دنس ثيابه
ولو أن دون لقائها ذا لبدة كالزج نابه
لأتيته بالسيف أم شى لا أهد ولا أهابه
وهناك الكثير مما يعبر الحياة فى المجتمعات ونكتفى بهذا
الشك فى شعر ما قبل البعثة:
"مما نسميه شعرا جاهليا ليست من الجاهلية فى شىء وإنما هى منتحلة مختلقة يبعد ظهور الإسلام فهى إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين وأكاد لا أشك فى أن ما بقى من الشعر الجاهلى الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدل على شىء ولا ينبغى الاعتماد عليه فى استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلى":ص71
الشك فى شعر ما قبل البعثة هى قضية لا قيمة لها فهى تدور حول سؤال هل العمل منسوب لصاحبه فعلا أم لا؟ ولو عقل القوم لكان سؤالهم هل هو موافقة للإسلام أم لا وذلك من أجل تفنيد مخالفتها للإسلام والقرآن عندما يناقش أقوال الناس لا يقول إلا قليلا قال فلان أو علان فى نقل كلام الغير ويفند الأقوال الخاطئة منها لأن الهدف ليس إثبات من هو صاحب القول وإنما الهدف إثبات ضلال القول وبطلانه وخلاصة القول فى القضية أن الشعر كأى كلام دخله التحريف فبعضه صحيح النسبة لصاحبه وبعضه ليس صحيح النسبة
أما قول طه أن لغة الشعر نفسها هى لغة القرآن وهذا يعنى فى رأيه سبق القرآن للشعر وهو تخريف لأن كثير من ألفاظ الشعر لم يرد فى القرآن مثل جلمود ومكر ومفر ومصرد والأندرينا وثاو وهى كلمات من المعلقات السبع زد على هذا أن القرآن كان لابد أن يأتى بلغة القوم ومنها لغة الشعر وإلا أصبح الحال هو عدم فهم النبى (ص)والناس للقرآن لأنه أرسل بما لا يعرف الناس وقد أرسل كل رسول بلسان قومه ولذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم "ولنا أن نسأل لو أن النبى (ص)أبلغ متحدثى العربية بلغة جديدة فهل سيفهمونها ؟بالقطع لا
ونلاحظ أن الرجل يقول ان الشعر الجاهلى لا يوجد منه شىء إلا نادرا وهو قوله "
"وأكاد لا أشك فى أن ما بقى من الشعر الجاهلى الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدل على شىء"ص71
ومع هذا يزعم أن العصر الجاهلى القريب من الإسلام لم يضع فى قوله:
"وأنا أزعم مع هذا كله أن العصر الجاهلى القريب من الإسلام لم يضع وأنا نستطيع أن نتصوره تصورا واضحا قويا صحيحا ولكن بشرط ألا نعتمد على الشعر بل على القرآن من ناحية والتاريخ والأساطير من ناحية أخرى"ص71
ومعنى أن العصر لم يضع هو وجود شعره ونثره
مصادر معرفة العصر الجاهلى عند طه حسين:
ونلاحظ فى الفقرة أن الرجل جعل مصادر معرفة العصر الجاهلى ثلاثة القرآن والتاريخ والأساطير وعاد وناقض نفسه فى المصادر فجعلها القرآن والشعر فى عهد النبى (ص) والشعر الأموى فى قوله:
"وإنما أسلك إليها طريقا أخرى وأدرسها فى نص لا سبيل إلى الشك ص78 فى صحته أدرسها فى القرآن فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولم تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه "ص79
طه حسين وامرؤ القيس:
وقد سلك طه حسين فى كتابة مسلك التناقض ففى فقرة نجده يمحو شعر امرؤ القيس بجرة قلم لكونه يمنى لم تكن العربية لغته فى قوله :
"وقد يكون لنا أن نلاحظ قبل كل شىء ملاحظة لا أدرى كيف يتخلص منها أنصار القديم وهى أن امرأ القيس إن صحت أحاديث الرواة يمنى وشعره قرشى اللغة لا فرق بينه وبين القرآن فى لفظه وأعرابه وما يتصل به من قواعد الكلام ونحن نعلم كما قدمنا أن لغة اليمن مخالفة كل المخالفة للغة الحجاز فكيف نظم الشاعر اليمنى شعره فى لغة أهل الحجاز بل فى لغة قريش خاصة "ص212
ومع هذا يعود فيقبل شعر الرجل على كونه عربى فى قوله:
"هذا مذهبنا الذى نرجحه فنحن نقبل أن امرأ القيس هو أول من قيد الأوابد "ص218
طه حسين وتناقضه فى استخدام منهج ديكارت:
وأما مسألة استخدامه منهج ديكارت الشكى فالرجل يناقض نفسه فهو يقرر أن المنهج يجب فيه الشك فى كل شىء بلا استثناء شىء من القديم وغيره فى قوله:
"أريد أن أصطنع فى الأدب هذا المنهج الفلسفى الذى استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء فى أول هذا العصر الحديث والناس جميعا يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هو أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما والناس جميعا يعلمون أن هذا المنهج سخط عليه أنصار القديم فى الدين والفلسفة يوم ظهر كان منه أخصب المناهج وأقومها وأحسنها أثرا وأنه قد جدد العلم والفلسفة تجديدا وأنه قد غير مذاهب الأدباء فى أدبهم والفنانين فى فنونهم وأنه الطابع الذى يمتاز به هذا العصر الحديث"ص74
والعبارة المرادة فى الفقرة هى" القاعدة الأساسية لهذا المنهج هو أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما"
ويعود الرجل فيطلب من أهل بلده استخدام المنهج فى كل شىء فيقول:
"فأنت ترى أن منهج ديكارت هذا ليس خصبا فى العلم والفلسفة والأدب فحسب وإنما هو خصب فى الأخلاق والحياة الاجتماعية أيضا وأنت ترى أن الأخذ بهذا المنهج ليس حتما على الذين يدرسون العلم ويكتبون فيه وحدهم بل هو حتم على الذين يقرءون أيضا وأنت ترى أنى غير مسرف حين اطلب منذ الآن على الذين لا يستطيعون أن يبرءوا من القديم ويخلصوا من أغلال العواطف والأهواء حين يقرءون العلم ويكتبون فيه ألا يقرءوا هذه الفصول فلن تفيدهم قراءتها إلا أن يكونوا أحرار حقا"ص77
ومعنى هذا هو أن نشك فى كل شىء وأهم شىء فى حياة المسلمين هو القرآن فيجب أن نشك فيه ومع هذا يتخلص طه حسين من هذه النقطة فيعلن أنه لا يشك فى صحة القرآن
"فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولم تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه "ص79
طه حسين القرآن كتاب تاريخ ولغة:
ومع هذا الاعتراف بعدم الشك نجد طه حسين يعود لعباراته المغرضة فيجعل القرآن نص تاريخى صحيح بقوله:
" القرآن وحده هو النص العربى القديم الذى يستطيع المؤرخ أن يطمئن إلى صحته ويعتبره مشخصا للعصر الذى تلى فيه فأما شعر هؤلاء الشعراء وخطب هؤلاء الخطباء وسجع هؤلاء الساجعين فلا سبيل إلى الثقة بها ولا على الاطمئنان إليها ص196
والقرآن بهذا ليس الكلام ليس كتاب هداية وإنما كتاب تاريخ مع أن التاريخ فى المصحف الحالى قليل
ويعود مرة أخرى للعبارات التى تدل على عدم اعترافه بكون القرآن يهدى للتى هى أقوم كما قال الله فيجعله كتاب لغوى فيقول:
"وإنما نعيد شيئا واحدا وهو أننا نعتقد أنه إذا كان نص عربى لا تقبل لغته شكا ولا ريبا وهو لذلك أوثق مصدر للغة العربية فهو القرآن وبنصوص القرآن وألفاظه يجب أن نستشهد على صحة ما يسمونه الشعر الجاهلى بدل أن نستشهد بهذا الشعر على نصوص القرآن "ص142
ويصر طه حسين على أن القرآن كتاب لغوى مرة أخرى فيقول :
"إنما كان القرآن جديدا فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ولكنه كان كتابا عربيا لغته هى اللغة العربية التى كان يصطنعها الناس فى عصره أى فى العصر الجاهلى"ص80
هذه العبارات التى تتكرر فى الكتاب تدل على أن طه حسين لا يتعامل مع القرآن ككتاب هداية وحكم عادل وإنما يتعامل معه كنص تاريخى ونص لغوى وهو ما لا دليل عليه من المصحف نفسه
كما نجد العبارات المبهمة التى لا تبين الحقيقة فى تأثر القرآن بشعر أمية بن أبى الصلت من عدمه فى قوله:
"وليس يعنينى هنا أن يكون القرآن قد تأثر بشعر أمية أو لا يكون فأنا لا أورخ القرآن وأنا لا أذود ولا أتعرض للوحى وما يتصل به ولا للصلة بين القرآن وما كان يتحدث به اليهود والنصارى كل ذلك لا يعنينى الآن وإنما يعنينى شعر أمية بن أبى الصلت وأمثاله من الشعراء"ص148
العبارة مع كونها مبهمة فهى تثير الشك فى القرآن فى قضية التأثر
"يصلون منها إلى حياة جاهلية لم يعرفوها إلى حياة جاهلية قيمة مشرقة ممتعة مخالفة كل المخالفة لهذه الحياة التى يجدونها فى المطولات وغيرها مما ينسب إلى الشعراء الجاهليين ذلك أنى لا أنكر الحياة الجاهلية وإنما أنكر أن يمثلها هذا الشعر الذى يسمونه الشعر الجاهلى فإذا أردت أن أدرس الحياة الجاهلية فلست أسلك إليها طريق امرىء القيس والنابغة والعشى وزهير لأى لا أثق بما ينسب لهم وإنما أسلك إليها طريقا أخرى وأدرسها فى نص لا سبيل إلى الشك ص78 فى صحته أدرسها فى القرآن فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولك تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه فلست أعرف أمة من الأمم القديمة استمسكت بمذهب المحافظة فى الأدب ولم تجدد فيه إلا بمقدار كالأمة العربية"ص79
هل القرآن جديد؟
"إنما كان القرآن جديدا فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ولكنه كان كتابا عربيا لغته هى اللغة العربية التى كان يصطنعها الناس فى عصره أى فى العصر الجاهلى"ص80
الخطأ هنا هو كون القرآن كتاب جديد فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون فالقرآن ككل الوحى الإلهى متكرر المعانى كما قال تعالى لنبيه(ص):
" ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك"
وكما قال :
"إ نَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ"
النصرانية والنبى(ص):
"وأما نصرانية النصارى فلم تكن معارضتها للإسلام إبان حياة النبى قوية قوة المعارضة الوثنية واليهودية لماذا لأن البيئة التى ظهر النبى لم تكن بيئة نصرانية إنما كانت وثنية فى مكة يهودية فى المدينة ولو ظهر النبى فى الحيرة أو فى نجران للقى من نصارى هاتين المدينتين مثل ما لقى من مشركى مكة ويهود المدينة "ص81
زعم الرجل هنا أن البيئة التى كان النبى(ص) يعيش فيها لم تكن النصرانية ظاهرة فيها فى مكة أو فى المدينة وهو كلام لا أساس له فالنصارى كانوا متواجدين فى كثير من البلاد وسورة كمريم سورة مكية فهل تنزل السورة لتخاطب من لا وجود لهم فى مكة ؟
بالقطع كان هناك طائفة من النصارى فى مكة بدليل تاريخى هو صهيب الرومى وسلمان الفارسى فالرجلان كان على دين النصرانية وكان ورقة بن نوفل كذلك كما تحكى كتب التاريخ ورواياته وورقة لم يكن حسب التاريخ المعروف رجلا فقيرا وإنما واحد من كبار البلدة ومن المعروف أن العبيد والإماء يتبعون أسيادهم فى الدين فى الغالب وخلق ورقة اللين من المؤكد انه جذبهم بمعاملته الحسنة لدينه
حياة الجاهليين وطه حسين:
" فأما هذا الشعر الذى يضاف إلى الجاهليين فيظهر لنا حياة غامضة جافة بريئة أو كالبريئة من الشعور الدينى القوى والعاطفة الدينية المتسلطة على النفس والمسيطرة على الحياة العملية وإلا فأين تجد شيئا منه هذا فى شعر امرىء القيس أو طرفة أو عنترة أو ليس عجيبا أن يعجز الشعر الجاهلى عن تصوير الحياة الدينية للجاهليين "ص82
الرجل هنا يقول أن الشعر لا يمثل حياة الوثنيين أو النصارى أو اليهود الدينية وإنما يمثل الإسلام والمسلمين وهو جنون لأنه يمثل حيوات مختلفة قبل البعثة المحمدية فهل من الإسلام قول لبيد فى معلقته
من معشر سنت لهم أباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها
فهذا يدعو لوضع الشرائع من قبل الناس وقوله :
فبنى لنا بيتا رفيعا سمكه فسما إليه كهلها وغلامها
وقول طرفة :
وإن يلتق الحى الجميع تلاقنى إلى ذروة البيت الرفيع المصمد
فهى أقوال تدعو للعنصرية وهى وجود ناس مميزة عن غيرها وهل قول طرفة فى الزنى :
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب ببهكنة تحت الطرف المعمد
وقوله:
رحيب قطاب الجيب رفيقة بجس الندامى بضة المتجرد
من الإسلام فى شىء؟
لا لأنه يحلل الزنى وهنا يدعو له
مدح طه حسين للجاهليين:
قال طه حسين:
"أفتظن قوما يجادلون من هذه الأشياء جدالا يصفه الإنسان بالقوة ويشهد لأصحابه بالمهارة أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذى يضاف إلى الجاهليين كلا لم يكونوا جهالا ولا أغبياء غلاظا ولا أصحاب حياة جافة خشنة جافية وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة"ص83
وقال:
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
وقال:
",إذا كانوا أصحاب علم ودين وأصحاب ثروة وقوة وبأس وأصحاب سياسة متصلة بالسياسة العامة متأثرة بها مؤثرة فيها فما أخلقهم أن يكونوا أمة متحضرة راقية لا أمة جاهلة همجية وكيف يستطيع رجل عاقل أن يصدق أن القرآن قد ظهر فى أمة جاهلة همجية"ص86
وقال :
"والقرآن لا يمثل الأمة العربية متدينة مستنيرة فحسب بل هو يعطينا منها صورة أخرى يدهش لها الذين تعودوا أن يعتمدوا على هذا الشعر الجاهلى فى درس الحياة العربية قبل الإسلام فهم يعتقدون أنه العرب كانوا قبل الإسلام امة معتزلة تعيش فى صحرائها لا تعرف العالم الخارجى ولا يعرفها العالم الخارجى "ص84
الرجل يفترى على القرآن فى أنه لم يصف العرب بكونهم امة جاهلة وهو ما يناقض أقوال مثل:
" أفحكم الجاهلية يبغون"
"قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"
الاتصال الاقتصادى:
قال طه حسين:
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
زعم الرجل أن رحلة الشتاء والصيف كانت إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس وهو كلام استقاه الرجل من الروايات الكاذبة فلا ذكر ليمن ولا شام فى الرحلتين ولا لروم ولا لفرس أو لحبشة والسورة ليس فيها ما يدل على ذلك على الإطلاق والرحلة ليست رحلة لخارج نطاق مكة ولكنها رحلة داخل مكة فالسكان يتركون بيوتهم الداخلية وهى المحيطة بالكعبة للحجاج والعمار طوال الأربعة أشهر المحرمة لبيوتهم الخارجية فى مكة ثم يعودون بعد رحيل العمار والحجاج لبيوتهم الداخلية ليقضوا فيها الثمانية أشهر
تأليف قلوب الأعراب بالمال:
تساءل طه حسين سؤالا:
"أليس قد شرع للنبى أن يستأنف قلوب الأعراب بالمال"ص84
والغرض لإثبات أن النبى(ص) كان يتألف قلوب الأعراب بالمال وهو كلام استقاه من التفسيرات الخاطئة التى درسها هو كلام يناقض القرآن نفسه الذى ذكر أن مال الدنيا لا يؤلف قلوب الناس وفى هذا قال تعالى :
"وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ "
لغة حمير ولغة العرب:
زعم طه حسين أن لغة اليمن لم تكن اللغة العربية وإنما لغة حمير وكرر القول عدة مرات منها :
"على هذا كله يتفق الرواة ولكنهم يتفقون على شىء أخر أيضا أثبته البحث الحديث وهو أن خلافا قويا بين لغة حمير وهى العرب العاربة ولغة عدنان وهى العرب المستعربة وقد روى عن أبى عمرو بن العلاء ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا "ص88
"ذلك لأننا لا نجد بين هؤلاء الشعراء الذين يضيفون لهم شيئا كثيرا من الشعر الجاهلى قوما ينتسبون إلى عرب اليمن على هذه القحطانية العاربة التى كانت تتكلم لغة غير لغة القرآن والتى كان يقول عنها ابو عمرو بن العلاء لإن لغتها مخالفة للغة العرب والتى أثبت البحث الحديث ان لها لغة أخرى غير اللغة العربية ولكننا حين نقرا ألشعر الذى يضاف إلى شعراء هذه القحطانية فى الجاهلية لا نجد فرقا قليلا ولا كثيرا بينه وبين شعر العدنانية بل نحن لا نجد فرقا بين هذا الشعر ولغة القرآن"ص92
الرجل هنا يعتمد على مقولة منسوبة لأبى عمرو بن العلاء ويصدقها بدون تمحيص أو شك كما يقتضى منهج الشك الديكارتى
الرجل يبنى على مقولة لم يتم التأكد منها فأبو عمرو لم يذكر شيئا عن تلك الاختلافات الواسعة بين اللغتين ولا ذكرها طه حسين وما قاله من كون البحث الحديث أثبت ذلك وهم فالاختلاف فى الكتابة لا يعنى الاختلاف فى اللغة فاللغة قد تكون واحدة ولها خطوط مختلفة متباينة والمثال الأشهر فى عصرنا هو اللغة القبطية أى المصرية القديمة كما يزعمون كانت تكتب بالخط الهيروغليفى و الخط الديمطيقى ورمز ذلك هو حجر رشيد
الخط الحميرى أو المسندى هو خط لكتابة اللغة العربية ولكنه مختلف عن الخط المعروف حاليا
ونلاحظان الرجل الذى يقيم على مقولة أبو عمرو بن العلاء هذا البناء المتين عنده يتهم أبو عمرو بوضع الشعر فيقول :
"والعجب أن رواة لم تفسد مروءتهم ولم يعرفوا بفسق ولا مجون ولا شعوبية قد كذبوا أيضا وانتحلوا فأبو عمرو بن العلاء يعترف بأنه وضع على الأعشى بيتا:
وأنكرتنى وما كان الذى نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا"ص188
فكيف يصدقه الرجل فى مقولة وهو كاذب مزور ؟
أليس هذا تناقضا؟
الانتماء لإبراهيم(ص):
قال طه حسين
"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا ولكن ورود هذا الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى فضلا عن إثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم على مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون على أن نرى فى هذه القصة نوعا من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى وأقدم عصر يمكن أن يكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذى اخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبثون فيه المستعمرات فنحن نعلم أن حروبا عنيفة نشبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون فى هذه البلاد وانتهت بشىء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذى استقر بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التى تجعل العرب واليهود أبناء أعمام لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئا من التشابه غير قليل فأولئك وهؤلاء ساميون"ص89
وقال:
"ولم يكن أحد قد احتكر ملة إبراهيم ولا زعم لنفسه الانفراد بتأويلها فقدأخذ المسلمون يردون الإسلام فى خلاصته إلى دين إبراهيم هذا الذى هو أقدم وأنقى من دين اليهود والنصارى وشاعت فى العرب فى أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة أن الإسلام يجدد دين إبراهيم ومن هنا اخذوا يعتقدون أن دين إبراهيم هذا قد كان دين العرب فى عصر من العصور ثم أعرضت عنه لما أضلها به المضلون وانصرفت إلى عبادة الأوثان ولم يحتفظ بدين إبراهيم إلا أفراد قليلون يظهرون من حين على حين هؤلاء الأفراد يتحدثون فنجد من أحاديثهم ما يشبه الإسلام وتأويل ذلك يسير فهم أتباع إبراهيم ودين إبراهيم هو الإسلام وتفسير ذلك من الوجهة العلمية يسير فأحاديث هؤلاء الناس قد وضعت لهم وحملت عليهم حملهم بعد الإسلام" ص146
الرجل هنا يشك فى القرآن كتاب الله فقد تحدث القرآن عن الرسل فى العديد من الآيات مثل :
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم"
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون"
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون"
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون"
"يا أهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون"
"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين"
وهو ما يناقض أنه اعترف أنه لا يشك فى القرآن ككتاب تاريخى بقوله:
" فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه "ص79
والشك فى تاريخ النبيين إبراهيم(ص) وإسماعيل(ص) هو شك فى عشرات الآيات فى القرآن
اليهود والنصارى:
قال طه حسين:
" العلوم الدينية واللغوية وما بينها وبين اللغة والأدب من صلة ثم يجب أن أحدثك عن اليهود فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين اليهود هؤلاء وبين الأدب العربى من صلة ويجب أن أحدثك بعد هذا عن المسيحية وما كان لها من الانتشار فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين هذا كله وبين الأدب العربى من صلة"ص72
وقال:
"ولكن الشىء الذى لا شك فيه هو ان ظهور الإسلام وما كان من الخصومة العنيفة العنيفة بينه وبين وثنية العرب من غير أهل الكتاب قد اقتضى أن تثبت الصلة الوثيقة المتينة بين الدين الجديد وبين الديانتين القديمتين ديانة النصارى واليهود"ص90
الرجل هنا يثبت وجود صلة بين الدين الجديد- وما هو بجديد فالإسلام هو دين كل الرسل كما قال تعالى "إن الدين عند الله الإسلام"- وبين ديانتى اليهود والنصارى وهو كلام يثير الشبهات ويحمل على أنه يقول بمقولة الكفار بأن الوحى منقول من العهدين القديم والجديد وهو مقولة خاطئة فالمتشابه بين المصحف والعهدين لا يتجاوز واحد فى المائة من الثلاثة كتب فكيف تكون هناك صلة متينة بينهم ؟
قريش والوحدة السياسية:
"فقريش إذن كانت فى هذا العصر ناهضة نهضة مادية تجارية ونهضة دينية وثنية وهى بحكم هاتين النهضتين كانت تحاول أن توجد فى البلاد العربية وحدة سياسية وثنية مستقلة تقاوم تدخل الروم والفرس والحبشة ودياناتهم فى البلاد العربية "ص91
الرجل يخبرنا هنا بأمر لا دليل عليه لا من المصحف ولا من التاريخ المعروف ولا من الشعر ولا من غيرهم وهو أن قريش كانت تسعى لنهضة البلاد ووحدتها أيام كفرها وأنها كانت تسعى لمقاومة الفرس والروم وهو كلام يكفى للرد عليه رد عبد المطلب المشهور فى كتب التاريخ للبيت رب يحميه فقريش لم تقدر على حرب أبرهة الأقل قوة وهربت خارج مكة فالبلد لم يكن لديه جيش ثابت وأى دولة فى العالم لابد أن يكون لها جيشثابت ولكن قريش لم يكن لها جيش ثابت يرد الأعداء عن مكة وإنما كان جيشها فى أيام الإسلام لحرب المسلمين وهو لم يتكون من جنود ثابتين وإنما كان من التجار وأولادهم وعبيدهم لحماية أموالهم
فرض القرآن على العرب لغة واحدة:
قال طه:
"فإذا صح هذا كله كان من المعقول جدا أن تكون لكل قبيلة من هذه القبائل العدنانية لغتها ولهجنها ومذهبها فى الكلام وأن يظهر اختلاف اللغات وتباين اللهجات فى شعر هذه القبائل الذى قيل قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة ولهجات متقاربة ولكننا لا نرى شيئا من ذلك فى الشعر العربى الجاهلى"ص95
وقال :
وهى أنا نلاحظ أن العلماء قد اتخذوا هذا الشعر الجاهلى مادة للاستشهاد على ألفاظ القرآن والحديث ونحوهما ومذاهبهما الكلامية ومن الغريب أنهم لا يكادون يجدون فى ذلك مشقة ولا عسرا حتى أنك لتحس كأن هذا الشعر الجاهلى إنما قد على قد القرآن والحديث كما يقد الثوب على قد لابسه لا يزيد ولا ينقص عما أراد طولا وسعة"ص101
أطلق طه القول دون أن يوجد دليل على كلامه فدواوين الشعر الجاهلى حتى الآن تحتاج إلى أن يبين الشارحون معانى الألفاظ فلو كانت الكلمات واحدة عند كل القبائل فلماذا اختلف الشارحون فى المعانى؟
كما أننا لا نلاحظ فى تلك الدواوين سواء كانت منحولة أو غير منحولة أى أثر لكلمات القرآن ولا حتى معانيه إلا نادرا فيما يسمى الشعر الأخلاقى وهى تسمية خاطئة فأنت لو قرأت ألف قصيدة منه لن تجد فيها إلا واحدة أو اثنين فيهما بعض المعانى القرآنية
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
كتاب فى الشعر الجاهلى هو أحد كتب طه حسين التى أثارت ضجة عند صدورها وقد قيل الكثير فى ذلك الكتاب ومن أهم تلك الأقوال أن الكتاب ما هو إلا ترجمة لبحث صدر من قبل للكافر مرجليوث الذى يسمونه هو وأضرابه المستشرقون وما هم إلا طاعنون فى دين الله
ككل كتب طه حسين التى تتناول الإسلام الرجل يدس السم فى العسل فهو يعتبر نفسه مدافع عن الإسلام ولكنه فى الحقيقة طاعن فيه حاقد عليه
البداية الخاطئة هى تسمية البحث فى الشعر الجاهلى معتقدا أن صفة الجاهلى تطلق على فترة ما قبل بعثة النبى(ص) فمن الأخطاء الشائعة إطلاق الأدب الجاهلى على أدب ما قبل البعثة المحمدية والخطأ يكمن فى أن الجاهلية ليس لها زمن محدد فهى موجودة قبل بعث محمد(ص)وفى عصره وبعده وهى تعنى الأدب المخالف للإسلام ومخالفة الإسلام لا تنعدم فى أى وقت وفى إرادة الناس لها قال تعالى بسورة المائدة "أفحكم الجاهلية يبغون "أى هل شريعة الباطل يريدون طاعتها ؟والجاهلية لفظيا تعنى عدم العلم بدليل أن الله طلب من نبيه (ص)أن يقول للكفار بسورة الزمر "قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"وبدليل أن الله سمى المسلمين الذين يعلمون والكفار الذين لا يعلمون فقال بسورة الزمر"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون
مقياس معرفة صحة الشعر وبطلانه :
إن الوسيلة لمعرفة صحة نسبة الشعر لصاحبه هى محالة فى الوقت الحاضر، وما يهمنا من الشعر هو موافقته للإسلام أو مخالفته وقد بنى موقف القدماء على ذلك المقياس بدليل قول ابن سلام "وليس لأحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شىء منه أن يقبل من صحيفة ولا يروى عن صحفى "وأما المقاييس الحالية فبعضها يتفق معه وبعضها يختلف فى الأسس وهى عندهم :
ملاءمة اللفظ والمعنى لحياة ما قبل البعثة وكلمة الحياة عندهم غير واضحة فإذا كان المراد بها طرق المعيشة ومخلوقات الأرض التى يتم التعامل معها فإن هذه الطرق عادت للظهور نتيجة انهيار الدولة الإسلامية بدليل وجود الخمارات والدعارة والزنى وغيرها من الموبقات وإذا كان المراد بها أن لشعر ما قبل البعثة معانى لا تظهر إلا فيه فهذا خطأ لأن الشعر كان فيه المعانى نفسها عبر العصور خاصة أن البداوة لا تتغير فى طرق معيشتها باختلاف العصور إلا فى القليل من الأشياء .
ألا يوجد فى الشعر ألفاظ إسلامية وهو قول صادر عن جهل فالإسلام ليس دين محمد (ص)وحده وإنما هو دين كل الرسل لقوله بسورة آل عمران "إن الدين عند الله الإسلام "إذا فالألفاظ الإسلامية توجد فى كل العصور وإن شابها تحريف فى بعضها بدليل وجود الأحناف والنصارى واليهود ولديهم ألفاظ إسلامية صحيحة كما لديهم ألفاظ محرفة ولذا قال تعالى عنهم بسورة البقرة "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ".
إذا الإسلام ليس شيئا جديدا على عصر ما قبل البعثة وإنما شىء موجود حتى وإن حرف .
وجود خصائص فنية مشتركة بين طائفة من الشعراء ولا يوجد مثل هذا إلا أن يكون إلتزام بالحق أو بالباطل وأما الخصائص من جزالة وسهولة وغموض فهذه ليست خصائص لأن شعر أى شاعر توجد فيه كل الخصائص بدرجات متفاوتة
حياة الناس بين القرآن وشعر ما قبل النبى (ص)
قيل فى الشك القولة التالية :
"إن القرآن يبين لنا حياة اقتصادية متخلفة عند الناس فى حين أن الشعر يغفل هذا كما أن القرآن يبين لنا حياة الناس فى المدن والحضر بينما الشعر يمس ذلك مسا رقيقا "بداية القرآن كتاب إصلاح وتقويم وأما الشعر فهو إما هادف للإفساد أو للإصلاح ومن أجل هذا نجد أن الشاعر المظلوم من النواحى الإقتصادية والإجتماعية هو الذى يعبر عن ذلك ومن الشعر المعبر عن الحياة الإقتصادية قول طرفة فى أكل مال اليتامى :
ما تنظرون بحق وردة فيكم صغر البنون ورهط وردة غيب
قد يبعث الأمر العظيم صغيره حــتى تظل له الدماء تصبب
والظلم فرق بين حيى وائل بكر تســاقيها المنايا تغلب
أدوا الحقوق تفر لكم أعراضكم إن الكريم إذا يـحرب يغضب
وقوله فى نفس الأمر :
وأيأسنى من كل خير طلبته كأنا وضعناه على رمس ملحد
على غير شىء قلته غير أننى نشدت فلم أغفل حمولة معبد
وقوله فى إسراف المال فى الحرام :
وما زال تشرابى الخمور ولذتى وبيعى وانفاقى طريفى ومتلدى
وقوله فى ذم البخيل والمسرف :
أرى قبر نحام بخيل بماله كقبر غوى فى البطالة مفسد
وقوله فيما يفعل المال بالإنسان وهو جعله سيدا على الأخرين يزار من أجل ماله وهى وجهة نظر خاطئة :
فلو شاء ربى كنت قيس بن خالد ولو شاء ربى كنت عمرو بن مرثد
فأصبحت ذا مال كثير وعادنى بـــــنون كرام سادة لمسود
وقول لبيد فى إطعام الناس وهو جانب اقتصادى حسن :
وجزور أيسار دعوت لحتفها بمغــالق متشابه أعلامها
ادعوا بها لعاقر أو مطفل بذلت لجـيران الجميع لحامها
فالضيف والجار الجنيب كأنما هبطا تبالة مـخصبا أهضامها
وهناك أبيات كثيرة عن الإقتصاد وأما الحياة الإجتماعية ففيها الكثير أيضا مثل قول الحارث بن حلزة عن ظلم قومه اليشكريين:
إن إخواننا الأراقم يغلو ن علينا فى قولهم إحفاء
وقول طرفة فى ظلم الأقارب :
وظلم ذوى القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند
وقول عروة بن الورد عن نصيحة زوجته :
أرى أم حسان الغداة تلومنى تخوفنى الأعداء والنفس أخوف
لعل الذى خوفتنا من أمامنا يصادفه فى أهـــله المتخلف
وقول السليك بن السلكة فى الإساءة للرقيق :
أشاب الرأس أنى كل يوم أرى لى خالة وسط الرجال
يشق على أن يلقين ضيما ويعجـز عن تخلصهن مالى
وقول الأعشى فى لقاء الحبيبة بعيدا عن أهلها للمتعة الحرام :
ولو أن دون لقائها جبلا مزلقه هضابه
لنظرت أنى مرنقا ه وخير مسلكه عقابه
أتيتها إن المحب مـكلف دنس ثيابه
ولو أن دون لقائها ذا لبدة كالزج نابه
لأتيته بالسيف أم شى لا أهد ولا أهابه
وهناك الكثير مما يعبر الحياة فى المجتمعات ونكتفى بهذا
الشك فى شعر ما قبل البعثة:
"مما نسميه شعرا جاهليا ليست من الجاهلية فى شىء وإنما هى منتحلة مختلقة يبعد ظهور الإسلام فهى إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين وأكاد لا أشك فى أن ما بقى من الشعر الجاهلى الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدل على شىء ولا ينبغى الاعتماد عليه فى استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلى":ص71
الشك فى شعر ما قبل البعثة هى قضية لا قيمة لها فهى تدور حول سؤال هل العمل منسوب لصاحبه فعلا أم لا؟ ولو عقل القوم لكان سؤالهم هل هو موافقة للإسلام أم لا وذلك من أجل تفنيد مخالفتها للإسلام والقرآن عندما يناقش أقوال الناس لا يقول إلا قليلا قال فلان أو علان فى نقل كلام الغير ويفند الأقوال الخاطئة منها لأن الهدف ليس إثبات من هو صاحب القول وإنما الهدف إثبات ضلال القول وبطلانه وخلاصة القول فى القضية أن الشعر كأى كلام دخله التحريف فبعضه صحيح النسبة لصاحبه وبعضه ليس صحيح النسبة
أما قول طه أن لغة الشعر نفسها هى لغة القرآن وهذا يعنى فى رأيه سبق القرآن للشعر وهو تخريف لأن كثير من ألفاظ الشعر لم يرد فى القرآن مثل جلمود ومكر ومفر ومصرد والأندرينا وثاو وهى كلمات من المعلقات السبع زد على هذا أن القرآن كان لابد أن يأتى بلغة القوم ومنها لغة الشعر وإلا أصبح الحال هو عدم فهم النبى (ص)والناس للقرآن لأنه أرسل بما لا يعرف الناس وقد أرسل كل رسول بلسان قومه ولذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم "ولنا أن نسأل لو أن النبى (ص)أبلغ متحدثى العربية بلغة جديدة فهل سيفهمونها ؟بالقطع لا
ونلاحظ أن الرجل يقول ان الشعر الجاهلى لا يوجد منه شىء إلا نادرا وهو قوله "
"وأكاد لا أشك فى أن ما بقى من الشعر الجاهلى الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدل على شىء"ص71
ومع هذا يزعم أن العصر الجاهلى القريب من الإسلام لم يضع فى قوله:
"وأنا أزعم مع هذا كله أن العصر الجاهلى القريب من الإسلام لم يضع وأنا نستطيع أن نتصوره تصورا واضحا قويا صحيحا ولكن بشرط ألا نعتمد على الشعر بل على القرآن من ناحية والتاريخ والأساطير من ناحية أخرى"ص71
ومعنى أن العصر لم يضع هو وجود شعره ونثره
مصادر معرفة العصر الجاهلى عند طه حسين:
ونلاحظ فى الفقرة أن الرجل جعل مصادر معرفة العصر الجاهلى ثلاثة القرآن والتاريخ والأساطير وعاد وناقض نفسه فى المصادر فجعلها القرآن والشعر فى عهد النبى (ص) والشعر الأموى فى قوله:
"وإنما أسلك إليها طريقا أخرى وأدرسها فى نص لا سبيل إلى الشك ص78 فى صحته أدرسها فى القرآن فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولم تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه "ص79
طه حسين وامرؤ القيس:
وقد سلك طه حسين فى كتابة مسلك التناقض ففى فقرة نجده يمحو شعر امرؤ القيس بجرة قلم لكونه يمنى لم تكن العربية لغته فى قوله :
"وقد يكون لنا أن نلاحظ قبل كل شىء ملاحظة لا أدرى كيف يتخلص منها أنصار القديم وهى أن امرأ القيس إن صحت أحاديث الرواة يمنى وشعره قرشى اللغة لا فرق بينه وبين القرآن فى لفظه وأعرابه وما يتصل به من قواعد الكلام ونحن نعلم كما قدمنا أن لغة اليمن مخالفة كل المخالفة للغة الحجاز فكيف نظم الشاعر اليمنى شعره فى لغة أهل الحجاز بل فى لغة قريش خاصة "ص212
ومع هذا يعود فيقبل شعر الرجل على كونه عربى فى قوله:
"هذا مذهبنا الذى نرجحه فنحن نقبل أن امرأ القيس هو أول من قيد الأوابد "ص218
طه حسين وتناقضه فى استخدام منهج ديكارت:
وأما مسألة استخدامه منهج ديكارت الشكى فالرجل يناقض نفسه فهو يقرر أن المنهج يجب فيه الشك فى كل شىء بلا استثناء شىء من القديم وغيره فى قوله:
"أريد أن أصطنع فى الأدب هذا المنهج الفلسفى الذى استحدثه ديكارت للبحث عن حقائق الأشياء فى أول هذا العصر الحديث والناس جميعا يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هو أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما والناس جميعا يعلمون أن هذا المنهج سخط عليه أنصار القديم فى الدين والفلسفة يوم ظهر كان منه أخصب المناهج وأقومها وأحسنها أثرا وأنه قد جدد العلم والفلسفة تجديدا وأنه قد غير مذاهب الأدباء فى أدبهم والفنانين فى فنونهم وأنه الطابع الذى يمتاز به هذا العصر الحديث"ص74
والعبارة المرادة فى الفقرة هى" القاعدة الأساسية لهذا المنهج هو أن يتجرد الباحث من كل شىء كان يعلمه من قبل وأن يستقبل موضوع بحثه خالى الذهن مما قيل فيه خلوا تاما"
ويعود الرجل فيطلب من أهل بلده استخدام المنهج فى كل شىء فيقول:
"فأنت ترى أن منهج ديكارت هذا ليس خصبا فى العلم والفلسفة والأدب فحسب وإنما هو خصب فى الأخلاق والحياة الاجتماعية أيضا وأنت ترى أن الأخذ بهذا المنهج ليس حتما على الذين يدرسون العلم ويكتبون فيه وحدهم بل هو حتم على الذين يقرءون أيضا وأنت ترى أنى غير مسرف حين اطلب منذ الآن على الذين لا يستطيعون أن يبرءوا من القديم ويخلصوا من أغلال العواطف والأهواء حين يقرءون العلم ويكتبون فيه ألا يقرءوا هذه الفصول فلن تفيدهم قراءتها إلا أن يكونوا أحرار حقا"ص77
ومعنى هذا هو أن نشك فى كل شىء وأهم شىء فى حياة المسلمين هو القرآن فيجب أن نشك فيه ومع هذا يتخلص طه حسين من هذه النقطة فيعلن أنه لا يشك فى صحة القرآن
"فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولم تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه "ص79
طه حسين القرآن كتاب تاريخ ولغة:
ومع هذا الاعتراف بعدم الشك نجد طه حسين يعود لعباراته المغرضة فيجعل القرآن نص تاريخى صحيح بقوله:
" القرآن وحده هو النص العربى القديم الذى يستطيع المؤرخ أن يطمئن إلى صحته ويعتبره مشخصا للعصر الذى تلى فيه فأما شعر هؤلاء الشعراء وخطب هؤلاء الخطباء وسجع هؤلاء الساجعين فلا سبيل إلى الثقة بها ولا على الاطمئنان إليها ص196
والقرآن بهذا ليس الكلام ليس كتاب هداية وإنما كتاب تاريخ مع أن التاريخ فى المصحف الحالى قليل
ويعود مرة أخرى للعبارات التى تدل على عدم اعترافه بكون القرآن يهدى للتى هى أقوم كما قال الله فيجعله كتاب لغوى فيقول:
"وإنما نعيد شيئا واحدا وهو أننا نعتقد أنه إذا كان نص عربى لا تقبل لغته شكا ولا ريبا وهو لذلك أوثق مصدر للغة العربية فهو القرآن وبنصوص القرآن وألفاظه يجب أن نستشهد على صحة ما يسمونه الشعر الجاهلى بدل أن نستشهد بهذا الشعر على نصوص القرآن "ص142
ويصر طه حسين على أن القرآن كتاب لغوى مرة أخرى فيقول :
"إنما كان القرآن جديدا فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ولكنه كان كتابا عربيا لغته هى اللغة العربية التى كان يصطنعها الناس فى عصره أى فى العصر الجاهلى"ص80
هذه العبارات التى تتكرر فى الكتاب تدل على أن طه حسين لا يتعامل مع القرآن ككتاب هداية وحكم عادل وإنما يتعامل معه كنص تاريخى ونص لغوى وهو ما لا دليل عليه من المصحف نفسه
كما نجد العبارات المبهمة التى لا تبين الحقيقة فى تأثر القرآن بشعر أمية بن أبى الصلت من عدمه فى قوله:
"وليس يعنينى هنا أن يكون القرآن قد تأثر بشعر أمية أو لا يكون فأنا لا أورخ القرآن وأنا لا أذود ولا أتعرض للوحى وما يتصل به ولا للصلة بين القرآن وما كان يتحدث به اليهود والنصارى كل ذلك لا يعنينى الآن وإنما يعنينى شعر أمية بن أبى الصلت وأمثاله من الشعراء"ص148
العبارة مع كونها مبهمة فهى تثير الشك فى القرآن فى قضية التأثر
"يصلون منها إلى حياة جاهلية لم يعرفوها إلى حياة جاهلية قيمة مشرقة ممتعة مخالفة كل المخالفة لهذه الحياة التى يجدونها فى المطولات وغيرها مما ينسب إلى الشعراء الجاهليين ذلك أنى لا أنكر الحياة الجاهلية وإنما أنكر أن يمثلها هذا الشعر الذى يسمونه الشعر الجاهلى فإذا أردت أن أدرس الحياة الجاهلية فلست أسلك إليها طريق امرىء القيس والنابغة والعشى وزهير لأى لا أثق بما ينسب لهم وإنما أسلك إليها طريقا أخرى وأدرسها فى نص لا سبيل إلى الشك ص78 فى صحته أدرسها فى القرآن فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه أدرسها فى القرآن وأدرسها فى شعر هؤلاء الشعراء الذين عاصروا النبى وجادلوه وفى شعر الشعراء الآخرين الذين جاءوا بعده ولك تكن نفوسهم قد طابت عن الآراء والحياة التى ألفها آباؤهم قبل ظهور الإسلام بل أدرسها فى الشعر الأموى نفسه فلست أعرف أمة من الأمم القديمة استمسكت بمذهب المحافظة فى الأدب ولم تجدد فيه إلا بمقدار كالأمة العربية"ص79
هل القرآن جديد؟
"إنما كان القرآن جديدا فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ولكنه كان كتابا عربيا لغته هى اللغة العربية التى كان يصطنعها الناس فى عصره أى فى العصر الجاهلى"ص80
الخطأ هنا هو كون القرآن كتاب جديد فى أسلوبه جديدا فيما يدعو إليه جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون فالقرآن ككل الوحى الإلهى متكرر المعانى كما قال تعالى لنبيه(ص):
" ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك"
وكما قال :
"إ نَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ"
النصرانية والنبى(ص):
"وأما نصرانية النصارى فلم تكن معارضتها للإسلام إبان حياة النبى قوية قوة المعارضة الوثنية واليهودية لماذا لأن البيئة التى ظهر النبى لم تكن بيئة نصرانية إنما كانت وثنية فى مكة يهودية فى المدينة ولو ظهر النبى فى الحيرة أو فى نجران للقى من نصارى هاتين المدينتين مثل ما لقى من مشركى مكة ويهود المدينة "ص81
زعم الرجل هنا أن البيئة التى كان النبى(ص) يعيش فيها لم تكن النصرانية ظاهرة فيها فى مكة أو فى المدينة وهو كلام لا أساس له فالنصارى كانوا متواجدين فى كثير من البلاد وسورة كمريم سورة مكية فهل تنزل السورة لتخاطب من لا وجود لهم فى مكة ؟
بالقطع كان هناك طائفة من النصارى فى مكة بدليل تاريخى هو صهيب الرومى وسلمان الفارسى فالرجلان كان على دين النصرانية وكان ورقة بن نوفل كذلك كما تحكى كتب التاريخ ورواياته وورقة لم يكن حسب التاريخ المعروف رجلا فقيرا وإنما واحد من كبار البلدة ومن المعروف أن العبيد والإماء يتبعون أسيادهم فى الدين فى الغالب وخلق ورقة اللين من المؤكد انه جذبهم بمعاملته الحسنة لدينه
حياة الجاهليين وطه حسين:
" فأما هذا الشعر الذى يضاف إلى الجاهليين فيظهر لنا حياة غامضة جافة بريئة أو كالبريئة من الشعور الدينى القوى والعاطفة الدينية المتسلطة على النفس والمسيطرة على الحياة العملية وإلا فأين تجد شيئا منه هذا فى شعر امرىء القيس أو طرفة أو عنترة أو ليس عجيبا أن يعجز الشعر الجاهلى عن تصوير الحياة الدينية للجاهليين "ص82
الرجل هنا يقول أن الشعر لا يمثل حياة الوثنيين أو النصارى أو اليهود الدينية وإنما يمثل الإسلام والمسلمين وهو جنون لأنه يمثل حيوات مختلفة قبل البعثة المحمدية فهل من الإسلام قول لبيد فى معلقته
من معشر سنت لهم أباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها
فهذا يدعو لوضع الشرائع من قبل الناس وقوله :
فبنى لنا بيتا رفيعا سمكه فسما إليه كهلها وغلامها
وقول طرفة :
وإن يلتق الحى الجميع تلاقنى إلى ذروة البيت الرفيع المصمد
فهى أقوال تدعو للعنصرية وهى وجود ناس مميزة عن غيرها وهل قول طرفة فى الزنى :
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب ببهكنة تحت الطرف المعمد
وقوله:
رحيب قطاب الجيب رفيقة بجس الندامى بضة المتجرد
من الإسلام فى شىء؟
لا لأنه يحلل الزنى وهنا يدعو له
مدح طه حسين للجاهليين:
قال طه حسين:
"أفتظن قوما يجادلون من هذه الأشياء جدالا يصفه الإنسان بالقوة ويشهد لأصحابه بالمهارة أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذى يضاف إلى الجاهليين كلا لم يكونوا جهالا ولا أغبياء غلاظا ولا أصحاب حياة جافة خشنة جافية وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة"ص83
وقال:
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
وقال:
",إذا كانوا أصحاب علم ودين وأصحاب ثروة وقوة وبأس وأصحاب سياسة متصلة بالسياسة العامة متأثرة بها مؤثرة فيها فما أخلقهم أن يكونوا أمة متحضرة راقية لا أمة جاهلة همجية وكيف يستطيع رجل عاقل أن يصدق أن القرآن قد ظهر فى أمة جاهلة همجية"ص86
وقال :
"والقرآن لا يمثل الأمة العربية متدينة مستنيرة فحسب بل هو يعطينا منها صورة أخرى يدهش لها الذين تعودوا أن يعتمدوا على هذا الشعر الجاهلى فى درس الحياة العربية قبل الإسلام فهم يعتقدون أنه العرب كانوا قبل الإسلام امة معتزلة تعيش فى صحرائها لا تعرف العالم الخارجى ولا يعرفها العالم الخارجى "ص84
الرجل يفترى على القرآن فى أنه لم يصف العرب بكونهم امة جاهلة وهو ما يناقض أقوال مثل:
" أفحكم الجاهلية يبغون"
"قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"
الاتصال الاقتصادى:
قال طه حسين:
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
زعم الرجل أن رحلة الشتاء والصيف كانت إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس وهو كلام استقاه الرجل من الروايات الكاذبة فلا ذكر ليمن ولا شام فى الرحلتين ولا لروم ولا لفرس أو لحبشة والسورة ليس فيها ما يدل على ذلك على الإطلاق والرحلة ليست رحلة لخارج نطاق مكة ولكنها رحلة داخل مكة فالسكان يتركون بيوتهم الداخلية وهى المحيطة بالكعبة للحجاج والعمار طوال الأربعة أشهر المحرمة لبيوتهم الخارجية فى مكة ثم يعودون بعد رحيل العمار والحجاج لبيوتهم الداخلية ليقضوا فيها الثمانية أشهر
تأليف قلوب الأعراب بالمال:
تساءل طه حسين سؤالا:
"أليس قد شرع للنبى أن يستأنف قلوب الأعراب بالمال"ص84
والغرض لإثبات أن النبى(ص) كان يتألف قلوب الأعراب بالمال وهو كلام استقاه من التفسيرات الخاطئة التى درسها هو كلام يناقض القرآن نفسه الذى ذكر أن مال الدنيا لا يؤلف قلوب الناس وفى هذا قال تعالى :
"وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ "
لغة حمير ولغة العرب:
زعم طه حسين أن لغة اليمن لم تكن اللغة العربية وإنما لغة حمير وكرر القول عدة مرات منها :
"على هذا كله يتفق الرواة ولكنهم يتفقون على شىء أخر أيضا أثبته البحث الحديث وهو أن خلافا قويا بين لغة حمير وهى العرب العاربة ولغة عدنان وهى العرب المستعربة وقد روى عن أبى عمرو بن العلاء ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا "ص88
"ذلك لأننا لا نجد بين هؤلاء الشعراء الذين يضيفون لهم شيئا كثيرا من الشعر الجاهلى قوما ينتسبون إلى عرب اليمن على هذه القحطانية العاربة التى كانت تتكلم لغة غير لغة القرآن والتى كان يقول عنها ابو عمرو بن العلاء لإن لغتها مخالفة للغة العرب والتى أثبت البحث الحديث ان لها لغة أخرى غير اللغة العربية ولكننا حين نقرا ألشعر الذى يضاف إلى شعراء هذه القحطانية فى الجاهلية لا نجد فرقا قليلا ولا كثيرا بينه وبين شعر العدنانية بل نحن لا نجد فرقا بين هذا الشعر ولغة القرآن"ص92
الرجل هنا يعتمد على مقولة منسوبة لأبى عمرو بن العلاء ويصدقها بدون تمحيص أو شك كما يقتضى منهج الشك الديكارتى
الرجل يبنى على مقولة لم يتم التأكد منها فأبو عمرو لم يذكر شيئا عن تلك الاختلافات الواسعة بين اللغتين ولا ذكرها طه حسين وما قاله من كون البحث الحديث أثبت ذلك وهم فالاختلاف فى الكتابة لا يعنى الاختلاف فى اللغة فاللغة قد تكون واحدة ولها خطوط مختلفة متباينة والمثال الأشهر فى عصرنا هو اللغة القبطية أى المصرية القديمة كما يزعمون كانت تكتب بالخط الهيروغليفى و الخط الديمطيقى ورمز ذلك هو حجر رشيد
الخط الحميرى أو المسندى هو خط لكتابة اللغة العربية ولكنه مختلف عن الخط المعروف حاليا
ونلاحظان الرجل الذى يقيم على مقولة أبو عمرو بن العلاء هذا البناء المتين عنده يتهم أبو عمرو بوضع الشعر فيقول :
"والعجب أن رواة لم تفسد مروءتهم ولم يعرفوا بفسق ولا مجون ولا شعوبية قد كذبوا أيضا وانتحلوا فأبو عمرو بن العلاء يعترف بأنه وضع على الأعشى بيتا:
وأنكرتنى وما كان الذى نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا"ص188
فكيف يصدقه الرجل فى مقولة وهو كاذب مزور ؟
أليس هذا تناقضا؟
الانتماء لإبراهيم(ص):
قال طه حسين
"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا ولكن ورود هذا الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى فضلا عن إثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم على مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون على أن نرى فى هذه القصة نوعا من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى وأقدم عصر يمكن أن يكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذى اخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبثون فيه المستعمرات فنحن نعلم أن حروبا عنيفة نشبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون فى هذه البلاد وانتهت بشىء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذى استقر بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التى تجعل العرب واليهود أبناء أعمام لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئا من التشابه غير قليل فأولئك وهؤلاء ساميون"ص89
وقال:
"ولم يكن أحد قد احتكر ملة إبراهيم ولا زعم لنفسه الانفراد بتأويلها فقدأخذ المسلمون يردون الإسلام فى خلاصته إلى دين إبراهيم هذا الذى هو أقدم وأنقى من دين اليهود والنصارى وشاعت فى العرب فى أثناء ظهور الإسلام وبعده فكرة أن الإسلام يجدد دين إبراهيم ومن هنا اخذوا يعتقدون أن دين إبراهيم هذا قد كان دين العرب فى عصر من العصور ثم أعرضت عنه لما أضلها به المضلون وانصرفت إلى عبادة الأوثان ولم يحتفظ بدين إبراهيم إلا أفراد قليلون يظهرون من حين على حين هؤلاء الأفراد يتحدثون فنجد من أحاديثهم ما يشبه الإسلام وتأويل ذلك يسير فهم أتباع إبراهيم ودين إبراهيم هو الإسلام وتفسير ذلك من الوجهة العلمية يسير فأحاديث هؤلاء الناس قد وضعت لهم وحملت عليهم حملهم بعد الإسلام" ص146
الرجل هنا يشك فى القرآن كتاب الله فقد تحدث القرآن عن الرسل فى العديد من الآيات مثل :
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم"
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون"
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون"
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون"
"يا أهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون"
"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين"
وهو ما يناقض أنه اعترف أنه لا يشك فى القرآن ككتاب تاريخى بقوله:
" فالقرآن اصدق مرآة للعصر الجاهلى ونص القرآن ثابت لا سبيل للشك فيه "ص79
والشك فى تاريخ النبيين إبراهيم(ص) وإسماعيل(ص) هو شك فى عشرات الآيات فى القرآن
اليهود والنصارى:
قال طه حسين:
" العلوم الدينية واللغوية وما بينها وبين اللغة والأدب من صلة ثم يجب أن أحدثك عن اليهود فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين اليهود هؤلاء وبين الأدب العربى من صلة ويجب أن أحدثك بعد هذا عن المسيحية وما كان لها من الانتشار فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين هذا كله وبين الأدب العربى من صلة"ص72
وقال:
"ولكن الشىء الذى لا شك فيه هو ان ظهور الإسلام وما كان من الخصومة العنيفة العنيفة بينه وبين وثنية العرب من غير أهل الكتاب قد اقتضى أن تثبت الصلة الوثيقة المتينة بين الدين الجديد وبين الديانتين القديمتين ديانة النصارى واليهود"ص90
الرجل هنا يثبت وجود صلة بين الدين الجديد- وما هو بجديد فالإسلام هو دين كل الرسل كما قال تعالى "إن الدين عند الله الإسلام"- وبين ديانتى اليهود والنصارى وهو كلام يثير الشبهات ويحمل على أنه يقول بمقولة الكفار بأن الوحى منقول من العهدين القديم والجديد وهو مقولة خاطئة فالمتشابه بين المصحف والعهدين لا يتجاوز واحد فى المائة من الثلاثة كتب فكيف تكون هناك صلة متينة بينهم ؟
قريش والوحدة السياسية:
"فقريش إذن كانت فى هذا العصر ناهضة نهضة مادية تجارية ونهضة دينية وثنية وهى بحكم هاتين النهضتين كانت تحاول أن توجد فى البلاد العربية وحدة سياسية وثنية مستقلة تقاوم تدخل الروم والفرس والحبشة ودياناتهم فى البلاد العربية "ص91
الرجل يخبرنا هنا بأمر لا دليل عليه لا من المصحف ولا من التاريخ المعروف ولا من الشعر ولا من غيرهم وهو أن قريش كانت تسعى لنهضة البلاد ووحدتها أيام كفرها وأنها كانت تسعى لمقاومة الفرس والروم وهو كلام يكفى للرد عليه رد عبد المطلب المشهور فى كتب التاريخ للبيت رب يحميه فقريش لم تقدر على حرب أبرهة الأقل قوة وهربت خارج مكة فالبلد لم يكن لديه جيش ثابت وأى دولة فى العالم لابد أن يكون لها جيشثابت ولكن قريش لم يكن لها جيش ثابت يرد الأعداء عن مكة وإنما كان جيشها فى أيام الإسلام لحرب المسلمين وهو لم يتكون من جنود ثابتين وإنما كان من التجار وأولادهم وعبيدهم لحماية أموالهم
فرض القرآن على العرب لغة واحدة:
قال طه:
"فإذا صح هذا كله كان من المعقول جدا أن تكون لكل قبيلة من هذه القبائل العدنانية لغتها ولهجنها ومذهبها فى الكلام وأن يظهر اختلاف اللغات وتباين اللهجات فى شعر هذه القبائل الذى قيل قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة ولهجات متقاربة ولكننا لا نرى شيئا من ذلك فى الشعر العربى الجاهلى"ص95
وقال :
وهى أنا نلاحظ أن العلماء قد اتخذوا هذا الشعر الجاهلى مادة للاستشهاد على ألفاظ القرآن والحديث ونحوهما ومذاهبهما الكلامية ومن الغريب أنهم لا يكادون يجدون فى ذلك مشقة ولا عسرا حتى أنك لتحس كأن هذا الشعر الجاهلى إنما قد على قد القرآن والحديث كما يقد الثوب على قد لابسه لا يزيد ولا ينقص عما أراد طولا وسعة"ص101
أطلق طه القول دون أن يوجد دليل على كلامه فدواوين الشعر الجاهلى حتى الآن تحتاج إلى أن يبين الشارحون معانى الألفاظ فلو كانت الكلمات واحدة عند كل القبائل فلماذا اختلف الشارحون فى المعانى؟
كما أننا لا نلاحظ فى تلك الدواوين سواء كانت منحولة أو غير منحولة أى أثر لكلمات القرآن ولا حتى معانيه إلا نادرا فيما يسمى الشعر الأخلاقى وهى تسمية خاطئة فأنت لو قرأت ألف قصيدة منه لن تجد فيها إلا واحدة أو اثنين فيهما بعض المعانى القرآنية
رد: نقد كتاب فى الشعر الجاهلى
الغريب فى كتاب طه حسين انه لم يذكر أى أمثلة للشعر الجاهلى الذى يستمد معانيه وألفاظه من القرآن إلا مرتين لم يذكر فيها وجه الشبه وهما قوله:؛
"وأما قصيدة علقمة فمطلعها :
ذهبت من الهجران فى كل مذهب ولم يكن حقا كل هذا التجنب
ويكفى أن تقرأ هذين البيتين لتحس فيهما رقة إسلامية ظاهرة" ص219
ولم يذكر لنا أين تلك الرقة ولا أين النص الذى يشبهها فى القرآن إنما هى عبارة مطلقة
وأما الموضع الثانى فهو قوله:
"ويكفى أن تقرأ هذه القصيدة التى قدمنا مطلعها لتجزم بأنها منتحلة لا أصل لها وحسبك أنه يثبت فيها وحدانية الله وعلمه على نحو ما يثبتهما القرآن فيقول :
والله ليس له شريك علام ما أخفت القلوب "ص222
وهو كلام يتناسى كل ما قاله عن وجود اليهود والنصارى فى تلك البلاد فاليهود خاصة كانوا يعلمون تلك الحقائق وكانوا ينشرونها بين العائشين بينهم ألا يجوز أن يكون الشاعر قد عرف ذلك من الكتابيين والصلة اعترف بها طه فى أقوال فى الكتاب مثل:
"ثم يجب أن أحدثك عن اليهود فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين اليهود هؤلاء وبين الأدب العربى من صلة ويجب أن أحدثك بعد هذا عن المسيحية وما كان لها من الانتشار فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين هذا كله وبين الأدب العربى من صلة"ص72
فضلا عن وجود الحنفاء وألا يجوز أيضا أن يكون الرجل سافر للبلاد الأخرى حيث الموحدين من اليهود والنصارى وغيرهم ؟ وحسبنا اعتراف طه أن القوم لم يكونوا منعزلين عن الخارج وإنما كانوا متصلين بالأمم المجاورة كما قال :
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
إذا ليس غريبا أن يقول هذا القول فمثله فى الأمم المختلفة موجود وهو ناقض نفسه عندما اعترف أنه يقبل ما نسب للشعراء والمتحنفين مع شىء من الاحتياط والشك غير قليل بقوله :
"إنما انتحله انتحالا انتحله المسلمون ليثبتوا كما قدمنا أن للإسلام قدمة وسابقة فى البلاد العربية ومن هنا لا نستطيع أن نقبل ما يضاف إلى هؤلاء الشعراء والمتحنفين إلا مع شىء من الاحتياط والشك غير قليل "ص152
فرض لغة واحدة على القبائل:
نلاحظ أن مقولة طه عن فرض لغة واحدة على القبائل كررها فى المقولة التالية :
"أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها وتقيدت فى الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها لو كتبت أو شعرت فى لغتها الخاصة أى أن إلإسلام قد فرض على العرب جميعا لغة عامة واحدة هى لغة قريش فليس غريبا أن تتقيد هذه القبائل بهذه اللغة الجديدة فى شعرها ونثرها فى أدبها بوجه عام "ص98
ومع ذلك أنكرها فالفرض هو إجبار وإكراه ومع هذا يقول أن القبائل اختارت ذلك طواعية بقوله فى الفقرة السابقة:
" أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها وتقيدت فى الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها"ص89
الغربية والشرقية:
قال طه:
"وسواء رضينا أم كرهنا فلابد أن نتأثر بهذا المنهج فى بحثنا العلمى والأدبى كما تأثر به من قبلنا به أهل الغرب ولابد أن نصطعنه فى نقد آدابنا وتاريخنا كما اصطنعه أهل الغرب فى نقد آدابهم وتاريخهم ذلك لأن عقليتنا نفسها قد أخذت منذ عشرات من السنين تتغير وتصبح غربية أو قل أقرب إلى الغربية منها إلى الشرقية وهى كلما مضى عليها الزمن جدت فى التغير وأسرعت فى الاتصال بأهل الغرب "ص109
مسألة الغربية والشرقية مسألة اخترعها من تعلموا فى الغرب وأصبحوا علمانيين أو ملحدين فلا أساس للمسألة فالدين أو الثقافة لا توصف بالشرقية أو الغربية وهناك جنون فى المسألة فمثلا روسيا وهى بلد شرقى تصنف غربى وطه نفسه فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر اعتبر اليونان وهى بلد غربى بلدا شرقيا ومثلا يصنف المغرب العربى على أنه شرقى بينما هو ينتمى للغرب الجغرافى
وأما حكاية منهج الشك أو منهج ديكارت فهو ليس منهج غربيا وليس شرقيا فالغزالى كتبه من قبل ولابد أن آخرين كتبوه من قبل بل إن الكتب الموحى بها طالبت بهذا المنهج كما فى قوله تعالى " فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ"
الخلاف بين النبى (ص) وقريش تحول لإقتصادى وسياسى :
قال طه:
"ولكننا نستطيع أن نسجل مطمئنين أن هذه الهجرة قد وضعت مسألة الخلاف بين النبى وقريش وضعا جديدا جعلت الخلاف سياسيا الجدال والنضال بالحجة ليس غير "ص114
وقال:
"فليس من شك إذ نفى أن الجهاد بين النبى وقريش قد كان دينيا خالصا ما أقام النبى فى مكة فلما انتقل إلى المدينة أصبح هذا الجهاد دينيا وسياسيا واقتصاديا وأصبح موضوع النزاع ليس مقصورا على الإسلام حق أو غير حق بل هو يتناول مع ذلك الأمة العربية أو الحجازية على أقل تقدير لمن تذعن والطرق التجارية لمن تخضع"ص114
المقولة بالصراع السياسى والاقتصادى من جانب النبى(ص) هو اتهام باطل للنبى(ص)فكل أفعال النبى(ص) عدا ذنوبه كانت طاعة لأحكام الله فالرجل مات فقيرا وكانت كل حروبه دفاعية تطبيقا لقوله تعالى "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
العداوة بين الأنصار وقريش:
"نشأت إذن بعد الهجرة عداوة بين مكة والمدينة وما هى إلا أن اصطبغت هذه العداوة بالدم يوم انتصر الأنصار فى بدر ويوم انتصرت قريش فى أحد وما هى إلا أن اشترك الشعر فى هذه العداوة مع السيف فوقف شعراء الأنصار وشعراء قريش يتهاجون ويتجادلون ويتناضلون يدافع كل فريق عن أحسابه وأنسابه ويشيد بذكر قومه ثم كان الموقف دقيقا فقد كان شعراء الأنصار يدافعون فريشا عن النبى وأصحابه وهم من قريش وكان شعراء قريش يهجون مع الأنصار النبى وأصحابه وهم من خلاصة قريش"ص115
اخترع طه حسين مشكلة لم يقل بها أحد من قبل وهى العداوة بين قريش والأنصار والعداوة كانت بين المسلمين والكفار وليس بين قريش لأن قريش كان منها المسلمون ومنها الكفار وأما الأنصار فكانوا مسلمين ومن ثم فالمسألة كلها هو اختراع شبهات لا أساس لها سوى كتب التاريخ الكاذبة ولو كان الرجل يصدق فعلا القرآن ما كتب كتبه عن الفتن وما بث تلك الفتن فى الكثير ومع هذا ناقض الرجل نفسه فقال أن المشكلة انتهت بإسلام قريش فى قوله:
"أسلم أبو سفيان وأسلمت معه قريش وتمت للنبى هذه الوحدة العربية وألقى الرماد على هذه النار التى كانت متأججة بين قريش والأنصار وأصبح الناس جميعا فى ظاهر الأمر إخوانا مؤتلفين فى الدين " ص116
أسباب نحل الشعر :
يقولون أنها السياسة حيث حاول كل فريق أن يكون قديمه فى الجاهلية خير قديم والقصص حيث نحل القصاص الشعراء بعض الشعر من خلال القصص وذلك لمناصرة الفرق والشعوبية حيث حاول العجم الفخر على العرب بإدعاء شعر يقر فيه العرب بفضل العجم عليهم والرواة حيث أن العرب تحت إلحاحهم المستمر بالسؤال يضطرون للرد بإجابات كاذبة والدين حيث كان الناس ينظمون شعر لإرضاء الغوغاء الذين يريدون المعجزات فى كل شىء وكل هذه الأسباب عندنا سبب واحد هو الإحساس بالنقص فى الدين فالفرق والقصاص والشعوبيون والرواة كلهم يعبرون عن شىء واحد دينهم وهو ليس الإسلام ودينهم كان يحتاج لوسائل إضعاف المسلمين والمسلم لا يمكن أن يكون شاهد زور أى ينسب الأقوال لغير أصحابها وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان "والذين لا يشهدون الزور ".
لا دستور للأمة:
قال طه :
"ولكنه توفى بعد الفتح بقليل ولم يضع قاعدة للخلافة ولا دستورا لهذه الأمة التى جمعها بعد فرقة فأى غرابة فى أن تعود هذه الضغائن على الظهور وفى أن تستيقظ الفتنة بعد نومها وفى أن يزول هذا الرماد الذى كان يخفى تلك الأحقاد "ص117
وقال :
"وظهر أن الأمر قد استقر بين الفريقين وأنهم قد أجمعوا على ذلك لا يخالفهم فيه إلا سعد بن عبادة الأنصارى الذى أبى أن يبايع أبا بكر وان يبايع عمر وظل يمثل المعارضة قوى الشكيمة ماضى العزيمة حتى قتل غيلة فى بعض أسفاره قتلته الجن فيما يزعم الرواة وانصرفت قوة قريش والأنصار إلى ما كان من انتقاض العرب على المسلمين أيام أبى بكر وعلى ما كان من الفتوح أيام عمر " ص117
وقال:
"ولقد يستطيع الكاتب فى التاريخ السياسى أن يضع كتابا خاصا ضخما فى هذه العصبية بين قريش والأنصار وما كان لها من التأثير فى حياة المسلمين أيام بنى أمية لا نقول فى المدينة ومكة ودمشق بل نقول فى مصر وأفريقيا والأندلس ويستطيع الكاتب فى تاريخ ألدب أن يضع سفرا مستقلا فيما كان لهذه العصبية بين قريش والأنصار من التأثير فى شعر الفريقين الذى قالوه فى الإسلام وفى الشعر الذى انتحله الفريقان على شعرائهما فى الجاهلية هذا دون أن يتجاوز المؤرخ السياسى أو الأدبى الخصومة بين قريش والأنصار فكيف إذا تجاوزها على الخصومة بين القبائل الخرىطص130
يصر طه حسين على تكذيب القرآن بوجود الفتن والضغائن فى الجيل الأول من المسلمين وهو ما يخالف أن الدين لا يضيع ولا تتبع الشهوات إلا فى عهد الخلف وهم من بعدهم كما قال تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا"
,أما حكاية الدستور فهو موجود فالقرآن فيه بيان كل مسألة كما قال تعالى "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وأما ما نعرفه من كتب التاريخ والفقه فهو مجرد أكاذيب وأوهام معظمها كتبها الكفار الذين هدموا دولة الإسلام بعد قرون عديدة من موت النبى(ص)
ويكرر طه نفس الخطأ وهو وجود الفتن المزعومة فى كتب التاريخ والحديث فى قوله:
"وفى الحق أن النبى لم يكد يدع هذه الدنيا حتى اختلف المهاجرون من قريش والأنصار من الأوس والخزرج أين تكون ولمن تكون وكاد الأمر يفسد بين الفريقين لولا بقية من دين وحزم نفر من فريش ولولا أن القوة المادية كانت إذ ذاك إلى قريش فما هى إلا أن أذعنت الأنصار وقبلوا أن تخرج الإمارة على قريش "ص117
وهو ما يناقض القرآن كما قلنا فى الكثير من الآيات فحكاية إمارة قريش يكذبها قوله تعالى " لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى"
فهنا قصر الله الإمارة فى الدنيا على من أسلموا وجاهدوا قبل فتح مكة ومن أسلموا قبل الفتح كانوا من قريش والأنصار وشتات من القبائل فالدستور فى الخليفة كان موجودا فهذا هى درجة الدنيا التى منحها الله السابقين المجاهدين فالسابقين الذين لم يجاهدوا لم يكن لهم حق فى تولى مناصب الإمارة ومن ثم كانت المسألة محصورة فى عدد معين يختار المسلمون أحدهم بأغلبية الأصوات
اضطهاد اليهود لنصارى نجران:
قال طه :
"اليهودية قد جاوزت الحجاز على اليمن ويظهر أنها استقرت حينا عند سراة اليمن واشرافها وأنها أثرت بوجهة ما فى الخصومة التى كانت بين أهل اليمن وأهل الحبشة وهم نصارى ثم فى الحق أن اليهودية قد استتبعت حركة اضطهاد للنصارى فى نجران ذكرها القرآن فى سورة البروج"ص152
الرجل هنا يفترى على الله فيقول أن سورة البروج نزلت فى حرق اليهود لنصارى نجران وهو كلام تكذبه السورة فالحادثة هى فى حرق بعض الكفار لبعض المسلمين المكيين فى حفرة حفروها ووضعوا فيها النار وقد حصلت هذه الحادثة فى عهد النبى (ص)والسبب الذى دفع الكفار لحرق المؤمنين أنهم نقموا منهم أى غضبوا أى ثاروا عليهم بسبب أنهم أمنوا بالله العزيز الحميد والمراد أنهم صدقوا حكم الرب الناصر للمؤمنين المثيب لهم بالجنة الذى له ملك أى "مقاليد السموات والأرض "كما قال بسورة الزمر"والمراد له حكم الكون والله على كل شىء شهيد والمراد والرب على كل أمر رقيب أى بكل أمر عليم ولو كانت الحادثة فى عهد غير النبى(ص) ما تحدث الله عن أنه سيتوب عليهم لو تابوا فى قوله " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"
فرية لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف:
قال طه :
"ويظهر أن قبائل من العرب قد تنصرت قبل اٍلاسلام بأزمان تحتلف طولا وقصرا فنحن نعلم مثلا ان تغلب كانت نصرانية وأنها أثارت مسألة من مسائل الفقه فالقاعدة أنه لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف فأما الجزية فتقبل من غير العرب ولكن تغلب قبلت منها الجزية قبلها عمر فيما يقول الفقهاء"ص153
طه هنا يخترع مسألة لا وجود لها فى المصحف ولا فيما يروى من أحاديث وهى أنه لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف فلا توجد آية أو حديث يتحدث عن شىء اسمه العربى فالكل يتحدث عن الكافر والمسلم وحتى الأحاديث الكاذبة التى تتحدث عن المسألة تقول إنما أمرت أن أقاتل الناس ولم تتحدث عن العرب فهى تتحدث عن الناس جميعا وهناك أحاديث تبين أن عمر مثلا أخذ الجزية من مجوس هجر وهجر بلدة من بلاد الجزيرة حسب التاريخ المعروف ومن ثم فتغلب لم يكن اخذ الجزية منها شىء نادر
وصف القصاص والشعراء المنتحلين بالمسلمين"
قال طه :
"وليس من شك عندنا فى أن هؤلاء القصاص من المسلمين قد تركوا أثارا قصصية لا تقل جمالا وروعة حسن موقع فى النفس عن الألياذة والأوديسا وكل ما بين القصص الإسلامى واليونانى من الفرق هو أن الأول لم يكن شعرا وإنما كان نثرا يزينه الشعر بينما كان الثانى كله شعرا "ص157
وقال:
"كل شىء فى حياة المسلمين فى القرون الثلاثة الأولى كان يدعو إلى انتحال الشعر وتلفيقه "ص190
وصف طه حسين للمزورين المنتحلين من القصاص والشعراء والرواة وغيره بأنهم مسلمين وصف كاذب خاطىء فلا يوجد مسلم يشهد الزور كما قال تعالى "والذين لا يشهدون الزور"
فمن اخترع الحكايات وليس القصص فالقصص حقائق والشعر المنتحل والروايات الكاذبة هم الكفرة ومن اعترافاتهم قولهم ""وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون"
فهناك كانوا يزيدون وما زال بعضهم يفعل هذا
الشعر الإسلامى:
قال طه:
وقد يكون هذا صحيحا فى الشعر الجاهلى لأن كثرة هذا الشعر منتحلة مصطنعة فأما الشعر الإسلامى الذى صحت نسبته لقائليه فأنا أتحدى أى ناقد أن يعبث به أقل عبث دون أن يفسده وأنا أزعم أن وحدة القصيدة فيه بينة وأن شخصية الشاعر فيه ليست أقل ظهورا منها فى أى شعر أجنبى إنما جاء هذا الخطأ من اتخاذ الشعر الجاهلى نموذجا للشعر العربى مع أن هذا الشعر الجاهلى كما قدمنا لا يمثل شيئا ولا يصلح إلا نموذجا لعبث القصاص وتكلفة الرواة "ص215
الشعر الذى يسميه طه حسين وكثيرون غيره إسلامى ليس شعرا إسلاميا وإنما هو شعر كفر أى شعر جاهلى وإن قيل بعد ممات النبى (ص) بقرون فلو رجعنا القصائد التى تنسب لما يسميه بالشعر الإسلامى لوجدنا اكثر من 99% منها تخالف القرآن ومن ثم لا يمكن ان تكون شعرا إسلاميا فمثال بسيط هو جرير والفرزدق أشعارهما فى الهجاء لا يمكن أن تنسب للإسلام وإنما للكفر بما فيها من شتائم وطعن فى الأنساب ورمى للمحصنات وأقول أن معظم الشعر الذى يسمى إسلامى وأموى وعباسى هو من وضع لجان الكفر التى هدمت دولة الإسلام
قصيدة طرفة :
قال طه:
"ولست أدرى أهذا الشعر الذى قاله طرفة أم قاله رجل أخر وليس يعنينى أن يكون طرفه قائل هذا الشعر بل ليس يعنينى أن أعرف اسم صاحب هذا الشعر وإنما الذى يعنينى هو أن هذا الشعر صحيح لا تكلف فيه ولا انتحال وان هذا الشعر لا يشبه ما قدمنا فى وصف الناقة ولا يمكن أن يتصل به وأن هذا الشعر من الشعر النادر الذى نعثر به من حين على حين فى تضاعيف هذا الكلام الكثير "ص245
نلاحظ أن طه يعترف بأن قصيدة طرفة هى قصيدة جاهلية لكون الشاعر فيها يظهر لإلحاده وإصراره على شرب الخمور وغيرها من الموبقات وهو كلام يدل على التفاهة فالملحدون كانوا فى معظم العصور والقصائد التى تنسب للجاهليين نعثر فيها على الآثام كشرب الخمر والزنى بالنساء وغير ذلك ومع هذا لا يعترف طه بها كما اعترف بمعلقة طرفة
نقل أشعار الأقوام السالفة :
قال ابن سلام فى طبقات فحول الشعراء "ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود فكتب لهم أشعار كثيرة وليس بشعر إنما هو كلام مؤلف معقود بقواف أفلا يرجع إلى نفسه فيقول "من حمل هذا الشعر ؟ومن أداه منذ آلاف السنين والله تبارك وتعالى يقول "فقطع دابر القوم الذين ظلموا "الأنعام45 أى لا بقية لهم "
الحق فى هذا الإستدلال بالقرآن أنه استدلال خاطىء فقد أغفل نصف الحقيقة فإذا كان أهلك عاد الظالمين فإنه أبقى عاد المسلمين وهم هود(ص)ومن معه من المؤمنين فقال بسورة هود"ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين أمنوا معه برحمة منا "وإذا كان أهلك ثمود الكفار فإنه أبقى المؤمنين فقال بسورة هود"فلما جاء أمرنا صالحا والذين أمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ " وهذا القانون وهو انجاء المسلمين وإهلاك الكفار انطبق على كل الأقوام عدا قوم يونس (ص) وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "إذا فهناك احتمال راجح أن المسلمين من الأقوام الماضية قد نقلوا بعض أشعار أسلافهم وحرفت عبر الزمن من خلال كفر أو نسيان الناس
خلاصة الكتاب :
أن طه حسين كان كغيره من رموز الكتابة فى ذلك العهد وما قبله وما بعده كان يؤدى دورا مرسوما له من قبل الكفار سواء سميناهم المخابرات أو الأمن القومى فى مصر أو فى بلاد الخارج فعصبة الفساد التى تحكم العالم متصلة ببعضها البعض فبعضهم يعمل رئيس أو ملك وبعضهم يعمل قائد جيش أو كاتب أو إعلامى أو غير ذلك ممن يوجهون حياة الناس نحو الفساد
إنها حرب تدار من الخفاء والشعوب لا أمل فيها أن تصحو فلابد من صحوة فكرية من المفكرين الطالبين للعدل تكون دولة عادلة تقضى على الفساد فى مكانها ثم تصلح العالم كله بعد ذلك عن طريق الحروب الدفاعية والتى يؤكد انتصارها فيها للشعوب أن الحق سيظهر يوما وسيدخل الناس فيها أفواجا
"وأما قصيدة علقمة فمطلعها :
ذهبت من الهجران فى كل مذهب ولم يكن حقا كل هذا التجنب
ويكفى أن تقرأ هذين البيتين لتحس فيهما رقة إسلامية ظاهرة" ص219
ولم يذكر لنا أين تلك الرقة ولا أين النص الذى يشبهها فى القرآن إنما هى عبارة مطلقة
وأما الموضع الثانى فهو قوله:
"ويكفى أن تقرأ هذه القصيدة التى قدمنا مطلعها لتجزم بأنها منتحلة لا أصل لها وحسبك أنه يثبت فيها وحدانية الله وعلمه على نحو ما يثبتهما القرآن فيقول :
والله ليس له شريك علام ما أخفت القلوب "ص222
وهو كلام يتناسى كل ما قاله عن وجود اليهود والنصارى فى تلك البلاد فاليهود خاصة كانوا يعلمون تلك الحقائق وكانوا ينشرونها بين العائشين بينهم ألا يجوز أن يكون الشاعر قد عرف ذلك من الكتابيين والصلة اعترف بها طه فى أقوال فى الكتاب مثل:
"ثم يجب أن أحدثك عن اليهود فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين اليهود هؤلاء وبين الأدب العربى من صلة ويجب أن أحدثك بعد هذا عن المسيحية وما كان لها من الانتشار فى بلاد العرب قبل الإسلام وبعده وما بين هذا كله وبين الأدب العربى من صلة"ص72
فضلا عن وجود الحنفاء وألا يجوز أيضا أن يكون الرجل سافر للبلاد الأخرى حيث الموحدين من اليهود والنصارى وغيرهم ؟ وحسبنا اعتراف طه أن القوم لم يكونوا منعزلين عن الخارج وإنما كانوا متصلين بالأمم المجاورة كما قال :
" لم يكن العرب إذن كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلى معتزلين فأنت ترى القرآن يصف عنايتهم بسياسة الفرس والروم وهو يصف اتصالهم الاقتصادى بغيرهم من الأمم فى السورة المعروفة "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " وكانت إحدى الرحلتين إلى الشام حيث الروم والأخرى إلى اليمن حيث الحبشة أو الفرس"ص85
إذا ليس غريبا أن يقول هذا القول فمثله فى الأمم المختلفة موجود وهو ناقض نفسه عندما اعترف أنه يقبل ما نسب للشعراء والمتحنفين مع شىء من الاحتياط والشك غير قليل بقوله :
"إنما انتحله انتحالا انتحله المسلمون ليثبتوا كما قدمنا أن للإسلام قدمة وسابقة فى البلاد العربية ومن هنا لا نستطيع أن نقبل ما يضاف إلى هؤلاء الشعراء والمتحنفين إلا مع شىء من الاحتياط والشك غير قليل "ص152
فرض لغة واحدة على القبائل:
نلاحظ أن مقولة طه عن فرض لغة واحدة على القبائل كررها فى المقولة التالية :
"أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها وتقيدت فى الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها لو كتبت أو شعرت فى لغتها الخاصة أى أن إلإسلام قد فرض على العرب جميعا لغة عامة واحدة هى لغة قريش فليس غريبا أن تتقيد هذه القبائل بهذه اللغة الجديدة فى شعرها ونثرها فى أدبها بوجه عام "ص98
ومع ذلك أنكرها فالفرض هو إجبار وإكراه ومع هذا يقول أن القبائل اختارت ذلك طواعية بقوله فى الفقرة السابقة:
" أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها وتقيدت فى الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها"ص89
الغربية والشرقية:
قال طه:
"وسواء رضينا أم كرهنا فلابد أن نتأثر بهذا المنهج فى بحثنا العلمى والأدبى كما تأثر به من قبلنا به أهل الغرب ولابد أن نصطعنه فى نقد آدابنا وتاريخنا كما اصطنعه أهل الغرب فى نقد آدابهم وتاريخهم ذلك لأن عقليتنا نفسها قد أخذت منذ عشرات من السنين تتغير وتصبح غربية أو قل أقرب إلى الغربية منها إلى الشرقية وهى كلما مضى عليها الزمن جدت فى التغير وأسرعت فى الاتصال بأهل الغرب "ص109
مسألة الغربية والشرقية مسألة اخترعها من تعلموا فى الغرب وأصبحوا علمانيين أو ملحدين فلا أساس للمسألة فالدين أو الثقافة لا توصف بالشرقية أو الغربية وهناك جنون فى المسألة فمثلا روسيا وهى بلد شرقى تصنف غربى وطه نفسه فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر اعتبر اليونان وهى بلد غربى بلدا شرقيا ومثلا يصنف المغرب العربى على أنه شرقى بينما هو ينتمى للغرب الجغرافى
وأما حكاية منهج الشك أو منهج ديكارت فهو ليس منهج غربيا وليس شرقيا فالغزالى كتبه من قبل ولابد أن آخرين كتبوه من قبل بل إن الكتب الموحى بها طالبت بهذا المنهج كما فى قوله تعالى " فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ"
الخلاف بين النبى (ص) وقريش تحول لإقتصادى وسياسى :
قال طه:
"ولكننا نستطيع أن نسجل مطمئنين أن هذه الهجرة قد وضعت مسألة الخلاف بين النبى وقريش وضعا جديدا جعلت الخلاف سياسيا الجدال والنضال بالحجة ليس غير "ص114
وقال:
"فليس من شك إذ نفى أن الجهاد بين النبى وقريش قد كان دينيا خالصا ما أقام النبى فى مكة فلما انتقل إلى المدينة أصبح هذا الجهاد دينيا وسياسيا واقتصاديا وأصبح موضوع النزاع ليس مقصورا على الإسلام حق أو غير حق بل هو يتناول مع ذلك الأمة العربية أو الحجازية على أقل تقدير لمن تذعن والطرق التجارية لمن تخضع"ص114
المقولة بالصراع السياسى والاقتصادى من جانب النبى(ص) هو اتهام باطل للنبى(ص)فكل أفعال النبى(ص) عدا ذنوبه كانت طاعة لأحكام الله فالرجل مات فقيرا وكانت كل حروبه دفاعية تطبيقا لقوله تعالى "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
العداوة بين الأنصار وقريش:
"نشأت إذن بعد الهجرة عداوة بين مكة والمدينة وما هى إلا أن اصطبغت هذه العداوة بالدم يوم انتصر الأنصار فى بدر ويوم انتصرت قريش فى أحد وما هى إلا أن اشترك الشعر فى هذه العداوة مع السيف فوقف شعراء الأنصار وشعراء قريش يتهاجون ويتجادلون ويتناضلون يدافع كل فريق عن أحسابه وأنسابه ويشيد بذكر قومه ثم كان الموقف دقيقا فقد كان شعراء الأنصار يدافعون فريشا عن النبى وأصحابه وهم من قريش وكان شعراء قريش يهجون مع الأنصار النبى وأصحابه وهم من خلاصة قريش"ص115
اخترع طه حسين مشكلة لم يقل بها أحد من قبل وهى العداوة بين قريش والأنصار والعداوة كانت بين المسلمين والكفار وليس بين قريش لأن قريش كان منها المسلمون ومنها الكفار وأما الأنصار فكانوا مسلمين ومن ثم فالمسألة كلها هو اختراع شبهات لا أساس لها سوى كتب التاريخ الكاذبة ولو كان الرجل يصدق فعلا القرآن ما كتب كتبه عن الفتن وما بث تلك الفتن فى الكثير ومع هذا ناقض الرجل نفسه فقال أن المشكلة انتهت بإسلام قريش فى قوله:
"أسلم أبو سفيان وأسلمت معه قريش وتمت للنبى هذه الوحدة العربية وألقى الرماد على هذه النار التى كانت متأججة بين قريش والأنصار وأصبح الناس جميعا فى ظاهر الأمر إخوانا مؤتلفين فى الدين " ص116
أسباب نحل الشعر :
يقولون أنها السياسة حيث حاول كل فريق أن يكون قديمه فى الجاهلية خير قديم والقصص حيث نحل القصاص الشعراء بعض الشعر من خلال القصص وذلك لمناصرة الفرق والشعوبية حيث حاول العجم الفخر على العرب بإدعاء شعر يقر فيه العرب بفضل العجم عليهم والرواة حيث أن العرب تحت إلحاحهم المستمر بالسؤال يضطرون للرد بإجابات كاذبة والدين حيث كان الناس ينظمون شعر لإرضاء الغوغاء الذين يريدون المعجزات فى كل شىء وكل هذه الأسباب عندنا سبب واحد هو الإحساس بالنقص فى الدين فالفرق والقصاص والشعوبيون والرواة كلهم يعبرون عن شىء واحد دينهم وهو ليس الإسلام ودينهم كان يحتاج لوسائل إضعاف المسلمين والمسلم لا يمكن أن يكون شاهد زور أى ينسب الأقوال لغير أصحابها وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان "والذين لا يشهدون الزور ".
لا دستور للأمة:
قال طه :
"ولكنه توفى بعد الفتح بقليل ولم يضع قاعدة للخلافة ولا دستورا لهذه الأمة التى جمعها بعد فرقة فأى غرابة فى أن تعود هذه الضغائن على الظهور وفى أن تستيقظ الفتنة بعد نومها وفى أن يزول هذا الرماد الذى كان يخفى تلك الأحقاد "ص117
وقال :
"وظهر أن الأمر قد استقر بين الفريقين وأنهم قد أجمعوا على ذلك لا يخالفهم فيه إلا سعد بن عبادة الأنصارى الذى أبى أن يبايع أبا بكر وان يبايع عمر وظل يمثل المعارضة قوى الشكيمة ماضى العزيمة حتى قتل غيلة فى بعض أسفاره قتلته الجن فيما يزعم الرواة وانصرفت قوة قريش والأنصار إلى ما كان من انتقاض العرب على المسلمين أيام أبى بكر وعلى ما كان من الفتوح أيام عمر " ص117
وقال:
"ولقد يستطيع الكاتب فى التاريخ السياسى أن يضع كتابا خاصا ضخما فى هذه العصبية بين قريش والأنصار وما كان لها من التأثير فى حياة المسلمين أيام بنى أمية لا نقول فى المدينة ومكة ودمشق بل نقول فى مصر وأفريقيا والأندلس ويستطيع الكاتب فى تاريخ ألدب أن يضع سفرا مستقلا فيما كان لهذه العصبية بين قريش والأنصار من التأثير فى شعر الفريقين الذى قالوه فى الإسلام وفى الشعر الذى انتحله الفريقان على شعرائهما فى الجاهلية هذا دون أن يتجاوز المؤرخ السياسى أو الأدبى الخصومة بين قريش والأنصار فكيف إذا تجاوزها على الخصومة بين القبائل الخرىطص130
يصر طه حسين على تكذيب القرآن بوجود الفتن والضغائن فى الجيل الأول من المسلمين وهو ما يخالف أن الدين لا يضيع ولا تتبع الشهوات إلا فى عهد الخلف وهم من بعدهم كما قال تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا"
,أما حكاية الدستور فهو موجود فالقرآن فيه بيان كل مسألة كما قال تعالى "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وأما ما نعرفه من كتب التاريخ والفقه فهو مجرد أكاذيب وأوهام معظمها كتبها الكفار الذين هدموا دولة الإسلام بعد قرون عديدة من موت النبى(ص)
ويكرر طه نفس الخطأ وهو وجود الفتن المزعومة فى كتب التاريخ والحديث فى قوله:
"وفى الحق أن النبى لم يكد يدع هذه الدنيا حتى اختلف المهاجرون من قريش والأنصار من الأوس والخزرج أين تكون ولمن تكون وكاد الأمر يفسد بين الفريقين لولا بقية من دين وحزم نفر من فريش ولولا أن القوة المادية كانت إذ ذاك إلى قريش فما هى إلا أن أذعنت الأنصار وقبلوا أن تخرج الإمارة على قريش "ص117
وهو ما يناقض القرآن كما قلنا فى الكثير من الآيات فحكاية إمارة قريش يكذبها قوله تعالى " لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى"
فهنا قصر الله الإمارة فى الدنيا على من أسلموا وجاهدوا قبل فتح مكة ومن أسلموا قبل الفتح كانوا من قريش والأنصار وشتات من القبائل فالدستور فى الخليفة كان موجودا فهذا هى درجة الدنيا التى منحها الله السابقين المجاهدين فالسابقين الذين لم يجاهدوا لم يكن لهم حق فى تولى مناصب الإمارة ومن ثم كانت المسألة محصورة فى عدد معين يختار المسلمون أحدهم بأغلبية الأصوات
اضطهاد اليهود لنصارى نجران:
قال طه :
"اليهودية قد جاوزت الحجاز على اليمن ويظهر أنها استقرت حينا عند سراة اليمن واشرافها وأنها أثرت بوجهة ما فى الخصومة التى كانت بين أهل اليمن وأهل الحبشة وهم نصارى ثم فى الحق أن اليهودية قد استتبعت حركة اضطهاد للنصارى فى نجران ذكرها القرآن فى سورة البروج"ص152
الرجل هنا يفترى على الله فيقول أن سورة البروج نزلت فى حرق اليهود لنصارى نجران وهو كلام تكذبه السورة فالحادثة هى فى حرق بعض الكفار لبعض المسلمين المكيين فى حفرة حفروها ووضعوا فيها النار وقد حصلت هذه الحادثة فى عهد النبى (ص)والسبب الذى دفع الكفار لحرق المؤمنين أنهم نقموا منهم أى غضبوا أى ثاروا عليهم بسبب أنهم أمنوا بالله العزيز الحميد والمراد أنهم صدقوا حكم الرب الناصر للمؤمنين المثيب لهم بالجنة الذى له ملك أى "مقاليد السموات والأرض "كما قال بسورة الزمر"والمراد له حكم الكون والله على كل شىء شهيد والمراد والرب على كل أمر رقيب أى بكل أمر عليم ولو كانت الحادثة فى عهد غير النبى(ص) ما تحدث الله عن أنه سيتوب عليهم لو تابوا فى قوله " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"
فرية لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف:
قال طه :
"ويظهر أن قبائل من العرب قد تنصرت قبل اٍلاسلام بأزمان تحتلف طولا وقصرا فنحن نعلم مثلا ان تغلب كانت نصرانية وأنها أثارت مسألة من مسائل الفقه فالقاعدة أنه لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف فأما الجزية فتقبل من غير العرب ولكن تغلب قبلت منها الجزية قبلها عمر فيما يقول الفقهاء"ص153
طه هنا يخترع مسألة لا وجود لها فى المصحف ولا فيما يروى من أحاديث وهى أنه لا يقبل من العربى إلا الإسلام أو السيف فلا توجد آية أو حديث يتحدث عن شىء اسمه العربى فالكل يتحدث عن الكافر والمسلم وحتى الأحاديث الكاذبة التى تتحدث عن المسألة تقول إنما أمرت أن أقاتل الناس ولم تتحدث عن العرب فهى تتحدث عن الناس جميعا وهناك أحاديث تبين أن عمر مثلا أخذ الجزية من مجوس هجر وهجر بلدة من بلاد الجزيرة حسب التاريخ المعروف ومن ثم فتغلب لم يكن اخذ الجزية منها شىء نادر
وصف القصاص والشعراء المنتحلين بالمسلمين"
قال طه :
"وليس من شك عندنا فى أن هؤلاء القصاص من المسلمين قد تركوا أثارا قصصية لا تقل جمالا وروعة حسن موقع فى النفس عن الألياذة والأوديسا وكل ما بين القصص الإسلامى واليونانى من الفرق هو أن الأول لم يكن شعرا وإنما كان نثرا يزينه الشعر بينما كان الثانى كله شعرا "ص157
وقال:
"كل شىء فى حياة المسلمين فى القرون الثلاثة الأولى كان يدعو إلى انتحال الشعر وتلفيقه "ص190
وصف طه حسين للمزورين المنتحلين من القصاص والشعراء والرواة وغيره بأنهم مسلمين وصف كاذب خاطىء فلا يوجد مسلم يشهد الزور كما قال تعالى "والذين لا يشهدون الزور"
فمن اخترع الحكايات وليس القصص فالقصص حقائق والشعر المنتحل والروايات الكاذبة هم الكفرة ومن اعترافاتهم قولهم ""وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون"
فهناك كانوا يزيدون وما زال بعضهم يفعل هذا
الشعر الإسلامى:
قال طه:
وقد يكون هذا صحيحا فى الشعر الجاهلى لأن كثرة هذا الشعر منتحلة مصطنعة فأما الشعر الإسلامى الذى صحت نسبته لقائليه فأنا أتحدى أى ناقد أن يعبث به أقل عبث دون أن يفسده وأنا أزعم أن وحدة القصيدة فيه بينة وأن شخصية الشاعر فيه ليست أقل ظهورا منها فى أى شعر أجنبى إنما جاء هذا الخطأ من اتخاذ الشعر الجاهلى نموذجا للشعر العربى مع أن هذا الشعر الجاهلى كما قدمنا لا يمثل شيئا ولا يصلح إلا نموذجا لعبث القصاص وتكلفة الرواة "ص215
الشعر الذى يسميه طه حسين وكثيرون غيره إسلامى ليس شعرا إسلاميا وإنما هو شعر كفر أى شعر جاهلى وإن قيل بعد ممات النبى (ص) بقرون فلو رجعنا القصائد التى تنسب لما يسميه بالشعر الإسلامى لوجدنا اكثر من 99% منها تخالف القرآن ومن ثم لا يمكن ان تكون شعرا إسلاميا فمثال بسيط هو جرير والفرزدق أشعارهما فى الهجاء لا يمكن أن تنسب للإسلام وإنما للكفر بما فيها من شتائم وطعن فى الأنساب ورمى للمحصنات وأقول أن معظم الشعر الذى يسمى إسلامى وأموى وعباسى هو من وضع لجان الكفر التى هدمت دولة الإسلام
قصيدة طرفة :
قال طه:
"ولست أدرى أهذا الشعر الذى قاله طرفة أم قاله رجل أخر وليس يعنينى أن يكون طرفه قائل هذا الشعر بل ليس يعنينى أن أعرف اسم صاحب هذا الشعر وإنما الذى يعنينى هو أن هذا الشعر صحيح لا تكلف فيه ولا انتحال وان هذا الشعر لا يشبه ما قدمنا فى وصف الناقة ولا يمكن أن يتصل به وأن هذا الشعر من الشعر النادر الذى نعثر به من حين على حين فى تضاعيف هذا الكلام الكثير "ص245
نلاحظ أن طه يعترف بأن قصيدة طرفة هى قصيدة جاهلية لكون الشاعر فيها يظهر لإلحاده وإصراره على شرب الخمور وغيرها من الموبقات وهو كلام يدل على التفاهة فالملحدون كانوا فى معظم العصور والقصائد التى تنسب للجاهليين نعثر فيها على الآثام كشرب الخمر والزنى بالنساء وغير ذلك ومع هذا لا يعترف طه بها كما اعترف بمعلقة طرفة
نقل أشعار الأقوام السالفة :
قال ابن سلام فى طبقات فحول الشعراء "ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود فكتب لهم أشعار كثيرة وليس بشعر إنما هو كلام مؤلف معقود بقواف أفلا يرجع إلى نفسه فيقول "من حمل هذا الشعر ؟ومن أداه منذ آلاف السنين والله تبارك وتعالى يقول "فقطع دابر القوم الذين ظلموا "الأنعام45 أى لا بقية لهم "
الحق فى هذا الإستدلال بالقرآن أنه استدلال خاطىء فقد أغفل نصف الحقيقة فإذا كان أهلك عاد الظالمين فإنه أبقى عاد المسلمين وهم هود(ص)ومن معه من المؤمنين فقال بسورة هود"ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين أمنوا معه برحمة منا "وإذا كان أهلك ثمود الكفار فإنه أبقى المؤمنين فقال بسورة هود"فلما جاء أمرنا صالحا والذين أمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ " وهذا القانون وهو انجاء المسلمين وإهلاك الكفار انطبق على كل الأقوام عدا قوم يونس (ص) وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "إذا فهناك احتمال راجح أن المسلمين من الأقوام الماضية قد نقلوا بعض أشعار أسلافهم وحرفت عبر الزمن من خلال كفر أو نسيان الناس
خلاصة الكتاب :
أن طه حسين كان كغيره من رموز الكتابة فى ذلك العهد وما قبله وما بعده كان يؤدى دورا مرسوما له من قبل الكفار سواء سميناهم المخابرات أو الأمن القومى فى مصر أو فى بلاد الخارج فعصبة الفساد التى تحكم العالم متصلة ببعضها البعض فبعضهم يعمل رئيس أو ملك وبعضهم يعمل قائد جيش أو كاتب أو إعلامى أو غير ذلك ممن يوجهون حياة الناس نحو الفساد
إنها حرب تدار من الخفاء والشعوب لا أمل فيها أن تصحو فلابد من صحوة فكرية من المفكرين الطالبين للعدل تكون دولة عادلة تقضى على الفساد فى مكانها ثم تصلح العالم كله بعد ذلك عن طريق الحروب الدفاعية والتى يؤكد انتصارها فيها للشعوب أن الحق سيظهر يوما وسيدخل الناس فيها أفواجا
مواضيع مماثلة
» نقد فى الشعر الجاهلى البداية الخاطئة تسمية البحث فى الشعر الجاهلى
» نقد كتاب فى الشعر الجاهلى لطه حسين
» نقد فى الشعر الجاهلى مصادر معرفة العصر الجاهلى عند طه حسين
» نقد فى الشعر الجاهلى طه حسين القرآن كتاب تاريخ ولغة
» نقد فى الشعر الجاهلى مقياس معرفة صحة الشعر وبطلانه
» نقد كتاب فى الشعر الجاهلى لطه حسين
» نقد فى الشعر الجاهلى مصادر معرفة العصر الجاهلى عند طه حسين
» نقد فى الشعر الجاهلى طه حسين القرآن كتاب تاريخ ولغة
» نقد فى الشعر الجاهلى مقياس معرفة صحة الشعر وبطلانه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 6:35 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود مطالبة المسلم بعدم الحكم بحكم الله
اليوم في 6:34 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تفضيل بعض الأعداد فى الحرب
اليوم في 6:33 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الراكب شيطان والراكبان شيطانان
اليوم في 6:32 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود بعث السرايا دوما بالنهار
اليوم في 6:31 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود سفر النبى (ص) يوم الخميس
اليوم في 6:30 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الشياطين لها سلطة العيث فسادا بعد غياب الشمس
اليوم في 6:29 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تعجب الله من علم الإنسان
اليوم في 6:28 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اعتبار الله صاحب وخليفة
اليوم في 6:27 am من طرف Admin
» قراءة فى كتاب قانون تفسير القرآن للنجم الطوفي
اليوم في 5:59 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود اعتبار الله صاحب وخليفة
أمس في 6:18 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود سبب رزقنا ونصرنا هو الضعفاء
أمس في 6:17 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى لون راية الرسول(ص)
أمس في 6:16 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود دخول الناس المسجد بالسلاح
أمس في 6:15 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود ادخال الأفراس فى الرهان سواء أمن أو لم يؤمن
أمس في 6:14 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة الرهان وهو السبق و
أمس في 6:13 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الأرض تطوى بالليل
أمس في 6:12 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الإبل خلقت من الشياطين
أمس في 6:11 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود وسم الأنعام
أمس في 6:10 am من طرف Admin
» نظرات فى كتاب موقف علي في الحديبية
أمس في 5:51 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الناقة ملعونة
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:18 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود النهى عن ركوب الجلالة
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:17 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الجرس شيطان
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:16 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود قرب الملائكة من الناس
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:16 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود العين لها تأثير مؤذى
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:15 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود معجزة كلام الجمل
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:13 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود كراهية الشكال فى الخيل
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:12 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود التفضيل فى ألوان وبركة الخيل
الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:11 am من طرف Admin
» عمر الرسول (ص)
الجمعة نوفمبر 22, 2024 5:58 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود من تمنى الجهاد ولم يجاهد فمات فهو شهيد
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:48 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود عدم رد الدعاء فى أمرين أو ثلاثة
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:47 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود عامر له أجره مرتين بعد استشهاده من دون بقية المسلمين
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:46 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تعجب الله
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:45 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود العلم بالغيب وهو الخلافة ودنو المصائب
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:44 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود المسلمين بعضهم أبرار وبعضهم فجار
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:43 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود القول أمتى
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:43 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الخروج بالنساء مع المجاهدين
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:42 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود العلم بالغيب وهو فتح الأمصار
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:42 am من طرف Admin
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الخميس نوفمبر 21, 2024 5:28 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود حدوث معجزة النور على قبر النجاشى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 6:11 am من طرف Admin