بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
دخول
نقد كتاب حديث المنزلة
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب حديث المنزلة
[justifyنقد كتاب حديث المنزلة
الكتاب من تأليف علي الحسيني الميلاني وموضوعه كما قال:
"حديث المنزلة، قوله (ص)لأمير المؤمنين : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»، وقوله في بعض الألفاظ: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»، أو «علي منّي بمنزلة هارون من موسى»
يمتاز هذا الحديث عن كثير من الأحاديث في أنّه حديث أخرجه البخاري ومسلم أيضاً، إلى جنب سائر المحدّثين الذين أخرجوا هذا الحديث الشريف، وهو حديث اتّفق عليه الشيخان باصطلاحهم
ومن جهة أُخرى يستدلّ بهذا الحديث على إمامة أمير المؤمنين من جهات عديدة، لوجود دلالات متعدّدة في هذا الحديث
لذلك اهتمّ بهذا الحديث علماؤنا منذ قديم الأيام، كما اهتمّ به الآخرون أيضاً في مجال رواية هذا الحديث بأسانيدهم، وفي مجال الجواب عن هذا الحديث بطرقهم المختلفة "
وككثير من الكتب التى ألفها الشيعة قديما وحديثا نجد أن اهتمامهم ينصب على الروايات فقط لأن القرآن ليس فيه أى اسم من عهد المؤمنين فى عهد النبى(ص) سوى زيد ومن ثم فتطبيق الآيات على أيا كان من الأسماء المعروفة لا يفيد الفرق فى أى شىء فى إثبات ما أدخلوه فى الدين من أسماء ودين الله ليس دين أشخاص ومن ثم فكل ما ثيل فى المناقب لأى فريق هو كذب وافتراء وليس من الدين فى أى شىء ثم تناول الرجل أسماء رواة الحديث من الصحابة والتابعين والمؤلفين فقال :
"رواة حديث المنزلة:
قبل كلّ شيء نذكر أسامي عدة من الصحابة الرواة لهذا الحديث، وأسماء أشهر مشاهير الرواة له، من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين في القرون المختلفة
على رأس الرواة لهذا الحديث من الصحابة:
1 ـ أمير المؤمنين
ويرويه أيضاً:
2 ـ عبد الله بن العباس
3 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري
4 ـ عبد الله بن مسعود
5 ـ سعد بن أبي وقّاص
6 ـ عمر بن الخطّاب
7 ـ أبو سعيد الخدري
8 ـ البراء بن عازب
9 ـ جابر بن سمرة
10 ـ أبو هريرة
11 ـ مالك بن الحويرث
12 ـ زيد بن أرقم
13 ـ أبو رافع
14 ـ حذيفة بن أسيد
15 ـ أنس بن مالك
16 ـ عبد الله بن أبي أوفى
17 ـ أبو أيّوب الأنصاري
18 ـ عقيل بن أبي طالب
19 ـ حُبشي بن جنادة
20 ـ معاوية بن أبي سفيان
ومن جملة رواة هذا الحديث من الصحابيات:
1 ـ أُم سلمة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها
2 ـ أسماء بنت عميس
رواة هذا الحديث من الصحابة أكثر من ثلاثين، وربّما يبلغون الأربعين رجل وامرأة
يقول ابن عبد البر في الاستيعاب عن هذا الحديث: هو من أثبت الأخبار وأصحّها
قال: وطرق حديث سعد بن أبي وقاص كثيرة جدّاً فذكر عدّة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث، ثمّ قال: وجماعة يطول ذكرهم
وهكذا ترون المزي يقول بترجمة أمير المؤمنين في تهذيب الكمال
وذكر الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق كثيراً من طرق هذا الحديث وأسانيده من عشرين من الصحابة تقريباً
ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري بعد أن يذكر أسامي عدّة من الصحابة، ويروي نصوص روايات جمع منهم يقول: وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي فهذا الحديث مضافاً إلى أنّه متواتر عند أصحابنا من الإماميّة ، من الأحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنّة، بل هو من الأحاديث المتواترة عندهم كذلك
يقول الحاكم النيسابوري: هذا حديث دخل في حدّ التواتر
كما أنّ الحافظ السيوطي أورد هذا الحديث في كتابه الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ، وتبعه الشيخ علي المتقي في كتابه قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة وممّن اعترف بتواتر هذا الحديث شاه ولي الله الدهلوي محدّث الهند في كتابه إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء
ولنذكر أسماء عدة من أشهر مشاهير القوم الرواة لهذا الحديث في القرون المختلفة، منهم:
1 ـ محمّد بن إسحاق، صاحب السيرة
2 ـ سليمان بن داود الطيالسي أبو داود الطيالسي، في مسنده
3 ـ محمّد بن سعد، صاحب الطبقات
4 ـ أبو بكر ابن أبي شيبة، صاحب المصنف
5 ـ أحمد بن حنبل، صاحب المسند
6 ـ البخاري، في صحيحه
7 ـ مسلم، في صحيحه
8 ـ ابن ماجة، في صحيحه
9 ـ أبو حاتم بن حبّان، في صحيحه
10 ـ الترمذي، في صحيحه
11 ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل، هذا الإمام الكبير الذي ربّما يقدّمه بعضهم على والده، يروي هذا الحديث في زيادات مسند أحمد وزيادات مناقب أحمد
12 ـ أبو بكر البزّار، صاحب المسند
13 ـ النسائي، صاحب الصحيح
14 ـ أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند
15 ـ محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير
16 ـ أبو عوانة، صاحب الصحيح
17 ـ أبو الشيخ الاصفهاني، صاحب طبقات المحدثين
18 ـ أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة
19 ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك على الصحيحين
20 ـ أبو بكر الشيرازي، صاحب كتاب الالقاب
21 ـ أبو بكر بن مردويه الاصفهاني، صاحب التفسير
22 ـ أبو نعيم الاصفهاني، صاحب حلية الاولياء
23 ـ أبو القاسم التنوخي، له كتاب في طرق أحاديث المنزلة
24 ـ أبو بكر الخطيب، صاحب تاريخ بغداد
25 ـ ابن عبد البر، صاحب الاستيعاب
26 ـ البغوي، الملقّب عندهم بمحي السنّة، صاحب مصابيح السنّة
27 ـ رزين العبدري، صاحب الجمع بين الصّحاح
28 ـ ابن عساكر، صاحب تاريخ دمشق
29 ـ الفخر الرازي، صاحب التفسير الكبير
30 ـ ابن الاثير الجزري، صاحب جامع الأصول
31 ـ أخوه ابن الاثير، صاحب أُسد الغابة
32 ـ ابن النجّار البغدادي، صاحب تاريخ بغداد
33 ـ النووي، صاحب شرح صحيح مسلم
34 ـ أبو العباس محب الدين الطبري، صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة
35 ـ ابن سيّد الناس، في سيرته
36 ـ ابن قيّم الجوزية، في سيرته
37 ـ اليافعي، صاحب مرآة الجنان
38 ـ ابن كثير الدمشقي، صاحب التاريخ والتفسير
39 ـ الخطيب التبريزي، صاحب مشكاة المصابيح
40 ـ جمال الدين المزّي، صاحب تهذيب الكمال
41 ـ ابن الشحنة، صاحب التاريخ المعروف
42 ـ زين الدين العراقي المحدّث المعروف، صاحب المؤلفات، صاحب الالفية في علوم الحديث
43 ـ ابن حجر العسقلاني، صاحب المؤلفات
44 ـ السيوطي، صاحب المؤلفات كالدر المنثور وغيره
45 ـ الدياربكري، صاحب تاريخ الخميس
46 ـ ابن حجر المكّي، صاحب الصواعق المحرقة
47 ـ المتقي الهندي، صاحب كنز العمّال
48 ـ المناوي، صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير
49 ـ ولي الله الدهلوي، صاحب المؤلفات ككتاب حجة الله البالغة وإزالة الخفاء
50 ـ أحمد زيني دحلان، صاحب السيرة الدحلانيّة
وغير هؤلاء من المحدّثين والمؤرّخين والمفسّرين من مختلف القرون والطبقات "
وكما قلنا فى نقد كتب أخرى للميلانى صحة الحديث لا تثبت بكثرة الرواة وكثرة الكتب عنه وإنما تثبت بموافقته للقرآن وتبطل بمعارضته للقرآن ولو فتحنا باب كون الكثرة دليل صحة القول لكانت أديان الكفرة معظمها صحيح خاصة الأديان القديمة التى تم تناقلها عبر القرون ومن ثم تثبت ألوهية عيسى0ص) وألوهية البقرة والقرد عند الهندوس
ثم اورد الرجل روايات الحديث فقال:
"نصّ حديث المنزلة وتصحيحه:
أمّا نصّ الحديث في صحيح البخاري: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه [ أي سعد بن أبي وقّاص ] قال النبي (ص) لعلي: «أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى» قال: وحدّثنا مسدّد، حدّثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب ـ مصعب بن سعد بن أبي وقّاص ـ عن أبيه: إنّ رسول الله (ص) خرج إلى تبوك فاستخلف عليّاً فقال: أتكلّفني بالصبيان والنساء ؟ قال: «ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبي» وأمّا لفظ مسلم، فإنّه يروي هذا الحديث بأسانيد عديدة لا بسند وسندين:
منها: ما يرويه بسنده عن سعيد بن المسيّب، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: قال رسول الله (ص) لعلي: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» قال سعيد: فأحببت أنْ أُشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدّثني به عامر فقال: أنا سمعته، قلت: أنت سمعته ؟ قال: فوضع إصبعيه على أُذنيه فقال: نعم، وإلاّ أُستكّتا
في هذا الحديث، وفي هذا اللفظ نكت يجب الالتفات إليها
وبسند آخر في صحيح مسلم: عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أنْ تسبّ أبا التراب ؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله فلن أسبّه فذكر الخصال الثلاث ومنها حديث المنزلة فهذا حديث المنزلة في الصحيحين، وأنتم تعلمون بأنّ المشهور بينهم قطعيّة أحاديث الصحيحين، فجمهورهم على أنّ جميع أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور، ولا مجال للبحث عن أسانيد شيء من تلك الأحاديث، وللتأكّد من ذلك يمكنكم الرجوع إلى كتبهم في علوم الحديث، فراجعوا مثلاً كتاب تدريب الراوي في شرح تقريب النوّاوي للحافظ السيوطي، وبإمكانكم الرجوع إلى شروح ألفيّة الحديث كشرح ابن كثير وشرح زين الدين العراقي وغير ذلك، وحتّى لو راجعتم كتاب علوم الحديث لأبي الصلاح لرأيتم هذا المعنى، ويزيد شاه ولي الله الدهلوي في كتاب حجة الله البالغة، وهو كتاب معتبر عندهم ويعتمدون عليه، يزيد الأمر تأكيداً عندما يقول ـ وبعد أنْ يؤكّد على وقوع الاتفاق على هذا المعنى ـ يقول: اتفقوا على أنّ كلّ من يهوّن أمرهما [ أي أمر الصحيحين ]فهو مبتدعٌ متبع غير سبيل المؤمنين فظهر أنّ من يناقش في سند حديث المنزلة بحكم هذا الكلام الذي ادّعى عليه الاتفاق شاه ولي الله الدهلوي، كلّ من يناقش في سند حديث المنزلة فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين
وعندما تراجعون كتب الرجال، هناك اتفاق بينهم على قبول من أخرج له الشيخان، حتّى أنّ بعضهم قال: من أخرجا له فقد جاز القنطرة بهذه العبارة !ومن هنا نراهم متى ما أعيتهم السبل في ردّ حديث يتمسّك به الإمامية على إثبات حقّهم أو على إبطال باطل، عندما أعيتهم السبل عن الجواب يتذرّعون بعدم إخراج الشيخين لهذا الحديث، ويتّخذون عدم إخراجهما للحديث ذريعة للطعن في ذلك الحديث الذي ليس في صالحهم
أذكر لكم مثالاً واحداً، وهو حديث: «ستفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة»، هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين، لكنّه موجود في السنن الأربعة، يقول ابن تيميّة في مقام الردّ على هذا الحديث : الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد أورده أهل السنن ورووه في المسانيد كالإمام أحمد وغيره ومع ذلك لا يوافق على هذا الحديث متذرّعاً بعدم وجوده في الصحيحين إلاّ أنّ الملفت للنظر لكلّ باحث منصف، أنّهم في نفس الوقت الذي يؤكّدون على قطعيّة صدور أحاديث الصحيحين، ويتخذون إخراج الشيخين للحديث أو عدم إخراجهما للحديث دليلاً وذريعة ووسيلة لردّ حديث أو قبوله، في نفس الوقت إذا رأوا في الصحيحين حديثاً في صالح الإماميّة يخطّئونه ويردّونه وبكلّ جرأة ولذا لو راجعتم إلى كتاب التحفة الاثنا عشرية لوجدتم صاحب التحفة يبطل حديث هجر فاطمة الزهراء أبا بكر وأنّها لم تكلّمه إلى أن ماتت، يبطل هذا الحديث ويردّه مع وجوده في الصحيحين
وينقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري ، وأيضاً ابن حجر المكي في كتاب الصواعق ، ينقلان عن البيهقي أنّه ضعّف حديث الزهري الدال على أنّ عليّاً لم يبايع أبا بكر مدّة ستّة أشهر، فالبيهقي يضعّف هذا الحديث ويحكي غيره كالقسطلاني وابن حجر هذا التضعيف في كتابه، مع أنّ هذا الحديث موجود في الصحيحين وقد رأيتم أنّ الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي الحنبلي أدرج حديث الثقلين في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، مع وجود حديث الثقلين في صحيح مسلم، ومن هنا اعترض عليه غير واحد فيظهر: أنّ القضيّة تدور مدار مصالحهم، فمتى ما رأوا الحديث في صالحهم وأنّه ينفعهم في مذاهبهم، اعتمدوا عليه واستندوا إلى وجوده في الصحيحين، ومتى كان الحديث يضرّهم ويهدم أساساً من أُسس مذهبهم ومدرستهم، أبطلوا ذلك الحديث أو ضعّفوه مع وجوده في الصحيحين أو أحدهما، وهذا ليس بصحيح، وليس من دأب أهل العلم وأهل الفضل، وليس من دأب أصحاب الفكر وأصحاب العقيدة الذين يبنون فكرهم وعقيدتهم على أُسس متينة يلتزمون بها ويلتزمون بلوازمها وعندما نصل إلى محاولات القوم في ردّ حديث المنزلة أو المناقشة في سنده، سنرى أنّ عدّةً منهم يناقشون في سند هذا الحديث أو يضعّفونه بصراحة، مع وجوده في الصحيحين، فأين راحت قطعية صدور أحاديث الصحيحين ؟ وما المقصود من الإصرار على هذه القطعية ؟ونحن أيضاً لا نعتقد بقطعيّة صدور أحاديث الصحيحين، ونحن أيضاً لا نعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره سوى القرآن الكريم لكن بحثنا معهم، وإنّما نتكلّم معهم على ضوء ما يقولون وعلى أساس ما به يصرّحون
فإذا جاء دور البحث عن سند حديث المنزلة سترون أنّ عدّةً منهم من علماء الأصول ومن علماء الكلام يناقشون في سند حديث المنزلة ولا يسلّمون بصحّته، فيظهر أنّه ليس هناك قاعدة يلجأون إليها دائماً ويلتزمون بها دائماً، وإنّما هي أهواء يرتّبونها بعنوان قواعد، يذكرونها بعنوان أُسس، فيطبّقونها متى ما شاءوا ويتركونها متى ما شاءوا ولا بأس بذكر عدة من ألفاظ حديث المنزلة في غير الصحيحين من الكتب المعروفة المشهورة، وفي كلّ لفظ أذكره توجد خصوصية أرجو أنْ لا تفوت عليكم، وأرجو أنْ تتأمّلوا فيها:
في الطبقات لابن سعد، يروي هذا الحديث بطرق، ومنها: بسنده عن سعيد بن المسيّب، هذا نفس الحديث الذي قرأناه في صحيح مسلم، فقارنوا بين لفظه في الطبقات ولفظه في صحيح مسلم يقول سعيد:
قلت لسعد بن مالك ـ هو سعد بن أبي وقّاص ـ: إنّي أُريد أنْ أسألك عن حديث، وأنا أهابك أنْ أسألك عنه ! قال: لا تفعل يا ابن أخي، إذا علمت أنّ عندي علماً فاسألني عنه ولا تهبني، فقلت: قول رسول الله (ص) لعلي حين خلّفه في المدينة في غزوة تبوك، فجعل سعد يحدّثه الحديث
لماذا عندما يريدون أن يسألوا عن حديث يتعلّق بعلي وأهل البيت يهابون الصحابي أن يسألوه، أمّا إذا كان يتعلّق بغيرهم فيسألونه بكلّ انطلاق وبكلّ سهولة وبكلّ ارتياح ؟ويروي محمّد بن سعد في الطبقات باسناده عن البراء بن عازب وعن زيد بن أرقم قالا:
لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله (ص)لعلي بن أبي طالب: «إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم»
يظهر أنّ في المدينة في تلك الظروف حوادث، وهناك محاولات أو مؤامرات سنقرأها في بعض الأحاديث الأتية، وكان لابدّ أنْ يبقى في المدينة إمّا رسول الله نفسه وإمّا علي ولا ثالث، أحدهما لابدّ أنْ يبقى، وأمّا الغزوة أيضاً فلابدّ وأنْ تتحقّق، فيقول رسول الله (ص) لعلي: «إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم»، فخلّفه فلمّا فَصَلَ رسول الله غازياً قال ناس ـ وفي بعض الألفاظ: قال ناس من قريش، وفي بعض الألفاظ: قال بعض المنافقين ـ: ما خلّفه رسول الله (ص) إلاّ لشيء كرهه منه، فبلغ ذلك عليّاً، فأتبع رسول الله حتّى انتهى إليه، فقال له: «ما جاء بك يا علي ؟» قال: لا يا رسول الله، إلاّ أنّي سمعت ناساً يزعمون أنّك إنّما خلّفتني لشيء كرهته منّي، فتضاحك رسول الله وقال: «يا علي أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى إلاّ أنّك لست بنبي ؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «فإنّه كذلك» وفي رواية خصائص النسائي قال الناس: قالوا ملّه، أي ملّ رسول الله عليّاً وكره صحبته وفي رواية: قال علي لرسول الله: زعمت قريش أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وكرهت صحبتي، وبكى علي، فنادى رسول الله في الناس: «ما منكم أحد إلاّ وله خاصة، يابن أبي طالب، أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ؟» قال علي: رضيت عن الله عزّ وجلّ وعن رسوله وإذا راجعتم سيرة ابن سيّد الناس ، وكذا سيرة ابن قيّم الجوزية ، وسيرة ابن إسحاق ، وأيضاً في بعض المصادر الآخرى: إنّ الذين قالوا ذلك كانوا رجالاً من المنافقين، ففي بعض الألفاظ: الناس، وفي بعض الألفاظ: قريش، وفي بعض الألفاظ: المنافقون، ومن هنا يظهر أنّ في قريش أيضاً منافقين، وهذا مطلب مهم وفي المعجم الاوسط للطبراني عن علي : إنّ النبي قال له: «خلّفتك أنْ تكون خليفتي»، قلت: أتخلّف عنك يا رسول الله ؟ قال: «ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» ففيه: «خلّفتك أنْ تكون خليفتي» وروى السيوطي في جامعه الكبير عن كتب جمع منهم: ابن النجار البغدادي، وأبو بكر الشيرازي في الالقاب، والحاكم النيسابوري في كتابه الكنى، والحسن بن بدر ـ الذي هو من كبار الحفّاظ ـ في كتابه ما رواه الخلفاء، هؤلاء يروون عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطّاب: كفّوا عن ذكر علي بن أبي طالب [ لماذا كانوا يذكرون عليّاً وبم كانوا يذكرونه ؟ حتّى نهاهم عمر عن ذكره ؟ أكانوا يذكرونه بالخير وينهاهم ؟ قائلاً: كفّوا عن ذكر علي بن أبيطالب ] فإنّي سمعت رسول الله (ص) يقول في علي ثلاث خصال لو كان لي واحدة منهنّ كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح [ هؤلاء الثلاثة هم أصحاب السقيفة من المهاجرين ] ونفر من أصحاب النبي، وهو متّكىء [ أي النبي ] على علي بن أبي طالب، حتّى ضرب بيده على منكبيه ثمّ قال: «يا علي أنت أوّل المؤمنين إيماناً وأوّلهم إسلاماً، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك» وفي تاريخ ابن كثير : «أو ما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة» وفرق بين عبارة «إلاّ النبوّة» وبين عبارة «إلاّ أنّك لست بنبي» و «إلاّ أنّه لا نبي بعدي» فرق كثير بين العبارتين، يقول ابن كثير: إسناده صحيح ولم يخرجوه وفي تاريخ ابن كثير أيضاً في حديث معاوية وسعد: إنّ معاوية وقع في علي فشتمه [ بنصّ العبارة ] فقال سعد: والله لانْ تكون لي إحدى خلاله الثلاث أحبّ إليّ ممّا يكون لي ما طلعت عليه الشمس فيذكر منها حديث المنزلة إلاّ أن الزرندي الحافظ يذكر نفس الحديث يقول: عن سعد: إنّ بعض الأمراء قال له: ما منعك أنْ تسبّ أبا تراب فأراد أنْ لا يذكر اسم معاوية محاولةً لحفظ ماء وجهه وماء وجههم وفي تاريخ دمشق والصواعق المحرقة وغيرهما: إنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال: سل عنها عليّاً فهو أعلم، قال الرجل: جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب علي، قال معاوية: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله (ص) يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه وتلاحظون أنّ في كلّ لفظ من هذه الألفاظ التي انتخبتها خصوصية، لابدّ من النظر إليها بعين الدقّة والاعتبار
وانتهت الجهة الاُولى، أي جهة البحث عن السند والرواة "
صال الميلانى وجال فى الكتب الحديثية والتاريخية وآتانا بروايات الحديث ومع هذا لم يعرض الحديث على كتاب الله الذى هو الكتاب الوحيد الصحيح واكتفى بما سماه تواتر الحديث والتواتر لا يثبت شىء كما فى قضية البرىء الذى تواتر الحديث فى عهد النبى(ص) عن كونه المجرم حتى أن النبى(ص) نفسه صدق هذا ودافع عن المجرمين
فيمن دافع عنهم وفى هذا قال تعالى :
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء"
إذا المسلمون قد يجمعون على رواية كاذبة على أنها صادقة دون أن يعرفوا والثانية أن الأسباط أجمعوا على رواية كاذبة وهى أكل الذئب ليوسف (ص) وظلوا يحكونها سنوات طويلة وصدقهم الكل غدا والدهم يعقوب(ص) وفى هذا قال تعالى :
"اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين"
وفى النهاية ظهر كذبهم
ثم تناول الرجل دلالات الحديث عند قومه فقال :
"دلالات حديث المنزلة:
الجهة الثانية: في دلالات حديث المنزلة، وكما أشرنا من قبل، دلالات حديث المنزلة متعددة، وكلّ واحدة منها تكفي لان تكون بوحدها دليلاً على إمامة أمير المؤمنين
قبل كلّ شيء لابدّ أنْ نرى ما هي منازل هارون من موسى حتّى يكون علي نازلاً من النبي منزلة هارون من موسى، لنرجع إلى القرآن الكريم ونستفيد من الآيات المباركات منازل لهارون:
المنزلة الأولى: النبوّة قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً)
المنزلة الثانية: الوزارة
قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي) ، وفي سورة الفرقان قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً) ، وفي سورة القصص عن لسان موسى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي)
المنزلة الثالثة: الخلافة
قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لاَِخِيه هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)
المنزلة الرابعة: القرابة القريبة
قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)
ورسول الله (ص) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع هذه المنازل القرآنية لهارون وغيرها كما سنقرأ، عن ثبوتها جميعاً لعلي ما عدا النبوة، لقد أخرج رسول الله (ص)النبوة بعد شمول تلك الكلمة التي أطلقها، هي تشمل النبوة إلاّ أنّه أخرجها واستثناها استثناءً، لقيام الضرورة على أنْ لا نبي بعده (ص)، ويبقى غير هذه المنزلة باقياً وثابتاً لعلي ، وبيان ذلك:
إنّ عليّاً وإنْ لم يكن بنبي، وهذا هو الفارق الوحيد بينه وبين هارون في المراتب والمقامات والمنازل المعنوية الثابتة لهارون، وإنْ لم يكن بنبي، إلاّ أنّه يعرّف نفسه ويذكر بعض خصائصه وأوصافه في الخطبة القاصعة، نقرأ في نهج البلاغة يقول :
«ولقد علمتم موضعي من رسول الله (ص)بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يَضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة بقول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (ص) من لدن أنْ كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالَم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما»
لاحظوا هذه الكلمة: «أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته»
ثمّ لاحظوا ماذا يقول الرسول لعلي: «إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنّك لست بنبي ولكنّك وزير، وإنّك لعلى خير»
أرجو الانتباه إلى ما أقول، لتروا كيف تتطابق الايات القرآنيّة والأحاديث النبويّة وكلام علي في الخطبة القاصعة، إنّ عليّاً وإنْ لم يكن بنبي لكنّه رأى نور الوحي والرسالة وشمّ ريح النبوّة
أترون أنّ هذا المقام وهذه المنزلة تعادلها منازل جميع الصحابة من أوّلهم إلى آخرهم في المنازل الثابتة لهم ؟ تلك المنازل لو وضعت في كفّة ميزان، ووضعت هذه المنزلة في كفّة، أترون أنّ تلك المنازل كلّها وتلك المناقب، تعادل هذه المنقبة الواحدة ؟فكيف وأنْ يُدّعى أنّ شيئاً من تلك المناقب المزعومة يترجّح على هذه المنقبة ؟
علي لم يكن بنبي، لكنّه شمّ ريح النبوّة، لكنْ ما معنى هذه الكلمة بالدقّة، لا نتوصّل إلى معناها، وعقولنا قاصرة عن درك هذه الحقيقة، لم يكن بنبي إلاّ أنّه شمّ ريح النبوّة، وأيضاً: لم يكن علي نبيّاً إلاّ أنّه كان وزيراً، لمن ؟ لرسول الله الذي هو أشرف الأنبياء وخير المرسلين وأكرمهم وأعظمهم وأقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، وأين هذه المرتبة من مرتبة هارون بالنسبة إلى موسى الذي طلب أن يكون هارون وزيراً له، إلاّ أنّ كلامنا الان في دوران الأمر بين علي وأبي بكر ومن الأحاديث الشاهدة بوزارة علي لرسول الله، الحديث الذي ذكرناه في يوم الدار، يوم الانذار، حيث قال: «فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ؟» قال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فقال: «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» وفي رواية الحلبي في سيرته: «إجلس، فأنت أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي»
وفي تاريخ دمشق، وفي المرقاة، وفي الدر المنثور، وفي الرياض النضرة، يروون عن ابن مردويه وعن ابن عساكر وعن الخطيب البغدادي وغيرهم، عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: «اللهمّ إنّي أقول كما قال أخي موسى: اللهمّ اجعل لي وزيراً من أهلي أخي عليّاً، اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً، إنّك كنت بنا بصيراً» وأيضاً، هذه دلالات حديث المنزلة، لاحظوا كيف تتطابق الآيات والروايات وكلام علي بالذات ؟
إنّ لعلي موضعاً من رسول الله يقول: «قد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة»، هذه القرابة القريبة في قصّة موسى وهارون قول موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي) ، ومن هنا سيأتي أنّ رسول الله (ص) قد ذكر حديث المنزلة في قصة المؤاخاة بينه وبين علي عليهما الصلاة والسلام مضافاً إلى قوله تعالى: (وَأُولُوا الاْأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ)
فإنّ الأوصاف الثلاثة هذه ـ أي الإيمان والهجرة وكونه ذا رحم ـ لا تنطبق إلاّ على علي، فيظهر أنّ القرابة القريبة هي جزء من مقوّمات الخلافة والولاية بعد رسول الله (ص)
وقد ذكر الفخر الرازي بتفسير الآية المذكورة استدلال محمّد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن المجتبى بالآية المباركة هذه، في كتاب له إلى المنصور العباسي، استدلّ بهذه الآية على ثبوت الأولوية لعلي، وأجابه المنصور بأنّ العباس أولى بالنبي من علي، لأنّه عمّه وعلي ابن عمّه، ووافق الفخر الرازي الذي ليس من العباسيين، وافق العباسيين في دعواهم هذه، لا حبّاً للعباسيين، وإنّما ؟والفخر الرازي نفسه يعلم بأنّ العباس عمّ النبي، ولكن العباس ليس من المهاجرين، إذ لا هجرة بعد الفتح، فكان علي هو المؤمن المهاجر ذا الرحم، ولو فرضنا أنّ في الصحابة غير علي من هو مؤمن ومهاجر، والإنصاف وجود كثيرين منهم كذلك، إلاّ أنّهم لم يكونوا بذي رحم، ويبقى العباس وقد عرفتم أنّه ليس من المهاجرين، فلا تنطبق الاية إلاّ على علي وهذا وجه استدلال محمّد بن عبد الله بن الحسن في كتابه إلى المنصور، وقد كان الرجل عالماً فاضلاً عارفاً بالقرآن الكريم، والفخر الرازي في هذا الموضع يوافق العباسيين و المنصور العباسي، ويخالف الهاشميين والعلويين حتّى لا يمكن ـ بزعمه ـ الاستدلال بالاية على إمامة علي أمير المؤمنين
فقوله تعالى: (وَأُولُوا الاْأرْحَامِ) دليل آخر على إمامة علي، ومن هنا يظهر: أنّ استدلال علي وذكره القرابة القريبة كانت إشارة إلى ما في هذه الناحية من الدخل في مسألة الإمامة والولاية
مضافاً إلى أنّ العباس قد بايع عليّاً في الغدير وبقي على بيعته تلك، ولم يبايع غير أمير المؤمنين، بل في قضايا السقيفة جاء إلى علي، وطلب منه تجديد البيعة، فيسقط العباس عن الاستحقاق للإمامة والخلافة بعد رسول الله، ولو تتذكرون، ذكرت لكم في الليلة الأولى أنّ هناك قولاً بإمامة العباس، لكنّه قول لا يستحق الذكر والبحث عنه عديم الجدوى
ومن منازل هارون أعلميّته بعد موسى من جميع بني إسرائيل ومن كلّ تلك الاُمّة، وقد ثبتت المنزلة هذه بمقتضى تنزيل علي منه بمنزلة هارون من موسى لأمير المؤمنين ، وإلى الأعلميّة هذه يشير علي في الأوصاف التي ذكرها لنفسه في هذه الخطبة وفي غير هذه الخطبة
في هذه الخطبة يقول: «كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به»
ويقول في خطبة أُخرى بعد أنْ يذكر العلم بالغيب يقول: «فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ الله، وما سوى ذلك [ أي ما سوى ما اختصّ به سبحانه وتعالى لنفسه ] فعلم علّمه الله نبيّه، فعلّمنيه ودعا لي بأنْ يعيه صدري وتضْطَمّ عليه جوانحي» وأيضاً: تظهر أعلميّته من قوله في نفس هذه الخطبة عن رسول الله حيث خاطبه بقوله: «إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى» وأيضاً: رسول الله يقول في علي: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»
هذا الحديث هو الآخر من الأحاديث الدالة على إمامة أميرالمؤمنين ، وكان ينبغي أن نخصّص ليلة للبحث عن هذا الحديث الشريف، لنتعرّض هناك عن أسانيده ودلالاته، ولنتعرّض أيضاً لمحاولات القوم في ردّه وإبطاله، وما ارتكبوه من الكذب والدسّ والتزوير والتحريف
أمّا ثبوت الأعلميّة لهارون بعد موسى، فلو أردتم، فراجعوا التفاسير في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِنْدِي) عن لسان قارون، في ذيل هذه الاية، تجدون التصريح بأعلميّة هارون من جميع بني إسرائيل إلاّ موسى، فراجعوا تفسير البغوي ، وراجعوا تفسير الجلالين ، وغير هذين من التفاسير
من دلالات حديث المنزلة العصمة
وهل من شك في ثبوت العصمة لهارون ؟ وقد نزّل رسول الله أمير المؤمنين منزلة هارون، ولم يدّع أحد من الصحابة العصمة، كما لم يدّعها أحد لواحد من الصحابة، سوى أمير المؤمنين وحينئذ هل يجوّز عاقل أن يكون الإمام بعد رسول الله غير معصوم مع وجود المعصوم ؟وهل يجوّز العقل أنْ يجعل غير المعصوم واسطة بين الخلق والخالق مع وجود المعصوم ؟وهل يجوز عقلاً وعقلاء الاقتداء بغير المعصوم مع وجود المعصوم ؟وإلى مقام العصمة يشير علي عندما يقول ويصرّح بأنّه كان يرى نور الوحي والرسالة ويشمّ ريح النبوة وهل يعقل أن يترك مثل هذا الشخص ويقتدى بمن ليس له أقلّ قليل من هذه المنزلة ؟
ولا يخفى عليكم أنّ الذي كان يسمعه رسول الله (ص) وأنّ الذي كان يراه رسول الله (ص)، هو أسمى وأجلّ وأرقى وأرفع ممّا كان يراه ويسمعه غيره من الانبياء السابقين عليه، فكان علي يسمع ويرى ما يسمع ويرى النبي، وعليكم بالتأمّل التام في هذا الكلام
من خصائص هارون ومنازله:
أنّ الله سبحانه وتعالى أحلّ له ما لم يكن حلالاً لغيره في المسجد الأقصى، وبحكم حديث المنزلة يتمّ هذا الأمر لعلي وأهل بيته بالخصوص، ويكون هذا من جملة ما يختصّ بأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين ويميّزهم عن الآخرين، فيكونون أفضل من هذه الناحية أيضاً من غيرهم
والشواهد لهذا الحديث ولهذا التنزيل في الأحاديث كثيرة، ومن ذلك: حديث سدّ الابواب، وهذه ألفاظ تتعلّق بهذا الموضوع في السنّة النبويّة الشريفة المتفق عليها بين الفريقين، وأنا أنقل لكم من بعض المصادر المعتبرة عند أهل السنّة:أخرج ابن عساكر في تاريخه، وعنه السيوطي في الدرّ المنثور : إنّ رسول الله (ص) خطب فقال: «إنّ الله أمر موسى وهارون أن يتبوّءا لقومهما بيوتاً، وأمرهما أنْ لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقربوا فيه النساء، إلاّ هارون وذريّته، ولا يحلّ لاحد أن يقرب النساء في مسجدي هذا ولا يبيت فيه جنب إلاّ علي وذريّته»
وفي مجمع الزوائد عن علي قال: أخذ رسول الله (ص)بيدي فقال: «إنّ موسى سأل ربّه أنْ يطهّر مسجده بهارون، وإنّي سألت ربّي أنْ يطهّر مسجدي بك وبذريّتك»، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أنْ سدّ بابك، فاسترجع [ أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ] ثمّ قال: سمعٌ وطاعة، فسدّ بابه، ثمّ أرسل إلى عمر، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك، ثمّ قال رسول الله: «ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم» وفي مجمع الزوائد وكنز العمال وغيرهما ـ واللفظ للاوّل ـ: لمّا أخرج أهل المسجد وترك عليّاً قال الناس في ذلك [ أي تكلّموا في ذلك واعترضوا ] فبلغ النبي (ص) فقال: «ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته، ولكنّ الله أخرجكم وتركه، إنّما أنا عبد مأمور، ما أُمرت به فعلت، إنّ أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ»
وفي كتاب المناقب لاحمد بن حنبل، وكذا في المسند، وفي المستدرك للحاكم، وفي مجمع الزوائد، وتاريخ دمشق،)وغيرها( عن زيد بن أرقم قال: كانت لنفر من أصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد، فقال يوماً: «سدّوا هذه الابواب إلاّ باب علي»، قال: فتكلّم في ذلك ناسٌ، فقام رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «أمّا بعد، فإنّي أمرت بسدّ هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكن أُمرت بشيء فاتّبعته» وهذا الحديث موجود في صحيح الترمذي، وفي الخصائص للنسائي ، وغيرهما من المصادر أيضاً ولذا كانت قضية سدّ الابواب من جملة موارد قوله (ص): «علي منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» وإلى الان ظهرت دلالة حديث المنزلة على إمامة أمير المؤمنين :من جهة ثبوت العصمة له ومن جهة ثبوت الافضلية له ومن جهة ثبوت بعض الخصائص الآخرى الثابثة لهارون
دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين :
ننتقل الآن إلى دلالة هذا الحديث على خصوص الخلافة والولاية، فيكون نصّاً في المدّعى ولا ريب في أنّ من منازل هارون: خلافته عن موسى ، قال تعالى عن لسان موسى يخاطب هارون: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) فكان هارون خليفة لموسى، وعلي بحكم حديث المنزلة خليفة لرسول الله (ص)، فيكون هذا الحديث نصّاً في الخلافة والإمامة والولاية بعد رسول الله ومن جملة آثار هذه الخلافة: وجوب الطاعة المطلقة، ووجوب الانقياد المطلق، والطاعة المطلقة والانقياد المطلق يستلزمان الإمامة والولاية العامة ولا يتوهمنّ أحدٌ بأنّ وجوب إطاعة هارون ووجوب الانقياد المطلق له كان من آثار وأحكام نبوّته، لا من آثار وأحكام خلافته عن موسى، حتّى لا تجب الإطاعة المطلقة لعلي، لانّه لم يكن نبيّاً
هذا التوهم باطل ومردود، وإنْ وقع في بعض الكتب من بعض علمائهم، وذلك لانّ وجوب الإطاعة المطلقة إنْ كان من آثار النبوّة لا من آثار الخلافة، إذن لم يثبت وجوب الإطاعة للمشايخ الثلاثة، لانّهم لم يكونوا أنبياء، وأيضاً: لم يثبت وجوب الإطاعة المطلقة لعلي في المرتبة الرابعة التي يقولون بها له ، إذ ليس حينئذ نبيّاً، بل هو خليفة
فإذن، وجوب الإطاعة لهارون كان بحكم خلافته عن موسى لا بحكم نبوّته، وحينئذ تجب الإطاعة المطلقة لعلي بحكم خلافته عن رسول الله، وبحكم تنزيله من رسول الله منزلة هارون من موسى فالمناقشة من هذه الناحية مردودة وإذا ما رجعنا إلى الكتب المعنيّة بمثل هذه البحوث، لرأينا تصريح علمائهم بدلالة حديث المنزلة على خلافة علي
فراجعوا مثلاً كتاب التحفة الاثنا عشرية الذي ألّفه مؤلّفه ردّاً على الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، فإنّه يعترف هناك بدلالة حديث المنزلة على الخلافة، بل يضيف أنّ إنكار هذه الدلالة لا يكون إلاّ من ناصبي ولا يرتضي ذلك أهل السنة
إنّما الكلام في ثبوت هذه الخلافة بعد رسول الله بلا فصل، أمّا أصل ثبوت الخلافة لأمير المؤمنين بعد رسول الله بحكم هذا الحديث فلا يقبل الانكار، إلاّ إذا كان من النواصب المعاندين لأمير المؤمنين ، كما نصّ على ذلك صاحب التحفة الاثنا عشرية يقول صاحب التحفة هذا الكلام ويعترف بهذا المقدار من الدلالة إلاّ أنّك لو راجعت كتب الحديث وشروح الحديث لرأيتهم يناقشون حتّى في أصل دلالة حديث المنزلة على الخلافة والولاية بعد رسول الله، أي ترى في كتبهم ما ينسبه صاحب التحفة إلى النواصب، ويقولون بما يقوله النواصب
فراجعوا مثلاً شرح حديث المنزلة في كتاب فتح الباري لابن حجر العسقلاني الحافظ، وشرح صحيح مسلم للحافظ النووي، والمرقاة في شرح المشكاة، تجدوهم في شرح حديث المنزلة يناقشون في دلالة هذا الحديث على أصل الإمامة والولاية، وهذا ما كان صاحب التحفة ينفيه عن أهل السنّة وينسبه إلى النواصب
أقرأ لكم عبارة النووي في شرح صحيح مسلم، ونفس العبارة أو قريب منها موجود في الكتب التي أشرت إليها وغيرها أيضاً من الكتب، يقول النووي : وليس فيه [ أي في هذا الحديث ] دلالة لاستخلافه [ أي استخلاف علي ] بعده [ أي بعد الرسول ]، لانّ النبي (ص) إنّما قال لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك [ أي إنّ هذا الحديث وارد في مورد خاص ] يقول: ويؤيّد هذا أنّ هارون المشبّه به لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياة موسى قبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو المشهور عند أهل الأخبار والقصص، قالوا: وإنّما استخلفه ـ أي استخلف موسى هارون ـ حين ذهب لميقات ربّه للمناجاة، فكانت الخلافة هذه خلافة موقتة، وكانت في قضية خاصة محدودة، وليس فيها أي دلالة على الخلافة بالمعنى المتنازع فيه أصلاً
وهل هذا إلاّ كلام النواصب الذي يأبى أن يلتزم به مثل صاحب التحفة، فينسبه إلى النواصب ؟
وأمّا ما يقوله ابن تيميّة وغير ابن تيميّة من أصحاب الردود على الشيعة الإماميّة ، فسنذكر مقاطع من عباراتهم، لتعرفوا من هو الناصبي، وتعرفوا النواصب أكثر وأكثر وإلى هنا بيّنا وجه دلالة حديث المنزلة على الخلافة والإمامة والولاية بعد رسول الله بالنص، وأنّ صاحب التحفة لا ينكر هذه الدلالة، وإنّما يقول بأنّ الدلالة على الإمامة بلا فصل أوّل الكلام، لان النزاع والكلام في دلالة الحديث على الإمامة بعد رسول الله مباشرة "
فى الصفحات الطوال السابقة استعرض الميلانى ما عنده من دلالات الرواية متناسيا التالى :
1-موسى(ص) وهارون(ص) أخوان شقيقان ومحمد(ص) وعلى ليس أخوان بل أولاد عم حسب المشهور تاريخيا ومن ثم فأخوتهما لا يمكن إثباتها لقوله تعالى " ادعوهم لآباءهم" فهذا محمد بن عبد الله وذلك على بن أبى طالب
2- موسى(ص) الأصغر هو من طلب الوزارة والنبوة للأكبر هارون(ص) وفى حكاية على الأكبر محمد(ص)هو من طلب للأصغر على
3- لو كان محمد(ص) وعلى أخوان كموسى(ص) وهارون(ص) ما جاز أن يزوج محمد (ص)على ابنته طبقا لقوله تعالى " وبنات الأخ" وبالقطع هذا الزواج خرافة لم تحدث على الإطلاق
4-أن استخلاف موسى(ص)لهارون(ص) كان لمدة الأربعين يوما لأنه رجع بعدها وتولى حكم القوم ولا يوجد دليل على موت هذا قبل ذلك فى المصحف ومن ثم لا دليل على الاستخلاف بعد الموت
ثم تناول الرجل مناقشات فقهاء أهل السنة للحديث فقال :
"محاولات القوم في ردّ حديث المنزلة:
وحينئذ ندخل في الجهة الثالثة من جهات بحثنا عن حديث المنزلة، أي في المناقشات العلمية، وفي محاولات القوم في ردّ هذا الحديث وإبطاله
أوّلاً: المناقشات العلمية:
ونحن على استعداد تام لقبول أيّ مناقشة إنْ كانت مناقشة علمية، وعلى أُسس علمية وقواعد مقرّرة في كيفيّة البحث والمناظرة، ويتلخّص ما ذكروه في مقام المناقشة في دلالة هذا الحديث في المناقشات الثلاثة التالية:
المناقشة الاُولى:
إنّ هذا الحديث لا يدلّ على عموم المنزلة، وحينئذ تتمّ المشابهة بين علي وهارون بوجه شبه واحد، ويكفي ذلك في صحّة الحديث، أمّا أنْ يكون علي نازلاً من رسول الله منزلة هارون من موسى بجميع منازل هارون فلا نوافق على هذا
[/justify]
الكتاب من تأليف علي الحسيني الميلاني وموضوعه كما قال:
"حديث المنزلة، قوله (ص)لأمير المؤمنين : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»، وقوله في بعض الألفاظ: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»، أو «علي منّي بمنزلة هارون من موسى»
يمتاز هذا الحديث عن كثير من الأحاديث في أنّه حديث أخرجه البخاري ومسلم أيضاً، إلى جنب سائر المحدّثين الذين أخرجوا هذا الحديث الشريف، وهو حديث اتّفق عليه الشيخان باصطلاحهم
ومن جهة أُخرى يستدلّ بهذا الحديث على إمامة أمير المؤمنين من جهات عديدة، لوجود دلالات متعدّدة في هذا الحديث
لذلك اهتمّ بهذا الحديث علماؤنا منذ قديم الأيام، كما اهتمّ به الآخرون أيضاً في مجال رواية هذا الحديث بأسانيدهم، وفي مجال الجواب عن هذا الحديث بطرقهم المختلفة "
وككثير من الكتب التى ألفها الشيعة قديما وحديثا نجد أن اهتمامهم ينصب على الروايات فقط لأن القرآن ليس فيه أى اسم من عهد المؤمنين فى عهد النبى(ص) سوى زيد ومن ثم فتطبيق الآيات على أيا كان من الأسماء المعروفة لا يفيد الفرق فى أى شىء فى إثبات ما أدخلوه فى الدين من أسماء ودين الله ليس دين أشخاص ومن ثم فكل ما ثيل فى المناقب لأى فريق هو كذب وافتراء وليس من الدين فى أى شىء ثم تناول الرجل أسماء رواة الحديث من الصحابة والتابعين والمؤلفين فقال :
"رواة حديث المنزلة:
قبل كلّ شيء نذكر أسامي عدة من الصحابة الرواة لهذا الحديث، وأسماء أشهر مشاهير الرواة له، من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين في القرون المختلفة
على رأس الرواة لهذا الحديث من الصحابة:
1 ـ أمير المؤمنين
ويرويه أيضاً:
2 ـ عبد الله بن العباس
3 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري
4 ـ عبد الله بن مسعود
5 ـ سعد بن أبي وقّاص
6 ـ عمر بن الخطّاب
7 ـ أبو سعيد الخدري
8 ـ البراء بن عازب
9 ـ جابر بن سمرة
10 ـ أبو هريرة
11 ـ مالك بن الحويرث
12 ـ زيد بن أرقم
13 ـ أبو رافع
14 ـ حذيفة بن أسيد
15 ـ أنس بن مالك
16 ـ عبد الله بن أبي أوفى
17 ـ أبو أيّوب الأنصاري
18 ـ عقيل بن أبي طالب
19 ـ حُبشي بن جنادة
20 ـ معاوية بن أبي سفيان
ومن جملة رواة هذا الحديث من الصحابيات:
1 ـ أُم سلمة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها
2 ـ أسماء بنت عميس
رواة هذا الحديث من الصحابة أكثر من ثلاثين، وربّما يبلغون الأربعين رجل وامرأة
يقول ابن عبد البر في الاستيعاب عن هذا الحديث: هو من أثبت الأخبار وأصحّها
قال: وطرق حديث سعد بن أبي وقاص كثيرة جدّاً فذكر عدّة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث، ثمّ قال: وجماعة يطول ذكرهم
وهكذا ترون المزي يقول بترجمة أمير المؤمنين في تهذيب الكمال
وذكر الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق كثيراً من طرق هذا الحديث وأسانيده من عشرين من الصحابة تقريباً
ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري بعد أن يذكر أسامي عدّة من الصحابة، ويروي نصوص روايات جمع منهم يقول: وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي فهذا الحديث مضافاً إلى أنّه متواتر عند أصحابنا من الإماميّة ، من الأحاديث الصحيحة المعروفة المشهورة عند أهل السنّة، بل هو من الأحاديث المتواترة عندهم كذلك
يقول الحاكم النيسابوري: هذا حديث دخل في حدّ التواتر
كما أنّ الحافظ السيوطي أورد هذا الحديث في كتابه الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ، وتبعه الشيخ علي المتقي في كتابه قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة وممّن اعترف بتواتر هذا الحديث شاه ولي الله الدهلوي محدّث الهند في كتابه إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء
ولنذكر أسماء عدة من أشهر مشاهير القوم الرواة لهذا الحديث في القرون المختلفة، منهم:
1 ـ محمّد بن إسحاق، صاحب السيرة
2 ـ سليمان بن داود الطيالسي أبو داود الطيالسي، في مسنده
3 ـ محمّد بن سعد، صاحب الطبقات
4 ـ أبو بكر ابن أبي شيبة، صاحب المصنف
5 ـ أحمد بن حنبل، صاحب المسند
6 ـ البخاري، في صحيحه
7 ـ مسلم، في صحيحه
8 ـ ابن ماجة، في صحيحه
9 ـ أبو حاتم بن حبّان، في صحيحه
10 ـ الترمذي، في صحيحه
11 ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل، هذا الإمام الكبير الذي ربّما يقدّمه بعضهم على والده، يروي هذا الحديث في زيادات مسند أحمد وزيادات مناقب أحمد
12 ـ أبو بكر البزّار، صاحب المسند
13 ـ النسائي، صاحب الصحيح
14 ـ أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند
15 ـ محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير
16 ـ أبو عوانة، صاحب الصحيح
17 ـ أبو الشيخ الاصفهاني، صاحب طبقات المحدثين
18 ـ أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة
19 ـ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، صاحب المستدرك على الصحيحين
20 ـ أبو بكر الشيرازي، صاحب كتاب الالقاب
21 ـ أبو بكر بن مردويه الاصفهاني، صاحب التفسير
22 ـ أبو نعيم الاصفهاني، صاحب حلية الاولياء
23 ـ أبو القاسم التنوخي، له كتاب في طرق أحاديث المنزلة
24 ـ أبو بكر الخطيب، صاحب تاريخ بغداد
25 ـ ابن عبد البر، صاحب الاستيعاب
26 ـ البغوي، الملقّب عندهم بمحي السنّة، صاحب مصابيح السنّة
27 ـ رزين العبدري، صاحب الجمع بين الصّحاح
28 ـ ابن عساكر، صاحب تاريخ دمشق
29 ـ الفخر الرازي، صاحب التفسير الكبير
30 ـ ابن الاثير الجزري، صاحب جامع الأصول
31 ـ أخوه ابن الاثير، صاحب أُسد الغابة
32 ـ ابن النجّار البغدادي، صاحب تاريخ بغداد
33 ـ النووي، صاحب شرح صحيح مسلم
34 ـ أبو العباس محب الدين الطبري، صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة
35 ـ ابن سيّد الناس، في سيرته
36 ـ ابن قيّم الجوزية، في سيرته
37 ـ اليافعي، صاحب مرآة الجنان
38 ـ ابن كثير الدمشقي، صاحب التاريخ والتفسير
39 ـ الخطيب التبريزي، صاحب مشكاة المصابيح
40 ـ جمال الدين المزّي، صاحب تهذيب الكمال
41 ـ ابن الشحنة، صاحب التاريخ المعروف
42 ـ زين الدين العراقي المحدّث المعروف، صاحب المؤلفات، صاحب الالفية في علوم الحديث
43 ـ ابن حجر العسقلاني، صاحب المؤلفات
44 ـ السيوطي، صاحب المؤلفات كالدر المنثور وغيره
45 ـ الدياربكري، صاحب تاريخ الخميس
46 ـ ابن حجر المكّي، صاحب الصواعق المحرقة
47 ـ المتقي الهندي، صاحب كنز العمّال
48 ـ المناوي، صاحب فيض القدير في شرح الجامع الصغير
49 ـ ولي الله الدهلوي، صاحب المؤلفات ككتاب حجة الله البالغة وإزالة الخفاء
50 ـ أحمد زيني دحلان، صاحب السيرة الدحلانيّة
وغير هؤلاء من المحدّثين والمؤرّخين والمفسّرين من مختلف القرون والطبقات "
وكما قلنا فى نقد كتب أخرى للميلانى صحة الحديث لا تثبت بكثرة الرواة وكثرة الكتب عنه وإنما تثبت بموافقته للقرآن وتبطل بمعارضته للقرآن ولو فتحنا باب كون الكثرة دليل صحة القول لكانت أديان الكفرة معظمها صحيح خاصة الأديان القديمة التى تم تناقلها عبر القرون ومن ثم تثبت ألوهية عيسى0ص) وألوهية البقرة والقرد عند الهندوس
ثم اورد الرجل روايات الحديث فقال:
"نصّ حديث المنزلة وتصحيحه:
أمّا نصّ الحديث في صحيح البخاري: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه [ أي سعد بن أبي وقّاص ] قال النبي (ص) لعلي: «أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى» قال: وحدّثنا مسدّد، حدّثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب ـ مصعب بن سعد بن أبي وقّاص ـ عن أبيه: إنّ رسول الله (ص) خرج إلى تبوك فاستخلف عليّاً فقال: أتكلّفني بالصبيان والنساء ؟ قال: «ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبي» وأمّا لفظ مسلم، فإنّه يروي هذا الحديث بأسانيد عديدة لا بسند وسندين:
منها: ما يرويه بسنده عن سعيد بن المسيّب، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: قال رسول الله (ص) لعلي: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» قال سعيد: فأحببت أنْ أُشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدّثني به عامر فقال: أنا سمعته، قلت: أنت سمعته ؟ قال: فوضع إصبعيه على أُذنيه فقال: نعم، وإلاّ أُستكّتا
في هذا الحديث، وفي هذا اللفظ نكت يجب الالتفات إليها
وبسند آخر في صحيح مسلم: عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أنْ تسبّ أبا التراب ؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله فلن أسبّه فذكر الخصال الثلاث ومنها حديث المنزلة فهذا حديث المنزلة في الصحيحين، وأنتم تعلمون بأنّ المشهور بينهم قطعيّة أحاديث الصحيحين، فجمهورهم على أنّ جميع أحاديث الصحيحين مقطوعة الصدور، ولا مجال للبحث عن أسانيد شيء من تلك الأحاديث، وللتأكّد من ذلك يمكنكم الرجوع إلى كتبهم في علوم الحديث، فراجعوا مثلاً كتاب تدريب الراوي في شرح تقريب النوّاوي للحافظ السيوطي، وبإمكانكم الرجوع إلى شروح ألفيّة الحديث كشرح ابن كثير وشرح زين الدين العراقي وغير ذلك، وحتّى لو راجعتم كتاب علوم الحديث لأبي الصلاح لرأيتم هذا المعنى، ويزيد شاه ولي الله الدهلوي في كتاب حجة الله البالغة، وهو كتاب معتبر عندهم ويعتمدون عليه، يزيد الأمر تأكيداً عندما يقول ـ وبعد أنْ يؤكّد على وقوع الاتفاق على هذا المعنى ـ يقول: اتفقوا على أنّ كلّ من يهوّن أمرهما [ أي أمر الصحيحين ]فهو مبتدعٌ متبع غير سبيل المؤمنين فظهر أنّ من يناقش في سند حديث المنزلة بحكم هذا الكلام الذي ادّعى عليه الاتفاق شاه ولي الله الدهلوي، كلّ من يناقش في سند حديث المنزلة فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين
وعندما تراجعون كتب الرجال، هناك اتفاق بينهم على قبول من أخرج له الشيخان، حتّى أنّ بعضهم قال: من أخرجا له فقد جاز القنطرة بهذه العبارة !ومن هنا نراهم متى ما أعيتهم السبل في ردّ حديث يتمسّك به الإمامية على إثبات حقّهم أو على إبطال باطل، عندما أعيتهم السبل عن الجواب يتذرّعون بعدم إخراج الشيخين لهذا الحديث، ويتّخذون عدم إخراجهما للحديث ذريعة للطعن في ذلك الحديث الذي ليس في صالحهم
أذكر لكم مثالاً واحداً، وهو حديث: «ستفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة»، هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين، لكنّه موجود في السنن الأربعة، يقول ابن تيميّة في مقام الردّ على هذا الحديث : الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد أورده أهل السنن ورووه في المسانيد كالإمام أحمد وغيره ومع ذلك لا يوافق على هذا الحديث متذرّعاً بعدم وجوده في الصحيحين إلاّ أنّ الملفت للنظر لكلّ باحث منصف، أنّهم في نفس الوقت الذي يؤكّدون على قطعيّة صدور أحاديث الصحيحين، ويتخذون إخراج الشيخين للحديث أو عدم إخراجهما للحديث دليلاً وذريعة ووسيلة لردّ حديث أو قبوله، في نفس الوقت إذا رأوا في الصحيحين حديثاً في صالح الإماميّة يخطّئونه ويردّونه وبكلّ جرأة ولذا لو راجعتم إلى كتاب التحفة الاثنا عشرية لوجدتم صاحب التحفة يبطل حديث هجر فاطمة الزهراء أبا بكر وأنّها لم تكلّمه إلى أن ماتت، يبطل هذا الحديث ويردّه مع وجوده في الصحيحين
وينقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري ، وأيضاً ابن حجر المكي في كتاب الصواعق ، ينقلان عن البيهقي أنّه ضعّف حديث الزهري الدال على أنّ عليّاً لم يبايع أبا بكر مدّة ستّة أشهر، فالبيهقي يضعّف هذا الحديث ويحكي غيره كالقسطلاني وابن حجر هذا التضعيف في كتابه، مع أنّ هذا الحديث موجود في الصحيحين وقد رأيتم أنّ الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي الحنبلي أدرج حديث الثقلين في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، مع وجود حديث الثقلين في صحيح مسلم، ومن هنا اعترض عليه غير واحد فيظهر: أنّ القضيّة تدور مدار مصالحهم، فمتى ما رأوا الحديث في صالحهم وأنّه ينفعهم في مذاهبهم، اعتمدوا عليه واستندوا إلى وجوده في الصحيحين، ومتى كان الحديث يضرّهم ويهدم أساساً من أُسس مذهبهم ومدرستهم، أبطلوا ذلك الحديث أو ضعّفوه مع وجوده في الصحيحين أو أحدهما، وهذا ليس بصحيح، وليس من دأب أهل العلم وأهل الفضل، وليس من دأب أصحاب الفكر وأصحاب العقيدة الذين يبنون فكرهم وعقيدتهم على أُسس متينة يلتزمون بها ويلتزمون بلوازمها وعندما نصل إلى محاولات القوم في ردّ حديث المنزلة أو المناقشة في سنده، سنرى أنّ عدّةً منهم يناقشون في سند هذا الحديث أو يضعّفونه بصراحة، مع وجوده في الصحيحين، فأين راحت قطعية صدور أحاديث الصحيحين ؟ وما المقصود من الإصرار على هذه القطعية ؟ونحن أيضاً لا نعتقد بقطعيّة صدور أحاديث الصحيحين، ونحن أيضاً لا نعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره سوى القرآن الكريم لكن بحثنا معهم، وإنّما نتكلّم معهم على ضوء ما يقولون وعلى أساس ما به يصرّحون
فإذا جاء دور البحث عن سند حديث المنزلة سترون أنّ عدّةً منهم من علماء الأصول ومن علماء الكلام يناقشون في سند حديث المنزلة ولا يسلّمون بصحّته، فيظهر أنّه ليس هناك قاعدة يلجأون إليها دائماً ويلتزمون بها دائماً، وإنّما هي أهواء يرتّبونها بعنوان قواعد، يذكرونها بعنوان أُسس، فيطبّقونها متى ما شاءوا ويتركونها متى ما شاءوا ولا بأس بذكر عدة من ألفاظ حديث المنزلة في غير الصحيحين من الكتب المعروفة المشهورة، وفي كلّ لفظ أذكره توجد خصوصية أرجو أنْ لا تفوت عليكم، وأرجو أنْ تتأمّلوا فيها:
في الطبقات لابن سعد، يروي هذا الحديث بطرق، ومنها: بسنده عن سعيد بن المسيّب، هذا نفس الحديث الذي قرأناه في صحيح مسلم، فقارنوا بين لفظه في الطبقات ولفظه في صحيح مسلم يقول سعيد:
قلت لسعد بن مالك ـ هو سعد بن أبي وقّاص ـ: إنّي أُريد أنْ أسألك عن حديث، وأنا أهابك أنْ أسألك عنه ! قال: لا تفعل يا ابن أخي، إذا علمت أنّ عندي علماً فاسألني عنه ولا تهبني، فقلت: قول رسول الله (ص) لعلي حين خلّفه في المدينة في غزوة تبوك، فجعل سعد يحدّثه الحديث
لماذا عندما يريدون أن يسألوا عن حديث يتعلّق بعلي وأهل البيت يهابون الصحابي أن يسألوه، أمّا إذا كان يتعلّق بغيرهم فيسألونه بكلّ انطلاق وبكلّ سهولة وبكلّ ارتياح ؟ويروي محمّد بن سعد في الطبقات باسناده عن البراء بن عازب وعن زيد بن أرقم قالا:
لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله (ص)لعلي بن أبي طالب: «إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم»
يظهر أنّ في المدينة في تلك الظروف حوادث، وهناك محاولات أو مؤامرات سنقرأها في بعض الأحاديث الأتية، وكان لابدّ أنْ يبقى في المدينة إمّا رسول الله نفسه وإمّا علي ولا ثالث، أحدهما لابدّ أنْ يبقى، وأمّا الغزوة أيضاً فلابدّ وأنْ تتحقّق، فيقول رسول الله (ص) لعلي: «إنّه لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم»، فخلّفه فلمّا فَصَلَ رسول الله غازياً قال ناس ـ وفي بعض الألفاظ: قال ناس من قريش، وفي بعض الألفاظ: قال بعض المنافقين ـ: ما خلّفه رسول الله (ص) إلاّ لشيء كرهه منه، فبلغ ذلك عليّاً، فأتبع رسول الله حتّى انتهى إليه، فقال له: «ما جاء بك يا علي ؟» قال: لا يا رسول الله، إلاّ أنّي سمعت ناساً يزعمون أنّك إنّما خلّفتني لشيء كرهته منّي، فتضاحك رسول الله وقال: «يا علي أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى إلاّ أنّك لست بنبي ؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «فإنّه كذلك» وفي رواية خصائص النسائي قال الناس: قالوا ملّه، أي ملّ رسول الله عليّاً وكره صحبته وفي رواية: قال علي لرسول الله: زعمت قريش أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وكرهت صحبتي، وبكى علي، فنادى رسول الله في الناس: «ما منكم أحد إلاّ وله خاصة، يابن أبي طالب، أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ؟» قال علي: رضيت عن الله عزّ وجلّ وعن رسوله وإذا راجعتم سيرة ابن سيّد الناس ، وكذا سيرة ابن قيّم الجوزية ، وسيرة ابن إسحاق ، وأيضاً في بعض المصادر الآخرى: إنّ الذين قالوا ذلك كانوا رجالاً من المنافقين، ففي بعض الألفاظ: الناس، وفي بعض الألفاظ: قريش، وفي بعض الألفاظ: المنافقون، ومن هنا يظهر أنّ في قريش أيضاً منافقين، وهذا مطلب مهم وفي المعجم الاوسط للطبراني عن علي : إنّ النبي قال له: «خلّفتك أنْ تكون خليفتي»، قلت: أتخلّف عنك يا رسول الله ؟ قال: «ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» ففيه: «خلّفتك أنْ تكون خليفتي» وروى السيوطي في جامعه الكبير عن كتب جمع منهم: ابن النجار البغدادي، وأبو بكر الشيرازي في الالقاب، والحاكم النيسابوري في كتابه الكنى، والحسن بن بدر ـ الذي هو من كبار الحفّاظ ـ في كتابه ما رواه الخلفاء، هؤلاء يروون عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطّاب: كفّوا عن ذكر علي بن أبي طالب [ لماذا كانوا يذكرون عليّاً وبم كانوا يذكرونه ؟ حتّى نهاهم عمر عن ذكره ؟ أكانوا يذكرونه بالخير وينهاهم ؟ قائلاً: كفّوا عن ذكر علي بن أبيطالب ] فإنّي سمعت رسول الله (ص) يقول في علي ثلاث خصال لو كان لي واحدة منهنّ كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح [ هؤلاء الثلاثة هم أصحاب السقيفة من المهاجرين ] ونفر من أصحاب النبي، وهو متّكىء [ أي النبي ] على علي بن أبي طالب، حتّى ضرب بيده على منكبيه ثمّ قال: «يا علي أنت أوّل المؤمنين إيماناً وأوّلهم إسلاماً، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك» وفي تاريخ ابن كثير : «أو ما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة» وفرق بين عبارة «إلاّ النبوّة» وبين عبارة «إلاّ أنّك لست بنبي» و «إلاّ أنّه لا نبي بعدي» فرق كثير بين العبارتين، يقول ابن كثير: إسناده صحيح ولم يخرجوه وفي تاريخ ابن كثير أيضاً في حديث معاوية وسعد: إنّ معاوية وقع في علي فشتمه [ بنصّ العبارة ] فقال سعد: والله لانْ تكون لي إحدى خلاله الثلاث أحبّ إليّ ممّا يكون لي ما طلعت عليه الشمس فيذكر منها حديث المنزلة إلاّ أن الزرندي الحافظ يذكر نفس الحديث يقول: عن سعد: إنّ بعض الأمراء قال له: ما منعك أنْ تسبّ أبا تراب فأراد أنْ لا يذكر اسم معاوية محاولةً لحفظ ماء وجهه وماء وجههم وفي تاريخ دمشق والصواعق المحرقة وغيرهما: إنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال: سل عنها عليّاً فهو أعلم، قال الرجل: جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب علي، قال معاوية: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله (ص) يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه وتلاحظون أنّ في كلّ لفظ من هذه الألفاظ التي انتخبتها خصوصية، لابدّ من النظر إليها بعين الدقّة والاعتبار
وانتهت الجهة الاُولى، أي جهة البحث عن السند والرواة "
صال الميلانى وجال فى الكتب الحديثية والتاريخية وآتانا بروايات الحديث ومع هذا لم يعرض الحديث على كتاب الله الذى هو الكتاب الوحيد الصحيح واكتفى بما سماه تواتر الحديث والتواتر لا يثبت شىء كما فى قضية البرىء الذى تواتر الحديث فى عهد النبى(ص) عن كونه المجرم حتى أن النبى(ص) نفسه صدق هذا ودافع عن المجرمين
فيمن دافع عنهم وفى هذا قال تعالى :
"يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم جادلتم عنهم فى الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء"
إذا المسلمون قد يجمعون على رواية كاذبة على أنها صادقة دون أن يعرفوا والثانية أن الأسباط أجمعوا على رواية كاذبة وهى أكل الذئب ليوسف (ص) وظلوا يحكونها سنوات طويلة وصدقهم الكل غدا والدهم يعقوب(ص) وفى هذا قال تعالى :
"اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه فى غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين"
وفى النهاية ظهر كذبهم
ثم تناول الرجل دلالات الحديث عند قومه فقال :
"دلالات حديث المنزلة:
الجهة الثانية: في دلالات حديث المنزلة، وكما أشرنا من قبل، دلالات حديث المنزلة متعددة، وكلّ واحدة منها تكفي لان تكون بوحدها دليلاً على إمامة أمير المؤمنين
قبل كلّ شيء لابدّ أنْ نرى ما هي منازل هارون من موسى حتّى يكون علي نازلاً من النبي منزلة هارون من موسى، لنرجع إلى القرآن الكريم ونستفيد من الآيات المباركات منازل لهارون:
المنزلة الأولى: النبوّة قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً)
المنزلة الثانية: الوزارة
قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي) ، وفي سورة الفرقان قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً) ، وفي سورة القصص عن لسان موسى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي)
المنزلة الثالثة: الخلافة
قال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى لاَِخِيه هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)
المنزلة الرابعة: القرابة القريبة
قال تعالى عن لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)
ورسول الله (ص) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع هذه المنازل القرآنية لهارون وغيرها كما سنقرأ، عن ثبوتها جميعاً لعلي ما عدا النبوة، لقد أخرج رسول الله (ص)النبوة بعد شمول تلك الكلمة التي أطلقها، هي تشمل النبوة إلاّ أنّه أخرجها واستثناها استثناءً، لقيام الضرورة على أنْ لا نبي بعده (ص)، ويبقى غير هذه المنزلة باقياً وثابتاً لعلي ، وبيان ذلك:
إنّ عليّاً وإنْ لم يكن بنبي، وهذا هو الفارق الوحيد بينه وبين هارون في المراتب والمقامات والمنازل المعنوية الثابتة لهارون، وإنْ لم يكن بنبي، إلاّ أنّه يعرّف نفسه ويذكر بعض خصائصه وأوصافه في الخطبة القاصعة، نقرأ في نهج البلاغة يقول :
«ولقد علمتم موضعي من رسول الله (ص)بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يَضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة بقول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (ص) من لدن أنْ كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالَم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما»
لاحظوا هذه الكلمة: «أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته»
ثمّ لاحظوا ماذا يقول الرسول لعلي: «إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنّك لست بنبي ولكنّك وزير، وإنّك لعلى خير»
أرجو الانتباه إلى ما أقول، لتروا كيف تتطابق الايات القرآنيّة والأحاديث النبويّة وكلام علي في الخطبة القاصعة، إنّ عليّاً وإنْ لم يكن بنبي لكنّه رأى نور الوحي والرسالة وشمّ ريح النبوّة
أترون أنّ هذا المقام وهذه المنزلة تعادلها منازل جميع الصحابة من أوّلهم إلى آخرهم في المنازل الثابتة لهم ؟ تلك المنازل لو وضعت في كفّة ميزان، ووضعت هذه المنزلة في كفّة، أترون أنّ تلك المنازل كلّها وتلك المناقب، تعادل هذه المنقبة الواحدة ؟فكيف وأنْ يُدّعى أنّ شيئاً من تلك المناقب المزعومة يترجّح على هذه المنقبة ؟
علي لم يكن بنبي، لكنّه شمّ ريح النبوّة، لكنْ ما معنى هذه الكلمة بالدقّة، لا نتوصّل إلى معناها، وعقولنا قاصرة عن درك هذه الحقيقة، لم يكن بنبي إلاّ أنّه شمّ ريح النبوّة، وأيضاً: لم يكن علي نبيّاً إلاّ أنّه كان وزيراً، لمن ؟ لرسول الله الذي هو أشرف الأنبياء وخير المرسلين وأكرمهم وأعظمهم وأقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، وأين هذه المرتبة من مرتبة هارون بالنسبة إلى موسى الذي طلب أن يكون هارون وزيراً له، إلاّ أنّ كلامنا الان في دوران الأمر بين علي وأبي بكر ومن الأحاديث الشاهدة بوزارة علي لرسول الله، الحديث الذي ذكرناه في يوم الدار، يوم الانذار، حيث قال: «فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ؟» قال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فقال: «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» وفي رواية الحلبي في سيرته: «إجلس، فأنت أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي»
وفي تاريخ دمشق، وفي المرقاة، وفي الدر المنثور، وفي الرياض النضرة، يروون عن ابن مردويه وعن ابن عساكر وعن الخطيب البغدادي وغيرهم، عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: «اللهمّ إنّي أقول كما قال أخي موسى: اللهمّ اجعل لي وزيراً من أهلي أخي عليّاً، اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً، إنّك كنت بنا بصيراً» وأيضاً، هذه دلالات حديث المنزلة، لاحظوا كيف تتطابق الآيات والروايات وكلام علي بالذات ؟
إنّ لعلي موضعاً من رسول الله يقول: «قد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة»، هذه القرابة القريبة في قصّة موسى وهارون قول موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي) ، ومن هنا سيأتي أنّ رسول الله (ص) قد ذكر حديث المنزلة في قصة المؤاخاة بينه وبين علي عليهما الصلاة والسلام مضافاً إلى قوله تعالى: (وَأُولُوا الاْأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ)
فإنّ الأوصاف الثلاثة هذه ـ أي الإيمان والهجرة وكونه ذا رحم ـ لا تنطبق إلاّ على علي، فيظهر أنّ القرابة القريبة هي جزء من مقوّمات الخلافة والولاية بعد رسول الله (ص)
وقد ذكر الفخر الرازي بتفسير الآية المذكورة استدلال محمّد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن المجتبى بالآية المباركة هذه، في كتاب له إلى المنصور العباسي، استدلّ بهذه الآية على ثبوت الأولوية لعلي، وأجابه المنصور بأنّ العباس أولى بالنبي من علي، لأنّه عمّه وعلي ابن عمّه، ووافق الفخر الرازي الذي ليس من العباسيين، وافق العباسيين في دعواهم هذه، لا حبّاً للعباسيين، وإنّما ؟والفخر الرازي نفسه يعلم بأنّ العباس عمّ النبي، ولكن العباس ليس من المهاجرين، إذ لا هجرة بعد الفتح، فكان علي هو المؤمن المهاجر ذا الرحم، ولو فرضنا أنّ في الصحابة غير علي من هو مؤمن ومهاجر، والإنصاف وجود كثيرين منهم كذلك، إلاّ أنّهم لم يكونوا بذي رحم، ويبقى العباس وقد عرفتم أنّه ليس من المهاجرين، فلا تنطبق الاية إلاّ على علي وهذا وجه استدلال محمّد بن عبد الله بن الحسن في كتابه إلى المنصور، وقد كان الرجل عالماً فاضلاً عارفاً بالقرآن الكريم، والفخر الرازي في هذا الموضع يوافق العباسيين و المنصور العباسي، ويخالف الهاشميين والعلويين حتّى لا يمكن ـ بزعمه ـ الاستدلال بالاية على إمامة علي أمير المؤمنين
فقوله تعالى: (وَأُولُوا الاْأرْحَامِ) دليل آخر على إمامة علي، ومن هنا يظهر: أنّ استدلال علي وذكره القرابة القريبة كانت إشارة إلى ما في هذه الناحية من الدخل في مسألة الإمامة والولاية
مضافاً إلى أنّ العباس قد بايع عليّاً في الغدير وبقي على بيعته تلك، ولم يبايع غير أمير المؤمنين، بل في قضايا السقيفة جاء إلى علي، وطلب منه تجديد البيعة، فيسقط العباس عن الاستحقاق للإمامة والخلافة بعد رسول الله، ولو تتذكرون، ذكرت لكم في الليلة الأولى أنّ هناك قولاً بإمامة العباس، لكنّه قول لا يستحق الذكر والبحث عنه عديم الجدوى
ومن منازل هارون أعلميّته بعد موسى من جميع بني إسرائيل ومن كلّ تلك الاُمّة، وقد ثبتت المنزلة هذه بمقتضى تنزيل علي منه بمنزلة هارون من موسى لأمير المؤمنين ، وإلى الأعلميّة هذه يشير علي في الأوصاف التي ذكرها لنفسه في هذه الخطبة وفي غير هذه الخطبة
في هذه الخطبة يقول: «كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به»
ويقول في خطبة أُخرى بعد أنْ يذكر العلم بالغيب يقول: «فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ الله، وما سوى ذلك [ أي ما سوى ما اختصّ به سبحانه وتعالى لنفسه ] فعلم علّمه الله نبيّه، فعلّمنيه ودعا لي بأنْ يعيه صدري وتضْطَمّ عليه جوانحي» وأيضاً: تظهر أعلميّته من قوله في نفس هذه الخطبة عن رسول الله حيث خاطبه بقوله: «إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى» وأيضاً: رسول الله يقول في علي: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»
هذا الحديث هو الآخر من الأحاديث الدالة على إمامة أميرالمؤمنين ، وكان ينبغي أن نخصّص ليلة للبحث عن هذا الحديث الشريف، لنتعرّض هناك عن أسانيده ودلالاته، ولنتعرّض أيضاً لمحاولات القوم في ردّه وإبطاله، وما ارتكبوه من الكذب والدسّ والتزوير والتحريف
أمّا ثبوت الأعلميّة لهارون بعد موسى، فلو أردتم، فراجعوا التفاسير في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِنْدِي) عن لسان قارون، في ذيل هذه الاية، تجدون التصريح بأعلميّة هارون من جميع بني إسرائيل إلاّ موسى، فراجعوا تفسير البغوي ، وراجعوا تفسير الجلالين ، وغير هذين من التفاسير
من دلالات حديث المنزلة العصمة
وهل من شك في ثبوت العصمة لهارون ؟ وقد نزّل رسول الله أمير المؤمنين منزلة هارون، ولم يدّع أحد من الصحابة العصمة، كما لم يدّعها أحد لواحد من الصحابة، سوى أمير المؤمنين وحينئذ هل يجوّز عاقل أن يكون الإمام بعد رسول الله غير معصوم مع وجود المعصوم ؟وهل يجوّز العقل أنْ يجعل غير المعصوم واسطة بين الخلق والخالق مع وجود المعصوم ؟وهل يجوز عقلاً وعقلاء الاقتداء بغير المعصوم مع وجود المعصوم ؟وإلى مقام العصمة يشير علي عندما يقول ويصرّح بأنّه كان يرى نور الوحي والرسالة ويشمّ ريح النبوة وهل يعقل أن يترك مثل هذا الشخص ويقتدى بمن ليس له أقلّ قليل من هذه المنزلة ؟
ولا يخفى عليكم أنّ الذي كان يسمعه رسول الله (ص) وأنّ الذي كان يراه رسول الله (ص)، هو أسمى وأجلّ وأرقى وأرفع ممّا كان يراه ويسمعه غيره من الانبياء السابقين عليه، فكان علي يسمع ويرى ما يسمع ويرى النبي، وعليكم بالتأمّل التام في هذا الكلام
من خصائص هارون ومنازله:
أنّ الله سبحانه وتعالى أحلّ له ما لم يكن حلالاً لغيره في المسجد الأقصى، وبحكم حديث المنزلة يتمّ هذا الأمر لعلي وأهل بيته بالخصوص، ويكون هذا من جملة ما يختصّ بأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين ويميّزهم عن الآخرين، فيكونون أفضل من هذه الناحية أيضاً من غيرهم
والشواهد لهذا الحديث ولهذا التنزيل في الأحاديث كثيرة، ومن ذلك: حديث سدّ الابواب، وهذه ألفاظ تتعلّق بهذا الموضوع في السنّة النبويّة الشريفة المتفق عليها بين الفريقين، وأنا أنقل لكم من بعض المصادر المعتبرة عند أهل السنّة:أخرج ابن عساكر في تاريخه، وعنه السيوطي في الدرّ المنثور : إنّ رسول الله (ص) خطب فقال: «إنّ الله أمر موسى وهارون أن يتبوّءا لقومهما بيوتاً، وأمرهما أنْ لا يبيت في مسجدهما جنب، ولا يقربوا فيه النساء، إلاّ هارون وذريّته، ولا يحلّ لاحد أن يقرب النساء في مسجدي هذا ولا يبيت فيه جنب إلاّ علي وذريّته»
وفي مجمع الزوائد عن علي قال: أخذ رسول الله (ص)بيدي فقال: «إنّ موسى سأل ربّه أنْ يطهّر مسجده بهارون، وإنّي سألت ربّي أنْ يطهّر مسجدي بك وبذريّتك»، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أنْ سدّ بابك، فاسترجع [ أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ] ثمّ قال: سمعٌ وطاعة، فسدّ بابه، ثمّ أرسل إلى عمر، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك، ثمّ قال رسول الله: «ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم» وفي مجمع الزوائد وكنز العمال وغيرهما ـ واللفظ للاوّل ـ: لمّا أخرج أهل المسجد وترك عليّاً قال الناس في ذلك [ أي تكلّموا في ذلك واعترضوا ] فبلغ النبي (ص) فقال: «ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته، ولكنّ الله أخرجكم وتركه، إنّما أنا عبد مأمور، ما أُمرت به فعلت، إنّ أتّبع إلاّ ما يوحى إليّ»
وفي كتاب المناقب لاحمد بن حنبل، وكذا في المسند، وفي المستدرك للحاكم، وفي مجمع الزوائد، وتاريخ دمشق،)وغيرها( عن زيد بن أرقم قال: كانت لنفر من أصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد، فقال يوماً: «سدّوا هذه الابواب إلاّ باب علي»، قال: فتكلّم في ذلك ناسٌ، فقام رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: «أمّا بعد، فإنّي أمرت بسدّ هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكن أُمرت بشيء فاتّبعته» وهذا الحديث موجود في صحيح الترمذي، وفي الخصائص للنسائي ، وغيرهما من المصادر أيضاً ولذا كانت قضية سدّ الابواب من جملة موارد قوله (ص): «علي منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» وإلى الان ظهرت دلالة حديث المنزلة على إمامة أمير المؤمنين :من جهة ثبوت العصمة له ومن جهة ثبوت الافضلية له ومن جهة ثبوت بعض الخصائص الآخرى الثابثة لهارون
دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين :
ننتقل الآن إلى دلالة هذا الحديث على خصوص الخلافة والولاية، فيكون نصّاً في المدّعى ولا ريب في أنّ من منازل هارون: خلافته عن موسى ، قال تعالى عن لسان موسى يخاطب هارون: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) فكان هارون خليفة لموسى، وعلي بحكم حديث المنزلة خليفة لرسول الله (ص)، فيكون هذا الحديث نصّاً في الخلافة والإمامة والولاية بعد رسول الله ومن جملة آثار هذه الخلافة: وجوب الطاعة المطلقة، ووجوب الانقياد المطلق، والطاعة المطلقة والانقياد المطلق يستلزمان الإمامة والولاية العامة ولا يتوهمنّ أحدٌ بأنّ وجوب إطاعة هارون ووجوب الانقياد المطلق له كان من آثار وأحكام نبوّته، لا من آثار وأحكام خلافته عن موسى، حتّى لا تجب الإطاعة المطلقة لعلي، لانّه لم يكن نبيّاً
هذا التوهم باطل ومردود، وإنْ وقع في بعض الكتب من بعض علمائهم، وذلك لانّ وجوب الإطاعة المطلقة إنْ كان من آثار النبوّة لا من آثار الخلافة، إذن لم يثبت وجوب الإطاعة للمشايخ الثلاثة، لانّهم لم يكونوا أنبياء، وأيضاً: لم يثبت وجوب الإطاعة المطلقة لعلي في المرتبة الرابعة التي يقولون بها له ، إذ ليس حينئذ نبيّاً، بل هو خليفة
فإذن، وجوب الإطاعة لهارون كان بحكم خلافته عن موسى لا بحكم نبوّته، وحينئذ تجب الإطاعة المطلقة لعلي بحكم خلافته عن رسول الله، وبحكم تنزيله من رسول الله منزلة هارون من موسى فالمناقشة من هذه الناحية مردودة وإذا ما رجعنا إلى الكتب المعنيّة بمثل هذه البحوث، لرأينا تصريح علمائهم بدلالة حديث المنزلة على خلافة علي
فراجعوا مثلاً كتاب التحفة الاثنا عشرية الذي ألّفه مؤلّفه ردّاً على الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، فإنّه يعترف هناك بدلالة حديث المنزلة على الخلافة، بل يضيف أنّ إنكار هذه الدلالة لا يكون إلاّ من ناصبي ولا يرتضي ذلك أهل السنة
إنّما الكلام في ثبوت هذه الخلافة بعد رسول الله بلا فصل، أمّا أصل ثبوت الخلافة لأمير المؤمنين بعد رسول الله بحكم هذا الحديث فلا يقبل الانكار، إلاّ إذا كان من النواصب المعاندين لأمير المؤمنين ، كما نصّ على ذلك صاحب التحفة الاثنا عشرية يقول صاحب التحفة هذا الكلام ويعترف بهذا المقدار من الدلالة إلاّ أنّك لو راجعت كتب الحديث وشروح الحديث لرأيتهم يناقشون حتّى في أصل دلالة حديث المنزلة على الخلافة والولاية بعد رسول الله، أي ترى في كتبهم ما ينسبه صاحب التحفة إلى النواصب، ويقولون بما يقوله النواصب
فراجعوا مثلاً شرح حديث المنزلة في كتاب فتح الباري لابن حجر العسقلاني الحافظ، وشرح صحيح مسلم للحافظ النووي، والمرقاة في شرح المشكاة، تجدوهم في شرح حديث المنزلة يناقشون في دلالة هذا الحديث على أصل الإمامة والولاية، وهذا ما كان صاحب التحفة ينفيه عن أهل السنّة وينسبه إلى النواصب
أقرأ لكم عبارة النووي في شرح صحيح مسلم، ونفس العبارة أو قريب منها موجود في الكتب التي أشرت إليها وغيرها أيضاً من الكتب، يقول النووي : وليس فيه [ أي في هذا الحديث ] دلالة لاستخلافه [ أي استخلاف علي ] بعده [ أي بعد الرسول ]، لانّ النبي (ص) إنّما قال لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك [ أي إنّ هذا الحديث وارد في مورد خاص ] يقول: ويؤيّد هذا أنّ هارون المشبّه به لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياة موسى قبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو المشهور عند أهل الأخبار والقصص، قالوا: وإنّما استخلفه ـ أي استخلف موسى هارون ـ حين ذهب لميقات ربّه للمناجاة، فكانت الخلافة هذه خلافة موقتة، وكانت في قضية خاصة محدودة، وليس فيها أي دلالة على الخلافة بالمعنى المتنازع فيه أصلاً
وهل هذا إلاّ كلام النواصب الذي يأبى أن يلتزم به مثل صاحب التحفة، فينسبه إلى النواصب ؟
وأمّا ما يقوله ابن تيميّة وغير ابن تيميّة من أصحاب الردود على الشيعة الإماميّة ، فسنذكر مقاطع من عباراتهم، لتعرفوا من هو الناصبي، وتعرفوا النواصب أكثر وأكثر وإلى هنا بيّنا وجه دلالة حديث المنزلة على الخلافة والإمامة والولاية بعد رسول الله بالنص، وأنّ صاحب التحفة لا ينكر هذه الدلالة، وإنّما يقول بأنّ الدلالة على الإمامة بلا فصل أوّل الكلام، لان النزاع والكلام في دلالة الحديث على الإمامة بعد رسول الله مباشرة "
فى الصفحات الطوال السابقة استعرض الميلانى ما عنده من دلالات الرواية متناسيا التالى :
1-موسى(ص) وهارون(ص) أخوان شقيقان ومحمد(ص) وعلى ليس أخوان بل أولاد عم حسب المشهور تاريخيا ومن ثم فأخوتهما لا يمكن إثباتها لقوله تعالى " ادعوهم لآباءهم" فهذا محمد بن عبد الله وذلك على بن أبى طالب
2- موسى(ص) الأصغر هو من طلب الوزارة والنبوة للأكبر هارون(ص) وفى حكاية على الأكبر محمد(ص)هو من طلب للأصغر على
3- لو كان محمد(ص) وعلى أخوان كموسى(ص) وهارون(ص) ما جاز أن يزوج محمد (ص)على ابنته طبقا لقوله تعالى " وبنات الأخ" وبالقطع هذا الزواج خرافة لم تحدث على الإطلاق
4-أن استخلاف موسى(ص)لهارون(ص) كان لمدة الأربعين يوما لأنه رجع بعدها وتولى حكم القوم ولا يوجد دليل على موت هذا قبل ذلك فى المصحف ومن ثم لا دليل على الاستخلاف بعد الموت
ثم تناول الرجل مناقشات فقهاء أهل السنة للحديث فقال :
"محاولات القوم في ردّ حديث المنزلة:
وحينئذ ندخل في الجهة الثالثة من جهات بحثنا عن حديث المنزلة، أي في المناقشات العلمية، وفي محاولات القوم في ردّ هذا الحديث وإبطاله
أوّلاً: المناقشات العلمية:
ونحن على استعداد تام لقبول أيّ مناقشة إنْ كانت مناقشة علمية، وعلى أُسس علمية وقواعد مقرّرة في كيفيّة البحث والمناظرة، ويتلخّص ما ذكروه في مقام المناقشة في دلالة هذا الحديث في المناقشات الثلاثة التالية:
المناقشة الاُولى:
إنّ هذا الحديث لا يدلّ على عموم المنزلة، وحينئذ تتمّ المشابهة بين علي وهارون بوجه شبه واحد، ويكفي ذلك في صحّة الحديث، أمّا أنْ يكون علي نازلاً من رسول الله منزلة هارون من موسى بجميع منازل هارون فلا نوافق على هذا
[/justify]
رد: نقد كتاب حديث المنزلة
المناقشة الثانية:
إنّ هذه الخلافة كانت خلافة موقتةً في ظرف خاص، وزمان محدود، وفي حياة النبي (ص)، كما كانت خلافة هارون عن موسى في حياة موسى عندما ذهب لمناجاة ربّه، وكانت تلك الخلافة أيضاً في حياة موسى، ويؤيّد ذلك موت هارون في حياة موسى، فأين الخلافة بالمعنى المتنازع فيه ؟
المناقشة الثالثة:
إنّ حديث المنزلة إنّما ورد في خصوص غزوة تبوك، وإنّ رسول الله (ص)قال هذا الكلام عندما خرج في غزوة تبوك وترك عليّاً ليقوم بشؤون أهله وعياله ومن بقي في المدينة المنوّرة، فالقضيّة خاصة وحديث المنزلة إنّما ورد في هذه القضية المعيّنة ولابدّ من الاجابة عن هذه المناقشات واحدة واحدة:
الجواب عن المناقشة الاُولى:
والمناقشة الاُولى كانت تتلخّص في نفي عموم المنزلة، فنقول في الجواب: بأنّ الحديث يشتمل على لفظ وهو اسم جنس مضاف إلى عَلَم قال: «أنت منّي بمنزلة هارون»، فكلمة المنزلة اسم جنس مضاف إلى علم وهو هارون، ثمّ يشتمل الحديث على استثناء «إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، فالكلام مشتمل على اسم جنس مضاف إلى علم، ومشتمل على استثناء باللفظ الذي ذكرناه، هذا متن الحديث
ولو رجعنا إلى كتب علم أُصول الفقه، ولو رجعنا إلى كتب علم البلاغة وكتب الادب، لوجدناهم ينصّون على أنّ الاستثناء معيار العموم، وينصّون على أنّ من ألفاظ العموم اسم الجنس المضاف، فأي مجال للمناقشة ؟ اسم الجنس المضاف «بمنزلة هارون» من صيغ العموم، والاستثناء أيضاً معيار العموم، فيكون الحديث نصّاً في العموم، إذْ ليس في الحديث لفظ آخر، فلفظه: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، وحينئذ يسقط الإشكال وتبطل المناقشة
وهذه عبارة ابن الحاجب الذي هو من أئمّة علم الأصول ومن أئمّة علم النحو والصرف وعلوم الأدب، يقول في كتاب مختصر الأصول ـ وهو المتن الذي كتبوا عليه الشروح والتعاليق الكثيرة، وكان المتن الذي يدرّس في الحوزات العلمية ـ: ثمّ إنّ الصيغة الموضوعة له ـ أي للعموم ـ عند المحققين هي هذه: أسماء الشرط والاستفهام، الموصولات، الجموع المعرفة تعريف جنس لا عهد، واسم الجنس معرفاً تعريف جنس أو مضافاً وإن شئتم أكثر من هذا، فراجعوا كتابه الكافية في علم النحو بشرح المحقق الجامي المسمّى بـ (الفوائد الضيائيّة)، وهو أيضاً كان من الكتب الدراسيّة إلى هذه الاواخر وراجعوا من كتب الأصول أيضاً كتاب المنهاج للقاضي البيضاوي وشروحه وأيضاً راجعوا فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت، الذي هو من كتب علم أُصول الفقه المعتبرة المشهورة عند القوم وراجعوا من الكتب الأدبية كتاب الاشباه والنظائر للسيوطي وراجعوا من كتب علم البلاغة المطوّل في شرح التلخيص ومختصر المعاني في شرح التلخيص للتفتازاني، هذين الكتابين اللذين يدرّسان في الحوزات العلمية وهكذا غير هذه الكتب المعنية بعلم أُصول الفقه وعلم النحو والبلاغة وأمّا الاستثناء، فقد نصّ أئمّة علم أُصول الفقه كذلك كما في كتاب منهاج الوصول إلى علم الأصول للقاضي البيضاوي، وفي شروحه أيضاً، كشرح ابن إمام الكاملية وغير هذا من الشروح، كلّهم ينصّون على هذه العبارة يقولون: معيار العموم الاستثناء
فكلّ ما صحّ الاستثناء منه ممّا لا حصر فيه فهو عام، والحديث يشتمل على الاستثناء وقد يقال: لابدّ من رفع اليد عن العموم، بقرينة اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك، وإذا قامت القرينة أو قام المخصص سقط اللفظ عن الدلالة على العموم، فيكون الحديث دالاًّ على استخلافه ليكون متولّياً شؤون الصبيان والنساء والعجزة ـ بتعبير ابن تيميّة ـ الباقين في المدينة المنوّرة لا أكثر من هذا لكن يردّ هذا الإشكال وهذه الدعوى، ورود حديث المنزلة في غير تبوك، كما سنقرأ
وقد يقال أيضاً: إنّ الاستثناء إنّما يدلّ على العموم إنْ كان استثناء متّصلاً، وهذا الاستثناء منقطع، لانّ الجملة المستثناة جملة خبرية، ولا يمكن أنْ تكون الجملة الخبرية استثناؤها استثناءً متصلاً وهذه بحوث علمية لابدّ وأنّكم مطّلعون على هذه البحوث،وهذا وجه للاشكال وجيه، ذكره صاحب التحفة الاثنا عشرية ، فإنْ تمّ سقط الاستدلال بعموم الاستثناء ولكن عندما نراجع ألفاظ الحديث نجد فيها مجيء كلمة «النبوّة» مستثناة بعد «إلاّ»، وليس هناك جملة خبرية، وسند هذا الحديث أو هذه الأحاديث سند معتبر، وممّن نصّ على صحّة سند الحديث بهذا اللفظ: ابن كثير الدمشقي في كتابه في التاريخ البداية والنهاية
على أنّ من المقرّر عندهم في علم الأصول وفي علم البلاغة أيضاً: إنّ الأصل في الاستثناء هو الاتّصال، ولا ترفع اليد عن هذا الأصل إلاّ بدليل، إلاّ بقرينة، وأراد صاحب التحفة أن يجعل الجملة الخبرية المستثناة قرينة، وقد أجبنا عن ذلك بمجيء المستثنى إسماً لا جملة خبريّة
ولو أردتم أن تطّلعوا على تعابيرهم وتصريحاتهم بأنّ الاصل في الاستثناء هو الاتّصال لا الانقطاع، فراجعوا كتاب المطوّل، هذا الكتاب الموجود بأيدينا، الذي ندرسه وندرّسه في الحوزة العلميّة وأيضاً يمكنكم مراجعة كتاب كشف الاسرار في شرح أُصول البزدوي للشيخ عبد العزيز البخاري الذي هو من مصادرهم الأصولية كما بإمكانكم مراجعة كتاب مختصر الأصول لابن)الحاجب( أيضاً، وهو ينصّ على هذا بل لو راجعتم شروح الحديث، لوجدتم الشرّاح من المحدّثين أيضاً ينصّون على كون الاستثناء هذا متّصلاً لا منقطعاً، فراجعوا عبارة القسطلاني في إرشاد الساري ، وراجعوا أيضاً فيض القدير في شرح الجامع الصغير
إذن، سقطت المناقشة الاُولى، وتمّت دلالة الحديث على العموم أي عموم المنزلة، وهذه البحوث بحوث تخصصيّة، أرجو الالتفات إليها وتذكّر ما درستموه من القواعد العلمية المفيدة في مثل هذه المسائل "
الميلانى طبقا لما قاله ونقله يقول أن الحديث يعنى انطباق مكانة هارون من موسى(ص) فى كل شىء عدا النبوة وهو بهذا يتناسى أنهما أخوان بالفعل من أم وأب بينما محمد وعلى ليس أخوين بل أولاد عم كما أن النبى موسى (ص) وهو الصعر طلب الوزارة لل:بر ومحمد أكبر من على ومن ثم فالانطباق ليس سوى فى أمر واحد لو صح وهو استخلافه على المدينة وقت غياب محمد(ص) كما اسنخلف موسى(ص) هارون(ص) على قومه فى أثناء غيابه فى الميقات
ثم قال :
"الجواب عن المناقشة الثانية:
والمناقشة الثانية كان ملخصها: إنّ الاستخلاف هذا كان في قضية معيّنة، وفي حياة النبي (ص)، كما أنّ استخلاف هارون كان في حياة موسى، وقد مات هارون قبل موسى، إذن لا دلالة على الإمامة والخلافة بالمعنى المتنازع فيه هذا الإشكال الذي طرحه كثيرون منهم، من ابن حجر العسقلاني، ومن القسطلاني، ومن القاري، ومن غيرهم من كبار المحدّثين، وأيضاً من المتكلّمين، لو راجعتم إلى كتبهم لوجدتم هذا الإشكال وهذه المناقشة
مع ابن تيمية:
بل لو رجعتم إلى منهاج السنّة لوجدتم عبارات ابن تيميّة مشحونة بالبغض والعداء والتنقيص والطعن في علي لأقرأ لكم بعض عباراته يقول:
كان النبي كلّما سافر في غزوة أو عمرة أو حجّ يستخلف على المدينة بعض الصحابة، حتّى أنّهم ذكروا استخلاف رسول الله ابن أُم مكتوم في بعض الموارد، ولا يدّعى لابن أُم مكتوم مقام لاستخلاف النبي إيّاه في تلك الفترة
يقول ابن تيميّة: فلمّا كان في غزوة تبوك، لم يأذن في التخلّف عنها وهي آخر مغازيه، ولم يجتمع معه الناس كما اجتمعوا معه فيها، أي في المغازي الآخرى، فلم يتخلّف عنه إلاّ النساء والصّبيان أو من هو معذور لعجزه عن الخروج أو من هو منافق، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم، كما كان يستخلف عليهم في كلّ مرّة، الباقون عجزة وأطفال وصبيان ونسوان، هؤلاء الباقون في المدينة لم يكن حاجة أنْ يستخلف عليهم رسول الله رجلاً مهمّاً وشخصيّةً من شخصيّاته الملتفّين حوله، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة منه (ص)، أي استخلاف علي في تبوك كان أضعف من استخلاف ابن أُم مكتوم في بعض الموارد التي خرج من المدينة المنوّرة فيها
يقول: لأنه لم يبق في المدينة رجال كثيرون من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم، فكان كلّ استخلاف قبل هذه يكون على أفضل ممّن استخلف عليه عليّاً، فلهذا خرج إليه علي يبكي ويقول: أتخلّفني مع النساء والصبيان ؟ فبيّن له النبي أنّي إنّما استخلفتك لأمانتك عندي، وأنّ الاستخلاف ليس بنقص ولا غضّ، فإنّ موسى استخلف هارون على قومه، والملوك وغيرهم إذا خرجوا في مغازيهم أخذوا معهم من يعظم انتفاعه به ومعاونته له، ويحتاجون إلى مشاورته والانتفاع برأيه ولسانه ويده وسيفه، فلم يكن رسول الله محتاجاً إلى علي في هذه الغزوة، حتّى يشاوره أو أن يستفيد من يده ولسانه وسيفه، فأخذ معه غيره، لانّهم كانوا ينفعونه في هذه القضايا
يقول: وتشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دلّ عليه السياق، ولا يقتضي المساواة في كلّ شيء، ألا ترى إلى ما ثبت بالصحيحين من قول النبي في حديث الاُسارى لمّا استشار أبا بكر فأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل، قال: سأُخبركم عن صاحبيكم، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، ومثلك يا عمر مثل نوح، فقوله (ص) لهذا مثلك مثل إبراهيم وعيسى، وقوله لهذا مثلك مثل نوح وموسى أعظم من قوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى هذا كلام ابن تيميّة، أي: قطعة من كلامه، وإنّا لنسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يعامل هذا الرجل بعدله، وأن يجازيه بكلّ كلمة ما يستحقّه
وهنا ملاحظات مختصرة على هذا الكلام:
أوّلاً:
إذا لم يكن لعلي في هذا الاستخلاف فضل ومقام ، وكان هذا الاستخلاف أضعف من استخلاف غيره من الاستخلافات السابقة، فلماذا تمنّى عمر أنْ يكون هذا الاستخلاف له ؟ ولماذا تمنّى سعد بن أبي وقّاص أن يكون هذا الاستخلاف له ؟
ثانياً:
قوله: إنّ عليّاً خرج يبكي، هذا كذب، علي خرج يبكي لعدم حضوره في تلك الغزوة، ولما سمعه من المنافقين، لا لانّ النبي (ص) خلّفه في النساء والصبيان
وبعبارة أُخرى: قول علي لرسول الله: أتخلّفني في النساء والصبيان، كان هذا القول قبل خروج رسول الله في الغزوة، قبل أنْ يخرج، وبكاء علي وخروجه خلف رسول الله والتقاؤه به وهو يبكي، كان بعد خروج رسول الله وإنّما خرج ـ وكان يبكي ـ لما سمعه من المنافقين، لا لأنّ هذا الاستخلاف كان ضعيفاً، فالقول بأنّه لمّا استخلف مع النساء والصبيان جعل يبكي ويعترض على رسول الله هذا الاستخلاف، افتراء عليه
وثالثاً:
ذكره الحديث الذي شبّه فيه رسول الله أبا بكر بإبراهيم، وشبّه فيه عمر بنوح، وقوله: هذا الحديث في الصحيحين، هذا كذب، فليس هذا الحديث في الصحيحين، ودونكم كتاب البخاري ومسلم، ويشهد بذلك كتاب منهاج السنّة، هذه الطبعة الجديدة المحقّقة التي حقّقها الدكتور محمّد رشاد سالم، المطبوعة في السعوديّة في تسعة أجزاء، راجعوا عبارته هنا، واستشهاد ابن تيميّة بهذا الحديث ونسبة الحديث إلى الصحيحين، يقول محقّقه في الهامش: إنّ هذا الحديث إنّما هو في مسند أحمد، ويقول محقّقه ـ أي محقّق المسند الشيخ أحمد شاكر في الطبعة الجديدة ـ: هذا الحديث ضعيف وهو أيضاً في مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل، المطبوع في جزئين في السعودية أخيراً، فراجعوا لتروا المحقق يقول في الهامش: إنّ سنده ضعيف فالحديث ليس في الصحيحين، ليعارض به حديث المنزلة الموجود في الصحيحين، وإنّما هو في بعض الكتب، وينصّ المحققون في تعاليقهم على تلك الكتب بضعف هذا الحديث وكأنّ ابن تيميّة ما كان يظنّ أن ناظراً ينظر في كتابه، وأنّه سيراجع الصحيحين، ليظهر كذبه ويتبيّن دجله وأمّا ما في كلامه من الطعن لأمير المؤمنين، فكما ذكرنا، نحيل الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، وهو أحكم الحاكمين
مع الأعور الواسطي:
ومثل كلمات ابن تيميّة كلمات الأعور الواسطي، هناك عندهم يوسف الأعور الواسطي، له رسالة في الرد على الشيعة، يقول هذا الرجل: لو سلّمنا دلالة حديث المنزلة على الخلافة، فقد كان في خلافة هارون عن موسى فتنة وفساد وارتداد المؤمنين وعبادتهم العجل، وكذلك خلافة علي، لم يكن فيها إلاّ الفساد، لم يكن فيها إلاّ الفتنة، ولم يكن فيها إلاّ قتل للمسلمين في وقعة الجمل وصفين وهذا كلام هذا الناصبي الخبيث وبعدُ، إذا لم يكن لاستخلاف أمير المؤمنين في تبوك قيمة، ولم يكن له هذا الاستخلاف مقاماً، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من استخلاف مثل ابن أُم مكتوم، فلماذا هذا الاهتمام بهذا الحديث بنقل طرقه وأسانيده، وبالتحقيق في رجاله، وبالبحث في دلالاته ومداليله ؟
إذا كان شيئاً تافهاً لا يستحق البحث، وكان أضعف من أضعف الاستخلافات، فلماذا هذه الاهتمامات ؟ولماذا قول عمر: لو كان لي واحدة منهنّ كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ؟
وقول سعد: والله لانْ تكون لي إحدى خلاله الثلاث أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ؟ولماذا استشهاد معاوية بهذا الحديث أمام ذلك الرجل الذي سأله مسألةً، وكان معاوية بصدد بيان مقام علي وفضله ؟ولماذا كلّ هذا السعي لإبطال هذا الحديث وردّه ؟ألم يقل الفضل ابن روزبهان ـ الذي هو الآخر من الرادّين على الإماميّة واستدلالاتهم بالأحاديث النبويّة ـ ما نصّه: يثبت به ـ أي بحديث المنزلة ـ لأمير المؤمنين فضيلة الاُخوّة والمؤازرة لرسول الله في تبليغ الرسالة وغيرهما من الفضائل وهكذا تسقط المناقشة الثانية "
رد الميلانى يخالف القرآن فالروايات تقول أنه بقى مع النساء والأطفال وحده وهو ما يخالف أن من بقوا كانوا عددا لا يستهان به وهم المحتاجين الذين لم يجدوا ركائب للسفر عليها وفى هذا قال تعالى :
"ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون"
فالضعفاء والمرضى والمحتاجين بقوا ومن ثم فالحكاية كلها كذب كما أنها تتناقض مع الفكر الأمنى لأى قائد فليس من المعقول أن يفرغ البلدة كلها من الرجال فلا تجد من يدافع عنها
أى قائد عسكرى يبقى بعض من قواته كخطوط خلفية له تدافع إذا هزمت الخطوط الأمامية ومن ثم فالنبى(ص) لن يدع المدينة فارغة من حاميتها كلها
ثم قال:
"الجواب عن المناقشة الثالثة:
والمناقشة الثالثة كانت دعوى اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك
نعم لو كان الحديث مختصّاً بغزوة تبوك، ولو سلّمنا بأنّ سبب الورود وشأن النزول مخصّص، لكان لهذا الإشكال ولهذه المناقشة وجه ولكن حديث المنزلة ـ كحديث الثقلين وكحديث الغدير ـ كرّره رسول الله (ص) في مواطن كثيرة، وهذه كتب القوم موجودة بين أيدينا، والباحث الحرّ المنصف يمكنه العثور على تلك الروايات، وتلك المواطن الكثيرة التي ذكر فيها رسول الله هذا الحديث
مواطن ورود حديث المنزلة
وأنا أذكر لكم بعض تلك المواطن ومصادر ورود حديث المنزلة فيها، وأُحاول أن أختصر:
المورد الأول: قصة المؤاخاة
قال ابن أبي أوفى: لمّا آخى النبي (ص) بين أصحابه، وآخى بين أبي بكر وعمر، قال علي: يا رسول الله ذهب روحي، وانقطع ظهري، حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري، فإن كان هذا من سخط عَلَيّ فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله: «والذي بعثني بالحقّ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي»، قال: ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال: «ما ورّث الأنبياء من قبلي»، قال: ما ورّث الأنبياء من قبلك ؟ قال: «كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم»، وأنت معي في قصري في الجنّة، مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي»، ثمّ تلا رسول الله قوله تعالى: (إخْوَاناً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ)
ذكر هذا الحديث الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) ، ولاحظوا المناسبة بين هذا الحديث وبين الآية: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يروي السيوطي في الدر المنثور هذا الحديث: عن البغوي، والباوردي، وابن قانع، والطبراني، وابن عساكر وهو أيضاً: في مناقب علي لأحمد ، وفي الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة ، وفي كنز العمال أيضاً عن مناقب علي "
الرجل يحمل الموقف أكثر مما يحتمل فالرواية لم تقع وإن وقعت كما يحكى فالاستخلاف كان مؤقتا كاستخلاف هارون (ص) فى الميقات
وما رواه عن وجود فصر واحد للنبى(ص) وسكن ابنته فاطمة معه وابن عمه معه فيه هو خبل يخالف القرآن فى أن كل مسلم له جنتان ومن ثم فلابد أن له قصران أو أكثر كما قال تعالى :
"ولمن خاف مقام ربه جنتان"
ثم لماذا تسكن فاطمة وحدها معه وى تسكن الثلاث الأخريات وهن مسلمات مثلها طبقا للتاريخ؟
ثم قال:
"المورد الثاني: في حديث الدار ويوم الانذار
ففي رواية أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير ذكر هذا اللفظ: «فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي ووزيري ووصيّي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي
المورد الثالث: في خطبة غدير خم
وقد تقدم في بحث حديث الغدير
المورد الرابع: في قضية سد الأبواب وقد أشرنا إليه، وفي رواية هناك يقول رسول الله (ص): «وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى»، هذه الرواية رواها الفقيه ابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين
المورد الخامس:
هو المورد الذي قرأناه عن عمر بن الخطّاب عن مصادر كثيرة قال عمر: كفّوا عن ذكر علي إلى آخره
المورد السادس: في قضية ابنة حمزة سيّد الشهداء وذلك لمّا أتت من مكة، وقدمت المدينة المنورة، تخاصم فيها علي وجعفر وزيد، في هذه القضية تحاكموا إلى رسول الله، فقال رسول الله (ص) لعلي: «أمّا أنت يا علي، فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة» روى هذا الخبر ابن عساكر في تاريخ دمشق ، والخبر موجود: في مسند أحمد ، وفي سنن البيهقي ، وغيرهما من المصادر، لكن بدل حديث المنزلة: «أنت منّي وأنا منك»
المورد السابع: في حديث عن جابر
قال: جاء رسول الله (ص) ونحن مضطجعون في المسجد قال رسول الله: «أترقدون بالمسجد ! إنّه لا يرقد فيه»، فحينئذ خاطب عليّاً وكان علي فيهم قال: «تعال يا علي، إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي، أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة»
وهذا أيضاً في تاريخ دمشق
المورد الثامن:
«يا أُم سلمة، إنّ عليّاً لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» وهذا الحديث أيضاً في تاريخ دمشق وهناك موارد أكثر، وأنا تتبعت تلك الموارد وسجّلتها، ولكن أكتفي بهذا المقدار لغرض الاختصار فاندفعت المناقشات كلّها، وتمّت دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين "
ما ذكره الرجل من موارد كله يخالف القرآن وقد ورد فى كتب ليست كتب حديث غالبا وإنما كتب تاريخ وتفاسير وأهل السنة فى الحديث لا يعتدون بما ورد فى تلك الكتب
وأما مخالفتها للقرآن فحديث إباحة الرقود فى المسجد بكذبه قوله تعالى "فى بيوت اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه "
فالمسجد بنى لذكر الله وهو الصلاة وليس للنوم ثم كيف ينام النبى(ص) فيه وبيوته ملاصقة للمسجد يستطيع أن ينام فى أيها فى أى وقت فلا توجد مسافة بين المسجد والبيت حتى ينام فى المسجد؟
وأما حديث لحمه من لحمى ودمه من دمى فطبقا للعلم خبل إلا أن يكونا توأم من بويضة واحدة تغذيا بغذاء واحد فى بطن الأم وتكونا مع بعضهما وأما كونهما مختلفا الأب والأم فهذا يعنى اختلافا فى اللحم وقد يختلفا فى فصيلة الدم
ثم كرر الميلانى ما سبق أن ذكره فى الصفحات الماضية فقال :
"خلاصة دلالة حديث المنزلة على الخلافة:
وتتلخص وجوه الدلالة على الخلافة، أي على كون الحديث نصّاً في الإمامة، تتلخص في:
أوّلاً:تمنّيات بعض أكابر الاصحاب
ثانياً:تكرار النبي هذا الحديث
ثالثاً:القرائن الداخلية في هذا الحديث وفي ألفاظه المختلفة، وأقرأ لكم عدّةً من تلك القرائن:
منها قوله (ص) في هذا الحديث في حديث المنزلة: «لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم»، ممّا يدلّ على أنّه لا يمكن أن ينوب أحد مناب رسول الله في أمر من الاُمور غير علي، ولهذا نظائر كثيرة، منها إبلاغ سورة براءة إلى أهل مكة ومن القرائن الداخلية أيضاً: قوله (ص): «خلّفتك أنْ تكون خليفتي» وهذا أيضاً قد تقدّم ومنها: قوله (ص): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ـ إلى آخره ـ فإنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك» أخرجه الحاكم في المستدرك قال: صحيح الاسناد ولم يخرجاه
ومن القرائن أيضاً: قوله لعلي: «لك من الاجر مثل مالي ومالك من المغنم مثلما لي» رواه صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرة
وفي حديث أيضاً من أحاديث المنزلة يقول رسول الله: «إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي»
وهذا الحديث صحيح قطعاً، وهو موجود: في مسند أحمد ، وفي مسند أبي يعلى، وفي المستدرك ، وفي تاريخ دمشق ، وفي تاريخ ابن كثير ، وفي الاصابة لابن حجر ، وغيرها من المصادر ومن القرائن قوله (ص): «أنت خليفتي في كلّ مؤمن بعدي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى وأنت خليفتي في كلّ مؤمن بعدي»
وهو أيضاً بسند صحيح في خصائص علي للنسائي وأمّا القرائن الخارجية فما أكثرها
وإلى الان انتهينا من البحث عن حديث المنزلة سنداً ودلالة، وظهر: إنّ حديث المنزلة نصّ في خلافة رسول الله ومن يسعى وراء حمل الإمامة والخلافة بعد رسول الله على أن يكون في المرتبة الرابعة، عليه أنْ يثبت حقيّة خلافة المشايخ بالأدلة القطعية، حتّى يحمل الحديث على المرتبة الرابعة المتأخّرة عن عثمان، وإلاّ فلا يتمّ هذا الحمل
وإنّه يدلّ هذا الحديث أيضاً على عصمة أمير المؤمنين
ويدلّ أيضاً على أفضليّة أمير المؤمنين من جهة الأعلميّة وغيرها "
ومع هذا التكرار لم نعيد مناقشة كلامه مرة أخرى هنا ثم ذكر حكاية كاذبة وهى :
"قصة أروى مع معاوية:
والآن يعجبني أنْ أقرأ عليكم هذا الخبر، وإن طال بنا المجلس:
دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم على معاوية، وهي عجوز كبيرة، فقال لها معاوية: مرحباً بك يا خالة، كيف أنت ؟
فقالت: بخير يا ابن أُختي، لقد كفرت النعمة، وأسأت لابن عمّك الصحبة، وتسمّيت بغير اسمك، وأخذت غير حقّك، وكنّا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاءاً، حتّى قبض الله نبيّه مشكوراً سعيه، مرفوعاً منزلته، فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي وأُميّة، فابتزّونا حقّنا، ولّيتم علينا تحتجّون بقرابتكم من رسول الله، ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر، وكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى فقال لها عمرو بن العاص: كفّي أيّتها العجوز الضالّة، وقصّري عن قولك مع ذهاب عقلك فقالت: وأنت يا ابن النابغة، تتكلّم وأُمّك كانت أشهر بغيّة بمكّة، وأرخصهنّ أُجرة، وادّعاك خمسة من قريش، فسألتْ أُمّك عنهم فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به فألحقوه به، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فألحقوك به فقال مروان: كفّي أيّتها العجوز، واقصري لما جئتي له
قالت: وأنت أيضاً يابن الزرقاء تتكلّم ثمّ التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرّأهم عَلَيّ هؤلاء غيرك، فإنّ أُمّك القائلة في قتل حمزة:
والحربُ بعد الحربِ ذات سعرِ نحن جزيناكُم بيومِ بدرِ
وشكرُ وحشي عَلَيّ دهري ما كان لي في عُتبة من صبرِ
حتّى ترمّ أعظمي في قبري
فأجابتها بنت عمّي وهي تقول:
يابنة جبّار عظيمِ الكفرِ خزيتِ في بدر وبعدَ بدرِ
فقال معاوية: عفى الله عمّا سلف يا خالة، هات حاجتك
فقالت: مالي إليك حاجة، وخرجت عنه وفي رواية: قالت: أُريد ألفي دينار لاشتري بها عيناً فوّارة في أرض خرّارة، تكون لفقراء بني الحارث بن عبد المطّلب، وألفي دينار أُخرى أُزوّج بها فقراء بني الحارث، وألفي دينار أُخرى أستعين بها على شدّة الزمان فأمر لها معاوية بذلك
فأروى هذه ابنة عمّ النبي (ص)، استشهدت بحديث المنزلة، واستدلّت على إمامة أمير المؤمنين بهذا الحديث، وشبّهت عليّاً بهارون، وأيضاً: شبّهت أهل البيت ببني إسرائيل في آل فرعون وهذا الخبر تجدونه مع اختلاف في بعض الألفاظ: في العقد الفريد، وفي تاريخ أبي الفداء، وفي روضة المناظر لابن الشحنة الحنفي، الذي هو أيضاً من التواريخ المعتبرة "
رواية من كتب التاريخ لم تحدث يكفى فى ردها تناقض رواتها فيها ففى واحدة لم تطلب شيئا وفى الثانية طلبت مالا والأدهى والأمر فيها أن المرأة جاهلة هى ومن تكلمهم بالشريعة فقد اتهمت امرأة بالزنى دون شهود ومع هذا لم يحاكمها أحد
ثم دخل الرجل بنا فى متاهات أن القوم حرفوا الحديث فجعلوا مكان هارون(ص) قارون ولماذا يحرفونه وكتب كثيرة عندهم تقول هارون(ص) وليس قارون كما أنهم وضعوا اسم أبو بكر وعمر مكان على فى رواية وهو قوله:
"ثانياً: المناقشات غير العلميّة وتصل النوبة الان إلى الطرق الآخرى والاساليب غير العلمية في ردّ حديث المنزلة، أذكرها باختصار وإنْ طال بنا المجلس، لئلاّ يبقى شيء من البحث إلى الليلة القادمة
الطريق الاول:
الطريق الذي مشوا عليه بعد المناقشات الفاشلة، وهو: تحريف الحديث، وبعد أنْ عرفوا أن لا جدوى في المكابرة في أسانيد الحديث ودلالاته رأى بعض النواصب أنْ لا مناص من تحريف الحديث، ولكنْ ما أشنع تحريفه وما أقبح صنيعه، إنّه حرّف الحديث تحريفاً لا يصدر من الكفّار
لاحظوا: في ترجمة حريز بن عثمان من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وأيضاً في كتاب تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني، يروون عن حريز قوله:
هذا الذي يرويه الناس عن النبي (ص) أنّه قال لعلي: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»، هذا حق، ولكنْ أخطأ السامع، يقول الراوي: قلت: ما هو ؟ قال: إنّما هو: أنت منّي بمنزلة قارون من موسى، قلت: عمّن ترويه ؟ قال: سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر
فماذا تقولون لهذا الرجل ولرواة هذا الخبر، ولكنّ الأسف كلّ الأسف أن يكون حَريز هذا من رجال البخاري، أن يكون من رجال الصحاح سوى مسلم، كلّهم يعتمدون عليه وينقلون عنه ويصحّحون خبره، وعن أحمد بن حنبل أنّه عندما سئل عن هذا الرجل قال: ثقة ثقة ثقة
والحال أنّهم يذكرون بترجمة هذا الرجل: إنّه كان يشتم عليّاً، ويتحامل عليه بشدّة، نصّوا على أنّه كان ناصبيّاً، وأنّه كان يقول: لا أُحبّ عليّاً قَتَل آبائي، كان يقول: لنا إمامنا ـ يعني معاوية ـ ولكم إمامكم ـ يعني عليّاً، وكان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة وبالعشيّ سبعين مرّة، وقد نقلوا عنه أشياء أُخرى غير هذه الأشياء مع ذلك يصحّحون خبره، وأحمد بن حنبل يكرّر توثيقه: ثقة ثقة ثقة ! ويروي عنه البخاري وأصحاب الصحاح عدا مسلم ومن هنا يمكن للباحث الحر أنْ يعرف موازين هؤلاء ومعاييرهم في تصحيح الحديث وتوثيق الراوي، وأنّهم كيف يتعاملون مع علي وأهل البيت
الطريق الثاني:
إنّه عَمَدَ بعضهم إلى وضع حديث المنزلة للشيخين، فروى عن رسول الله (ص) إنّه قال: أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى
هذا الحديث يرويه الخطيب البغدادي، وعنه المنّاوي في كتاب كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق، وهو كتاب للمنّاوي مطبوع يروي فيه هذا الحديث عن الخطيب البغدادي، والخطيب يرويه بسنده إلاّ أن من حسن الحظ أنّ ابن الجوزي يورد هذا الحديث الموضوع لكن لا في الموضوعات، بل في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ويقول: حديث لا يصح وأيضاً: يقول الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال: هذا حديث منكر ويعيد ذكره أيضاً مرّتين ويقول: خبر كذب
وابن حجر العسقلاني أيضاً يكذّب هذا الحديث في لسان الميزان
وحينئذ لا يبقى مجال لاستناد أحد إلى هذا الحديث الموضوع الذي ينصّون على ضعفه أو وضعه وكذبه، مع عدم وجوده في شيء من الصحاح والمسانيد والسنن
الطريق الثالث:
وتبقى الطريقة الأخيرة، وهي ردّ حديث المنزلة وعدم قبول صحّة هذا الحديث، مع كونه في الصحيحين وغيرهما كما عرفتم وهذا الطريق مشى عليه كثير من علمائهم، ممّا يدلّ على فشلهم في الطرق الآخرى بعد عدم تمكّنهم من إبطال هذا الحديث بمناقشات علمية
يقول الامدي ـ وهو أبو الحسن سيف الدين الامدي ـ: إنّ هذا الحديث غير صحيح وابن حجر المكي ينقل كلامه في الصواعق المحرقة وتجدون الاعتماد أيضاً على رأي الامدي هذا في شرح المواقف للشريف الجرجاني
ويقول القاضي الايجي في الجواب عن حديث المنزلة: إنّه لا يصحّ الاستدلال به من جهة السند وهكذا غير هؤلاء الذين ذكرتهم، يردّون هذا الحديث بعدم صحّة سنده، وغير واحد منهم يعتمد على كلام الأمدي
لكن الأمدي يذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ونصّ عبارته: قد نفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ عنه أنّه كان يترك الصلاة "
الغريب فى أمر الميلانى وغيره من فقهاء الشيعة والسنة أنهم لا يذكرون الحقيقة كاملة فالميلانى يقول أن القوم وضعوا حديث وزارة أبو بكر وعمر مكان على مع أنه مذكور فى روايات أخرى وهو نفسه جاء برواية سد الأبواب إلا باب على ومع هذا فالموجود فى الروايات الشهيرة إلا باب أو خوخة أبو بكر
لا سبيل أمام الفرق المختلفة إلا العودة للقرآن والتخلى عن الروايات التى تعارضه حتى ولو كانت تهدم بعض ما بناه الفقهاء من عقائد فى كل مذهب وهى عقائد تعارض كلام الله تعالى
مواضيع مماثلة
» كتاب الدروز المقدس التناقض فى نسخ الشريعة المنزلة على محمد(ص)
» كتاب الأسوس النصيرى خطأ أن الشرائع المنزلة على الأنبياء(ص) تبطل بعضها
» من أخطاء أحاديث كتاب مستدرك الوسائل للطبرسى المنزلة تكون بالبلاء أو بتشديد الموت
» من أخطاء أحاديث كتاب مستدرك الوسائل للطبرسى المنزلة سببها بلية فى الجسم أو ذهاب المال
» الآيات المنزلة على العبد
» كتاب الأسوس النصيرى خطأ أن الشرائع المنزلة على الأنبياء(ص) تبطل بعضها
» من أخطاء أحاديث كتاب مستدرك الوسائل للطبرسى المنزلة تكون بالبلاء أو بتشديد الموت
» من أخطاء أحاديث كتاب مستدرك الوسائل للطبرسى المنزلة سببها بلية فى الجسم أو ذهاب المال
» الآيات المنزلة على العبد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 6:05 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى الصوم فى السفر
أمس في 6:03 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تحليل الصوم فى السفر
أمس في 6:02 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود نفع الصيام عن الغير
أمس في 6:01 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود فطار يوم من رمضان عمدا من غير سبب لا يكفره صيام العمر كله
أمس في 6:00 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود كفارة جماع رمضان اطعام ستين مسكينا
أمس في 5:59 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة القبلة فى رمضان للشيوخ
أمس في 5:58 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود التقبيل فى الصوم
أمس في 5:58 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود العلم بالغيب ممثل فى حياة رويفع بعده
أمس في 5:56 am من طرف Admin
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
أمس في 5:44 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود القىء يفطر
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:35 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة الإكتحال كله
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:34 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الرسول (ص)ليس كهيئة البشر
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:33 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى افطار الحاجم والمحجوم
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:32 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الحاجم والمحجوم مفطران
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:31 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الرسول (ص)ليس كهيئة البشر
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:30 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود وجود خلاف بين صيام المسلمين فى عهد النبى(ص) ومن قبلهم
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:29 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فيمن رأى الهلال
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:28 am من طرف Admin
» نقد كتاب إبطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر
الخميس نوفمبر 14, 2024 5:11 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تناقض فى شعبان
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:24 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة الصوم فى شعبان ورمضان معا
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:24 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة الصوم فى شعبان
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:23 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود منى منحر وكل فجاج مكة منحر
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:22 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود رمضان شهر عيد
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:21 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الشهر 29 فقط
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:21 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الأمة الإسلامية أمة أمية
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:20 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الفدية للاطاقة كانت رخصة ونسخت
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:19 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تحريم جماع الليل على المسلمين
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:18 am من طرف Admin
» رءوس السنة
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:05 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود القتل يلى الشرك فى عظمة الذنب
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:29 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود دخول أبو السنابل على المرأة بيتها بدون استئذان ولا سلام
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:28 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود إباحة الإحداد أو الحداد على الميت
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:27 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تولى مروان بن الحكم منصب فى دولة المسلمين
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:26 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود أمر النبى(ص) المرأة بزواجها من رجل معين
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:25 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود زواج جعفر من خالة ابنة عمه
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:23 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود تخيير الابن بين حضانة أبيه وحضانة أمه
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:22 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الأم المطلقة أحق بالحضانة ما لم تنكح
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:22 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود الرجم للزناة
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:21 am من طرف Admin
» نظرات فى بحث قاعدة التصحيح القرآنية لمفاهيم المصطلحات العربية العشوائية
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 6:08 am من طرف Admin
» من أخطاء أحاديث كتاب سنن أبو داود وجود ثلاث أباء لابن واحد
الإثنين نوفمبر 11, 2024 6:13 am من طرف Admin